التربية والتعليم في الحكومة الاسلامية
المؤلف:
الشيخ ناصر مكارم الشيرازي
المصدر:
نفحات القران
الجزء والصفحة:
ج10 ، ص223- 224.
27-08-2015
2183
يعتبر
نشر الثقافة الصّحيحة والتّربية والتّعليم أحد الأركان المهمّة في الحكومة
الإسلاميّة ، وبالنظر إلى الإنسان كموجود ثقافي ، أي أنّ أعماله وسلوكه نتاج
لمجموعة افكاره واستعداداته ، لذا فأيّ إصلاح وتحوّل في وضع المجتمع غير ممكن ما
لم يتمّ النفوذ إلى فكره وروحه.
ولذا
تحاول الدول العظمى النّفود في ثقافة المجتمعات ووسائل الإعلام العامة كالمطبوعات
(الكتب والجرائد والمجلات) والإذاعة والتلفزيون وأمثال ذلك ، من أجل تحقيق أهدافها
السياسية والاجتماعيّة والعسكرية والاقتصادية المختلفة ، ويعتبر ذلك ركناً من
أركان تلك الحكومات وقوة رابعة تضاف إلى القوى الثّلاث (القوة التشريعيّة
والتنفيذيّة والقضائية) ، بل إنّ الكثيرين يعتبرون ذلك من أهم أركان المجتمع
ويراهنون عليه كثيراً.
وهذه
حقيقة لا مبالغة فيها ، إذ إنّ وسائل الإعلام العامة لو استغلت في طريق نشر
الثقافة الصحيحة السالمة المبرمجة المؤثرة ، لكان جو التّشريع والقضاء والتّنفيذ
سالماً ، ولخففت كثيراً من ذلك العبء الثقيل عن كاهل المسؤولين ، ولأدّى أفراد
المجتمع وظائفهم بشكل طبيعي ومنظم.
والملفت
للنظر هو أنّ منهج الحكومة الإسلاميّة المستنبط من القرآن المجيد والسّنة النبوية
، والمقرر قبل أربعة عشر قرناً ، كان قد اهتم فوق حد التصور بمسائل التّربية
والتّعليم والتّبشير والإنذار ، وقد اعتمد برامج عديدة ومتنوعة لتحقيق هذا الغرض.
والموضوع
القابل للتّأمل هو أنّ أبرز أنواع الحكم الإسلامي وهو حكومة الرّسول الأكرم محمّد
صلى الله عليه وآله ، بنيت على أساس ثورة ثقافيّة ، فقد إهتم الرّسول صلى الله
عليه وآله طيلة الثّلاثة عشر عاماً التي قضاها في مكة بالتربية والتّعليم ونشر
الثّقافة الإسلاميّة والعقائد ، وقد ربّى أصحابه وعلّمهم بحيث صار كلٌ منهم
لُبنَةً أساسية في بناء الحكومة الإسلامية ، أي أنّ الثّورة السياسيّة
والاجتماعيّة للنظام الإسلامي قامتا على أساس نفس تلك الثّورة الثّقافية.
ويعتبر
إحياء الفكر والتّفكر ، المادة الأولية لكل البرامج الإسلاميّة ، حتّى أنّ الرّسول
الأكرم صلى الله عليه وآله كان يطلب من مخالفيه هذا الأمر فقط وكما ورد في القرآن
المجيد :
{قُلْ إِنَّما أَعِظُكُم بِوَاحِدةٍ أَنْ
تَقُومُوا لِلَّه مَثنَى وَفُرادَى ثُمَّ تَتَفكَّروُا ...
}. (سبأ/ 46)
وفي
حديث عن النّبيّ الأكرم صلى الله عليه وآله : «إنَّ التّفكر حياةُ قَلْبِ
البَصيرِ ، كما يمشي المُستَنِيرُ في الظّلمات بالنّور» (1).
وفي
حديث عن الإمام عليّ عليه السلام قال : «بالفِكْرِ تَنْجلي غياهِبُ الأمور» (2).
وورد
في حديث آخر معروف : «تفكُّرُ ساعةٍ خيرٌ من
عبادةِ ستّين سنة» (3).
_____________________
(1) بحار الأنوار ، ج 89 ، ص
17.
(2)
غرر الحكم .
(3)
بحار الأنوار ، ج 66 ، ص 293.
الاكثر قراءة في قضايا إجتماعية في القرآن الكريم
اخر الاخبار
اخبار العتبة العباسية المقدسة