المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية

التاريخ
عدد المواضيع في هذا القسم 5790 موضوعاً
التاريخ والحضارة
اقوام وادي الرافدين
العصور الحجرية
الامبراطوريات والدول القديمة في العراق
العهود الاجنبية القديمة في العراق
احوال العرب قبل الاسلام
التاريخ الاسلامي
التاريخ الحديث والمعاصر
تاريخ الحضارة الأوربية

Untitled Document
أبحث عن شيء أخر
بطانة الرجل وولیجته
2024-04-19
معنى الصِر
2024-04-19
تحتمس الرابع وتاريخ هذه المسلة.
2024-04-19
تحتمس الثالث يقيم مسلتين في معبد عين شمس وتنقلان إلى الإسكندرية.
2024-04-19
مسلة القسطنطينية.
2024-04-19
مسلة القسطنطينية.
2024-04-19

الأفعال التي تنصب مفعولين
23-12-2014
صيغ المبالغة
18-02-2015
الجملة الإنشائية وأقسامها
26-03-2015
اولاد الامام الحسين (عليه السلام)
3-04-2015
معاني صيغ الزيادة
17-02-2015
انواع التمور في العراق
27-5-2016


وصايا الرسول بعد حدجة الوداع  
  
1906   04:50 مساءً   التاريخ: 6-2-2017
المؤلف : لأول مرة في العالم
الكتاب أو المصدر : محمد الشيرازي
الجزء والصفحة : ج2، الفصل السادس
القسم : التاريخ / التاريخ الاسلامي / السيرة النبوية / سيرة النبي (صلى الله عليه وآله) بعد الاسلام /


أقرأ أيضاً
التاريخ: 16-5-2021 1751
التاريخ: 9-9-2018 1531
التاريخ: 3-6-2021 1753
التاريخ: 5-12-2016 1757

الثقلان وديعتا رسول اللّه (صلى الله عليه وآله)

ثم ان رسول اللّه (صلى الله عليه وآله) لم يزل بعد يوم الغدير يكرّر من قوله:

(يا أيها الناس اني فرطكم، وأنتم واردون عليَّ الحوض، ألا واني سائلكم عن الثقلين، فانظروا كيف تخلّفوني فيهما، فإنّ اللطيف الخبير نبّأني انّهما لن يفترقا حتى يلقياني، وسألت ربّي ذلك فأعطانيه، ألا واني قد تركتهما فيكم: كتاب اللّه، وعترتي أهل بيتي، فلا تسبقوهم فتفرّقوا، ولا تقصروا عنهم فتهلكوا، ولا تعلّموهم فإنهم أعلم منكم، أيها الناس لا ألفينّكم بعدي ترجعون كفاراً، يضرب بعضكم رقاب بعض، فتلقوني في كتيبة كمجرّ السيل الجرّار، ألا وان علي بن أبي طالب أخي ووصيّي، يقاتل بعدي على تأويل القرآن كما قاتلت على تنزيله).

تأكيد حديث الغدير:

وعن علي (عليه السلام) انه قال: أمرني رسول اللّه (صلى الله عليه وآله) أن أخرج فاُنادي في الناس: (ألا من ظلم أجيراً أجره فعليه لعنة اللّه، ألا من توالى غير مواليه فعليه لعنة اللّه، ألا ومن سبّ أبويه فعليه لعنة اللّه).

قال علي (عليه السلام): فخرجت فناديت في الناس كما أمرني رسول اللّه (صلى الله عليه وآله) فقال الناس: هل لما ناديت به من تفسير؟

قلت: اللّه ورسوله أعلم.

قال (عليه السلام): فقام جماعة من أصحاب النبي (صلى الله عليه وآله) فدخلوا عليه، فقالوا: يا رسول اللّه (صلى الله عليه وآله) هل لما نادى علي من تفسير؟

قال (صلى الله عليه وآله): نعم، أمرته أن ينادي: ألا من ظلم أجيراً أجره فعليه لعنة اللّه، واللّه يقول: {قلْ لَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى} [الشورى: 23] (1) فمن ظلمنا أجرنا فعليه لعنة اللّه.

وأمرته أن ينادي: من توالى غير مواليه فعليه لعنة اللّه، واللّه يقول: {النَّبِيُّ أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ} [الأحزاب: 6] (2) ومن كنت مولاه فعليّ مولاه، فمن توالى غير علي وذرّيته فعليه لعنة اللّه.

وأمرته أن ينادي: من سبّ أبويه فعليه لعنة اللّه، وأنا اُشهد اللّه واُشهدكم اني وعلياً أبوا هذه الاُمّة، فمن سبّ أحدنا فعليه لعنة اللّه.

قال الخباب بن الأرتّ: كان هذا الحديث قبل ارتحال النبي (صلى الله عليه وآله) من هذه الدنيا بتسعة عشر يوماً.

سريّة اُسامة إلى الروم:

ثم عقد رسول اللّه (صلى الله عليه وآله) اللواء والإمرة لأسامة بن زيد، وندبه أن يخرج بجمهور الاُمّة إلى حيث اُصيب أبوه من بلاد الروم، وكانت هذه هي آخر سريّة عقدها رسول اللّه (صلى الله عليه وآله) في حياته، وكان قد اجتمع رأيه على إخراج جماعة من الذين تآمروا عليه في العقبة وتعاهدوا بينهم على نكث البيعة في معسكره، حتى لا يبقى في المدينة عند ارتحاله (صلى الله عليه وآله) من يختلف في الرياسة، ويطمع في التقدّم على الناس بالإمارة، ويستتب الأمر لمن استخلفه من بعده ولا ينازعه في حقّه منازع.

فعقد (صلى الله عليه وآله) لاُسامة الإمرة على كبار الصحابة وذوي أسنانهم وهو حدث السنّ، حتى لا يطعن أحد في تعيين اللّه ونصب رسوله علياً خليفة من بعده وأميراً للمؤمنين بحداثة السنّ، ثم جدّ في إخراجهم، وأمر اُسامة أن يعسكر بالجرف على أميال من المدينة، وأمر الناس بالخروج إليه والمسير معه، وحذّرهم من التلوّم والإبطاء عنه. وقال (صلى الله عليه وآله): نفّذوا جيش اُسامة، نفّذوا جيش اُسامة، لعن اللّه من تخلّف عن جيش اُسامة، يكرّرها ثلاثاً(3).

الاستغفار لأهل البقيع:

بينا كان رسول اللّه (صلى الله عليه وآله) يُحرص أشدّ الحرص على تسيير جيش اُسامة، ومغادرة رؤوس أصحابه المدينة، وتخليتها لعلي (عليه السلام) من المعارضين، إذ عرضت له الشكاة التي ارتحل فيها من الدنيا، وكانت شكاته على أثر اُكلة خيبر المسمومة، فإنه مازال ينتقض به سمّها حتى قال (صلى الله عليه وآله) عند ارتحاله: (اليوم قطعت مطاياي الأكلة التي أكلتُ بخيبر، وما من نبيّ ولا وصيّ إلاّ شهيد). وهناك روايات اُخرى في سبب شهادته (صلى الله عليه وآله) مذكورة في المفصّلات.

فلما أحسّ رسول اللّه (صلى الله عليه وآله) بذلك أخذ بيد علي بن أبي طالب (عليه السلام)، واتبعه جماعة من الناس، وتوجّه إلى البقيع، فقال لمن اتبعه: انني قد اُمرت بالإستغفار لأهل البقيع، فانطلقوا معه حتى وقف بين أظهرهم وقال: (السلام عليكم يا أهل القبور، ليهنئكم ما أصبحتم فيه مما أصبح فيه الناس، أقبلت الفتن كقطع اللّيل المظلم يتبع أولها آخرها).

ثم استغفر (صلى الله عليه وآله) لأهل البقيع طويلاً.

ثم أقبل إلى علي أمير المؤمنين (عليه السلام) وقال له: (يا أخي انّ جبرئيل كان يعرض عليّ القرآن كل سنة مرة، وقد عرضه عليّ في العام مرتين، ولا أراه إلاّ لحضور أجلي)، ثم قال: (يا علي إني خيّرت بين خزائن الدنيا والخلود فيها، وبين لقاء ربّي والجنّة، فاخترتُ لقاء ربّي والجنّة خالداً فيها، فإذا أنا متّ فتغسلني) وأوصاه أن يكون (عليه السلام) هو الذي يلي أمره.

لا نجاة الا بعمل مع رحمة اللّه.

ثم عاد رسول اللّه (صلى الله عليه وآله) من البقيع إلى منزله، فمكث ثلاثة أيام موعوكاً، ثم خرج إلى المسجد معصوب الرأس معتمداً إلى علي أمير المؤمنين (عليه السلام) بيمنى يديه، وعلى الفضل بن العباس باليد الاُخرى حتى صعد المنبر فجلس عليه، ثم حمد اللّه وأثنى عليه وقال: (معاشر الناس قد حان منّي خفوق من بين أظهركم، فمن كان له عندي عدة فليأتني أعطه إياها، ومن كان له عليَّ دَيْن فليخبرني به).

فقام إليه رجل فقال: يا رسول اللّه ان لي عندك عدة، اني تزوّجت فوعدتني أن تنحلني ثلاثة أفواق.

فأمر (صلى الله عليه وآله) له بذلك وقال: انحلها وافضل.

ثم قال: معاشر الناس! انه ليس بين اللّه وبين أحد شيئاً يعط به خيراً، أو يصرف به عنه شرّاً، الاّ العمل، أيها الناس لا يدّعي مدّعٍ، ولا يتمنّى متمنٍّ، والذي بعثني بالحق نبياً لا ينجي إلا عمل مع رحمة اللّه، ولو عصيت لهويت، ثم قال: اللّهمّ هل بلّغت؟ ثم نزل فصلّى بالناس صلاة خفيفة، ثم دخل بيته.

الكتاب والعترة خليفتا رسول اللّه (صلى الله عليه وآله):

فلمّا كان من الغد أقبل الأنصار وأحدقوا بالباب، وعلموا بشدّة نقاهة رسول اللّه (صلى الله عليه وآله) والضعف الذي هو فيه فجعلوا يبكون، فسمع رسول اللّه (صلى الله عليه وآله) البكاء فقال: من هؤلاء الباكون؟

قالوا: هم الأنصار يا رسول اللّه.

فقال (صلى الله عليه وآله): مَن هنا مِن أهل بيتي؟

قالوا: علي (عليه السلام) والعبّاس، فدعا بهما وخرج متكياً عليهما واستند إلى جذع من جذوع مسجده، واجتمع الناس حوله، فحمد اللّه وأثنى عليه وقال: (معاشر الناس! انه لم يمت نبيّ قطّ إلا خلّف تركة، وقد خلّفتُ فيكم الثقلين: كتاب اللّه، وعترتي أهل بيتي، فتمسّكوا بهما، فمن ضيّعهما ضيّعه اللّه، ألا وان الأنصار كرشي وعيبتي آوي إليها، اُوصيكم بتقوى اللّه والإحسان إلى محسنهم، والتجاوز عن مسيئهم).

مع اُسامة بن زيد:

ثم انّ رسول اللّه (صلى الله عليه وآله) دعا اُسامة بن زيد الذي أمره أن يعسكر بالجرف وقال له: سِر على بركة اللّه حيث أمرتك بمن أمّرتك عليه.

فقال اُسامة: بأبي أنت واُمّي يا رسول اللّه ، أتأذن لي في المقام عندك حتى يشفيك اللّه، فإني متى خرجت وأنت على هذه الحالة خرجت وفي قلبي منك قرحة.

فقال له رسول اللّه (صلى الله عليه وآله): انفذ يا اُسامة إلى ما أمرتك.

فخرج اُسامة من يومه ذلك، ونادى منادي رسول اللّه (صلى الله عليه وآله): ألا لا يتخلّف عن جيش اُسامة أحد ممن أمَّرته عليه.

ثم أمر (صلى الله عليه وآله) قيس بن عبادة والحباب بن المنذر بإخراج جماعة من الأنصار كانوا قد تثاقلوا، وأمرهم بترحيل القوم إلى عسكرهم، ففعلا ذلك حتى ألحقوهم بالعسكر، وقالا لاُسامة: إنّ رسول اللّه (صلى الله عليه وآله) لم يرخّص لك في التأخير، فسر من قبل أن يعلم بتأخيرك، فارتحل بهم اُسامة، وانصرف قيس والحبّاب إلى رسول اللّه(صلى الله عليه وآله) وأخبراه بمسير القوم، ومع ذلك فقد تخلّف عن جيش اُسامة بعض كما ورجع منهم آخرون إلى المدينة.

النبي (صلى الله عليه وآله) يصلّي بالمسلمين جالساً:

وكان رسول اللّه (صلى الله عليه وآله) لشدّة شكاته في تلك الليلة لا يفارقه علي (عليه السلام) والفضل بن العباس، وكان بلال عندما يؤذّن لكل فريضة يأتي إلى النبي (صلى الله عليه وآله) فيقول: الصلاة يا رسول اللّه، فإن قدر رسول اللّه (صلى الله عليه وآله) على الخروج إلى الصلاة خرج وصلّى بالناس، وإن لم يقدر أمر علي بن أبي طالب (عليه السلام) أن يصلّي بهم.

وفي صباح تلك الليلة أتاه بلال على عادته يؤذنه بالصلاة، فوجده قد ثقل عن الخروج، فنادى: الصلاة رحمكم اللّه، فأذّن رسول اللّه (صلى الله عليه وآله) بندائه ورأسه في حجر علي (عليه السلام). ولم يتمكّن (صلى الله عليه وآله) من الخروج إلى المسجد.. هذا والمسلمون جالسون للصلاة فتقدّم أحد الصحابة إلى المحراب، فلمّا كبّر سمعه رسول اللّه(صلى الله عليه وآله)، فقال لمن حوله: سنّدوني وأخرجوني إلى المسجد.

فخرج (صلى الله عليه وآله) وهو معصّب الرأس معتمداً بين علي (عليه السلام) والفضل بن العبّاس ورجلاه يخطّان في الأرض من الضعف، فتقدّم رسول اللّه (صلى الله عليه وآله) ونحّى الصحابي عن المحراب، وابتدأ الصلاة وكبّر لها مستأنفاً وهو جالس، وبلال يسمع الناس التكبير.

فلما أكمل (صلى الله عليه وآله) صلاته قال لمن حوله: عرّجوا بي إلى المنبر، فأجلسوه على أدنى مرقاة منها واجتمع له جميع أهل المدينة من المهاجرين والأنصار حتى برزت العواتق من خدورهنّ فبين باك وصارخ والنبي (صلى الله عليه وآله) يخطب ساعة ويسكت ساعة.

وكان مما ذكر (صلى الله عليه وآله): أن حمد اللّه وأثنى عليه بما هو أهله ثم قال (صلى الله عليه وآله): (ألا أيُّها الناس اني مخلّف فيكم ما إن تمسّكتم به لن تضلّوا بعدي، كتاب اللّه وعترتي أهل بيتي، فإنهما لن يفترقا حتى يردا عليّ الحوض، فتمسّكوا بهما، فلا تتقدّموا أهل بيتي فتمرقوا، ولا تتأخّروا عنهم فتزهقوا، وأوفوا بعهدي، ولا تنكثوا بيعتي التي بايعتموني عليها، اللّهمّ اني قد بلّغت ما أمرتني، ونصحت لهم ما استطعت، وما توفيقي إلا باللّه عليه توكلت وإليه اُنيب).

وفي رواية انه (صلى الله عليه وآله) قال: ألا قد خلّفت فيكم كتاب اللّه فيه النور والهدى والبيان، ما فرّط اللّه فيه من شيء، حجّة اللّه عليكم وحجّتي وحجّة وليّي، وخلّفت فيكم العلم الأكبر، عَلَم الدين، ونور الهدى: وصيّي علي بن أبي طالب، ألا هو حبل اللّه فاعتصموا به جميعاً ولا تفرَّقوا عنه.

أيّها الناس ! لا تأتوني غداً بالدنيا تزفّونها زفّاً، ويأتي أهل بيتي شعثاً غبراً، مقهورين مظلومين، تسيل دماؤهم.

أيّها الناس ! اللّه اللّه في أهل بيتي، فإنهم أركان الدين، ومصابيح الظلم، ومعدن العلم، علي أخي ووزيري، وأميني والقائم من بعدي بأمر اللّه، والموفي بذمّتي، ومحيي سنّتي، أول الناس بي ايماناً، وآخرهم عهداً عند الموت، وأولهم لي لقاءاً يوم القيامة، فليبلّغ شاهدكم غائبكم.

أيّها الناس ! ومن كانت له قبلي تبعة فها أنا ومن كانت له عدة أو دَيْن فليأت فيها علي بن أبي طالب فإنّه ضامن لذلك كله حتى لا يبقى لأحد عليّ تبعة.

ثم قام (صلى الله عليه وآله) معتمداً بين علي (عليه السلام) والفضل بن العبّاس ودخل منزله.

مع المتخلّفين عن جيش اُسامة:

ثم انّ رسول اللّه (صلى الله عليه وآله) بعث من استدعى له المتخلّفين عن جيش اُسامة، فلما حضروا قال لهم (صلى الله عليه وآله): ألم آمركم أن تنفّذوا جيش اُسامة؟!

فقالوا: بلى يا رسول اللّه.

فقال (صلى الله عليه وآله): فلم تأخّرتم عن أمري؟

فقال بعضهم: اني كنت قد خرجت ثم رجعت لاُجدِّد بك عهداً.

وقال بعض آخر: اني لم أخرج لأني لم اُحب أن أسأل عنك الركبان.

فقال رسول اللّه (صلى الله عليه وآله): نفّذوا جيش اُسامة، نفّذوا جيش اُسامة ـ يكرّرها ثلاثاً ـ لعن اللّه من تأخّر عنه(4)، ثم اشتدّ ضعفه (صلى الله عليه وآله) وانقطع عن الكلام لعظم ما لحقه من التعب والضعف، فبكى المسلمون وارتفع النحيب من أزواجه وولده ونساء المسلمين وجميع من حضره (صلى الله عليه وآله).

الرزية كل الرزية:

ثم مكث رسول اللّه (صلى الله عليه وآله) هنيئة كذلك، حتى إذا أفاق من ضعفه نظر إلى من حضره وقال (صلى الله عليه وآله): (ايتوني بدواة وكتف لأكتب لكم كتاباً لا تضلّوا بعده أبداً)، فقال بعضهم: ان الرجل ليهجر! (5).

هذا والقرآن يقول: {مَا ضَلَّ صَاحِبُكُمْ وَمَا غَوَى (2) وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى (3) إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى} [النجم: 2 - 4] (6).

عند ذلك أعرض رسول اللّه (صلى الله عليه وآله) بوجهه عن القوم، فنهضوا.

قال سليم: وكان ابن عباس كلما تذكّر ذلك بكى وقال: الرزيّة كل الرزية ما حال بين رسول اللّه (صلى الله عليه وآله) وبين أن يكتب لنا ذلك الكتاب.

أنتم المستضعفون بعدي:

ولما أعرض رسول اللّه (صلى الله عليه وآله) عن القوم بوجهه، نهض القوم من عنده وانصرفوا، وبقي عنده علي بن أبي طالب (عليه السلام) والعباس بن عبدالمطلب وأهل بيته خاصة.

عندها التفت اليهم رسول اللّه (صلى الله عليه وآله) وقال لهم: أنتم المستضعفون من بعدي وصمت، فنهضوا وهم يبكون وقد يئسوا من النبي (صلى الله عليه وآله).

مع ابن عباس

ثم ان ابن عباس استأذن على رسول اللّه (صلى الله عليه وآله) فأذن له، فلما دخل عليه ورآه بتلك الحالة قال: بأبي أنت واُمي يا رسول اللّه قد دنا أجلك؟

قال (صلى الله عليه وآله): نعم، يابن عباس.

فقال: يا رسول اللّه فما تأمرني به؟

قال (صلى الله عليه وآله): يابن عباس خالف من خالف علياً ولا تكوننّ لهم ظهيراً ولا ولياً.

ثم بكى رسول اللّه (صلى الله عليه وآله) حتى اشتدّ ضعفه، فلما أفاق قال: يابن عباس سبق الكتاب فيهم وعلم ربي، والذي بعثني بالحق نبياً لا يخرج أحد ممن خالفه من الدنيا وأنكر ولايته وحقه حتى يغيّر اللّه ما به من نعمة، يابن عباس! إذا أردت أن تلقى اللّه وهو عنك راضٍ فاسلك طريقة علي بن أبي طالب، ومِل معه حيث ما مال، وارض به إماماً، وعادِ من عاداه، ووالِ من والاه، يابن عباس! إحذر أن يدخلك فيه شك، فإن الشك في علي (عليه السلام) كفر باللّه.

في وداع الأنصار:

ثم انّ رسول اللّه (صلى الله عليه وآله) دعا الأنصار، فلما حضروا التفت إليهم وقال: (يا معشر الأنصار قد حان الفراق، وقد دعيت وأنا مجيب الداعي، وقد جاورتم فأحسنتم الجوار، ونصرتم فأحسنتم النصرة، وواسيتم في الأموال، ووسّعتم في السكنى، وبذلتم للّه مهج النفوس، واللّه يجزيكم بما فعلتم الجزاء الأوفى، وقد بقيت واحدة، وهي تمام الأمر وخاتمة العمل، العمل بها مقرون، اني أرى أن لا يفرق بينهما جميعاً، لو قيس بينهما بشعرة ما انقاست، من أتى بواحدة وترك الاُخرى كان جاحداً للأولى ولا يقبل اللّه منه صرفاً ولا عدلاً).

فقالوا: يا رسول اللّه بيّنها لنا نتمسّك بها فلا نضلّ ونرتدّ عن الإسلام.

فقال رسول اللّه (صلى الله عليه وآله) في جوابهم: (كتاب اللّه، وأهل بيتي، فإن الكتاب هو القرآن، وفيه الحجة والنور والبرهان، كلام اللّه جديد غض طري شاهد ومحكم عادل ولنا قائد بحلاله وحرامه وأحكامه، يقوم غداً فيحاجّ أقواماً فيزلّ اللّه به أقدامهم عن الصراط، واحفظوني معاشر الأنصار في أهل بيتي، فإن اللطيف الخبير أخبرني انهما لن يفترقا حتى يردا عليَّ الحوض، ألا وان الإسلام سقف تحته دعامة لا يقوم السقف إلا بها، فلو انّ أحدكم أتى بذلك السقف ممدوداً لا دعامة تحته فأوشك أن يخرّ عليه سقفه فيهوي في النار. أيها الناس! الدعامة دعامة الإسلام وذلك قوله تعالى: (إليه يصعد الكلم الطيّب والعمل الصالح يرفعه)(7) فالعمل الصالح طاعة الإمام ولي الأمر من بعدي علي بن أبي طالب والتمسّك بحبله. أيها الناس! أفهمتم؟ اللّه اللّه في أهل بيتي مصابيح الظلم، ومعادن العلم، وينابيع الحكم، ومستقر الملائكة، منهم وصيي وأميني ووارثي علي بن أبي طالب وهو مني بمنزلة هارون من موسى، ألا هل بلّغت معاشر الأنصار؟ ألا فاسمعوا ومن حضر، ألا ان فاطمة بابها بابي وبيتها بيتي، فمن هتكه فقد هتك حجاب اللّه).

وداع مع المهاجرين:

ثم أمر رسول اللّه (صلى الله عليه وآله) بأن يجمعوا له المهاجرين، فلما اجتمعوا التفت إليهم وقال: (أيها الناس اني قد دعيت واني مجيب دعوة الداعي، قد اشتقت إلى لقاء ربّي واللحوق بإخواني من الأنبياء، واني اُعلمكم اني قد اوصيت إلى وصيّي، ولم أهملكم إهمال البهائم، ولم أتارك من اُموركم شيئاً).

فقام إليه أحدهم وقال: يا رسول اللّه أوصيت بما أوصى به الأنبياء من قبلك؟

قال (صلى الله عليه وآله): نعم.

فقال الرجل: فبأمر من اللّه أوصيت أم بأمرك؟

قال (صلى الله عليه وآله) له: اجلس يا فلان، أوصيتُ بأمر اللّه، وأمره طاعته، وأوصيت بأمري، وأمري طاعة اللّه، ومن عصاني فقد عصى اللّه، ومن عصى وصيّي فقد عصاني، ومن أطاع وصيّي فقد أطاعني، ومن أطاعني فقد أطاع اللّه...

ثم التفت (صلى الله عليه وآله) إلى الناس وقال: أيها الناس! اسمعوا وصيّتي، من آمن بي وصدّقني بالنبوة واني رسول اللّه (صلى الله عليه وآله) فأوصيه بولاية علي بن أبي طالب وطاعته والتصديق له، فإن ولايته ولايتي وولاية ربّي، قد أبلغتكم فليبلّغ الشاهد الغائب: ان علي بن أبي طالب هو العلم، فمن قصر دون العلم فقد ضلّ، ومن تقدّمه تقدّم إلى النار، ومن تأخّر عن العلم يميناً هلك، ومن أخذ يساراً غوى، وما توفيقي إلا باللّه، فهل سمعتم؟).

قالوا: نعم.

وفي رواية: انه (صلى الله عليه وآله) قال: ألا اني مخلف فيكم كتاب اللّه ربّي عزّوجل، وعترتي أهل بيتي.

ثم أخذ بيد علي (عليه السلام) فرفعها وقال: هذا علي مع القرآن والقرآن مع علي، خليفتان نصيران، لن يفترقا حتى يردا عليّ الحوض، فأسألهما ماذا خُلّفت فيهما.

مع الثقلين: الأكبر والأصغر:

قال أبو سعيد الخدري: ان آخر خطبة خطبنا بها رسول اللّه (صلى الله عليه وآله) لخطبة خطبنا في مرضه الذي قبض فيه، خرج متوكياً فجلس على المنبر ثم قال: (يا أيها الناس اني تارك فيكم الثقلين) وسكت.

فقام رجل فقال: يا رسول اللّه ما هذان الثقلان؟

قال (صلى الله عليه وآله): ما ذكرتهما إلا وأنا اُريد أن اُخبركم بهما، الثقل الأكبر: كتاب اللّه سبب طرفه بيد اللّه وطرف بأيديكم، والثقل الأصغر: أهل بيتي.

ثم قال (صلى الله عليه وآله): وأيم اللّه اني لأقول لكم هذا ورجال في أصلاب أهل الشرك أرجى عندي من كثير منكم.

ثم قال (صلى الله عليه وآله): واللّه لا يحبّهم عبد إلاّ أعطاه اللّه نوراً يوم القيامة حتى يرد عليّ الحوض، ولا يبغضهم عبد إلا احتجب اللّه عنه يوم القيامة.

وكان ممّا قاله رسول اللّه (صلى الله عليه وآله) والمسلمون مجتمعون حوله: أيها الناس! انه لا نبي بعدي، ولا سنّة بعد سنّتي، فمن ادّعى ذلك فدعواه وباغيه في النار، أيها الناس! احيوا القصاص، واحيوا الحق لصاحب الحق، ولا تفرقوا، وأسلموا وسلّموا، كتب اللّه لأغلبنّ أنا ورسلي إنّ اللّه قويّ عزيز.

ومما قاله (صلى الله عليه وآله) في أيامه الأخيرة: أيها الناس حياتي خير لكم، ومماتي خير لكم، فأما حياتي: فإن اللّه هداكم بي من الضلالة، وأنقذكم من شفا حفرة من النار، وأما مماتي فإن أعمالكم تعرض عليّ، فما كان من حسن استزدت اللّه لكم، وما كان من قبيح استغفرت اللّه لكم.

فقام بعض من حضر وقال: وكيف ذاك يا رسول اللّه وقد رممت؟ يعني: صرت رميماً.

فقال: كلا، ان اللّه حرم لحومنا على الأرض فلا تطعم منها شيئاً.

وإلى هذا أشار أبو عبداللّه الصادق (عليه السلام) عندما قال: مالكم تسوؤن رسول اللّه (صلى الله عليه وآله)؟

فقال له رجل: جعلت فداك وكيف نسوؤه؟

قال (عليه السلام): أما تعلمون ان أعمالكم تعرض عليه، فإذا رأى فيها معصية اللّه ساءه؟ فلا تسوؤا رسول اللّه (صلى الله عليه وآله) وسرّوه.

الوصية والوصي:

ولما ثقل رسول اللّه (صلى الله عليه وآله) في مرضه الذي قبض فيه كان رأسه في حجر علي(عليه السلام)، والبيت مملوء من أصحابه من المهاجرين والأنصار، والعباس بين يديه يذب عنه بطرف ردائه، فالتفت رسول اللّه (صلى الله عليه وآله) إلى عمه العباس وقال: يا عباس يا عم النبي أقبل وصيّتي في أهلي، وفي أزواجي، واقض ديني، وأنجز عداتي، وأبريء ذمّتي.

فقال العباس: يا رسول اللّه أنا شيخ ذو عيال كثير، غير ذي مال ممدود، وأنت أجود من السحاب الهاطل، والريح المرسلة، تباري الريح سخاءاً وكرماً، فلو صرفت ذلك عني إلى من هو أطوق له منّي.

فقال رسول اللّه (صلى الله عليه وآله): أما اني سأعطيها من يأخذها بحقّها، ومن لا يقول مثل ما تقول، يا علي هاكها خالصة لا يحاقك فيها أحد، يا علي أقبل وصيتي، وأنجز مواعيدي، وأدِّ ديني، يا علي اخلفني في أهلي واُمّتي، وبلّغ عني من بعدي.

قال علي (عليه السلام): لما نعى رسول اللّه (صلى الله عليه وآله) إليّ نفسه رجف فؤادي واُلقي علي لقوله البكاء، فلم أقدر أن اُجيبه بشيء.

ثم عاد (صلى الله عليه وآله) لقوله، فقال (صلى الله عليه وآله): يا علي أوَ تقبل وصيّتي؟

قال (عليه السلام): فقلت ، وقد خنقتني العبرة ولم أكد ابين: نعم يا رسول اللّه.

فقال (صلى الله عليه وآله): يا بلال ايتني بذي الفقار، ودرعي ذات الفضول، ايتني بمغفري ذي الجبين، ورايتي العقاب، ايتني بالعنزة والممشوق.

فأتى بلال بذلك كله إلا درعه كانت يومئذ مرهونة في أصوع من شعير، كان (صلى الله عليه وآله) قد استقرضها لقوته وقوت عياله.

ثم قال (صلى الله عليه وآله): ايتني بالمرتجز والعضباء، ايتني باليعفور والدلدل، فأتى بها فوقفها بالباب.

ثم قال (صلى الله عليه وآله): ايتني بالأتحمية والسحاب، فأتى بهما، فلم يزل يدعو بشيء شيء، فافتقد عصابة كان يشدّ بها بطنه في الحرب، فطلبها فأتى بها والبيت غاص يومئذ بمن فيه من المهاجرين والأنصار.

ثم قال (صلى الله عليه وآله): يا علي قم فاقبض هذا في حياة منّي، وشهادة من في البيت، لكيلا ينازعك أحد من بعدي.

قال علي (عليه السلام): فقمت واستودعت ذلك جميعاً منزلي، ثم جئت فقمت بين يدي رسول اللّه (صلى الله عليه وآله) فنظر إليَّ ثم عمد إلى خاتمه فنزعه ثم دفعه إليَّ وقال: هاك يا علي هذا لك في الدنيا والآخرة.

ثم قال (صلى الله عليه وآله) لي: يا علي أجلسني، فأجلسته وأسندته إلى صدري.

قال علي (عليه السلام): فلقد رأيت رسول اللّه (صلى الله عليه وآله) وان رأسه ليثقل ضعفاً وهو يقول يسمع أقصى أهل البيت وأدناهم: إنّ أخي ووصيّي ووزيري وخليفتي في أهلي واُمّتي علي بن أبي طالب، يقضي ديني، وينجز موعدي، يا بني هاشم يا بني عبد المطلب لا تبغضوا علياً، ولا تخالفوا عن أمره فتضلّوا.

ثم قال (صلى الله عليه وآله): أضجعني يا علي، فأضجعته، فقال (صلى الله عليه وآله) لبلال: يا بلال ايتني بولديَّ الحسن والحسين، فانطلق فجاء بهما فأسندهما إلى صدره، فجعل (صلى الله عليه وآله) يشمّهما.

قال علي (عليه السلام): فظننت انهما قد غمّاه ـ يعني أكرباه ـ فذهبت لآخذهما عنه.

فقال (صلى الله عليه وآله): دعهما يا علي يشمّاني وأشمّهما، ويتزوّدا منّي وأتزوّد منهما، فسيلقيان من بعدي زلزالاً، وأمراً عضالاً، فلعن اللّه من يخيفهما، اللّهمّ إنّي أستودعكهما وصالح المؤمنين.

مع ابنته فاطمة (عليها السلام):

قال سلمان: بينا أنا عند رسول اللّه (صلى الله عليه وآله) في مرضه الذي قبض فيه، إذ دخلت عليه فاطمة (عليها السلام) فلما رأت ما به (صلى الله عليه وآله) خنقتها العبرة حتى فاضت دموعها على خدّيها، فأبصر ذلك رسول اللّه (صلى الله عليه وآله) فقال: ما يبكيك يا بنيّة، أقرّ اللّه عينك ولا أبكاها؟

قالت (عليها السلام): وكيف لا أبكي وأنا أرى ما بك من الضعف؟ فمن لنا بعدك يا رسول اللّه؟

فقال (صلى الله عليه وآله) لها (عليها السلام) : يا فاطمة لكم اللّه فتوكّلي عليه واصبري كما صبر آباؤك من الأنبياء، واُمّهاتك من أزواجهم، ألا أُبشرك يا فاطمة؟

قالت (عليها السلام): بلى يا أبه.

قال (صلى الله عليه وآله): أما علمت ان اللّه تعالى اختار أباك فجلعه نبياً، وبعثه إلى كافة الخلق رسولاً، ثم اختار علياً فأمرني فزوّجتك إياه، واتخذته بأمر ربّي وزيراً ووصيّاً، يا فاطمة انّ علياً أعظم المسلمين على المسلمين بعدي حقاً، وأقدمهم سلماً، وأعزهم خطراً، وأجملهم خلقاً، وأشدّهم في اللّه وفيّ غضباً، وأعلمهم علماً، وأحلمهم حلماً، وأثبتهم في الميزان قدراً، وأشجعهم قلباً، وأربطهم جأشاً، وأسخاهم كفاً.

فاستبشرت فاطمة (عليها السلام)، فأقبل عليها رسول اللّه (صلى الله عليه وآله) وقال: هل سررتك يا فاطمة؟

قالت (عليها السلام) : نعم يا أبة، الحديث.

وصايا خاصة:

قال ابن عباس: لما مرض رسول اللّه (صلى الله عليه وآله) وعنده أصحابه قام إليه عمار بن ياسر فقال له: فداك أبي واُمي يا رسول اللّه من يغسلك منا إذا كان ذلك منك؟

قال (صلى الله عليه وآله): ذاك علي بن أبي طالب (عليه السلام)، لأنه لا يهمّ بعضو من أعضائي إلا أعانته الملائكة على ذلك.

فقال له: فداك أبي واُمي يا رسول اللّه فمن يصلّي عليك منّا إذا كان ذلك منك؟

قال (صلى الله عليه وآله): مه! رحمك اللّه، ثم قال لعلي (عليه السلام): يا ابن أبي طالب إذا رأيت روحي قد فارقت جسدي فاغسلني، وانق غسلي، وكفّني في طمريّ هذين، أو في بياض مصر، وبرد يمان، ولا تغال في كفني، واحملوني حتى تضعوني على شفير قبري، فأول من يصلّي عليّ الجبّار جلّ جلاله من فوق عرشه، ثم جبرائيل وميكائيل وإسرافيل في جنود من الملائكة لا يحصي عددهم إلا اللّه عزّوجل، ثم الحافّون بالعرش، ثم سكّان أهل سماء فسماء، ثم جلّ أهل بيتي ونسائي الأقربون فالأقربون، يؤمون ايماءاً، ويسلّمون تسليماً.

حقوق الناس:

قال ابن عباس: ثم ان رسول اللّه (صلى الله عليه وآله) قال لبلال: يا بلال هلمّ عليّ بالناس، فاجتمع الناس، فخرج رسول اللّه (صلى الله عليه وآله) متعصّباً بعمامته، متوكياً على قوسه، حتى صعد المنبر، فحمد اللّه وأثنى عليه، ثم قال: يا معاشر أصحابي أيّ نبيّ كنت لكم؟

قالوا: كنت للّه صابراً، وعن منكر بلاء اللّه ناهياً، فجزاك اللّه عنّا أفضل الجزاء.

فقال (صلى الله عليه وآله): وأنتم فجزاكم اللّه، ثم قال (صلى الله عليه وآله): انّ ربّي عزّوجل حكم وأقسم أن لا يجوزه ظلم ظالم، فناشدتكم باللّه أيّ رجل منكم كانت له قِبَل محمد مظلمة إلاّ قام فليقتص منه، فالقصاص في دار الدنيا أحبّ إليَّ من القصاص في دار الآخرة على رؤوس الملائكة والأنبياء.

فقام إليه رجل من أقصى القوم يقال له: سوادة بن قيس وقال: فداك أبي واُمّي يا رسول اللّه، انك لما أقبلت من الطائف استقبلتك وأنت تريد الراحلة فأصاب بطني، فلا أدري عمداً أو خطأً.

فقال (صلى الله عليه وآله): معاذ اللّه أن أكون قد تعمّدت، ثم قال: يا بلال قم إلى منزل فاطمة فائتني بالقضيب الممشوق.

فخرج بلال وهو ينادي في سكك المدينة: معاشر الناس من ذا الذي يعطي القصاص من نفسه قبل يوم القيامة؟ فهذا محمد (صلى الله عليه وآله) يعطي القصاص من نفسه قبل يوم القيامة!

فلما وصل منزل فاطمة (عليها السلام) طرق الباب وهو يقول: يا فاطمة قومي فوالدك يريد القضيب الممشوق.

فأقبلت فاطمة (عليها السلام) وهي تقول: يا بلال وما يصنع والدي بالقضيب الممشوق في مثل هذا اليوم؟!

فقال بلال: يا فاطمة أما علمتِ انّ والدكِ قد صعد المنبر وهو يودّع أهل الدين والدنيا.

فصاحت فاطمة (عليها السلام) وقالت: واغمّاه لغمّك يا أبتاه، من للفقراء والمساكين وابن السبيل، يا حبيب اللّه وحبيب القلوب؟

ثم ناولت بلالاً القضيب، فجاء به حتى ناوله رسول اللّه (صلى الله عليه وآله)، عندها قال رسول اللّه (صلى الله عليه وآله): أين الشيخ؟

قام الشيخ وهو يقول: ها أنا ذا يا رسول اللّه بأبي أنت واُمّي.

فقال (صلى الله عليه وآله): تعال فاقتصّ منّي حتى ترضى.

فجاء الشيخ وقال: فاكشف لي عن بطنك يا رسول اللّه، فكشف (صلى الله عليه وآله) عن بطنه مستسلماً للقصاص.

فقال الشيخ: بأبي أنت واُمي يا رسول اللّه، أتأذن لي أن أضع فمي على بطنك؟

فأذن (صلى الله عليه وآله) له، فوضع الشيخ فمه عليه يقبّله وهو يقول: أعوذ بموضع القصاص من بطن رسول اللّه (صلى الله عليه وآله) من النار يوم النار.

فقال (صلى الله عليه وآله) له عند ذلك: يا سوادة بن قيس أتعفو أم تقتصّ؟

قال: بل أعفو يا رسول اللّه.

فقال (صلى الله عليه وآله): اللّهمّ اعف عن سوادة بن قيس كما عفى عن نبيّك محمّد.

أقول : الظاهر ان سوادة بن قيس أراد أن يقبّل جسم رسول اللّه (صلى الله عليه وآله) فقال ما قال، وإلا فالرسول (صلى الله عليه وآله) لا يخطأ حتى في مثل ما ادعاه سوادة، لأن العصمة تمنع عن الخطأ، ولعل الرسول (صلى الله عليه وآله) لم يكذبه حتى لا يقول الناس ان النبي (صلى الله عليه وآله) حيث أراد التخلّص من القصاص كذب سوادة.

ثم قام رسول اللّه (صلى الله عليه وآله) فدخل بيت اُم سلمة وهو يقول: ربّ سلّم اُمّة محمد من النار، ويسّر عليهم الحساب.

فقالت اُم سلمة: يا رسول اللّه ما لي أراك مغموماً متغيّر اللون؟

فقال (صلى الله عليه وآله): نعيت إلى نفسي هذه الساعة، فسلام لك في الدنيا، فلا تسمعين بعد هذا صوت محمد أبداً.

فقالت اُم سلمة: واحزناه حزناً لا تدركه الندامة عليك يا محمداه.

___________

1 ـ الشورى: 23.

2 ـ الأحزاب: 6.

3 ـ راجع شرح النهج لابن أبي الحديد: ج6 ص52, دار إحياء التراث العربي, وفيه: (انفذوا جيش اُسامة, لعن الله من تخلّف عنه, وكرّر ذلك).

4 ـ وفي شرح النهج لابن أبي الحديد: (انفذوا جيش اُسامة لعن الله من تخلّف عنه وكرر ذلك) ج6 ص52/ دار إحياء التراث العربي.

5 ـ راجع مسند أحمد بن حنبل: ج1 ص355 ح3326 وفيه: (قال رسول الله: ائتوني باللوح والدواة, أو الكتف, اكتب لكم كتاباً لا تضلوا بعده أبداً, فقالوا: إن رسول الله ليهجر) ومثله في صحيح مسلم: ج3 ص1259 ح1, وراجع صحيح البخاري ج1 ص29 ط دار إحياء التراث العربي, باب كتابة العلم, وفيه: (قال عمر: إن النبي غلبه الوجع وعندنا كتاب الله حسبنا) والبخاري: ج6 ص11 باب مرض النبي, وفيه: (فقال بعضهم: ان رسول الله قد غلبه الوجع وعندكم القرآن حسبنا كتاب الله). [الناشر].

6 ـ النجم: 2 ـ 4.

7 ـ فاطر: 10.

 




العرب امة من الناس سامية الاصل(نسبة الى ولد سام بن نوح), منشؤوها جزيرة العرب وكلمة عرب لغويا تعني فصح واعرب الكلام بينه ومنها عرب الاسم العجمي نطق به على منهاج العرب وتعرب اي تشبه بالعرب , والعاربة هم صرحاء خلص.يطلق لفظة العرب على قوم جمعوا عدة اوصاف لعل اهمها ان لسانهم كان اللغة العربية, وانهم كانوا من اولاد العرب وان مساكنهم كانت ارض العرب وهي جزيرة العرب.يختلف العرب عن الاعراب فالعرب هم الامصار والقرى , والاعراب هم سكان البادية.



مر العراق بسسلسلة من الهجمات الاستعمارية وذلك لعدة اسباب منها موقعه الجغرافي المهم الذي يربط دول العالم القديمة اضافة الى المساحة المترامية الاطراف التي وصلت اليها الامبراطوريات التي حكمت وادي الرافدين, وكان اول احتلال اجنبي لبلاد وادي الرافدين هو الاحتلال الفارسي الاخميني والذي بدأ من سنة 539ق.م وينتهي بفتح الاسكندر سنة 331ق.م، ليستمر الحكم المقدوني لفترة ليست بالطويلة ليحل محله الاحتلال السلوقي في سنة 311ق.م ليستمر حكمهم لاكثر من قرنين أي بحدود 139ق.م،حيث انتزع الفرس الفرثيون العراق من السلوقين،وذلك في منتصف القرن الثاني ق.م, ودام حكمهم الى سنة 227ق.م، أي حوالي استمر الحكم الفرثي لثلاثة قرون في العراق,وجاء بعده الحكم الفارسي الساساني (227ق.م- 637م) الذي استمر لحين ظهور الاسلام .



يطلق اسم العصر البابلي القديم على الفترة الزمنية الواقعة ما بين نهاية سلالة أور الثالثة (في حدود 2004 ق.م) وبين نهاية سلالة بابل الأولى (في حدود 1595) وتأسيس الدولة الكشية أو سلالة بابل الثالثة. و أبرز ما يميز هذه الفترة الطويلة من تأريخ العراق القديم (وقد دامت زهاء أربعة قرون) من الناحية السياسية والسكانية تدفق هجرات الآموريين من بوادي الشام والجهات العليا من الفرات وتحطيم الكيان السياسي في وادي الرافدين وقيام عدة دويلات متعاصرة ومتحاربة ظلت حتى قيام الملك البابلي الشهير "حمورابي" (سادس سلالة بابل الأولى) وفرضه الوحدة السياسية (في حدود 1763ق.م. وهو العام الذي قضى فيه على سلالة لارسة).





موكب أهالي كربلاء يهدي ممثل المرجعية العليا درعا تثمينا للمساهمات الفاعلة والمساندة لإنجاح الفعاليات التي يقيمها خلال المناسبات الدينية
مراحل متقدمة من الإنجاز يشهدها مشروع مركز الشلل الدماغي في بابل
الأمين العام للعتبة الحسينية المقدسة: يجب الاهتمام بالباحثين عن العمل ومنحهم الفرص المناسبة عبر الاهتمام بقدراتهم ومؤهلاتهم وإبداعاتهم
يمتد على مساحة (500) دونم ويستهدف توليد الطاقة الكهربائية.. العتبة الحسينية تعلن عن الشروع بإنشاء مشروع معمل لتدوير النفايات في كربلاء