تضاريس مكة واسمائها
المؤلف:
احمد السباعي
المصدر:
تاريخ مكة دراسات في السياسة والعلم والاجتماع
الجزء والصفحة:
ج1، ص 21- 24
5-10-2020
2573
تضاريس مكة
تقع مكة على ٢١ درجة ونصف درجة تقريبا عرضا شماليا وعلى نحو ٤٠ درجة طولا وترتفع عن سطح البحر بنحو ٢٨٠ مترا.
وتقع في واد تحيط به الجبال وتنحدر سيولها فيه (١)، وإذا عصفت الرياح في مرتفعات الجبال اندفعت الى بطن الوادي فيما يشبه الدوامات وتعذر تعيين ملتقى الرياح إلا في بعض الحالات.
وجوها حار جاف تختلف حرارته بين ١٨ درجة في شهور الشتاء و٣٠ درجة في شهور الصيف، وقد ترتفع الحرارة في بعض السنوات الى ما يزيد على ٤٠ درجة.
أسماء مكة
وقد سماها القرآن مكة كما سماها بكة وأم القرى والبلد الأمين (٢).
ويذكر بعض علماء الإسلام أنها سميت مكة لقلة مائها، وهم يقولون أمتك الفصيل ضرع أمه إذا امتصه، ويقول بعضهم سميت مكة لأنها تمك الذنوب أي تذهب بها أو لأنها تمك الفاجر أي تخرجه منها، كما قيل أنها سميت بكة لأن الناس فيها يبك بعضهم بعضا أي يدفع.
ونقل عن بطليموس (3) أن اسمها (مكوربا) وهو مشتق من الاسم السبئى مكوارابا ومعناه مقدس أو حرم.
قدم مكة
وقد عرفت مكة من أحقاب طويلة ممعنة في القدم قبل عهد ابراهيم فقد كانت الكعبة مثابة للناس قبل بناء ابراهيم كما تروي ذلك مصادر اسلامية كثيرة.
ولا نشك أنها كجزء من بلاد العرب استقبلت هجرات سابقة تعدد فيها أنواع المهاجرين من أجناس البشر تعددا لا نستطيع تعيينه لأن المصادر التي توسعت في ذلك لا يمكن التسليم بما كتبت تسليما قاطعا لأن اكثر كتابها عاشوا في العصر الإسلامي الأول متأخرين عن ذلك العهد بأحقاب طويلة المدى ولم يكن لديهم من المصادر إلا المنقول عن تشويش واضطراب.
خصب مكة وجفافها
أما التاريخ الذي أنتجته دراسة الآثار وأسفرت عنه كتابات الجيولجيين فقد أطال في بخوثه لا عن مكة وحدها بل عن جزيرة العرب قاطبة وكان مما ذكره أن صحاريها القفراء كانت في عهد من عهود التاريخ المجهولة مروجا خضراء آهلة بالسكان لأن غيوم الرياح الغربية الشمالية كانت تصل إلى الجزيرة قبل أن تفقد رطوبتها فتنهال الأمطار على قممها العالية وتجري في وديانها أنهارا ، فتروي أراضيها وتسقي مروجها ، ولعل في عمق الوديان التي نشاهدها اليوم ما يشير الى شيء من حقيقة هذا الرأي ويذكر تقي الدين الفاسي في شفاء الغرام عن الفاكهي بسند رفعه الفاكهي الى ابن اسحاق ان الحجاز كانت أسحر أرض الله وأكثرها ماء.
ويعلل الجيولجيون الحدب الذي طرأ فيقولون أن عوامل الجفاف الطبيعي ما لبثت أن حالت بالتدرج على مر الاحقاب دون وصول الغيوم المرطبة فحرمت الجزيرة من أنهار جارية.
ولا أستبعد هذا لأن المشاهد أن سورة الجفاف في عهودنا الحاضرة اشتدت وطأتها عن عهود سلفت فاختفت واحات كثيرة كانت معروفة في العهد الجاهلي وصدر الإسلام كما اختفى كثير من المناطق الخصبة التي كان يزرعها اليهود في المدينة وثقيف في الطائف وقريش حول مكة ونضب كثير من العيون والآبار وقل شأن السيول التي كان يفيض بها عقيق المدينة والطائف ووادي ابراهيم في مكة (4).
والمعمرون في مكة وكثير من مدن الجزيرة يعلمون أن منسوب المياه ومساحة المناطق الخصبة كانت الى قرن سابق أحسن منها اليوم وأن بساتين مكة في أطرافها وضواحيها كانت منتشرة الى مسافات بعيدة مما لم يبق له أثر نتيجة اطراد الجفاف، ويرى بعض الجيولجيين أن الجفاف سيطرد أمره في الجزيرة على مر العصور وأن نسلنا سيعاني منه أكثر مما نعاني إلا في المناطق الجنوبية لقريبة من المحيط الهندي.
_______________
(١) هذا هو وادي ابراهيم الذي يقع فيه البيت ، ولكن مكة خرجت من عهد بعيد عن هذا الوادي فتسملت وادي طوى ووادي فخ ، وانحاء أخر.
(٢) وأورد مؤرخو الإسلام عدا ذلك نحو اثني عشر اسما وكانوا يقولون ان كثرة الأسماء دليل على شرف المسمى.
(3) البطالسة كثيرون وقد سمي ١٦ ملكا في مصر بالبطالسة وقد عاشوا قبل الميلاد بنحو اربعة قرون وهم غير بطليموس المتوفي قرب الاسكندرية في القرن الثاني بعد الميلاد وكان من علماء الهيئة والتاريخ والجغرافية واشتهر بالنظرية البطليموسية التي تقول ان الأرض لا تتحرك وان الافلاك تدور حولها.
(4) على سبيل المثال : ذكر انه كان في وادي امج نحو من سبعين وقيل تسعين عينا لم تبق منها اليوم سوى بضع عيون ، وقيل انه كان بمر الظهران ثلاثمائة عين ، لم تبق منها اليوم غير بضع عشرة عينا.
الاكثر قراءة في مكة
اخر الاخبار
اخبار العتبة العباسية المقدسة