مكة في عهد الحسين بن علي
المؤلف:
احمد السباعي
المصدر:
تاريخ مكة دراسات في السياسة والعلم والاجتماع
الجزء والصفحة:
ج2، ص 631- 634
6-12-2020
1367
الحسين بن علي :
وبوفاته وجه الاتحاديون امارة مكة الى الحسين بن علي. ووافق الخليفة رشاد الخامس على ذلك فتوجه الحسين من الاستانة على اثر ذلك فوصل مكة في ذي القعدة عام ١٣٢٦ ه.
وكان الحسين من أشد المحافظين وأكثرهم تمسكا بما ورث من عقائد ، ولهذا كان لا يميل الى فكرة الدستور ولا يعترف في اعماقه بمبادئه التي تخول عامة الشعب شيئا من حقوق الحكم ، وكان الى جانب هذا يعتقد ان نظامه لا يتفق وما ورث من تقاليد تفصل بين الحاكمين والمحكومين.
وكان بحكم اقامته في الاستانة عرف الكثير من خفايا أصحاب الدستور واختلط ببعض شبابهم وشاهد شيئا من تهاون بعضهم بروح الدين فأثر ذلك في عقيدته السلبية نحو رجال الدستور.
وكان يعرف مبلغ الفوضى التي خلفت ظفر الدستوريين في الآستانة واتصل باضطرابات العناصر غير التركية فيها وماج مع المائجين لقضية العروبة واختلط بالداعين اليها باسم الاستقلال الذاتي وسمع منهم واعطاهم فأثر ذلك في توجيه وهيأه تهيئة كان لها أثرها فيما بعد وقد قيل انه كان شخصية لامعة في عاصمة الاتراك وكانت له حلقة واسعة من المعجبين (١).
واعتقد ان الاتحاديين لم يتح لهم امعان النظر في مصالحهم عندما فكروا في توجيه امارة مكة والا لكان الحسين آخر من يختارونه لها في ظرفهم العصيب وقد كانوا معذورين لان حكومتهم الجديدة لم تتركز بعد. كما ان الحسين من رجالات الاشراف في الاستانة الذين لا يسهل التغافل عنهم والتخطي الى غيرهم بالنسبة لامارة مكة.
وقد ذكر ان عبد الحميد كان لا يرى توليته ويشاركه في هذا أكثر البارزين من رجال الاتحاد ولكنهم ارادوا معارضة السلطان (2) وانتقل الحسين الى مكة دون ان يبدو منه ما يخالف مبادىء الدستور وبوصوله اليها لم يجاهر بمقتهم او كراهيتهم بل ظل في مجالسه الرسمية يبتهل الى الله ان يجمع كلمة المسلمين تحت راية العثمانيين وان يسدد خطاهم ويمنحهم التوفيق.
وفي عام ١٣٢٧ امر الحسين بانتخاب اثنين لعضوية مجلس (المبعوثان) (3) في الاستانة كطلب الاتحاديين فاختار لذلك ابنه عبد الله والشيخ حسن عبد القادر الشيبي.
وشعر الوالي التركي كاظم باشا ان مجالس الحسين كانت تفيض حيوية وانه دائم الاتصال بطبقات الشعب والاهالي وانه يعنى عناية خاصة باستقبال وفود البلاد العربية في موسم الحج ويطيل في حديثه اليهم عما يتوجسه من رجال الاتحاد وانه كثير الاهتمام بمرافق البلاد حريص على ان لا يترك للوالي فرصة يؤدي وظائفه فيها الا في أضيق نطاق فأراد ان يستيقظ حرصا على مصالح الدولة العثمانية وتنفيذا لسياسة الاتحاديين فجره ذلك الى مشاكل انتهى امرها الى الاستانة فلم يستطع الاتحاديون علاجه الا بعزل الوالي وتولية غيره.
وعانى الوالي الجديد من حيوية الحسين ما عانى سابقه ثم انتهى امره الى العزل وعزل بعده غيره وغيره فلم تمض السنوات السبع الاولى من حكم الحسين حتى كان قد تعاقب على الولاية في مكة ستة ولاة هم كاظم وحازم وفؤاد واحمد ونديم ووهيب وغالب مع حفظ الالقاب كما يقولون.
وظل الحسين على نشاطه في الدعوى ضد الحكم الدستوري حتى استطاع فى عام ١٣٣٤ ان يعلن الثورة وان يحاربهم في صفوف الانكليز سعيا وراء استقلاله بالبلاد كما سيأتينا في الفصل الخاص بالثورة العربية.
_____________
(١) الملوك الهاشميون لجيمس موريس منشورات المكتب العالمي للتأليف والترجمة ص ٢١
(2) الملوك الهاشميون لجيمس موريس ٢٣
(3) هو مجلس الامة او كما يسمى في بعض البلاد البرلمان. (ع)
الاكثر قراءة في مكة
اخر الاخبار
اخبار العتبة العباسية المقدسة