x
هدف البحث
بحث في العناوين
بحث في اسماء الكتب
بحث في اسماء المؤلفين
اختر القسم
موافق
الحياة الاسرية
الزوج و الزوجة
الآباء والأمهات
الأبناء
مقبلون على الزواج
مشاكل و حلول
الطفولة
المراهقة والشباب
المرأة حقوق وواجبات
المجتمع و قضاياه
البيئة
آداب عامة
الوطن والسياسة
النظام المالي والانتاج
التنمية البشرية
التربية والتعليم
التربية الروحية والدينية
التربية الصحية والبدنية
التربية العلمية والفكرية والثقافية
التربية النفسية والعاطفية
مفاهيم ونظم تربوية
معلومات عامة
التكامل والتعاون وعدم السلطنة والتسلط
المؤلف: الشيخ توفيق حسن علوية
المصدر: مائة نصيحة للزوج السعيد
الجزء والصفحة: ص304ــ309
2024-10-03
255
الزوج السعيد هو الذي يعمد إلى عيش الحياة الزوجية على أساس أنها تكامل وتعاون لا على أساس التسلط على الزوجة، والتصرف مع الزوجة تصرف سلطنة فيكون هو الفاعل والمؤثر وتكون هي بالمقابل محل الإنفعال والتأثر. بل إن على الزوج أن يعيش مع الزوجة علاقة تعاونية تكافلية لا مجال للتسلط والاستئثار فيها، بل يكون جلّ ما فيها الرحمة والإشفاق والرفق والمحبة، فإذا كان رأي الزوج خاطئاً ورأي الزوجة مصيباً فيقدم الرأي الصواب، وإذا كان حضور الزوج هنا فاعلاً وحضور الزوجة أقل فعالية فيقدم حضور الزوج لا لأنه زوج ورجل بل لأن الفعالية موجودة هنا وهكذا.
إن استخدام القوة بطريقة غير مناسبة من قبل الزوج هو تهور كما عبر بذلك علماء الأخلاق، كما إن استخدام السلطة الممنوحة إليه بشكل جائر وغير مجد هو تحكم مذموم، وينبغي على الزوج حسن استخدام القوة والسلطة، ففي الحديث عن الإمام الصادق (عليه السلام) قال: ((اتقوا الله في الضعيفين، يعني بذلك اليتيم والنساء))(1)، وفي حديث آخر قال (عليه السلام)؛ ((رحم الله عبداً أحسن فيما بينه وبين زوجته فإن الله عزّ وجل قد ملكه ناصيتها وجعله القيم عليها))(2)، وعنه (صلى الله عليه وآله) قال: ((ملعون ملعون من ضيع من يعول))(3).
وهذا بخصوص حسن استخدام القوة والقيمومة والسلطة، أما بخصوص التعاون والتشارك فقد ورد في الأخبار الحث على الشريك الأمين الوفي، وما ذلك إلا للدلالة على الإعتراف بالزوجة كونها شريكاً كاملاً وتاماً في الحياة الزوجية.
فعن إبراهيم الكرخي قال: قلت لأبي عبد الله الصادق (عليه السلام): إن صاحبتي هلكت (أي ماتت) وكانت لي موافقة وقد هممت أن أتزوج؟ فقال لي: أنظر أين تضع نفسك، ومن تشركه في مالك وتطلعه على دينك وسرك، فإن كنت لا بد فاعلاً فبكراً تنسب إلى الخير وإلى حسن الخلق(4).
ومهما يكن فإن على الزوج إفساح المجال أمام الزوجة لتأخذ فرصتها في التدبير والإدارة والفعالية بما لا يؤدي إلى تجاوز الحدود وعدم الإكتراث لموقعه في الحياة الزوجية.
ومعايير قوة الرجل وقدرته على اتخاذ القرارات ليست قائمة على التسلط والاستئثار بل قائمة على ما يراه مناسباً لمصلحة البيت الزوجي، ومن هنا فعلى الزوج مراعاة مزاج الزوجة ورغباتها وطموحاتها، وعموم ما يسعدها فيصب قراراته على وفقها، وقوة الزوج إذا صبّت لصالح الزوجة هي بالحقيقة قوة للزوجة أيضاً، وينبغي للزوج أن يكون قوياً وللزوجة أن تكون قوية أيضاً، ولا تعارض ولا منافاة بين قوة الزوج وقوة الزوجة إذا اتحدتا لتشكيل دعامة زوجية كاملة التحصن أمام أي عاصف أو عارض يحاول تخريب الحياة الزوجية من رأسها.
ومن الواضح أن أوضاع القوة عند كل من الزوجين وتوازنها بينهما تشكل عنصراً هاماً في بناء الأسرة، وذلك لأن بعد «القوة» هو انعكاس حساس للأدوار التي تُلعب في الزواج، حيث يقوم كعامل يؤثر في معظم مظاهر العلاقات الزوجية ومحاولة لقياس توازن القوة بين الأزواج والزوجات، فقد قام بلد وولف Wolfe Blood and باختيار ثمانية مواقف تتضمن قرارات أسرية ومحاولة معرفة موقف كل من الزوج والزوجة، من هذه القرارات:
أ ـ العمل الذي يجب أن يلتحق به الزوج؟
ب ـ أي نوع من السيارات يشتريه؟
جــ ــ هل يؤمن على الحياة أم لا؟
د ـ أين يجب الذهاب في الإجازات؟
هـ ـ أي نوع من المساكن يجب أن تعيش فيه الأسرة؟
و ـ هل من الضروري أن تعمل الزوجة؟
ز ـ أي طبيب يستدعي في حالة المرض؟.
ح ـ ما مقدار المال الذي تستطيع الأسرة انفاقه على الطعام في أسبوع؟
وقد تبين من الإجابات التي حصل عليها الباحثان أن القرارات التي تتخذها الزوجة كانت تتصل بعملها، ثم اختيار الطبيب، والمال الذي ينفق على الطعام. ولكن لوحظ أن الزوج كان أكثر تدخلاً في القرار المتصل بعمل الزوجة بالمقارنة بتدخل الزوجة في اختيار العمل الملائم لزوجها.
ويقوم التفسير النظري لاتخاذ الأزواج قرارات في الوقت الذي تتخذ الزوجات فيه قرارات أخرى على الإمكانات أو الوسائل الخاصة أو المتاحة لكل منهما والتي تتعلق بمصدر السلطة والقوة عند كل من الزوجين، وقد تكون هذه الوسائل: المال أو الجنس أو الإستجابة العاطفية أو المهارات، أو قد تكون أي شيء آخر يمتلكه أحدهما ويحتاج إليه الآخر.
ولكن الإمكانات الذكرية الأنثوية ترتبط بشدة بالعوامل البيولوجية. ومثال ذلك أن أحد تفسيرات سيطرة الذكر ترجع إلى أن الأنثى كمنجبة للأطفال ومرضعة لهم يؤدي إلى تكليف الرجال بالأعمال الشاقة الخارجية وتكليف النساء بأعمال المنزل ورعاية الأطفال.
إلا أن العالم شهد بمرور الزمن عدداً من التحولات التاريخية الهامة في الحياة الإنسانية. ومنها التوصل إلى طرق عديدة للتحكم في الحمل والإهتمام بالتعليم وارتفاع مستوياته والتحاق المرأة بالعمل الأمر الذي أصبحت معه كل الطرق مفتوحة أمام المرأة لكي تتنافس مع الرجل على أساس من المساواة وكلما زادت إمكانات المرأة زادت قوتها، فالزوجة المتعلمة الحاصلة على درجة جامعة والتي تشغل مركزاً مرموقاً لا يمكن أن تتبع أوامر زوجها الذي لا يساويها في الدرجة العلمية أو زوجها العاطل عن العمل.
وتعتبر مسألة الإمكانات من المسائل الهامة في بناء القوة في الوحدة الزواجية... وهناك نظريات عديدة حول إمكانيات القوة الزوجية، تختلف منظوراتها للعوامل التي تسهم في القوة النسبية للأزواج والزوجات، وقد عدد سنتر centers وزملاؤه قائمة بخمسة إمكانيات:
أ ـ تنميط الدور Rolepatterning : يكون للأزواج المقدرة على اتخاذ القرارات في مجالات معينة. وهناك خط متصل لقوة الزوج يتدرج من أسفل (اختيار الطعام) إلى أعلى (اختيار نوع العمل).
ب ـ الشخصية Personality : يمكن أن نعزو وجود عديد من عناصر الشخصية إلى القوة النسبية، فقد وجد (سنتر) أن كلاً من الأزواج والزوجات الذين يتمتعون بدرجة عالية من السلطة يوجدون في الأسرة التي يسيطر فيها أحد الزوجين على الآخر.
جـ ـ العوامل الثقافية Cultural factors : هناك معايير متباينة من حيث النظر إلى المدى الذي يجب أن تكون عليه قوة الزوج في الوحدة الأسرية. ويؤكد رودمان Rodman في (نظرية الإمكانات في المحيط الثقافي) أن توزيع القوة الزواجية يمكن أن يكون نتيجة للتفاعل بين :
أ ـ الإمكانات المقارنة للزوج والزوجة.
ب - التوقعات الثقافية عن توزيع القوة الزوجية.
د ـ السيطرة على الإمكانات ذات القيمة control called Resoures : إن القوة كما فسرناها من قبل هي الجانب الذي يتحكم أو يسيطر على الإمكانات ذات القيمة فإذا كان لأحد الزوجين إمكانات أكثر من شريكه، فإنه يصبح الجانب القوي.
هـ ـ الجدارة والإنهماك Relative Competence and Relative
: involvement
ويعني ذلك أن الزوج أو الزوجة الذي يكون أكثر معرفة في مجال معين يصبح أكثر قوة (5).
إن الإسلام طلب من الزوج أن تكون قوته في خدمة زوجته وحياته الزوجية، وأيضاً طلب من الزوجة أن تكون كذلك، فإذا تمايزت الزوجة عن الزوج بالشخصية، أو بالشهادات العلمية، أو بالإمكانات المادية، وكذا بالجدارة فإن عليها أن تصب كل ذلك في مصلحة الحياة الزوجية، كما عليها أن لا تلغي دور الزوج وحضوره.
وهكذا الزوج عليه أن يفعل كذلك، ألا نرى أن رسول الله (صلى الله عليه وآله) كيف صب قوة شخصيته وجدارته، وعلمه في صالح حياته الزوجية مع سيدتنا خديجة (عليها السلام)، وكذلك نرى أن السيدة خديجة (عليها السلام) قد صرفت قوتها المادية في سبيل زوجها (صلى الله عليه وآله).
________________________
(1) وسائل الشيعة، ج 20، ص 168.
(2) م. ن، ص170.
(3) م. ن، ص 171.
(4) م. ن، ص 28.
(5) الأسرة والحياة العائلة ص 199 وما بعدها.