x
هدف البحث
بحث في العناوين
بحث في اسماء الكتب
بحث في اسماء المؤلفين
اختر القسم
موافق
تاريخ الفيزياء
علماء الفيزياء
الفيزياء الكلاسيكية
الميكانيك
الديناميكا الحرارية
الكهربائية والمغناطيسية
الكهربائية
المغناطيسية
الكهرومغناطيسية
علم البصريات
تاريخ علم البصريات
الضوء
مواضيع عامة في علم البصريات
الصوت
الفيزياء الحديثة
النظرية النسبية
النظرية النسبية الخاصة
النظرية النسبية العامة
مواضيع عامة في النظرية النسبية
ميكانيكا الكم
الفيزياء الذرية
الفيزياء الجزيئية
الفيزياء النووية
مواضيع عامة في الفيزياء النووية
النشاط الاشعاعي
فيزياء الحالة الصلبة
الموصلات
أشباه الموصلات
العوازل
مواضيع عامة في الفيزياء الصلبة
فيزياء الجوامد
الليزر
أنواع الليزر
بعض تطبيقات الليزر
مواضيع عامة في الليزر
علم الفلك
تاريخ وعلماء علم الفلك
الثقوب السوداء
المجموعة الشمسية
الشمس
كوكب عطارد
كوكب الزهرة
كوكب الأرض
كوكب المريخ
كوكب المشتري
كوكب زحل
كوكب أورانوس
كوكب نبتون
كوكب بلوتو
القمر
كواكب ومواضيع اخرى
مواضيع عامة في علم الفلك
النجوم
البلازما
الألكترونيات
خواص المادة
الطاقة البديلة
الطاقة الشمسية
مواضيع عامة في الطاقة البديلة
المد والجزر
فيزياء الجسيمات
الفيزياء والعلوم الأخرى
الفيزياء الكيميائية
الفيزياء الرياضية
الفيزياء الحيوية
الفيزياء العامة
مواضيع عامة في الفيزياء
تجارب فيزيائية
مصطلحات وتعاريف فيزيائية
وحدات القياس الفيزيائية
طرائف الفيزياء
مواضيع اخرى
من أي أتت المادة
المؤلف: فرانك كلوس
المصدر: فيزياء الجسيمات
الجزء والصفحة: الفصل التاسع (ص113- ص118)
2023-02-28
1341
إننا ندين بوجودنا لسلسلة من الاحداث التي وضعها الله؛ حقيقة أن الشمس تحترق بالمعدل المناسب (فلو كانت تحترق بمعدل أسرع من هذا لنفد وقودها قبل أن تتيح فرصة ظهور الحياة الذكية على الأرض، ولو كانت تحترق أبطأ من هذا لربما كانت الطاقة غير كافية لدعم العمليات الكيميائية الحيوية والحياة على الإطلاق)، وحقيقة أن البروتونات — بذور الهيدروجين — جسيمات مستقرة، وهو ما يمكّن النجوم من إنتاج العناصر الكيميائية اللازمة لبناء الحياة على الأرض، وحقيقة أن النيوترونات أثقل بمقدار طفيف من البروتونات، وهو ما يمكن حدوث نشاط بيتا الإشعاعي الذي يحول الجسيمات على غرار بروتونات الهيدروجين إلى هليوم، وهو ما يمكّن بدوره الشمس من السطوع. ولو أن أيا من هذه الحقائق - وغيرها الكثير - تغيَّر بقدر طفيف، لما كان لنا أي وجود.
البشر، وكل شيء آخر في الكون، يتكون من ذرات من أين أتت هذه الذرات؟ في وقت حديث وأعني بهذا منذ خمسة مليارات عام تكوَّنَتِ الذرات داخل النجوم الميتة منذ زمن، حيث تكونت من البروتونات أنوية أبسط العناصر الذرية؛ الهيدروجين. تكونت البروتونات في وقت مبكر للغاية من عمر الكون إلى جانب الجسيمات الأساسية المكونة لها الكواركات. والأمر عينه ينطبق على الإلكترونات التي تكونت في اللحظات الأولى من عمر الكون هذا الفصل يصف الكيفية التي تكونت بها المادة التي تتألف منها أجسادنا.
البروتونات هي المكون الرئيس للشمس، وهي ما يزودها بالوقود اليوم. لنصف أولاً كيف تعمل الشمس وكيف توفّر لنا الطاقة كي نعيش الهيدروجين هو أبسط الذرات؛ إذ يتكون من إلكترون وحيد سالب الشحنة يدور حول بروتون مركزي موجب الشحنة، قد يكون الهيدروجين شحيح الوجود نسبيًّا على الأرض (باستثناء حينما يكون حبيس جزيئات كجزيء الماء H2O)، حيث أنه أكثر العناصر الذرية شيوعا في الكون إجمالا. في درجات الحرارة المماثلة لحرارة الأرض، تستطيع الذرات البقاء، لكن في درجات الحرارة العالية فوق بضعة آلاف درجة لا تظل الإلكترونات حبيسة الذرات بل تجول في حرية، وهنا يقال إن الذرة في حالة تأيُّن. هذا هو الحال داخل الشمس؛ إذ تحتشد الإلكترونات والبروتونات على نحو مستقل في حالة من حالات المادة تُعرف بالبلازما. قد تصطدم البروتونات بعضها ببعض بحيث تبدأ مجموعة من العمليات النووية في النهاية تحويل كل أربعة بروتونات إلى نواة ثاني أبسط العناصر: الهليوم. والطاقة الحبيسة داخل نواة الهليوم المنفردة (الطاقة - الكتلة مضروبة في مربع سرعة الضوء) تكون أقل من تلك الحبيسة داخل البروتونات الأربعة الأصلية. هذه الطاقة «الفائضة» تُطلق إلى الأجواء المحيطة، وبعض منها يوفّر لنا الدفء هنا على الأرض.
لا بد للبروتونات أن تتلامس كي تندمج معا وتكون نواة الهليوم، وهذا أمر عسير؛ لأن شحناتها الموجبة تميل إلى التنافر، وهو ما يُبقيها بعيدًا عن بعضها، إلا أن درجة الحرارة البالغة 10 ملايين درجة مئوية تمنحها من طاقة الحركة ما يكفي بحيث تتمكن من الاقتراب بعضها من بعض وتبدأ عملية الاندماج النووي. لكن هذه الحرارة كافية إلى هذا الحد وحسب؛ فبعد انقضاء خمسة مليارات عام على مولد البروتونات، أُتيحت لكل بروتون منفرد فرصة قدرها 50 بالمائة في أن يشارك في التفاعل بعبارة أخرى، إلى وقتنا هذا، استهلكت الشمس نصف مخزونها من الوقود.
هذه أولى المصادفات السعيدة. فالبشر هم ذروة عملية التطور، وقد استغرق البشر نحو خمسة مليارات عام حتى يظهروا، ولو أن الشمس احترقت بمعدل أسرع، لفنيت قبل أن يظهر البشر.
لننظر إذن إلى ما يحدث ونتدبَّر السبب وراء هذا التوازن الدقيق الملائم. الخطوة الأولى هي حين يلتقي بروتونان ويتلامسان، يمر أحد البروتونين بنوع من التحلل الإشعاعي، بحيث يتحول إلى نيوترون ويطلق بوزيترونا (الجسيم المضاد للإلكترون) ونيوترينو. في الأحوال العادية النيوترون هو الذي يتحلل بسبب كتلته الأضخم - وما يصاحبها من عدم استقرار - إلى بروتون وإلكترون ونيوترينو أما البروتون المنفرد فيكون مستقرا؛ وذلك لأنه أخف الباريونات. لكن حين يتلامس بروتونان، فإنهما يستشعران قوة التنافر الكهروستاتيكية، وهذا يضيف إلى طاقتهما الإجمالية ما يجعلها تتخطى طاقة الديوترون (نواة) الديوتريوم المكونة من بروتون ونيوترون مرتبطين معًا). نتيجة لذلك يستطيع أحد البروتونين التحول إلى نيوترون، والذي يرتبط بعد ذلك ببروتون آخر، وهو ما يزيد من الاستقرار. يؤدي تحلل البروتون هذا إلى وجود نيوترون ونيوترينو وبوزيترون، وهو الجسيم الموجب الشحنة المضاد للإلكترون.
وهكذا ينتج الجزء الأول من دورة الاندماج النووي الشمسي مادة مضادة تُدمَّر البوزيترونات على الفور تقريبًا حين تصطدم بالإلكترونات الموجودة في البلازما، بحيث ينتج عن تصادم كل إلكترون وبوزيترون فوتونان يتشتتان بعيدًا بفضل البلازما المشحونة كهربيًّا، حتى يصلا في النهاية إلى سطح الشمس (يستغرق هذا عدة آلاف من الأعوام)، وفي غضون هذا الوقت تقل طاقتاهما كثيرًا، ويساعد هذان الفوتونان في تكوين جزء من ضوء الشمس. أما النيوترينوات فتتدفق من قلب الشمس دون إعاقة وتصلنا في غضون دقائق معدودة.
ماذا يحدث إذن للنيوترون والبروتون؟ يلتصق الاثنان بعضهما ببعض التصاقا وثيقا، وذلك بفضل القوة النووية الشديدة، ويتحدان وهذا الثنائي يشكل نواة الهيدروجين الثقيل؛ الديوترون هذا الديوترون يجد نفسه وسط عدد كبير للغاية من البروتونات، التي لا تزال تشكّل السواد الأعظم من كتلة الشمس. وسريعًا جدا يرتبط الديوتريوم ببروتون آخر ليكونا نواة الهليوم: الهليوم 3. يمكن لنواتين من أنوية الهليوم 3 أن تتحدا وتعيدا ترتيب أجزائهما بحيث يتكون الهليوم 4 (وهي الصورة المستقرة الشائعة للهليوم)، وتتخلصان من البروتونين الفائضين.
نتيجة كل هذا العمل إذن هي ا أن أربعة بروتونات أنتجت نواة هليوم وحيدة، واثنين من البوزيترونات واثنين من النيوترينوات البروتونات هي الوقود، والهليوم هو الرماد المتخلف، والطاقة تتحرّر على صورة أشعة جاما وبوزيترونات ونيوترينوات.
الخطوة الأخيرة - التي يكون فيها الديوترون وأحد البروتونات الهليوم 3 تمهيدًا لتكوين الهليوم 4 - تقع على نحو لحظي تقريبًا، فالتأخير في حدوث الخطوة الأولى، التي يتحد فيها بروتونات من أجل تكوين الديوترون والنيوترينو والبوزيترون، هي التي تحكم الاحتراق (البطيء) للشمس، وهو الأمر ذو الأهمية البالغة لنا.
شكل 9-1: تحويل الهيدروجين إلى هليوم داخل الشمس.
يعتمد معدل الاحتراق على شدة القوة الضعيفة، التي تحوّل البروتون إلى نيوترون (في تحويل بيتا عكسي)، وهذه القوة لها مكافئ في القوة الكهرومغناطيسية، كما وصفنا من قبل. والقوة الكهرومغناطيسية تنتقل بواسطة الفوتونات، التي يتم تبادلها بين جسيم مشحون كهربيًّا وآخَر الفوتونات عديمة الكتلة، وهذا يمكنها من الانتشار إلى مسافات عظيمة دون قيود حفظ الطاقة، وهذا يمنح القوة الكهرومغناطيسية مدى بعيدًا. لكن القوة الضعيفة على العكس من هذا تدين بضعفها هذا (على الأقل على مستوى الطاقات المألوفة على الأرض والشمس) إلى الكتلة الكبيرة للبوزون W وما يرتبط بها من مدى محدود.
إذن ما يتحكم في بطء الاحتراق الشمسي هو ضعف القوة النووية الضعيفة، والذي بدوره محكوم بالكتلة الضخمة للبوزون W، ولو كانت كتلة هذا الجسيم أصغر، لكان من شأن الشدة الفعلية للقوة «الضعيفة» أن تكون أكبر، وكان الاحتراق الشمسي سيسير بمعدل أسرع. لماذا يملك البوزون W هذه الكتلة الملائمة؟ لا نعرف الجواب، بل إننا لا نعرف يقينًا من أين أتت هذه الكتلة، ولكن هناك فكرًا خرج بها بيتر هيجز من شأنها أن تتعرض للاختبار قريبًا جدًّا. هناك أمثلة أخرى تلعب فيها الكتل دورًا حساسًا في تحديد مصيرنا؛ يتضمن تحلُّل بيتا الإشعاعي تحول النيوترون إلى بروتون مع انبعاث إلكترون ونيوترينو. هذا يستلزم أن يكون النيوترون أثقل من البروتون، وهذا هو الحال بالفعل، ومن ثُمَّ يكون البروتون هو البذرة المستقرة للذرات والكيمياء. (لو كانت كتلة النيوترون أخف مما هو عليه، لكانت النيوترونات هي الأجزاء المستقرة المتخلفة عن الانفجار العظيم، وهذه الجسيمات متعادلة الشحنة كانت ستعجز عن اجتذاب الإلكترونات من أجل تكوين الذرات، ومن ثَمَّ كانت الكيمياء لتختلف تمامًا عمَّا نعرفه، أو لم تكن لتوجد من الأساس.) النيوترون أثقل من البروتون بجزء واحد على الألف، لكن من حسن الحظ أن هذا المقدار كافٍ لإنتاج الإلكترون، أو بعبارة أخرى، كتلة الإلكترون صغيرة بما يكفي بحيث يمكن للإلكترون أن ينشأ بفعل هذه العملية. ولو كانت كتلة الإلكترون أكبر لتجمد تحلُّل بيتا وانعدم التفاعل داخل الشمس، ولو كانت أصغر من ذلك لسار تحلُّل بيتا على نحو أسرع، ولسارت العمليات الديناميكية داخل الشمس على نحو مختلف، ولصارت شدة الأشعة فوق البنفسجية أكبر، وهو الأمر غير الصحي لنا. (تساعد كتلة الإلكترون في تحديد حجم ذرات كالهيدروجين، فالكتلة الأصغر ترتبط بذرة أكبر، والعكس بالعكس؛ لذا فإن أحد الأسباب وراء امتلاك الأشياء للحجم الذي تملكه الآن، هو أن كتلة الإلكترون بالمقدار الحالي تمامًا.) ولا نعرف لهذا النمط الخاص بالكتل سببًا بعد. إذن، تسطع الشمس بفضل الاندماج النووي، وبعد خمسة مليارات عام أخرى، سينفد مخزونها من الهيدروجين، ويتحوّل إلى هليوم. بعض أنوية الهليوم تندمج بالفعل مع بروتونات وأنوية هليوم أخرى مكونة البذور النووية للعناصر الأثقل. هذه العمليات تنتج النيوترينوات أيضًا، وبعض هذه النيوترينوات ذات طاقات أعلى من تلك المنتجة بفضل عملية اندماج البروتونات الأولية، وهكذا من خلال رصد النيوترينوات الآتية من الشمس، وقياس طيف طاقاتها، يمكننا الحصول على نظرة كمية أولى داخل الشمس؛ أقرب النجوم إلينا.
بعد خمسة مليارات عام ستكون هذه هي العمليات الأولية، إلى جانب عمليات الاندماج لبناء عناصر أثقل في بعض النجوم (لكن ليس في شمسنا) تتواصل هذه العملية، مكوّنة أنوية العناصر وصولاً إلى الحديد أكثر العناصر استقرارًا (هناك عناصر أخرى بعد الحديد تُبنى لكنها أكثر ندرة بكثير). وفي النهاية يعجز مثل هذا النجم عن مقاومة ثقله، وينهار على نحو كارثي. تتسبب موجات الصدمة في قذف المادة والإشعاع في الفضاء، وهنا يعرف النجم باسم المستعر الأعظم إذن تبدأ النجوم بالهيدروجين، وبهذا المكوّن تتمكَّن من إنتاج كل عناصر الجدول الدوري، والمستعرات العظمى هي السبل التي تنتشر بها هذه البذور الكونية للعناصر الكيميائية في أرجاء الكون. من أين إذن أتت مادة النجوم الأولية؟