1

x

هدف البحث

بحث في العناوين

بحث في اسماء الكتب

بحث في اسماء المؤلفين

اختر القسم

القرآن الكريم
الفقه واصوله
العقائد الاسلامية
سيرة الرسول وآله
علم الرجال والحديث
الأخلاق والأدعية
اللغة العربية وعلومها
الأدب العربي
الأسرة والمجتمع
التاريخ
الجغرافية
الادارة والاقتصاد
القانون
الزراعة
علم الفيزياء
علم الكيمياء
علم الأحياء
الرياضيات
الهندسة المدنية
الأعلام
اللغة الأنكليزية

موافق

الحياة الاسرية

الزوج و الزوجة

الآباء والأمهات

الأبناء

مقبلون على الزواج

مشاكل و حلول

الطفولة

المراهقة والشباب

المرأة حقوق وواجبات

المجتمع و قضاياه

البيئة

آداب عامة

الوطن والسياسة

النظام المالي والانتاج

التنمية البشرية

التربية والتعليم

التربية الروحية والدينية

التربية الصحية والبدنية

التربية العلمية والفكرية والثقافية

التربية النفسية والعاطفية

مفاهيم ونظم تربوية

معلومات عامة

الاسرة و المجتمع : الحياة الاسرية : مقبلون على الزواج :

فوائد الزواج / تهذيب النفس

المؤلف:  الأستاذ مظاهري

المصدر:  الأخلاق البيتية

الجزء والصفحة:  ص١٤٩ــ١٥٧

2024-04-24

737

ـ تهذيب النفس: 
إن الرجل والمرأة يتأتى لهما تهذيب نفسيهما داخل المنزل، وتتحليان بالفضائل والصفات الحميدة، أي أنهما يستطيعان بلوغ مقام التخلية بالإضافة إلى مقام التحلية.
إن علماء الأخلاق يعتبرون بلوغ هاتين المرحلتين أو المقامين أمراً صعباً. أي أن من الصعب على الفرد الحامل للصفات الرذيلة التخلّي عن تلك الصفات، وقلع جذورها من الأساس، وزرع شجرة الفضيلة في نفسه كي تنبت بدل الصفات الرذيلة، صفات إنسانية حميدة.
{فَلَا اقْتَحَمَ الْعَقَبَةَ * وَمَا أَدْرَاكَ مَا الْعَقَبَةُ * فَكُّ رَقَبَةٍ} [البلد: 11 - 13].
إن الإنسان يستطيع أن يصل إلى مقام التخلية، إلى المقام الذي يتحرر فيه من الصفات الرذيلة بالرغم من الصعوبة التي يلاقيها على هذا السبيل، والأمر الأصعب من ذلك هو ذلك الذي يزرع الإنسان فيه نبتة الخير في نفسه ليبلغ مقام التحلية أو مقام التزين والتحلّي بالصفات الحميدة والسامية.
وبناء على ذلك يستطيع الفرد قلع جذور الجزع والفزع من قلبه ليزرع في مكانها ملكة الصبر، ولكن هذا الأمر يحتاج إلى مواظبة واستمرارية في العمل، لأن النفس الأمارة بالسوء إذا ما تُركت على هواها انساقت خلف الموبقات، وإنها ـ أي النفس ـ كالفيل الذي ينبغي أن يضربه صاحبه بالمطرقة على رأسه باستمرار، فإذا غفل عنه لحظة ولم يطرق على رأسه، انحرف به إلى حيث الهلكة.
إذن، يستطيع الإنسان أن ينال المقام السامي الرفيع إذا سعى جاهداً لذلك، وتمكن من الصفات الرذيلة، ومن ثم أوجد الصفات الفاضلة في نفسه ونماها ليل نهار كي تثمر ثمراً طيباً، وأن الأنبياء والرسل جاؤوا من أجل هذه القضية، بالإضافة إلى أن كتبهم جميعاً كانت تحث على ذلك.
وفي القرآن آيات كثيرة تبيّن لكم صحة ما نقول منها:
{هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولًا مِنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ} [الجمعة: 2].
إن الرسول الأكرم صلى الله عليه وآله جاء بمعجزة القرآن لكي يهذب الناس ويزكيهم ويرفع من مستواهم العلمي، وأن الأنبياء لم يوافقوا لهذا العمل الشاق بالرغم من مساعيهم الجادة على هذه الطريق.
إن على الرجل والمرأة أن يلتفتا إلى أن البيت هو أفضل مكان للتربية والتعليم، وإنهما كمعلم الأخلاق لا يفرقان عنه شيئاً، بل قد يكونا أفضل منه إذا كانا جادّين في عملهما من أجل الله تعالت أسماؤه، لذا يمكن القول بأن تشكيل الأسرة يعتبر بمثابة تشكيل مجلس للأخلاق.
فمعلّم الأخلاق يسعى من أجل تهذيب تلميذه، وبعد التهذيب يسعى مرة ثانية ويجاهد من أجل رفعه إلى مقام التحلية، أي التحلي بالصفات والفضائل الإنسانية، ولكن قد يصادف التلميذ معلماً يهذّبه، وفي أثناء التهذيب يسعى لجرّ رجله إلى الصفات والفضائل الإنسانية، وهذا ما تفعله الأسرة مع أبنائها. فالزوج يهذّب زوجته، والزوجة تسهم في تهذيب زوجها، وكلاهما يسعى من أجل تهذيب الأبناء، وإيصالهم إلى الفضائل الإنسانية الحسنة، وعليه يمكن أن نقول إن الأسرة في واقع الأمر تقوم بعملين في آن واحد.
مقام الصبر
يستطيع الزوجان إذا استعانا ببعضهما البعض، وخدم أحدهما الآخر وسعيا جميعاً لتربية الأبناء أن يبتعدا عن الجزع والفزع.
إن هاتين الصفتين الرذيلتين، ملاصقة للإنسان كظلّه، ولكن بالعمل الجادّ يمكن أن تقلع من جذورهما وإلى الأبد، وقد تطرق القرآن المجيد إلى هذه المسألة الحساسة وبيّن بأن هذه الصفات موجودة في طبيعة البشر أساساً، ولكن المصلّين ـ على سبيل المثال ـ يتأتى لهم أن يبتعدوا عنها.
{إِنَّ الْإِنْسَانَ خُلِقَ هَلُوعًا * إِذَا مَسَّهُ الشَّرُّ جَزُوعًا * وَإِذَا مَسَّهُ الْخَيْرُ مَنُوعًا * إِلَّا الْمُصَلِّينَ} [المعارج: 19 - 22].
يقال إن الإنسان ميّال مع الأهواء يأخذه الجزر ويردّه المدّ ويضيع بينهما، والهَلُوع يعني بها الميّال، كحصية الشارع الصغيرة التي تدفعها الأقدام يميناً وشمالاً، لذا يقول القرآن بهلعه، كونه يتهاوى لأقل المصائب والبلايا، وعلى العكس من ذلك تراه متكبراً حينما تُقبل الدنيا عليه.
وأما الجزع والفزع فقد عدّهما علم الأخلاق من الصفات السيئة، وأن الفرد الذي يحمل بين جنبيه فزعاً، يتهاوى مقابل أتفه جملة توجّه إليه، إذا ما لاحظ يوماً أن سلوك ابنه سيء يصرخ ويولول ولا يدري ماذا يفعل؟ وهذه هي من الصفات السيئة التي يحملها الإنسان في العادة، أما الصفة الحسنة التي تقابل هذه في الجانب الآخر فهي: الصبر والاستقامة التي سيثبت الباري من التزم بها.
قال تعال في محكم كتابه العزيز:
{إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ} [الزمر: 10].
إن للمصلي أجراً معلوماً، وكذا الأمر بالنسبة للصيام، والخمس، والزكاة، وكذا الذهاب إلى سوح القتال، وإن المسألة الوحيدة التي يثيب الباري عليها بغير حساب هي الصبر.
الصبر على المصائب، الصبر على البلايا، الصبر على تربية الأولاد، صبر المرأة على سوء خُلق زوجها، وصبر الزوج على الإساءات التي قد تبدو من زوجته، وإن أفضل صبر يمكن أن يثاب عليه الإنسان هو ذاك الذي يحصل في البيت أو في المحيط العائلي.
إذا كان الرجل عاقلاً، يمكن أن يصل إلى المقامات العلى من خلال تحمله سوء خلق زوجته وصبره عليها، بل ويمكن أن يتعلم الإنسان الصبر من ذلك المحيط، وعندها يضحى هو مدرسةً للصبر والتحمل.
قال رسول الله صلى الله عليه وآله:
(مِن أقل ما أوتيتم اليقين، وعزيمة الصبر، ومن أُعطي حظّهُ منهما لم يبال ما فاته قيام الليل وصيام النهار، ولأن تصبروا على مثل ما انتم عليه أحبّ إليّ من ان يوافيني كلّ امرىءٍ منكم بمثل عمل جميعكم...(1).
إن العاقل وحده هو الذي يتمكن من الوصول إلى الجنّة، وإن محبي أمير المؤمنين عليّ (عليه السلام) لا يذوقون من العذاب إلا قليلة، وإن دخلوا جهنم فإنهم سيتركونها سريعاً، ليصلوا على جنة الخلد عند مليك مقتدر، وما ذلك إلاّ تطهير لهم من الأدران التي يمكن أن تعلق بالقلوب والأرواح الإنسانية.
إن عدم الذهاب إلى جهنم لا يُعدّ شطارةً لأن المجانين لا يذهبون إليها أيضاً، وكذا دخول الجنة ليس من الفطنة في شيء، لأن الأطفال يدخلون الجنة أيضاً، وبغير حساب، وإذا ما ذهبت أنت الآخر إليها بدون حساب لا يمكن أن تعدّ فطِناً بالضرورة.
بل إن الفطن هو من استطاع كسب رضا الله تباركت أسماؤه وجلّت صفاته.
إنّ الإنسان يستطيع أن يعمل شيئاً ليكون قلبه مكاناً لله تعالى، عندها يكون قد كسب شيئاً قيّماً، أهم من ذهابه إلى الجنة، وفي هذه الدنيا مَنْ يتأتى له أن يكون قلبه مكاناً لعرش الله تبارك وتعالى.
يتمكن من ذلك المؤمن الذي عبر مقام التحلية ومقام التخلية ويتمكن من ذلك من استطاع اجتثاث شجرة الرذيلة ليغرس بدلها شجرة الفضيلة، وهذا يمكن أن يتم على أحسن وجه داخل الأسرة الواحدة.
إن التضحية والإيثار فضائل لا تمنح لكل فرد، وإن الشك، والظن، والحدّة، والانتقام صفات تتمتع بها الوحوش أيضاً لذا ومن أجل أن يتخلص الإنسان من الشك والحدة وروح الانتقام، ويصل إلى حالة الإيثار والتضحية وباقي الصفات الحميدة عليه أن ينتخب أفضل مكان لهذا الأمر ألا وهو الأسرة.
إن التربية السليمة تتنكر للضرب في أصلها، وإن قاعدة تسلّط القوي على الضعيف لا يمكن أن تسود إلاّ في شرعة الغاب، وقد يستخدمها البعض في المحيط العائلي فيضرب زوجته وأبناءه، باعتباره قوياً وهم ضعفاء، حاله كحال الحيوانات التي إذا أردت أن تختبر قوتها فيما عليك إلاًّ أن تضع أمامها مقدارا من العلف لترى بنفسك كيف يدفع القوي الضعيف ليستأثر لوحده بذلك العلف، وهذا ما نرى شبيهه في عالم اليوم حيث تستخدم القوى الكبرى قدرتها العسكرية، لتمتص دماء المستضعفين، ولتحكم بالجور والظلم متوسلة بالقوة والنار والحديد.
ولو فعل الرجل مثل فعل أولئك الظالمين، واستخدم قواه البدنية في ضرب أهله وعياله، لكان من الأولى أن يُحْسَب على الحيوانات لا على البشر، ولا على المسلمين منهم، ومن فعل ذلك ـ حتى ولو كانت المرأة مقصّرة ـ واحمرّ وجه امرأته من ضربةٍ قوية كان عليه أن يؤد لها مثقالاً من الذهب الخالص، وإذا ما ضرب الرجل زوجته بشدة، فاسودّ بدنها، عليه أن يدفع لها ثلاثة مثاقيل ذهباً ولو كانت هي مخطئة بنسبة 100%.
هل يجوز أن تضرب المرأة؟ وهل يجوز ضرب الولد بلا سبب؟ وهل يجوز أن يسبّ الرجل زوجه أو ولده؟.
إن هذه الأعمال لا يمكن أن تنسب إلاَّ إلى الوحوش ومن شابههم في الفعل والقول.
جاء في الخبر: إذا صار يوم القيامة نُصبت هناك خيمة من نار، وجيء بالرجال والنساء الذين ظلموا أنفسهم والآخرين باستخدامهم القوّة فادخلوا فيها، ثم يؤتى بمن رضي بعملهم، وبمن أعانهم على ذلك فيدخل معهم في تلك الخيمة حتى يفرغ الناس من الحساب، ليُذهب بهم إلى جهنم وبئس المصير.
من هو ذلك الشخص الذي يستطيع أن يضحّي ويتحمل في سبيل قيام جيل صالح ومفيد؟.
ومن هو ذلك الفرد الذي يستطيع أن يبتعد عن النظرة الضيقة ليحلّ محلّها سعة الصدر؟.
إن السيدة التي تصبر على أذى زوجها، ولا تُخرج ما بينها وبين زوجها من أسرار إلى خارج بيتها تقول: اللهم إنني صابرة من أجل الحظوة برضاك لأنك أمرتنا بالصبر، اللهم ارحمنا وارحم زوجي الذي يستعمل يده لضربي، واهدني وإياه إلى سواء السبيل، هذه السيدة بلغت مقام التضحية والإيثار وسعة الصدر، ومثل هذه الامرأة لا بد وأن تحشر مع الزهراء البتول سلام الله عليها، لأن الزهراء (عليها السلام) كانت معروفة بسعة الصدر، وبالتضحية والإيثار إلى الحد الذي جعلها تتصدق بإفطارها لثلاثة أيام متوالية هي وبعلها وابناها حتى أنزل الله فيهم الآية المباركة:
{وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ مِسْكِينًا وَيَتِيمًا وَأَسِيرًا} [الإنسان: 8].
إن تلك الصابرة على الأذى والبلاء والشدة، وذلك الرجل الذي يتحمل المصائب وملمّات الدهر، ويصبر على ما يجري في داره، بل ويضحّي من أجل أسرته سيحشرهم الباري تعالى مع أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب سلام الله عليه، لأنهم يؤثرون على أنفسهم كل شيء من أجل الفوز برضا الله تبارك وتعالى:
{وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ} [الحشر: 9].
ورد في شأن هذه الآية روايات متعددة منها: إن أمير المؤمنين عليّ (عليه السلام) اشترى رمّانة واحدة، وأراد أن يأتي بها على الزهراء (عليها السلام)، والتي كانت طريحة الفراش في بيتها، وفي الطريق إلى المنزل عرّج أمير المؤمنين (عليه السلام) على بيت أحد الفقراء ليسأل عن أحواله فرآه مريضاً، فقال له (عليه السلام): أن يطلب منه شيئاً يأتي به إليه، فأجاب: لا بأس برمّانة واحدة ـ وكان أعمى ـ عندها أطعمه الإمام عليّ (عليه السلام) تلك الرمانة التي كان يريد الذهاب بها إلى الزهراء (عليها السلام)، والجدير بالذكر أنه لم يكن فصل أوان الرمان، ولم يكن في السوق إلا تلك الرمانة اليتيمة.
على أية حال من أراد الحظوة بشفاعة أمير المؤمنين (عليه السلام)، فما عليه إلاّ أن يتشبّه به، يتشبه بطريقة إيثاره وتضحيته.
إن معنى الشفاعة في أصلها هو التشبه، فمن أرادت من النساء نيل شفاعة فاطمة بنت محمّد (صلى الله عليه وآله) ينبغي لها أن تتشبّه بأفعالها سلام الله عليها، والتشبه بها يعني الصبر على المصائب والنوائب، والإيثار والتضحية.
يا عوائل الشهداء! هنيئاً لكم إذا ما كنتم صابرين على فقدانكم لأبنائكم، وآبائكم، الذين جادوا بأنفسهم من أجل رفعة هذا الدين الحنيف.
أيها النساء! يا من استشهد أزواجكن من أجل نصرة الإسلام المحمدي الأصيل وتركوا لكم أبناءً صغاراً تحسنون تربيتهم، اعلموا بأن الثواب والأجر الجزيل الذي ستحظون به كل يوم يعدل أجر وثواب ذلك الشهيد الذي حظي عليه مرة واحدة.
إن الصعوبة التي تلاقيها النساء الفاقدات لأزواجهن ليست مسألة هيّنة، ولكنها تهون عندما تفكر تلك النساء بما سينعمن به من ثواب جزيل وأجر جميل يوم لا ينفع مال ولا بنون.
إن زوجة الشهيد المؤمنة، عندما تتمكن من نفسها، وتصبر على تربية أبنائها، وعلى فراق زوجها، وعلى المسؤولية الخطيرة الملقاة على عاتقها، ستصل في يوم من الأيام إلى امتلاك " الصبر "، وحينها يضحى الصبر " ملكة " لديها، وتتمكن من تجاوز مقام التخلية إلى مقام التحلية الذي يرى الإنسان من خلاله سهولة وهون البلايا والمصائب، إذا ما قيس بالأجر والثواب الذي سينعم به على الأبد عند رب السماوات والأرض.
إن حياة الفقراء صعبة للغاية، وقد لا توجد مشكلة بعد الشرك مثل الفقر، أما إذا صبر الفقير على فقره، وصبرت المرأة على ضيق يد زوجها، بل وتمكنت من مواساة زوجها المسكين، اعتذر لهم الله تعالى في يوم الجزاء على ما أصابهم من فقر وفاقة، وأدخلهم جناته بدون حساب على حدّ ما جاء في الأخبار المتواترة، ولا أظنّ أن هناك مقاماً أسمى من هذا المقام الذي يعتذر فيه الباري جلّت أسماؤه فيه لهم جزاء صبرهم على ما لاقوا من ضيق وفقر وفاقة.
قال الإمام الصادق جعفر بن محمد (عليه السلام):
(لو يعلم المؤمن ما له في المصائب من الأجر لتمنّى أن يُقرض بالمقاريض)(2).
وبناء على ما تقدم يمكن القول بأن البيت يمكن أن يكون مدرسة، وأي مدرسة؟ مدرسة تقوم بعملين مهمين الأول: قلع الصفات الرذيلة، والثاني: غرس الصفات النبيلة، فيا أيتها السيدة! اصبري على غضب وسوء خُلق زوجك كي تنالي "ملكة" الصبر وإذا ما حصل ذلك كان لك عند الله أفضل من كل ما في الدنيا وكل ما في الآخرة، وأنت كذلك أيها السيد! ترفّع عن التوافه، ولا تجزع أو تفزع أو تغضب بسرعة، واعلم بأنك لو تمكنت من امتلاك " الصبر " فستكون قالعاً لجذور الرذيلة، وغارساً لشجرة الفضيلة وهذا خيرٌ لك من الحظوة بالجنة لو كنت تعلم بذلك:
{أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ} [البقرة: 157].
إن هذه الآية المباركة نزلت بحق الصابرين الملتزمين المؤمنين والذين ابتلوا بشيءٍ من الخوف والجوع ونقصٍ من الأموال والأنفس، لكنهم تمكنوا من الحفاظ على دينهم بما لديهم من صبر، يريدون بذلك الفوز برضا الله، وعندما فازوا صلّى الباري عليهم وأنزل عليهم رحمةً منه.
قال رسول الله صلى الله عليه وآله:
(بالصبر يتوقع الفرج، ومن يُدمِنْ قرع الباب يلج)(3).
_____________________________
(1) بحار الأنوارح82، ص137.
(2) بحار الأنوار/ 67، ص240.
(3) بحار الأنوار ج71، ص96. 

EN

تصفح الموقع بالشكل العمودي