سقوط الامويين
المؤلف:
احمد السباعي
المصدر:
تاريخ مكة دراسات في السياسة والعلم والاجتماع
الجزء والصفحة:
ج1، ص 154- 155
8-10-2020
2296
سقوط الأمويين :
أشرنا في حديثنا عن الأمويين الى مبلغ الجهود التي بذلها الأمويون في سبيل تشييد ملكهم وتثبيت أركانه ويستطرد بنا القول في هذا الفصل الى أن هذا البناء ما كادت دعامته ترتفع حتى دب اليه الوهن وبدأ الضعف يتسرب الى كيانه وأنه ما كاد القرن يوفي على نهاية سنة ١٠٠ حتى كان الهزال قد جاء على جسمه ثم ما لبث أن قضى بانقضاء العام ١٣٢ ه من التاريخ الهجري.
وأحسبنا مسؤولين أمام ارتباط التاريخ الذي ندرسه بالتاريخ الاسلامي العام أن نلخص أهم العوامل التي ساعدت على انقراض الحكم الأموي في تضاعيف هذه المدة القصيرة وقيام الحكم العباسي على أنقاضه لنستطيع أن نمضي في بحوثنا عن مكة على ضوء الأحداث الاسلامية العامة ، ولعله يمكنني أن ألخص ذلك فيما يأتي :
١ ـ بذور الشقاق التي بذرها التنافس على ولاية العهد بين أفراد البيوت الأموية ومحاولة كل منافس الاساءة الى منافسه والتنكيل به وبمعاونيه من السادة والقواد
٢ ـ اثارة الروح العصبية بانحياز بعضهم الى المضرية وآخرين الى اليمنية مما أثار الحفائظ وأوجد الشقاق.
٣ ـ تعصبهم للعنصر العربي السائد واحتقارهم لمن عاداه من الموالي وأهل الأمصار الأخرى مما بعث روح الشعوبية وذكى أوارها وهيأ النفوس لقبول الثورات والانضمام الى حركات المناوأة مع الخوارج مرة ومع الشيعة أخرى ومع غيرهم في مرات غيرها.
٤ ـ انغماس بعضهم في الترف وذهابه بلذائذ الحياة التي اختصوا أنفسهم ومن حولهم بها وانصرافه الى المجون واللهو وأنواع من المنادمة مما جعل المحافظين والمتمسكين في كل مصر يشددون النكير عليهم قد سئل أحد شيوخ بني أمية عن سبب زوال الملك عنهم فقال : إنا شغلنا بلذاتنا عن تفقد ما كان تفقده يلزمنا ... الخ (١)
وقال العباس لأخيه بشر بن الوليد: إني أظن أن الله قد أذن في هلاككم يا بني مروان ثم تمثل :
إني أعيذكم بالله من فتن
مثل الجبال تسامى ثم تندفع
إن البرية قد ملت سياستكم
فاستمسكو بعمود الدين وارتدعوا
لا تلحمنّ ذئاب الناس انفسكم
إن الذئاب إذا ما ألحمت رتعوا
لا تبقرنّ بأيديكم بطونكم
فثمة حسرة تغني ولا جزع (٢)
٥ ـ اهانة المسلمين في أعمق شعورهم بتجاوزهم الى ضرب الكعبة بالمنجنيق واستباحة المدينة للأجناد ثلاثة ايام واستعمال أشد أعمال القسوة والعنف في قتال الحسين وقتله ، وأني وان كنت قد استبعدت الملابسات خاصة فيما بحثت أن يتعمد الأمويون اصابة الكعبة ولكن الشعور العام اذا أثير لا يطمئن الى الفلسفة ولا يستمع الى مثل مبرراتي.
من جميع ما تقدم يتلخص لدينا أن البواعث العاملة في سقوط الأمويين كانت قد تعددت وكان لا بد لهذه الدولة من أن تستعجل نهايتها فلا عجب اذا استغل المناوئون الفرصة المواتية للعمل.
_______________
(١) مروج الذهب ج ٢ ص ١٩٤
(٢) الكامل لأبن الأثير ج ٤ ص ٢٦٦
الاكثر قراءة في الدولة الاموية *
اخر الاخبار
اخبار العتبة العباسية المقدسة