الأدب
الشعر
العصر الجاهلي
العصر الاسلامي
العصر العباسي
العصر الاندلسي
العصور المتأخرة
العصر الحديث
النثر
النقد
النقد الحديث
النقد القديم
البلاغة
المعاني
البيان
البديع
العروض
تراجم الادباء و الشعراء و الكتاب
الشيخ محمد عبده
المؤلف:
عمر الدسوقي
المصدر:
في الأدب الحديث
الجزء والصفحة:
ص:280ج1
30-9-2019
2080
وإذا كان جمال الدين قد أبعدته ظروفه القاسية، وجنود الغدر والاستعمار عن مصر وهي أحوج ما تكون إليه، فقد ظلت بها روحه الوثابة، ومصر في ذاك الوقت قلب الإسلام النابض، وأمل العروبة الغض؛ لأن تركيا -وهي مقر الخلافة- كانت عجوزًا مشلولة الأطراف، جافة الفؤاد يابسة العود، وتعتلج في أحشائها الوساوس والدسائس، ويسيطر عليها خلفاء شبعوا من اللذائذ المادية حتى بشموا، وانغمسوا في حمأة الشهوات حتى شرقوا، والشام قد هجرها المستنيرون الأحرار، واستوطنوا مصر هربًا بنفوسهم الأبية أن يذلها الظلم، ويجرحها الحيف والاضطهاد, وبقية أقطار العروبة في سباتٍ عميق، أو يقظةٍ قريبةٍ من الوسن، قد أعدتها تركيا بأدوائها، فهي تترنح تحت فتكات الأمراض الاجتماعية وآلامها المبرحة, وتكاد تسلم الروح إعياء وهزالًا.
(1/280)
أجل, قد بقيت روح جمال الدين بمصر ترفرف على واديها في شخص محمد عبده(1) وهو شيخ من صيم ريف مصر، وأرسله أبوه إلى الجامع الأحمدي ليتعلم كما يتعلم كثير من الناس بعد أن حفظ القرآن، ولكنه تمرد على هذ التعليم بعد سنة ونصف, حاول فيها أن يفك طلاسم "الأجرومية" فأعيته الحيل، فأيقن أنه غبيّ، وأنه غير مستعدٍّ لتلقي العلم, وصمَّمَ على العمل في الحقل كما يعمل إخوته وأهله؛ بيد أن والده أكرهه على الاستمرار في طلب العلم, فهرب إلى أحد أخوال أبيه هو:
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) ولد محمد عبده بقرية "شنرا" بمدرية الغربية سنة 1266هـ-1849م, وانتقلت به أمه إلى بلدة أبيه "عبده خير الله" محلة نصر بمديرية البحيرة بعد ولادته بقليل، وكان أبواه ذا مكانةٍ ملحوظةٍ في قريته, يمتاز بقوة الجسم وصحته ,بشيء من سعة الرزق والكرم والاستنارة، وقد ورث عنه محمد عبده كل هذا.
وقد ترك محمد عبده ترجمة حياته في وثيقتين؛ إحداهما كتبها استجابةً لصديقه الشاعر الرحالة الإنجليزي "ولفرد سكاون بلنت" وفيها شيء عن أصل أسرته, وجزء من تاريخ حياته W.S.Blunt Secret Hisstory Of Egypt, London 1907. والثانية ما نقله عنه الشيح رشيد رضا إجابةً على أسئلة وجهها إليه. انظر المنار 8 ص405 وما بعدها