لا يخفي وجود نقص تشريعي لدى المشرع العراقي في قانون العقوبات العراقي المرقم (111) لسنة 1969 النافذ والمعدل في كثير من الجرائم، وما يعاب عليه عدم مواكبته للتطور التكنولوجي الحديث ومتطلبات الحياة في الوقت الحاضر، وعدم وضع قانون يلبي غاية تطورات العالم اليوم، إذ أن المشرع العراقي اليوم وبعد مرور خمسين عام على صدور هذا القانون لم نجد محاولات لاستبداله او تعديله وتطويره إلا مؤخرا، حيث تم تشكيل الجنة من فقهاء القانون الجنائي لأعداد مشروع قانون العقوبات الجديد، ويبرز الأثر الأكبر لدى المشرع العراقي في النقص التشريعي فيما يتعلق بتطور التكنولوجيا الحديثة التي اثرت وبشكل كبير على مظاهر الحياة في المجتمعات كافة، ورافق هذا التطور صدور أفعال وتصرفات تنطوي على جرائم باتت تشكل خطرة واضحة على أمن المجتمع، فإساءة استعمال هذه الوسائل نتج عنه كثير من الجرائم، وبما أن القانون العقابي تحكمه القاعدة المتأصلة (لا جريمة ولا عقوبة الا بنص أو بناء عليه) فان هذه الجرائم المستحدثة ذات الطابع التقني والتكنولوجي المتقدم يصعب أن تطبق عليها النصوص التجريمية التقليدية في كثير من الأحيان .
فعملا بمبدأ شرعية الجرائم والعقوبات، الذي يحصر مصدر النص العقابي بالتشريع المكتوب بعده المصدر الوحيد للتجريم والعقاب، أما بقية المصادر الأخرى كالعرف والشريعة الإسلامية فأنها ليست مصادر للقاعدة الجنائية، وطبقا لمبدأ (لا جريمة ولا عقوبة الا بنص أو بناءاً علية) مما يدل على عدم إمكانية تجريم فعل إلا بناء على قانون ينص على تجريمه، وعدم استطاعة عد فعل معين من الأفعال المجرمة مالم ينص القانون على تجريمه
والمشرع العراقي لم يتطرق بقانون او انظمة او تعليمات الى كاميرات المراقبة واساس تنظيم استعمالها، الا انه صدر مؤخرا قرار من مجلس الوزراء رقم (434) لسنة 2019 في 3/12/2019 ، الذي تضمن سبع مواد، ونص على ما يأتي:
1- على أصحاب الشركات والمعامل والمصانع والمخازن والمحلات التجارية والصناعية والحرفية والفنادق والمطاعم والمقاهي والمسارح والنوادي والمنتجعات السياحية والمكاتب المهنية والمؤسسات الثقافية والرياضية والترفيهية والمستشفيات والعيادات الصحية ومراكز التسوق، تركيب كاميرات التصوير مع أجهزة التسجيل الفيديوية، وتحدد أماكن تثبيتها ومواصفاتها الفنية ومدة تسجيلها بموجب ضوابط يصدرها وزير الداخلية.
2- يقوم المذكورون في الفقرة (1) أنفأ بوضع لوحات مرئية للعيان توضح للمواطنين أن المكان مراقب بالكاميرات.
3- لا يجوز لأصحاب تلك المنشآت تزويد أي جهة بنسخة من التسجيل أو الاطلاع على التصوير الا بموافقة الجهة المختصة لأغراض تحقيقية أو بناء على قرار قضائي، وللجهة المختصة ربط عدد من كاميرات التصوير وأجهزة التسجيل بمنظومتها للضرورات التي يتطلبها العمل الأمني.
4- يحظر تركيب كاميرات التصوير في غرف النوم وغرف العلاج الطبيعي ودورات المياه والحمامات وغرف تغيير الملابس.
5- تخضع كاميرات التصوير للرقابة والتفتيش من الجهة المختصة حصرا للتحقق من مدى التزامها بضوابط وزارة الداخلية بما يحقق الأمن والنظام العام.
6- لوزير الداخلية إضافة أي منشآت الى الفقرة (1) انفا على ظروف الأمن ومقتضيات المصلحة العامة.
7- يعاقب المخالف للفقرات المذكورة آنفا فيما تقدم على وفق أحكام قانون العقوبات رقم 111 لسنة 1969 المعدل.
ومن خلال الاطلاع على القرار في أعلاه نجد أن مجلس الوزراء خول صلاحيات لوزير الداخلية بإصدار ضوابط لتنفيذ هذا القرار، ولغاية انهاء اعداد هذه الرسالة لم تصدر هذه الضوابط، ولابد من الإشارة الى ان قرار مجلس الوزراء اخذ بما اخذت به التشريعات المقارنة، المتضمنة الزام المحال التجارية والمصالح العامة والخاصة بوضع هذه الكاميرات، فضلا عن وضع لوحات للعيان بان المكان مراقب بالكاميرات، ووردت لفظ (الجهة المختصة) ولم يحدد القرار من الجهة المختصة، التي لها الحق في الحصول على نسخة من التسجيلات لأغراض التحقيقية، فكاميرات المراقبة تؤدي دورة مهمة وحساسة في كشف الجرائم ومعرفة مرتكبيها من خلال الرجوع الى التسجيلات المتحصلة منها، فضلا عن استعمالها من قبل أعضاء الضبط القضائي للقبض والتحري عن كثير من الجرائم، فضلا عن وضعها في المحلات التجارية والشركات والملاعب وجميع الأماكن العامة للفائدة المجنية من هذا الاستعمال لأغراض مختلفة. جدير بالذكر أن اصدار هذا القرار جاء بناء على قانون وزارة الداخلية العراقية رقم (20) لسنة 2016 المادة الثانية التي تنص على " تهدف الوزارة إلى:
1- تنفيذ سياسة الأمن الوطني للدولة في حفظ الأمن الداخلي والمساهمة في وضع ورسم تلك السياسية.
2- .........
3- الحيلولة دون ارتكاب الجرائم ومكافحة الإرهاب بكافة أشكاله واتخاذ الإجراءات القانونية بحق المتهمين بارتكابها.
فوزارة الداخلية أعطت دورة بالغة الأهمية الكاميرات المراقبة بعدها تؤدي دورا كبيرا في المحافظة على الأمن، ومن ضمن سياسة الأمن الوطني واستعمالها للحيلولة دون وقوع جرائم على وفق ما يسمى بمبدأ الردع الوقائي.







وائل الوائلي
منذ يومين
"المهمة".. إصدار قصصي يوثّق القصص الفائزة في مسابقة فتوى الدفاع المقدسة للقصة القصيرة
(نوافذ).. إصدار أدبي يوثق القصص الفائزة في مسابقة الإمام العسكري (عليه السلام)
قسم الشؤون الفكرية يصدر مجموعة قصصية بعنوان (قلوب بلا مأوى)
EN