عرفت المنظمة الدولية للهجرة (1) ظاهرة الهجرة بانها " تنقل شخص او مجموعة من الاشخاص ، سواء بين البلدان ، او داخل نفس البلد بين مكانين فوق ترابه ، ويشمل مفهوم الهجرة جميع انواع تنقلات الاشخاص بتغيير محل الاقامة المعــتاد ، أيا كان سببها وتركيبها ومدتــها " (2) هذا وللمهاجرين عنصرين ، عنصر ذاتي ويعني الطبيعية الاختيارية لتنقل المهاجر وموضوعي وهو الوضع القانوني المرتبط بالاحترام الكامل او الجزئي للإجراءات المنظمة للخروج من تراب بلد منشأ ودخول تراب بلد المقصد عندما يتعلق الامر بالهجرات الدولية ، فإجراءات دخول بلد معين او الخروج منه تقتضي الحـــصول على وثائق متنوعة (تأشيرة ، رسالة دعوة ، رخصة اقامة ، طلب لجوء وغيرها ) (3). هذا وللهجرة انـــواع تتمثل فيما يلي :

اولاً : الهجرة الدولية والهجرة الداخلية :

 يقصد بالهجرة الدولية  التي تتم خارج حدود الوطن وذلك بأن يعبر الفرد حدود دولة أخـــــرى غير دولة إقامته المعتادة .اما الهجرة الداخلية فهي الهجرة التي تتم داخل حدود الدولة بصرف النظر عن المسافة التي يقطعها المهاجر ، فقد تكون انتقالا من مسكن الى اخر داخل الحي الواحد او المدينة التي يقطها المهاجر فهي الهجرة التي تتم داخل حدود الدولة بصرف النظر عن المسافة التي يقطعها المهاجر ، فقد تكون انتقالا من الريف الى الحضر ، او من المناطق المأهولة الى المناطق غير المأهولة (4).

ثانياً : الهجرة طواعية والهجرة قسراً :

قد يكون قرار الهجرة اختياريا او قسريا . ففي الحالة الاولى يتخذ قرار الهجرة بحرية وعن طواعية ، بينما يكون الشخص في الحالة الثانية مجبرا على مغادرة بلده  ، وهكذا نميز اهم انواع الهجرة القسرية :

1. التنقل بسبب الاضطهاد او خوفا منه ، او بسبب التمييز القائم على اساس العرق او الدين او الجنسية او الانتماء الى مجموعة اجتماعية او بسبب الآراء السياسية ، او نوع الجنس ، حسب التعريف الخاص باللاجئ والوارد في المادة الاولى من اتفاقية جنيف لعام 1951م .

2. التنقل اضطرارا بسـبب النزاعات (حروب، نزاعات داخلية عدم الاستقرار السياسي وغيرها ).

3. التنقل الذي يمليه مستوى التنمية الاقتصادي لبلد المنشأ ( البناءات ، ازالة الغابات ، تلوث مجاري المياه ، النفايات الاشعاعية ، الخ).

4. التنقل بسبب الكوارث الطبيعية ( الاعاصير والزلازل وغيرها ).

اذا كان التنقل القسري يهم المهاجريين الداخليين ، فأننا نتحـدث حينئذ  عن " النازحين داخليا " ، وحين يهم المـــهاجرين الدوليين ، فان الامر يتعلق حينئذ باللاجئين بحكم الامر الواقع ،اما اذا كان الامر يهم المهاجرين الدوليين الذين يعانون من الاضطهاد او يخشون التعرض له ويتقدمون لطلب اللجوء الى بلد استقبال ، فأننا نتحدث حينئذ عن طالبي اللجوء ، اذا قبل طلبهم ، وفق معايير اتفاقية جنيف لعام 1951م المتعلقة بوضــــــع اللاجئين فانهم يكتســـــبون صــفة " لاجئ " (5).

ثالثاً : الهجرة الشرعية والهجرة غير الشرعية :

تعد الهجرة الدولية المخالفة للاطار القانوني لبلد المنشأ او العبور او الاستقبال هجرة غير مشروعة ويعتبر المهاجر الذي لا يملك وثائق السفر او تأشيرات دخول البلد الاجنبي او على رخصة العمل به ، وليس مقيما بصفة دائمة بالبلد الاجنبي ، او يواصل الاقامة به بعد انتهاء صلاحية تأشيرته ، مهاجرا في وضعية غير قانونية .

وتعرف بقيام شخص لا يحمل جنسية الدولة او من غير المرخص له بالإقامة فيها بالتسلل الى هذه الدولة عبر حدودها البرية او البحرية او الجوية والدخول الى الدولة عبر احد منافذها الشرعية بوثائق او تأشيرات مزورة وغالبا ما تكون الهجرة غير المشروعة جماعية ونادرا ما تكون فردية ( 6 ) . ويطلق ايضا على المهاجرين غير الشرعيين " مهاجــــرون بدون وثائق "و" مـــهاجرون سريون " و مهاجرون غير قانونيين " (7) ويطلق عليها ايضا تعبير الهجرة السرية للدلالة على دخول اراضـــي الدولة خفية (8).

اما الهجرة التي تتم بالتقييد بالاطار القانوني لبلد المنشأ والعبور والاستقبال فتعتبر هجرة مشروعة ،وهكذا فان المهاجر الذي يمتلك وثائق السفر الضرورية او على أي شكل من رخصة الدخول والاقامة في بلد اجنبي هو مهاجر شرعي(9).

رابعاً : العمال المهاجرون :

بوجه عام ، يستقر العامل المهاجر ببلد ما طوال مدة عمله ، وقد عرفت الاتفاقية الدولية لحماية حقوق جميع العمال المهاجرين وافراد اسرهم لعام 1990م العامل المهاجر بانه " الشخــــص الذي سيزاول او يزاول او ما برح يزاول نشــاطا مقابل اجر في دولة ليــس من رعاياها " (10) ، هذا وللهجرة عدة اسباب منها سياسية او اقتصادية او اجتماعية او ثقافية او دينية او طبيعية .

ويتضح لنا مما سبق بأن الاسباب التي تدفع الى الهجرة ذاتها التي تدفع للجوء والنزوح وبذلك فيتماثل كل من الهجرة واللجوء والنزوج في الاسباب وجميعهم ظواهر ترتبط بالحراك السكاني الا انه يمككنا تمييز اللجوء عن الهجرة في كون الاول يمثل جزء من الثاني ، حيث يعد اللجوء احد انواع الهجرة القسرية والتي تتم بذات الاسباب التي تتم فيها الهجرة .اما النزوح فهو الاخر يمثل جزء من الهجرة القسرية الا ان النازح لا يتجاوز حدود دولته الاقليمية.

______________

1- تأسست في عام 1951م وهي تضم (127) عضواً وتضطلع بمهمة النهوض عبر العالم بالهجرات التي تجري على نحو منظم وفي احترام للكرامة الانسانية ،وذلك بتلبية حاجيات الحكومات والمهاجرين فيما يتعلق بالسياسات والبرامج .

2- المنظمة الدولية للهجرة ، دليل خاص بالتكوين الاساسي ، التحرك لمناهضة الاتجار بالأشخاص وتهريب المهجرين ، المغرب ، 2010 م ، ص14 .

3- المصدر نفسه ، ص 15 .

4- هيام ابو قاسم ، مصطلح الهجرة والنزوح واللجوء ، 29 / تشرين الثاني 2007 م ، بحث منشور على الموقع الالكتروني : http://www.arabvolunteering.org/corner/avt660.htaf;m.

5- المنظمة الدولية للهجرة ، دليل خاص بالتكوين الاساسي ، التحرك لمناهضة الاتجار بالأشخاص وتهريب المهجرين ، المغرب ، 2010 م ، ص15 .

6- محمد فتحي عيد ، التجارب الدولية في مكافحة الهجرة غير المشروعة ، الطبعة الاولى ،  الرياض ، 2010 م ، ص50.

7- للمزيد من التفاصيل ينظر اللواء عزت حمد الشيشيني ، المعاهدات والصكوك والمواثيق في مجال مكافحة الهجرة غير المشروعة ، الطبعة الاولى ، الرياض ، 2010 م . 

8- احمد عبد العزيز اصفر ، الهجرة غير المشروعة الانتشار والاشكال والاساليب المتبعة ، الطبعة الاولى ، الرياض ، 2010 م ، ص 12 .

9- المنظمة الدولية للهجرة ، دليل خاص بالتكوين الاساسي ، مصدر سابق ، ص15وما بعدها.

10- المنظمة الدولية للهجرة ، دليل خاص بالتكوين الاساسي ، مصدر سابق ، ص16 .

مواضيع ذات صلة

مبادئ أرستها المحاكم الإدارية الدولية من خلال الرقابة

طبيعة عمل المحاكم الإدارية الدولية والقيمة القانونية لأحكامها

طبيعة رقابة المحاكم الإدارية الدولية

دور المحاكم الإدارية الدولية في تفسير النصوص القانونية لأستنباط القواعد

دور الرقابة الموسعة من المحاكم الادارية الدولية في ارساء القواعد القانونية

تفسير واجتهاد المحاكم الادارية الدولية واثره على تطور القانون الإداري الدولي

تطبيقات محكمة المنازعات للأمم المتحدة (الاونروا) لمبدأ التناسب

تطبيقات محكمة المنازعات في الأمم المتحدة لمبدأ التسبيب التي به أرست قواعد القانون الإداري الدولي

تطبيقات محكمة المنازعات في الأمم المتحدة في رقابة عمل الإدارة لأرساء قواعد القانون الإداري الدولي

تطبيقات محكمة المنازعات في الأمم المتحدة بتفسير النصوص الذي أرسى قواعد ومبادئ

تطبيقات محكمة المنازعات (الاونروا) في ارساء القواعد من خلال التفسير

تطبيقات محكمة الأمم المتحدة للمنازعات الاونروا في الاخذ بالسوابق القضائية