ورود الإمام سامراء					
				 
				
					
						
						 المؤلف:  
						جعفر السبحاني					
					
						
						 المصدر:  
						سيرة الائمة-عليهم السلام					
					
						
						 الجزء والصفحة:  
						518-520					
					
					
						
						29-07-2015
					
					
						
						4199					
				 
				
				
				
				
				
				
				
				
				
			 
			
			
				
				أمر المتوكل بأنزال الإمام يوم وروده سامراء في مكان وضيع يعرف بخان الصعاليك خان المشرّدين والمساكين بذريعة انّ محل إقامته لم يهيّأ بعد، فقضى (عليه السلام) يومه هناك، ومن المؤكد انّ القصد من وراء هذه الحركة هو تحقير الإمام وإهانته بشكل دبلوماسي واعدّوا له داراً للسكن في اليوم التالي فأقام فيه ؛ كان الإمام في هذه المدينة حراً في الظاهر غير انّه كان يعيش كالسجين، إذ كانت داره بحيث تخضع جميع تحركاته وسكناته ولقاءاته للمراقبة من قبل جلاوزة الخليفة ؛ وكان يزداد الطبيب المسيحي وتلميذ بختيشوع وخلال إشارته إلى إحضاره الإمام كرهاً وإجباراً إلى سامراء يقول: إن كان مخلوق يعلم الغيب فهو وقد استقدمه الخليفة من الحجاز فرقاً منه لئلا ينصرف إليه وجوه الناس فيخرج هذا الأمر الخلافة عنهم ويمكن معرفة مدى خشية المتوكل من نفوذ الإمام الروحي بين الناس من خلال اختياره لمحل إقامته وعلى أي حال ورغم كلّ هذه الاحتياطات والمراقبة كان المتوكل يرى في الإمام خطراً يهدّد حكمه ويخشى أن يتصل به أصحابه وشيعته خفية فيخططون للثورة عليه ويمهدون لأنفسهم من خلال إعداد العدة والعدد لهذا الأمر. وكانت حاشية الخليفة تحذره أحياناً من احتمال قيام الإمام وثورته هو وأصحابه، لذلك كان يأمر بين الحين والآخر بتفتيش دار الإمام بدقة، ومع أنّ جلاوزته كانوا يرجعون بخفي حنين في كلّ مرة ظل المتوكل قلقاً يشعر بالخطر وذات مرة سعي بالإمام الهادي إلى المتوكل انّ في منزله كتباً وسلاحاً من شيعته من أهالي قم وهو ينوي الثورة على الدولة، فبعث المتوكل إليه جماعة، فهاجموا داره ليلاً فلم يجدوا فيها شيئاً، ووجدوا الإمام في غرفة مغلقة وعليه ثوب من صوف وهو جالس على الرمل والحصى متوجهاً إلى اللّه تعالى يتلو آيات من القرآن، فحملوه على حاله تلك إلى المتوكل، وقالوا له: لم نجد في بيته شيئاً، ووجدناه مستقبل القبلة يقرأ القرآن وكان المتوكل جالساً مجلس الشراب، فأُدخل عليه الإمام والكأس في يده، فلمّا رآه هابه وعظّمه وأجلسه إلى جانبه وناوله الكأس التي كانت في يده .
فقال: واللّه ما خامر لحمي ودمي قط، فاعفني فأعفاه.
فقال: أنشدني شعراً.
فقال الإمام: أنا قليل الرواية للشعر .
فقال: لابدّ، فأنشده الإمام (عليه السلام) :
باتوا على قلل الأجبال تحرسهم * غلب الرجال فما أغنتهم القلل
واستنزلوا بعد عزّ عن معاقلهم * فاودعوا حفراً يا بئس ما نزلوا
ناداهم صارخ من بعد ما قبروا * أين الأسرّة والتيجان والحلل؟
أين الوجوه التي كانت منعّمة * من دونها تضرب الأستار والكلل؟
فافصح القبر عنهم حين ساء لهم * تلك الوجوه عليها الدود يقتتل
قد طالما أكلوا دهراً وما شربوا * فأصبحوا بعد طول الأكل قد أكلوا
وطالما عمّروا دوراً لتحصنهم * ففارقوا الدور والأهلين وانتقلوا
وطالما كنزوا الأموال وادّخروا * فخلّفوها على الأعداء وارتحلوا
أضحت منازلهم قفراً معطلة * وساكنوها إلى الأجداث قد رحلوا
فأثّر على المتوكل حتى بلت لحيته دموع عينه وبكى الحاضرون، وأمر المتوكل برفع الشراب، وقدّم للإمام أربعة آلاف درهم، وردّه إلى منزله مكرّماً .
				
				
					
					
					 الاكثر قراءة في  قضايا عامة					
					
				 
				
				
					
					
						اخر الاخبار
					
					
						
							  اخبار العتبة العباسية المقدسة