قام قدامى اليونان برحلات لمسافات قصيرة في قوارب وكان البعض يعتبر الرحلة اكثر أهمية من الحياة نفسها. وعلى الرغم من مخاطر الانتقال كما أوردها هوميروس في الاوديسة فقد قام (هيرودوت) برحلات شهيرة فزار فينيقيا ومصر ويرقة وبلاد اليونان والبحر الأسود. وكان رحالة لا يمل انتقل بعيون مفتوحة وملاحظة دقيقة وشغف طفل. وتعرف على اخلاق الشعوب وعاداتها ونظمها السياسية ووسائل التطبيب وسجل لنا تاريخه. لهذا لقب (بابي التاريخ).

وقد ارتحل اليونانيون من مواطنهم الى انحاء متفرقة من البحر المتوسط حيث اسسوا عديدا من المستعمرات على الشواطئ الغربية من آسيا الصغرى وافريقيا والبحر الأسود وإيطاليا وصقلية وفي غرب البحر المتوسط حيث اسسوا (مارسيليا), وبالإضافة الى الاستقرار في هذه المناطق فقد كانت لهم رحلاتهم وجولاتهم في انحاء عديدة من منطقة الشرق الأدنى القديم, ومنهم اخذ حكماء اليونان العلم والفلسفة والحكمة, فقد زار فلاسفتهم : طاليس، فيثاغورث، افلاطون مصر وارتحلوا منها، وقد زار طاليس (640 - 546 ق.م) وهو اول الحكماء الاغريق السبعة مصر (580 ق.م) وتعلم على يد كهنتها. اما هيكاتيوس المليطي (500 ق.م) فقد ارتحل كثيرا وأشار (هيرودوت) الى زيارته لطيبة. وزار (ارسطو) آسيا الصغرى قبل تأسيس مدرسته.

وعلى الرغم من مخاطر الانتقال كما أوردها (هوميروس) في الاوديسة فقد قام (هيرودوت) (484 – 425 ق.م) برحلات بعيدة الى البحر الأسود وفي بلاد اليونان وزار تاير في فينيقيا وغزة وقضى زمنا طويلا في مصر وزار برقة، كما ارتحل على طول الطريق الملكي الى سوريا وبابل. وكان رحالة لا يمل انتقل بعيون مفتوحة وملاحظة دقيقة وشغف طفل. لذلك تعرف على الشعوب وعاداتها وانماطها السلوكية واوضاعها السياسية ووسائل التطبيب لديها وسجل لنا تاريخه, لهذا يلقب بانه (أبو التاريخ).

وساهمت الطرق البرية وبخاصة الطريق الملكي ويمتد من سارديس الى سوسا عبر آسيا الصغرى، ويعبر الفرات عند ساموساتا ودجلة عند نينوى وطوله نحو 1200 ميل. ويستغرق اجتيازه نحو ثلاثة اشهر سيرا على الاقدام، وحوالي أسبوعين باستخدام الخيول التي يتم تغييرها على مراحل. وساعد هذا الطريق على ارتحال الاغريق وزاد من معارفهم عن البلدان المتاخمة خاصة في آسيا الصغرى والشام والامبراطورية الفارسية.

وقد اتسع الأفق الجغرافي لليونانيين في عهد الاسكندر الأكبر الذي وصل الى الهند والتركستان والى مصر والى آسيا الوسطى حيث وادي جيجون في التركستان واستغرقت رحلاته الآسيوية سبع سنوات (326- 323 ق.م). وفي هذه الرحلات تم التعرف لى الافيال وإمكان استخدامها في الحرب. وكان اول الرحالة الذين جلب معلومات عن القسم الشمالي الغربي من اوربا هو (بيثياس) الذي ارتحل من مارسيليا.

وكانت عادة الانتقال والرحلة شائعة لدى اليونانيين القدامى الى مناطق الاحتفالات والمناقشات والى (اوليمبيا) في البلويونيز لمشاهدة الألعاب او للاشتراك فيها,  وقد ظلت هذه الألعاب تنعقد بانتظام لمدة زادت على الالف عام منذ عام 776 ق.م. وكانوا ينتقلون بين الجزر باستخدام القوارب وعلى اليابس باستخدام البغال والعربات التي تجرها الثيران اوو سيرا على الاقدام، وكانوا يتوقفون على طول الطريق في حانات ونزل صغيرة. كما انتقلوا أيضا الى بض مناطق العيون المائية بهدف الاستشفاء أيضا.

وتختلف الآراء بصدد بداية الألعاب الاوليمبية ويرى البعض انها بدأت قبل عام 1370 ق.م ويميل الكثير الى اعتبار عام 776 ق.م تاريخا لبدايتها، وقد استمرت تعتقد كل اربع سنوات الى تاريخ الغائها عام 393 م. وهي مهرجانات متعددة الأغراض حيث تضم عروضا رياضية وفنية وثقافية ودينية. وكانت تتم في غرب البلوبونيز على مسافة 11ميلا شرقي مدينة بيرجوس الحالية. وقد أنشئت خارج منطقة البساتين المقدسة المباني الرياضية مثل الجيمنزيوم، الباليسترا، الهيبودروم وغيرها وتمثل آثارها والمنطقة مزارا سياحيا حاليا.

ويعزى اختيار جبل اوليمبوس لهذا الغرض الى مكانته الدينية والسياسية لدى الاغريق حيث اعتقدوا ان هذا الجبل الذي يرتفع عشرة آلاف قدم تتخذه الآلهة وكبيرها زيوس مقرا لها. ولم يكن هناك اتفاق بين المدن الاغريقية الا على تقديس هذه المنطقة. لذلك كانت تتم فيها الألعاب والمهرجانات وتتم الطقوس في ظل سلام عام بين هذه المدن.

وكانت أنواع الرياضة تشمل سباقات الجري والوثب ورمي القرص والرمح والمصارعة والملاكمة وسباق العربات. ولم يكن فيها احتراف حيث كانت للهواة فقط من السادة الاغريق، وكانت محرمة على العبيد والأجانب وكذلك على النساء اللاتي كان يحرم عليهن مشاهدة الألعاب أيضا. لذلك نظمت العاب خاصة بالنساء وكانت نسوة اسبرطة يشتركن فيها عاريات.