جاء في كتاب المحكم في اصول الفقه للسيد محمد سعيد الحكيم قدس سره: الظاهر أن وقوع صيغة الامر وأداته عقيب النهي أو في مورد توهمه مانع من ظهورها في البعث نحو الفعل، فضلا عن الالزام به. كما أن وقوع أداة النهي عقيب الامر أو في مورد توهمه مانع من ظهورها في الزجر عن الفعل، فضلا عن كونه بنحو الالزام. لأنها وإن لم تخرج عما استعملت فيه من النسبة البعثية أو الزجرية، إلا أن ما سبق من أصالة كون الداعي للاستعمال هو البعث أو الزجر بمقتضى بناء أهل اللسان لا يجري في الموردين المذكورين، بل المتيقن لهم كون الداعي رفع النهي أو الامر السابقين أو بيان عدمهما. ولا مجال لما يحكى عن بعض العامة من عدم خروج صيغة الامر في المورد المذكور عن الدلالة على الوجوب، فضلا عن أصل الطلب. ومثله ما عن المشهور من دلالتهما على الإباحة لو أريد بها الإباحة بالمعنى الأخص التي هي أحد الأحكام الخمسة، لعدم المنشأ لذلك. وإن أريد بها الإباحة بالمعنى الأعم، التي هي محض الاذن في الفعل وعدم النهي عنه طابق ما ذكرناه. هذا، وعن بعضهم أن الامر إن علق بزوال علة النهي كان ظاهرا في رجوع الحكم الثابت قبل النهي، كما في قوله تعالى: "وَإِذَا حَلَلْتُمْ فَاصْطَادُوا" (المائدة 2) وقوله سبحانه: "فَإِذَا تَطَهَّرْنَ فَأْتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ اللَّهُ" (البقرة 222). ويجري نظيره في النهي، فهو لو علق بزوال علة الامر كان ظاهرا في رجوع الحكم الثابت قبله. وهو قد يتجه لو كانت علة النهي أو الامر المرتفعين من سنخ العنوان الثاني الطارئ على العنوان الأولي والمانع عن تأثير مقتضيه، كما في الآيتين المتقدمتين، لان مقتضى انتهاء أثر العنوان الثانوي المذكور بارتفاعه فعلية الحكم الأولي، لارتفاع المانع عنه. ولا مجال له في غير ذلك بأن تكون علة النهي أو الامر المرتفعين من سنخ العنوان المعاقب للعنوان الموجب للحكم الأول، لا طارئا عليه مجتمعا معه. فمثلا لو كان السلام على الصبية مستحبا، ونهي عن السلام على الشابة، ثم ورد: فإذا شابت المرأة فسلم عليها، لا مجال لدعوى ظهوره في عود استحباب السلام عليها الثابت حين صباها، لان ارتفاع حكم الشابة عنها لا يستلزمه. بل عود الحكم الأولى في الأول لا يستند لظهور الصيغة، بل لاطلاق دليله أو عمومه الأحوالي، حيث يقتصر في الخروج عنه على صورة ثبوت الحكم المنافي له بطورء العنوان الثانوي، وإلا فمجرد ارتفاع الحكم الثانوي تبعا لارتفاع عنوانه لا ينافي ثبوت حكم ثانوي آخر تبعا لطروء عنوان ثانوي آخر، مانع من فعلية الحكم الأولي، ولا دافع لاحتمال ذلك إلا الاطلاق أو العموم المذكور.
جاء في کتاب مصباح المنهاج / الطهارة للسيد محمد سعيد الحكيم: النصوص المتضمنة أن الماء يطهر ولا يطهر، كموثق السكوني عن أبي عبد الله عليه السلام: (قال: قال رسول الله صلى الله علية واله وسلم: الماء يطهر ولا يطهر) وغيره. لكن الظاهر أن الصدر فيها مسوق لبيان الايجاب الجزئي في مقابل السلب الكلي الذي تضمنه الذيل، ولا يفيد عموم التطهير به، لا من حيث أفراد الماء، ولا من حيث أنحاء التطهير من أنواع الاحداث والاخباث. هذا عمدة ما استدلوا به في المقام، وقد عرفت عدم نهوض شئ منه باثبات المطلوب. ولعل الأولى أن يقال: أما الطهارة من الحدث، فيكفي في الدليل عليها آيتا التيمم، قال تعالى: "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُبًا فَاطَّهَّرُوا وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغَائِطِ أَوْ لَامَسْتُمُ النِّسَاءَ فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ مِنْهُ مَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ حَرَجٍ وَلَكِنْ يُرِيدُ لِيُطَهِّرَكُمْ وَلِيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ" (المائدة 6) وقال سبحانه: "إيا أيها الذين آمنوا لا تقربوا الصلاة وأنتم سكارى حتى تعلموا ما تقولون ولا جنبا إلا عابري سبيل حتى تغتسلوا وان كنتم مرضى أو على سفر أو جاء أحد منكم من الغائط أو لامستم النساء فلم تجدوا ماء فتيمموا صعيدا طيبا" (النساء 43) فان إطلاق الغسل في صدرهما ظاهر في مقام شرح الطهارة وظاهر في تحققها بمسماه، ومن الظاهر اشتراك جميع أفراد الماء في تحقق الغسل بها. كما أن عموم الماء في ذيلهما المستفاد من تنكيره في سياق النفي ظاهر في مانعية كل فرد من الماء من مشروعية التيمم ووجوب الوضوء أو الغسل به، فيؤكد اطلاق الصدر.
جاء في کتاب منهاج الصالحين للسيد محمد سعيد الحكيم: قال الله تعالى: "قد أفلح المؤمنون الذين هم في صلاتهم خاشعون" (المؤمنون 1-2)، وعن النبي صلى الله عليه وآله وسلم والائمة عليهم السلام كما ورد في أخبار كثيرة أنه لا يحسب للعبد من صلاته إلا ما يُقبل عليه منها، وأنه لا يقدمنَّ أحدكم على الصلاة متكاسلًا، ولا ناعساً، ولا يفكرنَّ في نفسه، ويقبل بقلبه على ربه ولا يشغله بأمر الدنيا، وأن الصلاة وفادة على الله تعالى، وأن العبد قائم فيها بين يدي الله تعالى. فينبغي أن يكون قائماً مقام العبد الذليل الراغب الراهب الخائف الراجي المستكين المتضرع، وأن يصلي صلاة مودع يرى أن لا يعود إليها أبداً. وكان الإمام زين العابدين عليه السلام إذا قام في الصلاة كأنه ساق شجرة لا يتحرك منه إلا ما حرّكت الريح منه، وكان الإمامان الباقر والصادق عليهما السلام إذا قاما إلى الصلاة تغيرت ألوانهما مرّةً حمرةً ومرّةً صفرةً وكأنّهما يناجيان شيئاً يريانِه. وينبغي أن يكون صادقاً في قوله: "إيّاك نعبد وإيّاك نستعين" (الفاتحة 5) فلا يكون عابداً لهواه ولا مستعيناً بغير مولاه. وكذا ينبغي إذا أراد الصلاة أو غيرها من الطاعات أن يستغفر الله تعالى ويندم على ما فرّط في جنب الله، ليكون معدوداً في عداد المتقين الذين قال الله تعالى في حقهم: "إنَّما يتقبَّل الله من المتَّقين" (المائدة 27). وما توفيقي إلا بالله، عليه توكلت وإليه انيب، وهو حسبنا ونعم الوكيل، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.
جاء في المحكم في أصول الفقه لآية الله العظمى السيد محمد سعيد الطباطبائي الحكيم: لما اشتهر من دلالة كان على النسبة في الزمان الماضي. لكن الظاهر انسلاخها في المقام ونحوه عن ذلك، وتمحضها لبيان أصل النسبة، فيدل هذا التركيب على نفي النسبة المذكورة، بل على أنه ليس من شأنها الوقوع، نظير قوله تعالى: "وما كنت متخذ المضلين عضدا" (الكهف 51)، وقوله سبحانه: "وما كان الله معذبهم وهم يستغفرون" (الانفال 33)، وقوله عز وجل: "وما كان عطاء ربك محظورا" (السراء 20)، وقوله جل شأنه: "وما كان ربك نسيا" (مريم 64)، إلى غير ذلك مما سلط فيه النفي على كان وأريد به بيان لزوم النفي، فيناسب المقام. نعم، لو سلطت كان على النفي كانت ظاهرة في الزمان الماضي، كما في قوله تعالى: "كانوا لا يتناهون عن منكر فعلوه" (المائدة 79)، وقوله سبحانه: "إنهم كانوا لا يرجون حسابا" (النبأ 27)، ومنه لو قيل في المقام: (كنا لا نعذب حتى...) هذا، مع ظهور العذاب في ما يعم العذاب الأخروي أو يخصه، ولا سيما بملاحظة سوق الآية في سياق آيات استحقاق العذاب الأخروي، لبيان قضايا ارتكازية، قال تعالى: "وكل إنسان ألزمناه طائره في عنقه ونخرج له يوم القيامة كتابا يلقاه منشورا اقرأ كتابك كفى بنفسك اليوم عليك حسيبا من اهتدى فإنما يهتدي لنفسه ومن ضل فإنما يضل عليها ولا تزر وازرة وزر أخرى وما كنا معذبين حتى نبعث رسولا وإذا أردنا أن نهلك قرية أمرنا مترفيها" (الاسراء 13-16). على أنه لو تم ما ذكره قدس سره فمن الظاهر عدم سوق الآية لمحض الاخبار، بل لبيان جريانه تعالى في العذاب على طبق الموازين العقلائية العامة الراجحة أو اللازمة من توقفه على إقامة الحجة، فيدل على ثبوت ذلك في العذاب الأخروي بتنقيح المناط، بل بالأولوية، لأهمية العقاب الأخروي، بلحاظ شدته، وتمحضه في الجزاء، الذي هو أولى بالاحتياج للحجة، بخلاف العذاب الدنيوي، حيث أنه قد يكون من سنخ الآثار الوضعية للأفعال وإن كانت عن عذر، أو يكون للامتحان، أو نحوهما مما لا يكون من سنخ الجزاء ولا يتوقف على إقامة الحجة ارتكازا. فالانصاف أن دلالة الآية وافية جدا.







وائل الوائلي
منذ 10 ساعات
"المهمة".. إصدار قصصي يوثّق القصص الفائزة في مسابقة فتوى الدفاع المقدسة للقصة القصيرة
(نوافذ).. إصدار أدبي يوثق القصص الفائزة في مسابقة الإمام العسكري (عليه السلام)
قسم الشؤون الفكرية يصدر مجموعة قصصية بعنوان (قلوب بلا مأوى)
EN