ما معنى قولِ الإمامِ السجّادِ (صلواتُ الله عليه) في حقِّ عمّتِهِ الحوراءِ زينب (عليها السلام): "أَنْتِ بِحَمْدِ اَللَّهِ عَالِمَةٌ غَيْرُ مُعَلَّمَةٍ فَهِمَةٌ غَيْرُ مُفَهَّمَةٍ"؟
إنَّ قولَ الإمامِ (عليه السّلام) يحتملُ أحدَ معنيَينِ (1):
الأوّل: أنّها عالمةٌ باللهِ تعالى وبآياتِهِ الظاهرةِ، من خلالِ فطرتِهَا الصافيةِ، وعقلِهَا الراجحِ، وتدبّرِها في آياتِ اللهِ تعالى، فلا تحتاجُ إلى مَن يُعرِّفُها بما يتوجَّبُ عليها في مثلِ هذهِ المواقعِ الحسّاسةِ ما يجبُ عليها من التحلِّي بالصَّبرِ، وجميلِ العزاءِ، والكونِ في مواقعِ القربِ من اللهِ تعالى، راضيةً بقضائِهِ صابرةً على نزولِ بلائِهِ...
الثاني: أن يكونَ مرادُهُ (عليه السّلام) أنَّها قد بلَغَتْ مراتبَ عاليةً جعلَتْهَا أهلاً لِتلقِّي الإلهاماتِ الإلهيّة الهادية، ومحلاًّ لنورِ العلمِ الذي يقذفُهُ اللهُ في قَلْبِ مَن يشاءُ على قاعدةِ: {وَالَّذِينَ اهْتَدَوْا زَادَهُمْ هُدًى وَآتَاهُمْ تَقْوَاهُمْ}.
منحَ الإمامُ (عليه السّلام) هذا اللقبَ لعمّته زينب (عليها السّلام) بيانًا لشأنِهَا وإظهارًا لعظمتِهَا على مرأىً ومسمعٍ مِنَ الجميعِ ليُعلِمَهُم بمقامِهَا الرفيعِ الذي وهبَهُ اللهُ تعالى لها (صلواتُ الله وسلامُهُ عليها).
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) مختصر مفيد (أسئلة وأجوبة في الدين والعقيدة) للسيّد جعفر مرتضى العامليّ.