Logo

بمختلف الألوان
في وطنٍ تئنُّ روحه من ثِقل الأيام، وتتوقُّ أجياله إلى فجرٍ يمحو ظلام اليأس، انبعث نورٌ من قلب مدينة مقدسة، نورٌ يملأ الوطن ضياءً، وأيدٍ أمينة تعانق آماله واحلامه. سطع نور العتبة العباسية المقدسة، التي لطالما كانت مَوئِلاً للعلم والمعرفة، لتتجاوز دورها الديني وتصبح حاضنة حقيقية للطاقات الشابة،... المزيد
أخر المواضيع


مرحبا بكَ زائرنا العزيز
نتمنى أن تكون في تمام الصحة والعافية

تحذير! هل انت متأكد من حذف هذا المقال مع الردود عليه ؟
مقاربات في مسرحية الشاعر والسلطة

منذ سنتين
في 2023/12/20م
عدد المشاهدات :2486
لمسرحية الشعبية في النجف
مقاربات في مسرحية "الشاعر والسلطه" أ.د. صادق المخزومي
أغلب المسرح النجفي كان يعتمد على النصوص العالمية، ثم ظهر مؤلفون نجفيون للمسرحية، وكانت النصوص تكتب بالفصيحة، وأحيانا يتخللها الحوار باللهجة الدارجة، غير ان بعضها اتجه نحو اللهجة الدارجة مثل المسرحية الشعبية الكوميدية (عيش يحمار) من تأليف إحسان التلال، والتي قدمت في 2009 فرقة النجف الوطنية للثقافة والفنون- النجف الأشرف. ومن إخراج علي المطبعي، وبطولة: ناظم زاهي وحسين أبو الفيض وإحسان الزيادي وضيفة الشرف الفنانة زهرة الربيعي على قاعة منتدى شباب ورياضة النجف الأشرف. العمل تناول الرمزية في عرضه لشخصيات من الموروث الشعبي وعالجت البساطة والسذاجة في الشخصيات المفترضة في العمل المسرحي من خلال مشاهد متسلسلة ومواقف كوميدية ساخرة بإطار معاصر ومتمدن.
ثمة مسرحية من صلب الأدب الشعبي، للشاعر الشعبي حسن تويج، مواليد النجف الاشرف 1971م، وهو فنان وكاتب متنوع المشارب والمدركات. المسرحية يكتبها باللهجة الدارجة، نوعها من المسرح التراجيدي والدراما الجادة، موضوعها الشاعر والسلطة ومحاولة يائسة لسحب الشاعر وتوظيف طاقاته لخدمة السلطة، تحت عنوان "شاعرالسلطة". إشكاليتها تكمن في أن الشاعر ليس ملكا للسلطة. ثمة فرضيات تنضح على فؤاد الضابط ولسانه تحمل إمكانية أن يكون الشاعر لسان السلطة مقابل بعض التسهيلات والامتيازات، وتمثلات الأمر هذا موجودة عبر تاريخ السلطات؛ غير أن السلطة تفكر هذه المرة بمحاولة صناعة شاعر عقائدي في ملكية يدها، وهنا تكمن العقدة في الإشكالية والتي يجليها الحوار بين الضابط والشاعر؛ وعلى الرغم من المحاولات لإقناع الشاعر فإن الحل الذي رسمته السلطة لصالحها يحقق فشلا ذريعا، ولذا يتجه مسار الحل الى الخيار الآخر، على منهج اليأس واستعمال العنف حتى الإعدام رميا بالرصاص دونما قرار محكمة ورأي للقضاء.
الحوار في المسرحية عمادها المبتني على الإفصاح والإبانة، والذي يشد انتباه المتلقي، وأن يكون الحوار موافقًا للشخصية ومنسجما في تعبيراتها ومشاعرها. والحوار هنا ملاكه الغالب سؤالات الضابط وجوابات الشاعر؛ غير أن السؤالات رسمية وقصيرة تقصد حيثيات الشاعر في الحدود الموضوعية والزمكانية، بينما الجوابات كان أغلبها يتسم بالغموض والعموم في المعلومة وأسلوبية الإنشاء تتناسب مع مخيالية الشاعر؛ وكأنه ينتقل فيه على خشبة المسرح من الحوار الخارجي الحوار الداخلي القريب من المناجاة، وهذا ما يترجم صلابة موقف الشاعر، ويزيد من اجتذاب المتلقي، وقد ينحو به نحو التحمس، في حين يشيط من غضب ممثل السلطة، ولكنه يتجرعه مرًّا، مثلا: "الضابط: وين تسكن وأقرب نقطة دالة
الشاعر: ويـن أسكـن أسكـن بصـوت الشـعـب، أسكن بالضماير ... أسـكـن بالـشــوارع والمدامع، أسكـن بكـل گرصة خبز اليحلم بيهه جايـع، ... أسكن بكل دم نـقي ... أسكن بأحلام البـنـات، أسكن بضحكات الأطفال، أسكن بهـم الشـيـوخ وحـزن الأمـهـات".
البناء الدرامي يتمثل خطه فصلان، الفصل الأول يحمل كاهله أغلب جسد الحكاية من ممهدات والوسط والذروة، بينما الفصل الثاني يعنى بالحل والنهاية وقراءة قرار الحكم على المتهم وتعداد جرائمه، فضلا عن أحكام بالاعدام- على الظن والشبهة- لشخوص ساعدت الشاعر، من مخيال المسرحية، مثل: نور الفجر، جميع الورود نهر دجلة والفرات.. وكل هذا الوقت ينشد الشاعر أشعارا من جعبته، ويتمعن بجرسها الدافئ والحنين، حتى تحين لحظات الإعدام، ومنها:
"أنزف صبر يا وطن - بيّه إلك ميّة جرح -- كلما يهـيـد الألم -- بجروحي أذرّ الملح -- أفديك يا وطني -- لو مية مره أنذبح -- واشرب نخب هيبتك -- من المسه للصبح -- مثلك محب ما إلي "
أسلوب المسرحية يتماثل الشعر بشفافيته، وفي الوقت نفسه يضمن فيها نصوص شعرية، 12 نصا، اقتبسها من شعراء كبار، أمثال: أحمد مطر، الحاج زاير، أحمد الصافي النجفي، محمد مهدي الجواهري، جابر الكاظمي، علي الرماحي، مظفّر النواب، شاكر السماوي، محمد صالح بحر العلوم، عريان السيد خلف؛ وآخر نص للشاعر نفسه.

مسرحية "الشاعر ليس ملكا للسلطة
الفصل الأوّل:
الأشخاص: شرطة، سجين، ضابط، شاعر، عدة أشخاص، ميز حديدي حوله ثلاثة كراسي، على الميز مجموعة من المعاملات والسجلات كما وضعتْ لافته خشبية صغيرة في مقدمة الميز كُتب عليها ضابط التحقيق بالقرب من الميز دولاب حديد مقفل وبقربه مشجب للأسلحة على بعد مسافة قليلة باب مشبّك كُتب فوقه السجن .
يدخل أحد الشرطة لينظّف المكان يرتّب المعاملات التي وضُعت فوق الميز.. أحد المسجونين يطل من خلف باب السجن متحدثاً مع الشرطي قائلاً:
السجين: ها أبو إسماعيل، شو اليوم تنظّف، لازم عدكم مدّعوّين .. وما دام أكو مدّعوّين.. يعني أكو حفله للصبح
الشرطي: ولك أنته شبيك.. أجرب لوجلدك يحكك، ولك أنته ليش تتدخل بشغل الحكومه
السجين: عله كيفك عمي أبو إسماعـيل، شـو دخـلتهـه بغير درب .. هو مجرد سؤال .. وهسه عليمن هاي الطلابـه .. راح نـنـتـظـر ونـشـوف شـنو
السالفة.
أثناء كلام السجين يخرج الشرطي
بعد فترة قصيرة جداً يدخل شرطيان آخران أحدهم يقف بالقرب من باب الدخول والآخر يقف بالقرب من باب السجن .. بعدها يدخل الضابط .. الشرطيان يقفان بحالة الاستعداد ويؤديا التحية العسكرية يجلس الضابط خلف الميز ثم يخرج أحد الفايلات (فايل لونه أحمر) ويبدأ عملية التقليب به يدخل الشرطي الأول مؤدّيا التحية العسكرية ثم يخاطب الضابط
الشرطي : سيدي كمشنه المجرم، وهوه هسه بالممر واگف، يدخل لو ينتظر
الضابط : مجرم هذا يا مجرم خلوا يدخل بسرعة.
يخرج الشرطي وبعدها يدخل مع آخر وقد أمسكا الشخص المطلوب (هندامه نظيف وألوانه منسّقة حيث ينم عن أنه شخص ذو ذوق وثقافة كما يبدو عليه شيئاً من الصلابة والكبرياء) يقفون جميعهم أمام الضابط (قريباً من الميز) ينهض الضابط من كُرسيّه صارخاً بوجه الشرطيين:
الضابط : لكم أغبياء آني گلتلكم تجيبوا بهذي الصورة، لا يا أغبياء طلعوا بره برررررررره
يلتفت الضابط للشخص المطلوب محاولاً الاعتذار منه
الضابط : آني آسف عله هذا الوضع وأحنه نعتذر من شاعرنه .. تفضل أستريح ليش واگف.
يجلس الشاعر على الكرسي
يطلب الضابط من أحد الشرطة الموجودين بجلب قدح ماء للشاعر منادياً
الضابط : روح جيبلنه گلاص ماي بسرعة
ثم يحاول الضابط مداعباً الشاعر وذلك لتغيير الجو قائلاً :
الضابط : نعـرف أنـته شــاعـر وإلـك صـوت مـسـمـوع
وحقيقة أحنه نحب أن نجتمع بمثل هيچ طاقات
لأجل تسخيرها لمصلحة الوطن . ومادام أحنه
بحـضـرة شـاعـر گـاعـديـن سـمّـعـنـه فـد شي
ثم يطلق قهقهات خفيفة ها..ها..هـــــااااا
الشاعر ببرودة أعصاب يتحدث للضابط
الشاعر : الـعـفـو أگـدر أعـرف آنـي ليـش إهنـا وشـنو، الأسباب اللي جابتني لهذا المكان
يخرج الضابط من جيبه علبة سگائر ثم يقدم سگارة للشاعر قائلاً له
الضابط : أوّل مرّه أستريح وريّح أعصابك هاي جگاره، دخّن براحتك عليمـن أنتـه مستعجل، خاف أنته ما حاب تگعد ويانه
ثم يبدأ الضابط بأشعـال سيگارته .. يأخذ نفس عميق ثم يزفره إلى الأعلى ويضع علبة السگائر بالقرب من الشاعر
الشاعر : أشكرك آني ما أدخّن
صمت لفترة قصيرة ثم يقوم الضابط ويجلس وجهاً لوجه مع الشاعر ليتحدث بهدوء وكأنه يهمس في أذنه.
الضابط : الحقيقـة أحنه اليوم أستدعيناك، لأن عــدنه شغله ويّاك، وهـاي الشغـلة طبعـاً مـن صالحك، ولأن أحنه نعـرف بأن أخلاقـك وسمعتك طيبة بالمنـطـقـة، ولهـذا السـبـب أحنـه دزّينـه عليك، ولعلمك هاي الفرصة مـو إلمـن مـا چان تجي، وأكيد أي شاعر مثلك يتمناهه ويعـتبرهه حلم، حياته اللي يمكن يگضي عمره كله ومـيشوف هذا الحـلم، طـبعـاً أنـتـه أهواي محظوظ .. بعد هـاي المقـدّمـة أحـب أن أگـلـك أنـتـه مـرشّـح بالـدرجة الأولـى ومن كل الأطراف لأن تكون شاعر السلطة الأوّل، وطـبـعـاً مـادام راح أنته تصيـر شاعـر السلـطـة .. أحنـه بـدورنه راح أنوفّر لك كل متطلباتك من بيت وسيارة وراتب شـهـري يخـلّيـك تـعـيش مرتاح، وطبعاً طلباتك أوامر مـثـل ما يـگـولـون، بحـيـث راح تگضي حيـاتـك مـرتـاح "لـهـوٌ وأغـاني ورقصٌ بين الغواني" ها شاعرنه أعتقد البخت گعد وياّك، ولازم عـله هـذا الخـبـرالحـلـو إنحصّل بشارة منك.
يقف الشاعر وفي كل برود، يرد على الضابط مستنكراً ما يعرض عليه من كلام:
الشاعر : شنو مرشّح شنو بيت شنو سيّارة شنو راتب شهري، آني آسف شوفوا غيري لهاي المهمة، لأن آنـي مـا عـنـدي قـدرة لأن أكـون شـاعـر
السلـطـة، لأن شـاعـر السلطـة يجـب أن يمتلك أدوات التهـريج، وعنده قدرة على التهريج ..آنــي أعـتـذر مـرّة ثانـيـة لأن ما أگـدر أصـيـر مـهـرّج، وبـعـديـن مـنـو گـلـلـكـم الشاعر ملك للسلطة، خلي أگلك الشاعر ليس ملكاً للسلطة.
ينهض الضابط ثم يستدير كي يجلس خلف الميز ثم يبدأ الضابط بنظرات تنم عن التفحص والاستغراب مما سمع من كلام الشاعر، ثم يمسك بذلك الفايل الأحمر اللون قائلاً :
الضابط : أنته شاعر
ثم يؤشر بيده نحو الكرسي .. قائلاً
الضابط : أستريح
بكل هدوء وسكينة يجلس الشاعر
الضابط : أنته شاعر مو
الشاعر : "شتّانَ غَيري شاعرٌ يَنظمُ أبياتاً،
ولكنّي أنا .. أَنظمُ أوطانا
وعندَهُ قصيدةٌ يحملُها، لكنَّني قصيدةٌ تحملُ إنسانا
كُلٌّ مَعانيه على مقدار ما عانى
للشعراء ِ كُلّهمْ
شَيطانُ شعرٍ واحدٌ
وَلي بمفردي أنا .. عِشرونَ شَيْطانا"

والناس گالت مجنون
بعقلي أقنعت بس آنه
الضابط : أخـي أنـتـه شبـيـك هـاي فـرصة العـمـر، ليـش تخسـرهـه وبـعدين تتندّم، وليش تركب راسك، وبعـديـن تـره محّـد يخسـر غيرك، تحب أنطيك فرصـة تفـكّر، نطلع عـنّك من الغرفة حته تفكّر براحتك، تره آني أريد مصلحتك فكّر زين، تره أنـتـه الخاسـر الوحـيـد، أحنـه مــا عـدنـه شي نخسره فكّر .. فكّر زين.
الشاعر : مو گلتلك آني شاعر مو مهرّج
الضابط: شـنـو آنـي شاعـر مـو مهرّج، شنو أحنه عدنه سيـرك خـو مـا عـدنه سيرك، أگلك أنته مرشّح لأن تكون شاعر السلطة، تگلي آني مو مهرّج، شبيك انته متفتهم كلامي.
الشاعر : أخـي، گـلتلك الشاعر ليس ملكاً للسلطة، ثم آني ماعـنـدي القُـدرة عـلى أن أكون شاعر السلطة، شـوفـوا غـيـري آنـي مـا أفيدكم .. أگدر أطلع.
الضابط : يطـلق ضحـكـة عـاليـة .. تطـلع يابــه وين تطلع هو دخول الحمام مثل خروجه، أنته مغفّل لو تسوي روحك متفتهم
صمت لفترة قصيرة ثم يتحدث الضابط قائلاً :
الضابط : هـذا آخر ما عندك من كلام، لوعندك غير راي، تحـب نـتـرك هــذا الـكـلام الـلّي گـلـتـه ونـبدي بموضوعنه اللي جبناك من أجله.
الشاعر : صدّگـنـي مـا عـنـدي غـير هذا الكلام .. وحته لو بعـد مـيّة سـنة ما عـندي غير هذا الكلام، لا تعّب نفـسك ولا تدوخـني، لأن هذا كلامك بلاش إبلاش، وما راح يجيب أي نتيجة:
لـو كـنـتُ أمـدحُ أقـواماً ذوي رِتَـبٍ
ما بتُّ أشـكـو من الإقلال ِ والبؤس ِ
أخلصتُ للحـقِ فـنّاً فافـتـقرتُ فـهـل
أبكي على الحق ِ أم أبكي على نفسي
تتغير تقاسيم وجه الضابط ولهجته، ثم ينادي بكل عصبية أحد الشرطة الموجودين طالباً منه الجلوس، وفتح محضر التحقيق، يجلس الشرطي ويفتح أحد السجلاّت الموجود على الميز؛ ليكتب ما يدور من حديث بين الشاعر والضابط.
الضابط : أنته شاعر
يرد الشاعر بتثاقل واضح من خلال رده على الضابط
الشاعر : نعم ..آنـي شاعـر والشعـر عندي قضيّة ..آني شاعـر والحبـر دمـي بالكتابة .. آني شاعر مو مهـرّج آنـي شاعـر لآخـر نِفَس، آني شاعر مو
حاجـه تگـدرون تـشـتروهه بفلوسكم، ومثل ما گلتلك الشعر عندي قضيّة.
الضابط : خـوش .. خـوش أسـمــك الـكـامــل والـلـقــب
الشاعر : أسمي عراقي واللقب أرض الســـواد، وأرض السواد تعني كثير النخل ولهسه يتسمّه أرض السـواد .. لأن بـيـه الحـزن كـثـير .. ولأن بيـه
الحـزن لافـتات سود معلّگه عالحيطان .. ولأن بـيــه الحـزن الـثـوب الأســود الـتـلـبسه كـــل الأمـهـات .. ولأن بـيـه الحـزن دمـعـة أطـفالنه
الـيـتـامـه .. ولأن بـيه الحـزن ما يرضه ينتهي ويعوف الشعب .. ميعوف الشعب.
الضابط : شگد عمرك
ينهض الشاعر من الكرسي ويقف مقابل الجمهور ويرد بحماس
الشاعر : عمري تعذرني ما أعرف شكد لأن تفرهد، مثل أحـلامـنـه مـثـل أمـنـيـاتـنه، مثـل طفولتنه، مثل شبـابـنه مـثل گاعـنه، مثل حُـريتنه، مثل نفطنه، مـثـل خـيـراتـنـه .. مــثـل .. مــثــل .. مــثــل
عـمـري يـمـتد مـن كتل قايبل هابيل، ومـن لمّوا حـطب لـبـراهيـم، ومـن شالو راس النبي يحيى لـدعـي بـنـي إسـرائـيـل، مـن كـربلـه مـن ثورة
العـشـريــن، عمري يمتد من عمق الحضارات، من بابل مـن آشـور من أور من الوركاء وبعد يمتد .. ويمتد وما ينتهي
"باق ٍ- وأعمارُ الطُّغاة ِ قِصارُ من سفر ِ مجدكَ عاطرٌ مَوّارُ
ثم يعود الشاعر ليجلس على كرسيه
الضابط : وين تسكن وأقرب نقطة دالة
الشاعر : ويـن أسكـن أسكـن بصـوت الشـعـب، أسكن بالضماير ولو ردت تسمع صده صوتـي تلگاه يصـدح فـوگ الـمـنـابــر، أسـكـن بالـشــوارع والمدامع، أسكـن بكـل گرصة خبز اليحلم بيهه جايـع أسـكـن بـورقـه بـيـضـة مـطـبّگه بجيب الشباب، أسكن بكل دم نـقي يحاول يثور، أسكن بأحلام البـنـات، أسكن بضحكات الأطفال، أسكن بهـم الشـيـوخ وحـزن الأمـهـات، أسكــن أبّيت شِعري وأقــرب نقـطة دالـة من تسمع بالشعر تـقـره الشـفـايف .. ومـن تسمع صوت ثوري، يگول ما يخايـف مـن تسـمع فشگنه بظهر كل حايف، هذا عنواني وأهلي معروفين.
"هلي .. يا هلي يعيـون النجم يوساع
هلي وسفه لون دمكم يروح اضياع
سن الضبع يضحك من تنوح اسباع
هلي .. يا هلي
الضابط : أويامن تلتقي
الشاعر : الصبح ألتقي بنور الفجر وأغزل الحب قصايد، ألتـقـي ويـه أطـفال المدارس وأكتب بقرطاسي دار دور، ويظـل الـوطـن بـيـتـنه المستور، ألتقي ويه كـل وردة، وما يهمني لونهه ونوع الهرش، ونطش عله الوادم عطرنه، وألتقي ويه البلابل، ونردد بصوت واحد أغاني الحرية
"لابُدَّ أن نثورْ ..
يا صحبتي في دربنا ونقتفي المسير
لابُدَّ أن نثورْ ..
ونلـتـقي مـع العِـدا لـقـاءنا الأخـيـر
ونحضُرُ الجموعْ .. ليـومـهـا الكبيرْ
وتـهتـف الـقلوبْ .. ويأزفُ المصير
لابُدَّ أن نثورْ"
وبالليل ألتقي ويه الگمـر نـرسم أحلام الحبايب، وأصحّي كـل نجـمـة نايـمه لأن بوجود النجوم، يحله السهـر ألتـقي ويه السكاره وأشرب كاس جرحـي، وأطگ كاس بكاس وبصـحّتـك يا جرح، ألتقي عـين بعـين وي دجلة بگرمة علي، وأگلّه يا نهر .. وك يا نهر
"حزامك مفاتيح السوالف
وأنته تدري ..
ضيّعينه الباب والمفاتيح
وشراعك شليل الليل
يحجي للسمچ
سالوفة القدّاح
سولِف يا حبيّب
لا يجينه فراگ
ويحچي وياك ويبوگك
أمس باگوك ..
ونشدوني عله أوصافك
حرت ..
راويتهم گلبي وگلت يرهم عليه مفتاح"
الضابط : أنته مُتهم بأنّك تلتقي ويه أشخاص مشبوهين، وأنّك عـمـيل إلهـم، ومـع هاي التهمه أكو تهمه ثانـيه، أنّـك أنـتـه تـسـب السلـطـة عـلنـاً، ولـهذا السـبـب راح تـتوقّـّف، ونحيـل أوراقـك للقاضي، حته يصدر حكمه بحقّـك وبحق كـل مـن يحاول أن يتجـاوز عله السلطه، مثلك ومن أمثالك اللي دائماً ينكرون فضل السلطه عليهم.
الضابط يشعل سيگاره وينفث دخانها بوجه الشاعر، ليعبّر عن تشفيه بالشاعر بعدها يُحدّث الشاعر قائلاً.
الضابط : عـنـدك أقوال أُخرى، تحب أن تضيف شي حته لتگـول مـا أنـطـونـي فـرصه، ومـا گـلـت الـلّي بداخلي، وحته نثبتلك أحنه أصحاب حرية.
ينهض الشاعر من كُرسيّه، ويقف أمام الجمهور، ويتم إطفاء الإنارة، ويُركّز الضوء على الشاعر، ليطلق كلماته قائلاً :
الشاعر : دوّن كـل كـلمـة راح أگـولهه حضرت الضابط؛ لأن هذا الكلام للتاريخ مو إلك .. الحق ينتصر ولو بعـد حيـن، وحبل الباطل لا يقوى على ربط الشـفـاه الحرّة، ثم لتفرح أو يصيبك غرور بأنّك إنـتـصـرت، لا آنـي أگلك غلطان أنته، لأن النصر ميجي مـن أوّل معـركة، ربـما أنته ربحت هاي الجوله، لكن مو معناهه النصر النهائي، منو رايح
يعرف الجاي شنو، الأجيال القادمة راح تفضح كل جرائمكم، وياويلكم من التاريخ وحسابه، لأن التاريخ ما راح يرحمكم، ولا راح يجاملكم على
حساب دماء الضحايه، وخلّي إبّالك في معركة الحـق دائـمـاً، مـثل مـا نعـرف الـدم ينتصر عله السيـف، والجـسـد يـنـتـصـر عـلـى الـرصـاصة، والضحية تنتصر على جلاّدها، ولو بعد حين.. الحق ينتصر .. الحق ينتصر
"العطش ذاك العطش محّد
شتل عالمشرعـه إجدامه
الجرح ذاك الجرح بالهـيم
يرشـف رجـفـة إعـظـامـه
الشمـر ذاك الشمـر لسـاع
يحـد إســـيـوفـه بالهـامـه
مع نهاية البيت الشعري الأخير ينطفئ الضوء وتنزل الستارة.

الفصل الثاني
يدخل شخص لينصب خشبة (عمود)، لتكون مكان إعدام الشاعر، تُوضَع في إحدى زوايا المسرح .. ينطلق صوت من خلف الستارة مردداً :
الصوت : قــرّرت الـمـحـكـمـة حـضورياً بإعدام الشاعر رمـياً بالـرصـاص، وذلـك لاعـتـرافه علناً بسب السلـطـة والتـهجّم عليها في كل المحافل التي يـتـواجـد فـيـهــا، كـمـا ثـبتـت عمالته وانتماؤه لأشـخـاص مـشـبـوهـيـن يعملون ضد السلطة والوطـن والشـعـب، كما قررت المحكمة غيابياً إعدام الأشخاص المشبوهين رمياً بالرصاص وهم كلٌ من:
1- نور الفجر. 2- أطفال المدارس. 3- جميع الورد وبكافة ألوانه وأشكاله. 4- البلابل. 5- القمر. 6- النجوم. 7- نهر دجلة. 8- نهر الفرات لأنه شقيق المتهم نهر دجلة.
كمـا قـرّرت المحكمة بإعدام كُلُ من يساعد أو يحاول أخـفـاء معـلـومـات عـن المتهـمين، كما وقررت بمنع ومصادرة كُلٌّ من: 1- قصائد الحب. 2- جميع الكتب والدفاتر والأقلام. 3- جميع أنواع العطور. 4- أغاني الحرية. 5- الأحلام. 6- كتابة الشعر وقراءته.
كمـا قـرّرت المحكـمـة بإعدام كُلُ من يتداول ما مُنع من الفقرة (1-2-3-4-5-6).
فترة قصيرة جداً من الصمت، ثم ينطلق صوت الشاعر من خلف الستارة مردداً :
الشاعر :
"دولـةٌ يُـؤجـرُ فـيهـا كـــلُّ أفّـاكٍ عـنـيد
أجره لا عـن جهودٍ بل لتعطيل الجهود
لـم يُـقـابـلْ نـعـمـةَ الأمـة إلاّ بالجـحـود
وإذا النـعـمـةُ تُـغـلـي فــــــــي حـشــاه:
أين حقّي "

"أنزف صبر يا وطن ..بيّه إلك ميّة جرح
كلما يهـيـد الألم .. بجروحي أذرّ الملح
أفديك يا وطني .. لو مية مره أنذبح
واشرب نخب هيبتك ..من المسه للصبح
مثلك محب ما إلي .. ومثلك جرح ما يصح
يا رمح بضمايري لاخطه ولا صابني
گلبي على وطني"
يدخل شخصان وقد أمسكا بالشاعر، وهو مقيّد، يوقفان الشاعر على الخشبة، ثم يربطانه حولها، وينصرفان، يردد الشاعر قائلاً :
الشاعر :
أتَـعْـلَـمُ .. أمْ أنـتَ لا تَـعْـلَـمُ بـأنَّ جِــراحَ الـضـحـايـا فـمُ
فَـمٌ لـيـس كـالمُـدّعـي قـولَة ولـيـــس كـآخَـرَ يَـسـتـرحِـمُ
يصيحُ على المُدْقِعينَ الجيـاع أريـقـوا دمـاءكُـمُ تُـطـعِـمـوا
ويـهْـتِـفُ بالـنّـَفَـرِ المُهطِعـــين أهـيـنـوا لِـئـامـكـمُ تُـكْـرمَــوا
بعدها تدخل مجموعة من الناس لمشاهدة إعدام الشاعر تقف في جانب يقابل الشاعر يتصاعد همس بين مؤيدٍ لإعدام الشاعر وبين معارض
أحدهم : خلي يعدموا ونخلص منو گلّه يتدخل بالسياسة، هذا جزاء كلمن ميحمد نعمته.
آخـــر : ليـش يـعـدمـوا هـو شسوّه؛ لأنهُ رفض أن يكون بـبّغـاء .. وإذا كـل إنسـان عنده مبادئ وعنده أصـول يعـدمـوا، يعـني ما راح يـبقه بـهـالـوطن إنسان، يا جماعه يصير وطن ما بي إنسان
صمت، وبعدها تدخل مجموعة تتكون من خمسة أشخاص مسلّحة تقف أمام الشاعر يتحرك أحدهم ويتجه نحو الشاعر كي يعصب عينيه ثم يرجع إلى مكانه .. اثنان من المسلّحين يقفان على ركبتيهما، ثم يوجهان سلاحهم نحو الشاعر منتظرين إيعازاً لإطلاق النار، يرفع كبير المسلحين يده مشيراً نحو الشاعر إيعازاً منه بإطلاق النار، ثم يطلقان الرصاص واحدة تلو الأُخرى. (موسيقى تشبه أصوات الرصاص) ومع كل أطلاقة تنطفئ الأنوار التي تضيء المسرح، وتسلّط إنارة حـمراء على الشاعر، تصاحب الإنارة الحمراء موسيقى حماسية متصاعدة، كأنها منبعثة من روح الشاعر متحدية ظلم الطُغاة، بعدها تُلقى هذه الكلمات:
"حلوه ... هامات الأُباة
تعله ...
كل ما يعله صوت
الموت
بالعزّه حياة
والحياة بذله موت"
ستارة انتهت

اعضاء معجبون بهذا

حين يسقط القناع: قراءة نفسية في تغيّر الصديق الطيّب
بقلم الكاتب : حنين ضياء عبدالوهاب الربيعي
كان يبدو صديقًا حقيقيًا، قريبًا للروح، تتحدث إليه فيفهمك دون أن تشرح كثيرًا. عاش بينك زمنًا من المودّة والصدق الظاهري، حتى ظننت أن صداقتكما من النوع الذي لا يتبدّل. لكنك كنتَ مخدوعًا أو بالأحرى كنت ترى الوجه الذي أراد أن يُريك إياه. فجأة تغيّر. صار يتصرف بسوء، يتحدث عنك في غيابك، يذكرك بأقبح الكلام،... المزيد
المزيد من المقالات الإجتماعية

المزيد من المقالات الثقافية

كان اسمها (زينب)  ويقال إن للإنسان نصيبا من اسمه،وهي كذلك،ترتدي الخُلق وتنطق... المزيد
ونحنُ في المشتاةِ ندعو الجَفَلَىٰ لا تُرى الآدِبَ فينا يُنتَقَرُ طرفة بن العبد... المزيد
مازلتُ غريقا في جيبِ الذكرياتِ المُرّةِ، أحاولُ أن أخمدها قليلا ؛لكنّ رأسها... المزيد
رُوَّادُ الولاء : شعراء أضاءوا بالحقِّ فطُمِسَ نورُهم لطالما تهادت على بساط... المزيد
في قريةٍ صغيرةٍ محاطةٍ بجبالٍ شاهقة، عاش رجلٌ يدعى هشام، معروفٌ بحكمته وطيب قلبه،... المزيد
في فضاءات القصيدة العراقية، ينهض فالح حسون الدراجي كصرحٍ شعريٍّ نادر، يُجسّد... المزيد
في زاوية السوق، جلس رجل أشيب، يضم كفيه الفارغتين إلى صدره كمن يحمي كنزًا لا يُرى. كان اسمه...
حين نتحدث عن الأجناس الأدبية التي تتصدر المشهد الثقافي العربي عامة، والعراقي خاصة، نُشَخِّص...
في رحاب الكاظمية المقدسة، وُلد جابر بن جليل كرم البديري الكاظمي عام 1956، ليكون نجمًا متألقًا...
كان يتذمر،والشكوی تضحك في فمه كيف يعلِّمني صبيٌّ علی كلٍّتلميذٌ صغير  وسأعيد تربيته أنا...


منذ 4 ايام
2025/11/16
احلفكم بالله ايها المحللون والاعلاميون اتركوا المنتخب العراقي وشأنه ولا تضعوا...
منذ 4 ايام
2025/11/16
سلسلة مفاهيم في الفيزياء الجزء السادس والسبعون: كون داخل الكون: العوالم المتعددة...
منذ 4 ايام
2025/11/16
منذ سنوات برزت ظاهرة من قبل بعض جماهير الاندية الكبيرة ضد نادي الزوراء وانتشرت...
رشفات
( مَن صبر أُعطي التأييد من الله )