اعلان الدستور العثماني واثره على مكة
المؤلف:
احمد السباعي
المصدر:
تاريخ مكة دراسات في السياسة والعلم والاجتماع
الجزء والصفحة:
ج2، ص 609 - 610
3-12-2020
1182
اعلان الدستور العثماني
وفي هذه الاثناء كان قد شعر بعض المفكرين في الاستانة ان الدولة التركية في حاجة الى اصلاح الحكم فأسسوا حزب الاحرار الذي انضم اليه كثير من رجال الدولة على رأسهم الصدر الأعظم مدحت باشا وكان من لمتحمسين للحرية والاصلاح.
ورأى رجال الحزب أن صلاح الدولة رهين باقصاء الخليفة عبد العزيز واعلان الحكم الدستوري في الدولة تحت ملكية خليفة جديد يملك ولا يحكم ويقبل مبادىء الدستور فاستمالوا اليهم السر عسكر «حسين عوني باشا» وناظر البحرية وكبار الضباط واستطاعوا في أواخر عام ١٢٩٣ أن يحاصروا سراي السلطان بقوة من رجال الجيش في البر وبقطع من الاسطول في البحر امام السراي من جهة اخرى وبذلك تقدم مندوبهم الى السلطان يبلغه ان الامة خلعته وان قوات الجيش المحاصرة للسراي مستعدة للعمل اذا رفض الاذعان فأراد السلطان ان يستخف بالامر الا انه ما لبث ان شعر انهم جادون فأسلم نفسه اليهم وبذلك نقلوه الى قصر آخر وجعلوا عليه الحراس وقد ظل فيه أياما ثم عمد الى زنده فقطع بعض عروقه بمقراض وترك دمه يسيل الى ان مات ويعتقد بعضهم ان رجال الحزب اغتالوه في القصر.
وبخلع عبد العزيز بايع رجال الحزب السلطان مرادا فلم يدم امر اتفاقه معهم أكثر من ثلاثة شهور ثم أشيع أن عقله اختلط فاتفقوا على اقصائه وتنصيب أخيه لسلطان عبد الحميد مكانه في عام ١٢٩٤ وقد ظلت الأحكام تصدر وفق رغبة الدستورين كما ظل عبد الحميد أداة لا عمل لها غير توقيع الأوامر.
وقد اضطربت الأمور على اثر ذلك وشرع الدستوريون يعاقبون كل من يرتابون في اخلاصه لمبادئهم ويقسون على خصومهم من أنصار الملكية ويسومونهم أنواعا من الذل والهوان فكثرت القلاقل والفتن.
الحسين الشهيد بن محمد بن عون :
واختار الدستوريون لامارة مكة على أثر انقلابهم شريفا يعتنق مبادئهم هو الحسين بن محمد بن عبد المعين ووافق السلطان على تعيينه فوجهت اليه الامارة وكان يقيم في الاستانة (١) عضوا في مجلس شورى الدولة برتبة وزير وقد ذكر لي بعض المعمرين انه اشترك في الثورة الاتحادية وانه كان يرى رأيهم في هيمنة الدستور وامتداد نفوذه.
وتوجه الحسين الى مكة فوصلها في شعبان عام ١٢٩٤ ثم ما لبث أن غادر أخوه الشريف عون مكة بعد عيد الفطر من السنة المذكورة الى الاستانة (٢) فمنح رتبة الوزارة فيها واحتل مركز اخيه في عضوية مجلس شورى الدولة.
الغاء الدستور :
وما لبث عبد الحميد أن تمكن من زمام الامور في مقر الخلافة واستطاع ان يقرب بعض المناصرين للملكية وان يعد عدته لالغاء الدستور.
وقد بدأ اعماله بالقبض على رجل الدستور مدحت باشا وكثير من زملائه فنفاهم كما سيأتي الى الطائف ثم أثارها حربا عدوانية عنيفة ضد أنصار الدستور فأنشأ ادارة خاصة بالجاسوسية شرعت تتعقب أنصار الحرية وتتجسس على أعمالهم وترفع بذلك تقاريرها السرية الى عبد الحميد الذي أخذ يعاقب على الظنة ويبطش للشبهة ويمعن في النفي والتشريد والاغتيال والقتل حتى ملأ سجويه بخصومه وارسل الى قاع البسفور بكثير من ضحاياه بالالوف قضى اكثرهم اغتيالا في السجون.
______________
(١) هي مدينة استانبول ، وكانت عاصمة السلطنة العثمانية وكانت عاصمة بيزنطة وكان اسمها القسطنطينية ، ثم سميت اسلامبول مدة وهي اليوم اهم مدينة في تركية (ع)
(٢) تذييل شفاء الغرام للشيخ عبد الستار الصديقي ٣١٣
الاكثر قراءة في مكة
اخر الاخبار
اخبار العتبة العباسية المقدسة