عودة الدستور في الاستانة
المؤلف:
احمد السباعي
المصدر:
تاريخ مكة دراسات في السياسة والعلم والاجتماع
الجزء والصفحة:
ج2، ص 628- 630
4-12-2020
1306
عودة الدستور في الاستانة
لم تفت سياسة عبد الحميد القاسية في عضد أنصار الدستور الذي الغاه ولم تحل يقظة جواسيسه وأساليبهم في الارهاب دون مواصلة اعمالهم الثورية فقد استأنفوا نشاطهم على اثر قتل مدحت باشا في الطائف عام ١٢٩١ ه وشرعوا وعلى رأسهم نيازي وأنور يؤلفون الجمعيات السرية في سلانيك ثم في رسنة ومناستير واخذوا بدورهم يتجسسون على أعمال عبد الحميد ويترقبون الفرص للثورة ضده وقد استمرت اعمالهم كذلك نحو ٣٠ سنة استطاعوا في نهايتها ان يعلنوا أنفسهم في سلانيك وان يضموا اليهم كثير من ضباط عبد الحميد وقواد جنده ولما بعث عبد الحميد جيشا يؤدبهم انضم رجال الجيش اليهم وشرعوا يقاتلون في صفوفهم.
ومشى رجال الدستور حتى حاصروا عبد الحميد في قصره بالاستانة وأكرهوه على قبول الدستور مع بقائه في عرش الخلافة فوافقهم على ذلك واعلن الدستور الى جميع الولايات التابعة لعثمانيا في ٢٧ جمادي الثانية عام ١٣٢٦ ه.
وبذلك عاد الدستوريون الى حكم البلاد بعد أن عاقبوا أنصار الملكية وأقصوهم من مراكزهم واستولوا على مقدرات البلاد وأحكامها ، وأسسوا مجلس المبعوثان من أعضاء انتخبتهم الولايات التابعة للعثمانيين ثم ما لبث الاتحاديون أن اختلفوا على بعضهم لان بعض العناصر كالعرب والأرمن وغيرهم شعروا بحاجتهم الى الاستقلال الذاتي عن الاتراك كما ان المتدينين من رجال الاسلام انتقدوا على رجال الجمعية تساهلهم بامور الدين ومخالفة بعض أحكامهم لاحكام الاسلام فاشتدت القلاقل وتأسست الاحزاب بعضها تدافع عن الدين وبعضها تدافع عن العناصر وارتفعت أصواتها بسقوط الاتحاديين فنشبت الفتنة في الاستانة وهوجم مجلس (المبعوثان) ففر بعض الاعضاء وقتل بعضهم وطار الخبر الى سلانيك مستودع الاتحاديين وملاذهم فلم يبطئوا في ارسال فيالقهم بقيادة محمود شوكت لاخضاع الفتن في الاستانة وقد استطاع محمود باشا ان يسيطر على الموقف.
وكان الاتحاديون قد شعروا ان السلطان عبد الحميد الثاني ساعد على اثارة هذه الفتن فاجتمع مجلس الامة في عام ١٣٢٦ ه وقرروا خلعه بعد ان استفتى شيخ الاسلام عن حكم الشريعة في شخص خالف الشرع في احكامه وحنث في يمينه وأحدث الفوضى في المملكة فأفتى بخلعه فخلعوه.
ثم رحلوه في بعض اهله الى سلانيك مع قليل من خدمه حيث أقام مدة ثم رأوا اعادته الى الاستانة فظل فيها أسير الاتحاديين الى أن توفي في عام ١٣٣٥ ه.
وبخلعه في عام ١٣٢٦ ه بويع اخوه السلطان محمد الخامس «محمد رشاد».
أنصار الدستور في مكة :
وعندما ظفر الاتحاديون وجاءت الاوامر الى الوالي التركي في جدة «احمد راتب باشا» باعلان الدستور في البلاد كأمر السلطان تباطأ احمد راتب وصرح لكبار الضباط بضرورة نشره تدريجا تحاشيا من الفتن في البلاد فلم يقتنع أنصار الدستور من الضباط والجند وبعض الاهالي برأيه ورأوا ضرورة تعجيل الاعلان فكتب الوالي الى الامير علي بن عبد الله وكان في مصيفه بالطائف ـ يطلب اليه شخوصه الى جدة ومساعدته في اخماد الفتنة فكتب اليه انه يوافق على ارجاء الدستور ولكنه لم يبادر الى موافاته في جدة للعمل معه على اخماد الفتن.
واستطاع أنصار الدستور في جدة القبض على راتب باشا وارساله الى قلعة مكة ليبقى أسيرا فيها، ثم أعلنوا الدستور وأطلقوا من ينادي به في شوارع مكة وجدة والطائف:
وانتهت الاخبار الى الاتحاديين في الاستانة فاستاءوا لتباطؤ الوالي في اعلان الدستور فصدرت أوامرهم بعزل احمد راتب باشا وتولية كاظم باشا ، فوصل الوالي الجديد الى مكة في رمضان من العام المذكور عام ١٣٢٦ ، ثم صدرت أوامر الاتحاديين بانتخاب مبعوث عن كل خمسين الف شخص فانتخبت مكة المفتي الشيخ عبد الله سراج بصورة اقرب الى التعيين منها الى معنى الانتخاب ، وسافر المنتخب الى السويس ، ثم ما لبث ان استعفى وبذلك عقد مجلس (المبعوثان) في ذلك العام ولم يحضره مبعوث مكة (١)
______________
(١) افادة الانام «مخطوط»
الاكثر قراءة في مكة
اخر الاخبار
اخبار العتبة العباسية المقدسة