Logo

بمختلف الألوان
في وطنٍ تئنُّ روحه من ثِقل الأيام، وتتوقُّ أجياله إلى فجرٍ يمحو ظلام اليأس، انبعث نورٌ من قلب مدينة مقدسة، نورٌ يملأ الوطن ضياءً، وأيدٍ أمينة تعانق آماله واحلامه. سطع نور العتبة العباسية المقدسة، التي لطالما كانت مَوئِلاً للعلم والمعرفة، لتتجاوز دورها الديني وتصبح حاضنة حقيقية للطاقات الشابة،... المزيد
أخر المواضيع


مرحبا بكَ زائرنا العزيز
نتمنى أن تكون في تمام الصحة والعافية

تحذير! هل انت متأكد من حذف هذا المقال مع الردود عليه ؟
المختصر في شرح الصحيفة السجادية

منذ 3 سنوات
في 2023/01/08م
عدد المشاهدات :1568
مقدمة.
شَهِدَ عصر الإمام عليّ بن الحسين زين العابدين عليهما السلام انهياراً مأساويّاً، وانحرافاً كبيراً لم تشهده الأمّة الإسلاميّة من قبل؛ ليس على المستوى الفكريّ والعقائديّ فحسب، بل تعدّاه إلى المستوى السلوكيّ، حيث عمل بني امية على هدم معالم الدّين وأحكام الشريعة، من قبيل إشاعة الأفكار الهدَّامة وترويجها، وتشجيع ألوان المجون والتحلّل الأخلاقيّ، واختراع كلّ وسيلة ممكنة لتدمير البنى الاجتماعيّة والأسريَّة وتفكيكها.
حتى إذا أفضت الخلافة إلى عبد الملك بن مروان عمد إلى الشدة والعنف، فحج سنة ٧٥ﻫ بعد مقتل ابن الزبير، ولما جاء المدينة وفيها أنصار أهل البيت عليهم السلام خطب فيها خطابًا قال فيه:
أما بعد فإني لست بالخليفة المستضعف (يعني عثمان) ولا بالخليفة المداهن (يعني معاوية) ولا بالخليفة المأفون (يعني يزيد). ألا وأني لا أداوي هذه الأمة إلا بالسيف حتى تستقيم لي قناتكم. الى ان قال: والله لا يأمرني أحد بتقوى الله بعد مقامي هذا إلا ضربت عنقه.
فهو أول من نهى عن المعروف.1
"وكان يرى الشدة ويجاهر بطلب التغلب بالقوة والعنف، ولو خالف أحكام الدين. وقد يتبادر إلى الذهن أنه فعل ذلك اقتداءً بعامله ونصيره ومؤيد دولته الحجاج بن يوسف، ولا نظنه مقتديًا بذلك؛ لأنه صرح باستهانة الدين منذ ولي الخلافة، وكان قبلها يتظاهر بالتدين فلما تولاها استهوته الدنيا. ذكروا أنه لما جاءوه بخبر الخلافة كان قاعدًا والمصحف في حجره فأطبقه وقال: هذا آخر العهد بك أو هذا فراق بيني وبينك، فلا غرو بعد ذلك إذا أباح لعامله الحجاج أن يضرب الكعبة بالمنجنيق، وأن يقتل ابن الزبير ويحتز رأسه بيده داخل مسجد الكعبة، والكعبة حرم لا يجوز القتال فيها ولا في جوارها، فأحلوه وظلوا يقتلون الناس فيها ثلاثًا، وهدموا الكعبة، وأوقدوا النيران بين أحجارها وأستارها مما لم يحدث مثله في الإسلام، ودخلوا المدينة وهي أحد الحرمين وقاتلوا أهلها وسفكوا دماءهم، لم يغلق لها باب إلا أحرق ما فيه"2.
"وناهيك بمن قتلوه من الصحابة والتابعين وأهل التقوى صبرًا، وإنما أرادوا بذلك تحقير أمر علي وشيعته تأييدًا لسلطانهم؛ ولهذا السبب أيضًا لعنوه على المنابر، وأمروا الناس بلعنه وقتلوا من لم يلعنه. وأول من قتل صبرًا في هذا السبيل حجر بن عدي الكندي في أيام معاوية وظلوا يلعنون عليًّا على المنابر إلى أيام عمر بن عبد العزيز فأبطل ذلك"3.
ونظراً إلى الظروف الاجتماعيّة والسياسيّة والدينيّة التي كانت قائمة، والتي جعلت المواجهة العسكريّة متعذّرة، عمل الإمام عليه السلام على بثّ الإسلام المحمّديّ الأصيل في الأمّة، وإعادة تأهيلها وتوجيهها باستخدام أسلوب الدعاء الذي لم يكن مجرّد ابتهال ومناجاة، بل كان كنز علم ومعرفة، ومدرسة تربية وإصلاح. وقد شكّلت أدعيته هذه منظومةً قيميّةً إسلاميّةً، تشتمل على الأبعاد المعرفيّة والإيمانيّة والسلوكيّة.
لقد أنار الإمام زين العابدين عليه السلام بأدعية الصحيفة السجّاديّة العقول، وأيقظ الأمّة من سباتها، وحرّرها من جمودها. فما أحوجنا اليوم إلى العودة إليها، وقُلوبنا قد اعتراها الصّدأ، وباتت في أمّس الحاجة إليها.
منشأ الدعاء.
لمّا كان الإنسان عين الفقر والفاقة، قال تعالى يا أَيُّهَا النَّاسُ أَنتُمُ الْفُقَرَاءُ إِلَى اللَّهِ ۖ4، فهو قد فُطر على أساس الطلب والحاجة إلى خالقه، قال تعالى (وَاللَّهُ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ)5، فهو قد فُطر على الدعاء.
قال الزمخشري (ره):" أنهم لشدة افتقارهم إليه هم جنس الفقراء، وإن كانت الخلائق كلهم مفتقرين إليه من الناس وغيرهم؛ لأن الفقر مما يتبع الضعف، وكلما كان الفقير أضعف كان أفقر وقد شهد الله سبحانه على الإنسان بالضعف في قوله: وَخُلِقَ الْإِنْسانُ ضَعِيفاً"6.
أنّ الدعاء في الأساس هو تعبير عن منهج تربوي كامل ومتكامل. وعندما نراجع الصحيفة السجادية نكتشف أنّ عنوان الدعاء يتكفّل ببيان كافة شؤون الحياة المادية والمعنوية للإنسان. والدعاء هو أسلوب خاص في التعليم والتعلّم اعتمده الإسلام، لا يختص بأهل العلم أو بالنخب، بل هو يتسع ليستوعب كافة الشرائح الاجتماعية.
ويمكننا إنّ نقول ان في الدعاء معادلة من طرفين: العبودية من جهة، والربوبية من جهة أخرى. والعلاقة بينهما هي علاقة تضايف على مستوى المفهوم. فلا يمكن أن نتعقّل العبد إلا إذا كان هناك في المقابل رب، ولا يمكن أن نتعقّل الرب (بمعنى الربوبية) إلا إذا كان هناك عبد، وعلاقة العبد بالرب لا تكون على نحو التكافؤ، فهناك من يطلب ومن يستمد.
فمتى ما تصورت ذل العبودية من جهة، وعز الربوبية للمولى من الجهة الاخرى، وانه ليس لك من أمر نفسك شيء إلا أن يسمح لك المولى بذلك، وقد سمح لك المولى عزوجل بالكلام، وفتح لك باب الدعاء كما يقول أمير المؤمنين (عليه السلام): "فمتى شئت استفتحت بالدعاء أبواب نعمته، واستمطرت شآبيب رحمته "7، وقد جعل الله الطريق إليه سالكًا، وفتح باب العبادة والدعاء أمام العبد ليتكلم ويقول ويتضرع ويطلب المعونة منه.
والدعاء بما يتضمنه من لجوء العبد إلى الله عزوجل هو حاجة إنسانية تنبع من فقره الوجودي والذاتي، وحاجته المستمرة إلى الغني المطلق، قال تعالى (يا أيُّها النّاسُ أنْتُمُ الفُقَراءُ إلى اللَّهِ واللَّهُ هو الغَنِيُّ الحَمِيدُ)8 ، وهذه الحالة من التوجّه إلى الله واستمداد العون منه من خلال الدعاء غير مختصّة بالمؤمنين فقط بل حتى المشرك لا يخلو البتّة من هذه الحالة وإن أنكرها، فهو يختبرها عندما يقع في شدّة وتتقطّع به الأسباب ويزول كل ملجأ، عندها تتعلّق آماله به سبحانه تعالى وهذا ما أشارت إليه الآية الشريفة: هُوَ الَّذِي يُسَيِّرُكُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ حَتَّى إِذَا كُنتُمْ فِي الْفُلْكِ وَجَرَيْنَ بِهِم بِرِيحٍ طَيِّبَةٍ وَفَرِحُواْ بِهَا جَاءتْهَا رِيحٌ عَاصِفٌ وَجَاءهُمُ الْمَوْجُ مِن كُلِّ مَكَانٍ وَظَنُّواْ أَنَّهُمْ أُحِيطَ بِهِمْ دَعَوُاْ اللّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ لَئِنْ أَنجَيْتَنَا مِنْ هَذِهِ لَنَكُونَنِّ مِنَ الشَّاكِرِينَ9، فعندما أوشك هؤلاء على الغرق والهلاك توجّهوا بحسب فطرتهم بالدعاء إلى الله تعالى مسبّب الأسباب، وطلبوا منه النجاة.
وقد اعتبر الامام الصادق عليه السلام، الدعاء ضربا من ضروب العبادة، ونوعا من أنواعها فقال: الدعاء هو العبادة، التي قال الله عزوجل: إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي.10
واوصى الامام عليه السلام، صاحبه ميسر بن عبد العزيز، بملازمة الدعاء في جميع الاحوال، قال له: يا ميسر ادع، ولا تقل إن الامر قد فرغ منه، أن عند الله عزوجل، منزلة لا تنال إلا بمسألة، ولو أن عبدا سد فاه، ولم يسأل، لم يعط شيئا، فسل تعط، يا ميسر، إنه ليس من باب يقرع، إلا يوشك أن يفتح لصاحبه 11، لان الدعاء من جملة الاسباب، التي يستدفع بها البلاء، قال عليه السلام: إن الدعاء يرد القضاء، ينقضه كما ينقض السلك، وقد أبرم إبراما12.
وقال عليه السلام: إن الله عزوجل، ليدفع بالدعاء الامر الذي علمه، أن يدعي له فيستجيب، ولولا ما وفق العبد من ذلك الدعاء، لأصابه ما يجتثه من جديد الارض 13.
وعنه عليه السلام: الدعاء يرد القضاء، بعدما أبرم إبراما، فأكثروا من الدعاء، فانه مفتاح كل رحمة، ونجاح كل حاجة، ولا ينال ما عند الله عزوجل إلا بالدعاء، وإنه ليس باب يكثر قرعه ألا يوشك أن يفتح لصاحبه 14.
وهذه الأحاديث تبين مدى أهمية الدعاء، وأنه من الاسباب الفعالة في دفع البلاء المبرم.
بينما نجد من يذهب خلاف هذا القول، ومنهم الدكتور على جمعة، مفتي مصر السابق، الذي قال إن قضاء الإنسان يكون على قسمين وهما مبرم، ومعلق.
وأضاف "جمعة" في إجابته عن سؤال ورد إليه من خلال إحدى حلقات برنامجه "والله أعلم" المذاع على فضائية "cbc" من سائل يقول: هل يتم تغيير القضاء والقدر بالدعاء"
قائلاً:" إن المبرم من قضاء الإنسان لا حيلة له فيه؛ لأنه لا يتغير"15.
حرره الاحقر عبدالله مرتضى محمد تقي الحسيني
9 من جمادى الاخرة 1444
المصادر.
1- تاريخ التمدن الإسلامي، جرجي زيدان، ج4 ص95.
2- نفس المصدر السابق، ج4 ص96.
3- نفس المصدر السابق.
4- سورة فاطر الآية 15.
5- سورة فاطر الآية 15.
6- تفسير القرطبي ج14ص302.
7- نهج البلاغة: ج3ص48، الشؤبوب بالضم: الدفعة من المطر، وما أشبه رحمة الله بالمطر ينزل على الأرض الموات فيحييها، وما أشبه نوباتها بدفعات المطر
8- سورة فاطر الآية 15.
9- سورة يونس الآية 22.
10- الكافي للثقة الإسلام الشيخ الكليني (رض): ج2 ص715ح 5، والآية 60 من سورة غافر.
11- نفس المصدر السابق ح3.
12- نفس المصدر السابق، ص717، ح1 باب ان الدعاء يرد البلاء والقضاء.
13- نفس المصدر السابق، ص718، ح9 باب ان الدعاء يرد البلاء والقضاء.
14- نفس المصدر السابق، ص717، ح7 باب ان الدعاء يرد البلاء والقضاء.
15- نقلا عن موقع مصراوي، نشر بتاريخ 31/10/2021.
حين يسقط القناع: قراءة نفسية في تغيّر الصديق الطيّب
بقلم الكاتب : حنين ضياء عبدالوهاب الربيعي
كان يبدو صديقًا حقيقيًا، قريبًا للروح، تتحدث إليه فيفهمك دون أن تشرح كثيرًا. عاش بينك زمنًا من المودّة والصدق الظاهري، حتى ظننت أن صداقتكما من النوع الذي لا يتبدّل. لكنك كنتَ مخدوعًا أو بالأحرى كنت ترى الوجه الذي أراد أن يُريك إياه. فجأة تغيّر. صار يتصرف بسوء، يتحدث عنك في غيابك، يذكرك بأقبح الكلام،... المزيد
المزيد من المقالات الإجتماعية

المزيد من المقالات الثقافية

كان اسمها (زينب)  ويقال إن للإنسان نصيبا من اسمه،وهي كذلك،ترتدي الخُلق وتنطق... المزيد
ونحنُ في المشتاةِ ندعو الجَفَلَىٰ لا تُرى الآدِبَ فينا يُنتَقَرُ طرفة بن العبد... المزيد
مازلتُ غريقا في جيبِ الذكرياتِ المُرّةِ، أحاولُ أن أخمدها قليلا ؛لكنّ رأسها... المزيد
رُوَّادُ الولاء : شعراء أضاءوا بالحقِّ فطُمِسَ نورُهم لطالما تهادت على بساط... المزيد
في قريةٍ صغيرةٍ محاطةٍ بجبالٍ شاهقة، عاش رجلٌ يدعى هشام، معروفٌ بحكمته وطيب قلبه،... المزيد
في فضاءات القصيدة العراقية، ينهض فالح حسون الدراجي كصرحٍ شعريٍّ نادر، يُجسّد... المزيد
في زاوية السوق، جلس رجل أشيب، يضم كفيه الفارغتين إلى صدره كمن يحمي كنزًا لا يُرى. كان اسمه...
حين نتحدث عن الأجناس الأدبية التي تتصدر المشهد الثقافي العربي عامة، والعراقي خاصة، نُشَخِّص...
في رحاب الكاظمية المقدسة، وُلد جابر بن جليل كرم البديري الكاظمي عام 1956، ليكون نجمًا متألقًا...
كان يتذمر،والشكوی تضحك في فمه كيف يعلِّمني صبيٌّ علی كلٍّتلميذٌ صغير  وسأعيد تربيته أنا...


منذ يومين
2025/11/16
احلفكم بالله ايها المحللون والاعلاميون اتركوا المنتخب العراقي وشأنه ولا تضعوا...
منذ يومين
2025/11/16
سلسلة مفاهيم في الفيزياء الجزء السادس والسبعون: كون داخل الكون: العوالم المتعددة...
منذ يومين
2025/11/16
منذ سنوات برزت ظاهرة من قبل بعض جماهير الاندية الكبيرة ضد نادي الزوراء وانتشرت...
رشفات
( مَن صبر أُعطي التأييد من الله )