الأدب
الشعر
العصر الجاهلي
العصر الاسلامي
العصر العباسي
العصر الاندلسي
العصور المتأخرة
العصر الحديث
النثر
النقد
النقد الحديث
النقد القديم
البلاغة
المعاني
البيان
البديع
العروض
تراجم الادباء و الشعراء و الكتاب
عمل أهل قرطبة حجة في الفقه
المؤلف:
أحمد بن محمد المقري التلمساني
المصدر:
نفح الطِّيب من غصن الأندلس الرّطيب
الجزء والصفحة:
مج1، ص:556-557
27/11/2022
1926
عمل أهل قرطبة حجة في الفقه
واعلم أنه لعظم أمر قرطبة كان عملها حجة بالمغرب، حتى إنهم يقولون في الأحكام: هذا مما جرى به عمل قرطبة، وفي هذه المسألة نزاع كثير، ولا بأس أن نذكر ما لا بد منه من ذلك، قال الإمام ابن عرفة (1) رحمه الله تعالى: في اشتراط الإمام على القاضي الحكم بمذهب معين - وإن خالف معتقد المشترط اجتهادا وتقليدا - ثلاثة أقوال: الصحة للباجي، ولعمل أهل قرطبة، ولظاهر شرط سحنون على مذهب من ولاه الحكم بمذهب أهل المدينة؛ قال المازري: مع احتمال كون الرجل مجتهدا. الثاني: البطلان، للطرطوشي، إذ قال في شرط أهل قرطبة: هذا جهل عظيم. الثالث: تصح التولية ويبطل (2) الشرط، تخريجا على أحد الأقوال في الشرط الفاسد في البيع للمازري عن بعض الناس، انتهى مختصرا.
قال ابن غازي: إن ابن عرفة نسب للطرطوشي البطلان مطلقا، وابن شاس إنما نسب له التفصيل، انتهى.
ولما ذكر مولاي الجد الإمام قاضي القضاة بفاس سيدي أبو عبد الله المقري التلمساني (3) في كتابه القواعد شرط أهل قرطبة المذكور، قال بعده ما نصه:
(556)
وعلى هذا الشرط ترتب إيجاب (4) عمل القضاة بالأندلس، ثم انتقل إلى المغرب، فبينا نحن ننازع الناس في عمل المدينة ونصيح بأهل الكوفة مع كثرة من نزل بها من علماء الأمة كعلي وابن مسعود ومن كان معهما:
ليس التكحل في العينين كالكحل ... سنح لنا بعض الجمود، ومعدن التقليد (5) :
الله أخر مدتي فتأخرت ... حتى رأيت من الزمان عجائبا يا لله وللمسلمين، ذهبت قرطبة وأهلها، ولم يبرح من الناس جهلها، ما ذاك إلا لأن الشيطان يسعى في محو الحق فينسيه، والباطل لا زال يلقنه ويلقيه، ألا ترى خصال الجاهلية كالنياحة والتفاخر والتكاثر والطعن والتفضيل والكهانة والنجوم والخط والتشاؤم وما أشبه ذلك، وأسماءها كالعتمة ويثرب، وكذا التنابز بالألقاب وغيره مما نهي عنه وحذر منه، كيف لم تزل من أهلها، وانتقلت إلى غيرهم مع تيسر أمرها، حتى كأنهم لا يرفعون بالدين رأسا، بل يجعلون العادات القديمة أسا، وكذلك محبة الشعر والتلحين (6) والنسب وما انخرط في هذا السلك ثابتة الموقع من القلوب، والشرع فينا منذ سبعمائة سنة وسبع وستين سنة لا نحفظه إلا قولا، ولا نحمله إلا كلا، انتهى.
وقال الحافظ ابن غازي - بعد ذكر كلام مولاي الجد - ما نصه: وحدثني ثقة ممن لقيت أنه لما قدم مدينة فاس العلامة أبو يحيى الشريف التلمساني وتصدى لإقراء التفسير بالبلد الجديد وأمر السلطان أبو سعيد المريني الحفيد أعيان الفقهاء
(557)
بحضور مجلسه كان مما ألقاه إليهم منزع المقري (7) هذا، فبالغوا في إنكاره، ورأوا أنه لا معدل عما عول عليه زعماء الفقهاء كابن رشد وأصحاب الوثائق كالمتيطي من اعتماد عمل أهل قرطبة ومن في معناهم.
__________
(1) هو محمد بن محمد بن عرفة الورغمي التونسي (716 - 803) تلميذ قاضي الجماعة بتونس محمد ابن عبد السلام، وأحد الفقهاء المشهورين بها، وله مختصر فقهي ومؤلفات أخرى في مذهب مالك تشهد بتقدمه وإمامته (انظر تجمته في نيل الابتهاج: 281 والديباج: 337 والضوء اللامع 9: 240 وغاية النهاية 2: 243).
(2) ك: ويذهب.
(3) جد المؤلف هذا هو الفقيه أبو عبد الله محمد بن محمد بن أحمد المقري التلمساني الذي تولى قضاء فاس أيام السلطان أبي عنان المريني، وكان آية في غزارة الحفظ ومادة العلم (انظر ترجمته في المرقبة العليا: 169 والتعريف بابن خلدون: 59 والإحاطة 2: 136 ونيل الابتهاج: 149 وسيترجم له المقري).
(4) إيجاب: سقطت من ك.
(5) كذا وردت هذه العبارة، واقترح فليشر أن تقرأ " سنح لنا بعض المجهود ومودة التقليد " وهو تخريج بعيد.
(6) ط: والتأخير.
(7) ك: مشرع المقري.