Logo

بمختلف الألوان
في وطنٍ تئنُّ روحه من ثِقل الأيام، وتتوقُّ أجياله إلى فجرٍ يمحو ظلام اليأس، انبعث نورٌ من قلب مدينة مقدسة، نورٌ يملأ الوطن ضياءً، وأيدٍ أمينة تعانق آماله واحلامه. سطع نور العتبة العباسية المقدسة، التي لطالما كانت مَوئِلاً للعلم والمعرفة، لتتجاوز دورها الديني وتصبح حاضنة حقيقية للطاقات الشابة،... المزيد
أخر المواضيع


مرحبا بكَ زائرنا العزيز
نتمنى أن تكون في تمام الصحة والعافية

تحذير! هل انت متأكد من حذف هذا المقال مع الردود عليه ؟
الطفل في رحاب القرآن الكريم وأهل البيت عليهم السلام

منذ 3 سنوات
في 2023/02/06م
عدد المشاهدات :4476
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله على محمد وآله الطيبين الطاهرين، وبعد؛
الطفولة هي الحجر الأساس في بناء كل المجتمعات، والطفل هو الثروة الحقيقية لأية أمة، كما أن مرحلة الطفولة من أهم وأخطر مراحل التكوين ونمو الشخصية، وبخاصة في السنوات الخمس الأولى، وقد عني القرآن الكريم بالطفل والطفولة أيما عناية فقد اقسم الله سبحانه وتعالى بالولد في سورة البلد، قال تعالى: {وَوَالِدࣲ وَمَا وَلَدَ}1. وذُكر في سورة النور2، ثم إن سورة النور من أبرز سور القرآن الكريم التي تناولت القيم التربوية التي يتوجب على الطفل التخلق بها، واتسم حديث السورة عن الطفل بعدم تخصيصه بحديث منفرد، وإنما هو جزء من المجتمع، ومن هنا تناولته السورة بوصفه جزءًا من الأمة، وجاء الخطاب للطفل من خلال والديه، لإنّ وظيفة الوالدين تأديب أولادهم وتربيتهم على الأخلاق الكريمة والآداب الحسنة، وتمرينهم وتعويدهم على العادات الكريمة والافعال الحسنة، والحفاظ عليهم وحمايتهم من كلّ عمل يضرّ بأنفسهم وبغيرهم. وعلى وليّ الأطفال تكميل نفوسهم وسوقهم إلى ما فيه صلاحهم وسدادهم. كما جاء حديث القرآن الكريم عن الطفل في سورة النور خاليًا من الأحكام المتعلقة بالعقيدة، أو أحكام العبادات إذ هو طفل لم يبلغ الحُلم حتى يجري عليه القلم، وإنما عنيت السورة بما يهذب خلقه، من خلال مجموعة التصرفات المتعلقة بالطفل تارة وبمن يعيش معه تارة أخرى، وعلى هذا بالمسؤولية مشتركة بين الطرفين، وإن كان العاتق الأكبر يقع على الكبير قبل الصغير.
وذُكر في سورة الحج، قال تعالى {ثُمَّ نُخْرِجُكُمْ طِفْلا}3، وفي سورة غافر4، قال تعالى {هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ ثُمَّ مِنْ عَلَقَةٍ ثُمَّ يُخْرِجُكُمْ طِفْلاً ثُمَّ لِتَبْلُغُوا أَشُدَّكُمْ}، واعتبرهم {زِينَةُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا} في سورة الكهف5، وهم {قُرَّةَ أَعْيُنٍ}، في سورتي الفرقان والقصص6.
وفي السيرة النبي الأعظم صلى الله عليه واله، وأهل البيت عليهم السلام، نجدهم قد أولوا هذه الفئة العمرية رعايةً خاصةً، بما يُظهر أهمية الطفل في الحياة، وقيمته في الوجود، وكيفية التعامل مع هذه المرحلة من العمر الإنساني.
ونظراً لعمق هذا الموضوع سنُسلّط الضوء على أهمّية الطفل والمصلحة من وجوده في حياة الأسرة والمجتمع في ضوء آيات القرآن الكريم وأحاديث اهل البيت عليهم السلام.
معنى الطفل لغة واصطلاحا.
يلحظ على معنى الطفل في اللغة الصغر والمولودِيّة، وهي حالة ظاهرة من الضعف تستدعي العناية والرعاية، قال في لسان العرب: (الطفل والطفلة: الصغيران، والطفل: الصغير من كل شيء، والجمع: أطفال لا تُكسر على غيره، والطفل: المولود، وولد كل وحشية أيضاً طفل، ويكون الطفل واحداً وجمعاً مثل الجنب7، والطفل كما يظهر في القرآن الكريم هو: من سن الولادة حتى البلوغ، وهذا ما صرّحت به الآية: ((وَإِذَا بَلَغَ الْأَطْفَالُ مِنكُمُ الْحُلُمَ فَلْيَسْتَأْذِنُوا كَمَا اسْتَأْذَنَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ ))8 ، وهذا ما أخذت به هيئة الأمم المتحدة، حيث عرفت الطفل بأنه: (إنسان لم يتجاوز الثامنة عشرة، ما لم يبلغ سن الرشد قبل ذلك، بموجب القانون المنطبق عليه)9، وقد اختلف علماء الاجتماع في تعريفهم لمفهوم الطّفل وتحديد ماهيته، وبرز في ذلك اتّجاهات عديدة منها10: الاتّجاه الأول: يطلَق مفهوم الطفل على الإنسان منذ لحظات ولادته الأولى حتى يبلغ رشده، ويحدّد سن الرشد نظام لدّولة والمجتمع والقانون فكل بلدٍ بشكل مستقل.
الاتجاه الثاني: يحدّد مفهوم الطّفل بالإنسانِ الوليدِ ضمن المرحلة العمرية الاولى حتَّى بلوغ الثاني عشر عاماً من عمره بغض النّظر عن بلوغه وعن التّشريعات المتّبعة في بلاده والقوانين والأنظمة والاتّفاقيات.
الاتّجاه الثّالث: يصف الطّفل بأنّه الوليد منذ لحظة ولادته حتّى بلوغه، على أن يفرق بين الرشد والبلوغ.
المبحث الاول الطفل منة من الله عزوجل.
المطلب الأول بيان كون الطفولة نعمةً تستحق الشكر:
عرض القرآن الكريم للطفولة من حيث كونها نعمةً وهبةً ربانيةً تحث المنعم عليه بها لأن يحمد الله تعالى ويشكره؛ لكونها فضلاً كبيراً، قال تعالى: {الْحَمْدُ لِلّهِ الَّذِي وَهَبَ لِي عَلَى الْكِبَرِ إِسْمَاعِيلَ وإسحاق إِنَّ رَبِّي لَسَمِيعُ الدُّعَاء}11، فالنبي إبراهيم عليه السلام أورد هذا الدعاء لما رأى من عظيم نعمة الله عليه إذ وهب له ولدين صالحين مثلهما بعد ما انقطع عنه الأسباب العادية المؤدية إلى ظهور النسل وانه انما وهبهما له باستجابة دعائه للولد فحمد الله على ما وهبهما وأثنى عليه على استجابة دعائه في ذلك وكان ذلك من رحمة الله تعالى عليه، وكذلك في قصة زكريا عليه السلام، قال الله تعالى { هُنَالِكَ دَعَا زَكَرِيَّا رَبَّهُ قَالَ رَبِّ هَبْ لِي مِن لَّدُنكَ ذُرِّيَّةً طَيِّبَةً إِنَّكَ سَمِيعُ الدُّعَاءِ }12، ويدل دعاء زكريا عليه السلام على رجحان طلب الأولاد ، وهو سنة الأنبياء والصالحين والصديقين، ودلت عليه آيات أخرى كقوله تعالى حكاية عن إبراهيم عليه السلام: {رَبِّ هَبْ لِي مِنَ الصَّالِحِينَ}13، وفي قوله تعالى:{وَاذْكُرْ رَبَّكَ كَثِيرًا وَسَبِّحْ بِالْعَشِيِّ وَالإِبْكَارِ}14،قرن بين البشارة بالولد والإكثار من الذكر والشكر لله تعالى، لأن الولد من كبرى النعم على الوالد. ويتضح من هذا الاقتران أن الذكر والشكر فيهما طلب منةٍ أخرى، وهي رغبة أخرى في أن يبارك في الطفل، فكما أن نعمة الوجود للطفل قد تحققت، فإن نعمة البركة في وجوده مرجوة كذلك، ونرى ذلك جلياً في دعاء الإمام زين العابدين عليه السلام، قال عليه السلام15: (أللَّهُمَّ وَمُنَّ عَلَيَّ بِبَقَاءِ وُلْدِي)، أي منَّ عليَّ بطول عمرهم ، لأنهم امتداد لوجوديَّ ، وبقاء ذكريَّ في هذه الدنيا، (وَبِإصْلاَحِهِمْ لِي): ضمن دُعاءِهِ عليه السلام قوله تعالى {وَأَصْلِحْ لِي فِي ذُرِّيَّتِي}16، أي أجعلهم من أهل الأيمان، والصلاح كي يطيعوك شاكرين، ويسمعوا مني غير عاصين، و(أمْدُدْ لِي فِي أَعْمَارِهِمْ، وَزِدْ لِي فِي آجَالِهِمْ)المراد بالمدَّ في الأعمار البركة فيها بالتوفيق للطاعات، الى ان قال عليه السلام، (وَرَبِّ لِي صَغِيرَهُمْ): أيَّ أوصلهم الى كمالهم تدريجياً أصحاء أقوياء، أبراراً أتقياء.
المطلب الثاني: الإعلاء من شأن الطفولة.
قد تميزت رسالة الحقوق بتقرير حقوقاً للطفل لم تصل اليها المجتمعات المعاصرة، وان ما جاءت به الاتفاقية الدولية لحقوق الطفل لا يخرج في كلياته ولا جزئياته عما قرره الأمام زين العابدين للطفولة من حقوق مع امتياز ما قرره أن الطفل أمانة عند الوالدين وذوي القربى وكل المجتمع فضلا عن رعايته منظومة القيم الدينية والاخلاقية كلها.
والحق في اللغة: هو الثابت الذي لا يسوغ إنكاره، وهناك خلاف كبير حول المقصود على وجه التحديد بما يعنى بمصطلح الحقوق، وتشير كلمة الحق في معناها العام إلى جملة من المعايير التي تهدف إلى تنظيم العلاقات البشرية.
وقد كفل الإسلام حقوق الطفل قبل تكوينه وولادته، بل قبل زواج والديه، وذلك بحسن اختيار كل واحد منهما للآخر، فعلى الرجل أن يختار المرأة التي يريد أن يقترن بها كزوجة والتي ستكون أمّاً لأبنائه، وكذلك على المرأة أن تختار الرجل الذي ستقترن به كزوج، والذي سيكون أباً لأبنائها، لان الأبناء سيرثون من صفاتهما، يقول الشاعر17:
وأخلاق الوليد تقاس حسناً بأخـلاق النســـاء الوالـدات
وليـس ربيب عاليـــــة المزايـا كمثل ربيب سافلة الصفات
وكما وبين الأسلوب الأمثل في تربيته ونشأته، قال الإمام الصادق عليه السلام :(أكرموا أولادكم، وأحسنوا آدابهم يُغفرْ لكم)18، وأوجب له حقوقاً لخَّصها الإمام زين العابدين (عليه السلام) بكلمات معدودة مليئة بالمضامين التربوية العميقة، التي تمثل أسس وقواعد العلاقة بين الإباء والابناء، وبين ولي أمر الصغير، في إطار التوازن والتوجيه السليم، وإعطاء الفرص للنمو الطبيعي والهادف، واستثمار إمكانات وطاقات الصغار.
قال عليه السلام في العلاقة بين الاب وولده :(وأمّا حقّ ولدك فأن تعلم انّه منك ومضاف إليك في عاجل الدنيا بخيره وشره، وإنّك مسؤول عما وليته من حسن الأدب والدلالة على ربه عزّ وجلّ، والمعونة على طاعته، فاعمل في أمره عمل من يعلم أنّه مثاب على الإحسان إليه معاقب على الإساءة إليه)19.
وقال عليه السلام في العلاقة بين ولي أمر الصغير :(وأمَّا حق الصغير، فرحمته، وتثقيفه وتعليمه، والعفو عنه، والستر عليه، والرفق به، والمعونة له، والستر على جرائر حداثته فإنه سبب للتوبة، والمداراة له، وترك مماحكته فإنَّ ذلك أدنى لرشده)20.
وانما فرق عليه السلام بينهما لان الثاني - وهو الصغير- قد يكون فاقداً لوالديه فيكون الخطاب للولي عليه من الأقارب أو عدول المؤمنين، ولذلك أبتدأ عليه السلام كلامه في حق الصغير بقوله (فرحمته) مشعراً وليه أو من يتولى رعايته الى أن لغة الرحمة والعطف يحتاجها الطفل اليتيم لينمو نموًا سليمًا، وهذا الخطاب وان كان شاملا لمن كان في رعاية الابويين أو أحدهما، الا انه شذ من لم يكن رحيماً بولده.
حق الأمان والابتعاد عن التعنيف.
قال علي بن الحسين عليهما السلام:(وأمَّا حق الصغير، فرحمته)، تمثل الطفولة مرحلة ضعف بالنسبة للإنسان يحتاج فيها وبشكل دائم إلى رعاية وعناية في كافة شؤونه سواء البدنية أو النفسية أو الاجتماعية، قال تعالى{خَلَقَكُم مِّن ضَعْفٍ ثُمَّ جَعَلَ مِن بَعْدِ ضَعْفٍ قُوَّةً}، فلغة الرحمة والعطف يحتاجها الطفل لينمو نموًا سليمًا، لذلك لابد من توفير بيئة يسودها الأمن والأمان ليشعر الطفل بالرحمة والاستقرار النفسي، والابتعاد عن كل أساليب العنف حتى لو كانت باستخدام النظرة الغاضبة، وقد روي عن أمير المؤمنين عليه السلام (لا أدب مع غضب)21، وعن الإمام جعفر الصادق عليه السلام: (من كان رفيقاً في أمره نال ما يريد من الناس)22.
وقد أوضحت دراسة أعدّتها "مؤسسة ديموس البريطانيّة للأبحاث"23، أنّ الموازنة بين مشاعر الحبّ والحنان والانضباط والحزم تنمّي في الطفل العديد من مهارات التواصل الاجتماعيّ مقارنة مع التربية الحازمة فقط أو تلك التي تتركه ينمو ويكبر دون انضباط.
وقالت الدراسة إنّ الأطفال حتّى حدود الخامسة من العمر الذين يتربّون في بيئة عائليّة محبّة ومنضبطة، أو ما يعرف بـ"الحبّ الحازم"، ينمّون قدرات وصفات شخصية أفضل من أقرانهم ممّن تربوا في بيئات مختلفة نسبيّاً، وقال مؤلّف الدراسة: "إنّ المهم هنا هو تطوير الثقة والحبّ والحنان المقرون بالضبط والحزم والصرامة".
وفي هذا السياق، ليعلم المربّي أنّ تشجيع الطفل على الأفعال الشاقّة والتي فيها مشاكسة وشراسة تكسبه قوّة البدن وشجاعة القلب، وتنمّي عقله وتزيد فيه. وهذا ما أشارت إليه الروايات بشكل واضح حين أكّدت على استحباب تمرين الصبي في صغره.
فعن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال:(عرامة الصبيّ في صغره زيادة في عقله في كبره)24، وعن العبد الصالح (الإمام الكاظم) عليه السلام، قال:(يُستحبّ عَرَامة الغلام في صغره؛ ليكون حليماً في كبره)25.
والعرامة في اللّغة بمعنى: الشدّة والحدّة والقوّة والشراسة، فيكون المعنى أنّه يستحبّ تشجيع الطفل وتعويده على القيام بالأمور الشاقّة والألعاب المليئة بالنشاط والحركة والشدّة، وهذا الأمر يختلف عن استخدام القسوة مع الطفل.
وبهذا يتبيّن أنّ الأصل المطلوب في بناء شخصيّة الطفل هو التربية بالحبّ والرحمة والرفق مقابل القسوة، وأنّ الرحمة والرفق لا يتنافيان مع الحزم من جهة ومع تدريب الطفل على الأمور الشاقة والمهام الصعبة من جهة ثانية، وأنّ هناك فرقاً بين الحزم والقسوة، فالحزم مطلوب والقسوة مرفوضة.
حق التعليم
قال عليه السلام: (وتثقيفه وتعليمه)، إن التعليم حق من حقوق الطفل، ويشمل حقّ التّعليم تأهيلَ الأطفال، ومساعدتَهم على تنمية شخصيّاتهم وهواياتهم، إلى جانب قدراتهم الجسديّة والعقليّة، ممّا يساعد على صقل شخصيّة الطّفل، قال أمير المؤمنين لولده الحسن عليهما السلام: (إنّما قلب الحدث كالأرض الخالية، ما أُلقي فيها من شيء قبلته، فبادرتُك بالأدب قبل أن يقسو قلبك ويشتغل لبُّك)26.
إذاً، من أهمّ عناصر صلاح الأطفال، مبادرة الأهل إلى مسؤوليّاتهم التربويّة، بالاهتمام بشؤون أطفالهم ورعايتهم وتهذيب أخلاقهم، وعدم التخلّي عنهم وإهمالهم، فإنّ للأطفال حقّاً على الآباء في التربية. عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (إنّ لولدك عليك حقّاً)27.
والعفو عنه، والستر عليه، والرفق به، والمعونة له، والستر على جرائر حداثته فإنه سبب للتوبة:: فطفلك ليس معصومًا عن الخطأ، فلا تقابل الخطأ بعقاب صارم بل عليك أن تعفو عفوًا تربويًا، فلا تكن قاسيًا، ففي ذلك عواقب وخيمة قد تصل إلى مرحلة الكراهية بين الطفل ووالده. فكن رفيقًا متسامحًا بطفلك، قال رسول الله صلى الله عليه وآله: (رحم الله من أعان ولده على بره وهو أن يعفو عن سيئته ويدعو له فيما بينه وبين الله)28.
وأيضا لا تنشر هذه الأخطاء والسلبيات بين أفراد العائلة والأصدقاء، وتجنب أن تكون مؤرخ لولدك، نعم اترك السلوك السيء للتاريخ ولا تسترجعه باستمرار، فإذا ارتكب ابنك خطأ لا تذكره به دائما، قد يؤدي ذلك إلى نفوره وانزعاجه منك أو من البقاء في البيت ويزيد من احتمال السلوك السيء، ما حصل قد حصل وانتهى، وينبغي تعليمه ان يخطط ويعمل لمستقبل أفضل، وتذكير ابنك بالأخطاء التي ارتكبها يجب ان يكون من باب اخذ العبرة منها كي لا تكرر مرة أخرى، لا إلى جعلها نصب عينيه كأمثلة على عدم الوقوع في مثل تلك الأخطاء من دون بيان ما الذي كان عليه فعله وما الجدير به تعلمه من أخطاءهم.
المداراة: يتعامل الطفل مع الأشياء وفق رؤيته ورغبته، يبدأ بطرح الأسئلة على الأهل ابتداء من عمر 3 سنوات، مع بداية مرحلة استكشاف العالم من حوله، وكيف تعمل الأشياء، وسواها من الأسئلة التي لا تنتهي، ثم تبدأ مرحلة الطفولة المتأخرة، بين 6 و11 سنة، وفيها تبدأ مرحلة مختلفة يحتاج فيها الطفل إلى الالتحاق بعالم الكبار، من خلال محاولات الاستقلال بذاته ونقاشه مع الأهل فيما يرغب ويريد أن يسير وفقا لرؤيته الخاصة. فمن المهم فهم طبيعة هذه المرحلة، والعمل على احتوائه ومراعاته والتكلم معه بلطف، واستخدام الأدلة والبراهين التي تثبت له وجهة النظر الصحيحة، وتجنب الوقوع في أكبر الأخطاء التي يرتكبها الكثير من الأهل، في هذه المرحلة الا وهي فرض السيطرة بالصوت العالي والضرب وأحياناً الضرب المبرح، وهو أسوأ أسلوب للتعامل مع الطفل، بل ويسبب فجوة كبيرة بين الأهل والطفل، ولذا يجب التعامل معه وتفهّم طبيعة مرحلته العمرية. ومسايرته ومداراته كما روي عن الإمام علي عليه السلام:(المداراة أحمدُ الخلال)29، و(ثمرة العقل مداراة الناس)30.
ترك مماحكته: أي المخاصمة والمجادلة بلا وجه في الأمور التافهة والبسيطة، ولكن عندما يتحول سلوك الطفل إلى سلوك المجادل العنيد فعلينا أن نتعامل معه بطريقة أخرى وتعليمه الفرق بين السلوكيات الصحيحة والخاطئة.
حرره الاحقر السيد عبدالله مرتضى محمد تقي الحسيني ليلة 13 من رجب الاصب 1444ه.
المصادر
1- سورة البلد الآية 9.
2- تعرضت سورة النور للحديث عن القيم الأخلاقية للطفل في موضعين؛ جاء الأولُ عقب الآيات التي تناولت النهيَ عن دخولِ بيوتِ الغير من دون استئناس أهلها والسلامِ عليهم، ثم النهي عن الدخول مالم يكن فيها أحدٌ، الموضع الثاني من السورة الكريمة فقد تجلي في الآيتين 58، و59، وهما قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لِيَسْتَأْذِنْكُمُ الَّذِينَ مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ وَالَّذِينَ لَمْ يَبْلُغُوا الْحُلُمَ مِنْكُمْ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ مِنْ قَبْلِ صَلَاةِ الْفَجْرِ وَحِينَ تَضَعُونَ ثِيَابَكُمْ مِنَ الظَّهِيرَةِ وَمِنْ بَعْدِ صَلَاةِ الْعِشَاءِ ثَلَاثُ عَوْرَاتٍ لَكُمْ لَيْسَ عَلَيْكُمْ وَلَا عَلَيْهِمْ جُنَاحٌ بَعْدَهُنَّ طَوَّافُونَ عَلَيْكُمْ بَعْضُكُمْ عَلَى بَعْضٍ كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمُ الْآَيَاتِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ}، {وَإِذَا بَلَغَ الْأَطْفَالُ مِنْكُمُ الْحُلُمَ فَلْيَسْتَأْذِنُوا كَمَا اسْتَأْذَنَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آَيَاتِهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ }.
3- سورة الحج الآية 5.
4- سورة غافر الآية 67.
5- سورة الكهف الآية 46.
6- الآية 74من سورة الفرقان، و9من سورة القصص.
7- لسان العرب لابن منظور: ج11ص600، وأنظر القاموس المحيط للفيروز آبادي: ج4ص6-7.
8- سورة النور، الآية 59.
9- قد وافقت الجمعية العامة للأمم المتحدة على إدراج اتفاقية حقوق الطفل من ضمن القانون الدولي في 20 تشرين ثاني / نوفمبر 1989؛ وقد دخلت حيّز التنفيذ في 2 أيلول / سبتمبر 1990، بعد أن صدّقت عليها الدول الموقّعة، وتراقب تنفيذ الاتفاقية لجنة حقوق الطفل التابعة للأمم المتحدة المكونة من أعضاء من مختلف دول العالم.
10- النظام القانون لحماية الطفل ومسؤوليته الجنائية والمدنية، خالد فهمي: صفحة 18-20- ط2012 دار الفكر الجامعي، الإسكندرية.
11- سورة ابراهيم - الآية 39.
12- سورة آل عمران - الآية 41.
13- سورة الصافات الآية 100.
14- سورة آل عمران، الآية 38.
15- الصحيفة السجادية، الدعاء الخامس والعشرين دعاءُهُ لولدِهِ.
16- سورة الاحقاف، الآية 15.
17- البيت من قصيدة هي الأخلاق تنبت كالنبات للشاعر معروف الرصافي.
18- وسائل الشيعة، الحر العاملي: ج ٢١ص ٤٧٦ح9، (طبعة آل البيت).
19- رسالة الحقوق للإمام علي بن الحسين (عليهما السلام).
20- نفس المصدر السابق.
21- غرر الحكم ص 770.
22- الكافي، الشيخ الكليني(رض): ج ٢ ص507ح16، طبعة دار المرتضى 1426ه-2005م.
23- رابط الدراسة التي تم نشرها على موقع ال بي بي سي العربي http//www.bbc.com/arabic/scienceandtech/2009/11/091108hhchildupbringingtc2.shtml
24- ميزان الحكمة، محمد الريشهري: ج ٢ ص١٦١٤، ورواه الترمذي عن أنس بن مالك مرفوعاً أي لم يسنده للنبي الأعظم صلى الله عليه واله.
25- نفس المصدر السابق.
26- بحار الأنوار - العلامة المجلسي(رض): ج ١ ص ٢٢٣.
27- نفس المصدر السابق: ج ٦٧ ص ١٢٨.
28- نفس المصدر السابق: ج ١٠١ ص ٩٨.
29- ميزان الحكمة، محمد الريشهري: ج ٢ص ٨٦٥.
30- نفس المصدر السابق.
حين يسقط القناع: قراءة نفسية في تغيّر الصديق الطيّب
بقلم الكاتب : حنين ضياء عبدالوهاب الربيعي
كان يبدو صديقًا حقيقيًا، قريبًا للروح، تتحدث إليه فيفهمك دون أن تشرح كثيرًا. عاش بينك زمنًا من المودّة والصدق الظاهري، حتى ظننت أن صداقتكما من النوع الذي لا يتبدّل. لكنك كنتَ مخدوعًا أو بالأحرى كنت ترى الوجه الذي أراد أن يُريك إياه. فجأة تغيّر. صار يتصرف بسوء، يتحدث عنك في غيابك، يذكرك بأقبح الكلام،... المزيد
المزيد من المقالات الإجتماعية

المزيد من المقالات الثقافية

كان اسمها (زينب)  ويقال إن للإنسان نصيبا من اسمه،وهي كذلك،ترتدي الخُلق وتنطق... المزيد
ونحنُ في المشتاةِ ندعو الجَفَلَىٰ لا تُرى الآدِبَ فينا يُنتَقَرُ طرفة بن العبد... المزيد
مازلتُ غريقا في جيبِ الذكرياتِ المُرّةِ، أحاولُ أن أخمدها قليلا ؛لكنّ رأسها... المزيد
رُوَّادُ الولاء : شعراء أضاءوا بالحقِّ فطُمِسَ نورُهم لطالما تهادت على بساط... المزيد
في قريةٍ صغيرةٍ محاطةٍ بجبالٍ شاهقة، عاش رجلٌ يدعى هشام، معروفٌ بحكمته وطيب قلبه،... المزيد
في فضاءات القصيدة العراقية، ينهض فالح حسون الدراجي كصرحٍ شعريٍّ نادر، يُجسّد... المزيد
في زاوية السوق، جلس رجل أشيب، يضم كفيه الفارغتين إلى صدره كمن يحمي كنزًا لا يُرى. كان اسمه...
حين نتحدث عن الأجناس الأدبية التي تتصدر المشهد الثقافي العربي عامة، والعراقي خاصة، نُشَخِّص...
في رحاب الكاظمية المقدسة، وُلد جابر بن جليل كرم البديري الكاظمي عام 1956، ليكون نجمًا متألقًا...
كان يتذمر،والشكوی تضحك في فمه كيف يعلِّمني صبيٌّ علی كلٍّتلميذٌ صغير  وسأعيد تربيته أنا...


منذ يومين
2025/11/16
احلفكم بالله ايها المحللون والاعلاميون اتركوا المنتخب العراقي وشأنه ولا تضعوا...
منذ يومين
2025/11/16
سلسلة مفاهيم في الفيزياء الجزء السادس والسبعون: كون داخل الكون: العوالم المتعددة...
منذ يومين
2025/11/16
منذ سنوات برزت ظاهرة من قبل بعض جماهير الاندية الكبيرة ضد نادي الزوراء وانتشرت...
رشفات
( مَن صبر أُعطي التأييد من الله )