1- النظرة المعاصرة لدور إدارة الموارد البشرية: يمكن القول بأنه مع التغير المعاصر في مجال الاهتمام بالموارد البشرية أصبح لإدارة الموارد البشرية أهمية كبرى في المنظمات المعاصرة في الدول المتقدمة، فقد باتت هي الجهة الرئيسية المسؤولة عن تنظيم علاقة المورد البشري في العمل مع المنظمة، و أصبح ينظر إلى دورها و ممارساتها على أنها وسيلة لتفجير طاقات التفكير و الإبداع لدى هذا المورد الهام، و عليه أصبح موقع إدارة الموارد البشرية في الهيكل التنظيمي للمنظمة المعاصرة هو الإدارة العليا، فهي الناصح و المرشد و المساعد لإداراتها المختلفة في تعاملها مع مواردها البشرية.

و نعرض توجهات المنظمات في الدول الصناعية مع بداية القرن ال 21 فيم يخص الموارد البشرية و إداراتها، وذلك من خلال دراسة قامت بها شركة IBM: كما يلي ( 1).

- العمل على جعل المورد البشري أحد أصول المنظمة الأساسية التي تحقق لها القيمة المضافة.

- العنصر البشري هو سلاح المنظمة في البقاء لأن رضا المستهلك مرتبط برضاه.

- العنصر البشري و إدارته يأخذان ترتيبا عاليا في قائمة اهتمامات الإدارة العليا في المنظمات.

- دعم جهود إدارة الموارد البشرية لتفجير طاقات و قدرات الموارد البشرية، و تحفيزها بشكل جيد لتحقيق الإبداع و الابتكار لديها.

- توفير المرونة الكافية في عمل الموارد البشرية و إداراتها.

- ربط نجاح المنظمة بنجاح الموارد البشرية و إدارتها من خلال رضا الزبائن.

- تمكين إدارة الموارد البشرية من وضع برامج لدمج العاملين في المنظمة.

يمكن القول إن عمل و مهمة إدارة الموارد البشرية مهمة حساسة و صعبة جدا ، فلماذا ؟

تتمثل صعوبة عمل هذه الإدارة في كونها تتعامل مع الإنسان الكائن الحي المعقد، الذي يؤثر في دافعيته واتجاهاته و سلوكه عوامل متعددة و متشابكة، نابعة من ذاته و شخصيته و من الظروف البيئية المحيطة به. و بعمله. فإدارة الموارد البشرية تتعامل مع العنصر البشري من خلال المتغيرات التالية:

قدراته، إمكاناته، اتجاهاته، دافعيته، أدائه و سلوكه، مدى إدراكه للدور المطلوب منه أداؤه في عمله و الظروف المحيطة به و بعمله. هذه المتغيرات متباينة من شخص لآخر، و هي في حالة تغير مستمر، فهي لا تتصف بطابع الاستقرار، و هذا ما يزيد من صعوبة عمل إدارة الموارد البشرية، التي لا تتعامل مع أشياء جامدة كالآلات التي يمكن التحكم بها، بل تتعامل مع بشر، لهم انفعالات متنوعة، و سلوكيات متباينة، تتأثر بالعوامل البيئية داخل المنظمة و خارجها.

كما أنه تتباين أهمية إدارة الموارد البشرية من بلد لآخر، فهي تلقى الاهتمام الكبير في الدول الصناعية المتقدمة في حين أنها غير ذلك في الدول النامية. كما تتباين هذه الأهمية من منظمة لأخرى حسب ما يلي (2).  طبيعة عملها، حجم نشاطها، عدد العمال، توزيعها الجغرافي، مدى التدخل الحكومي في ميادين العمل، وجود النقابات و مدى قوتها، فلسفة المنظمة و نظرتها للعنصر البشري، استراتيجية المنظمة المستقبلية.

و كمثال عن مدى أهمية العنصر البشري فقد أجريت دراسة في التسعينات من الألفية الماضية في الولايات المتحدة الأمريكية، تتعلق بأفضل مئة شركة، و لم تستخدم الدراسة معايير مفاضلة بين هذه الشركات كالحجم، رأس المال، أو نوع الصناعة، أو الموقع الجغرافي على الرغم من أهمية هذه الخصائص إلا أنها استخدمت خاصية واحدة هي: مدى كفاءة الشركة في التعامل مع مواردها البشرية من خلال إدارة هذه الموارد ، و ما تصنعه و تنفذه من برامج متنوعة في مجالات التدريب و التنمية، و التحفيز و الرعاية ...الخ

و من خلال ما سبق يمكن استنتاج مفهوم عام لمدير الموارد البشرية حسب النظرة المعاصرة له.(3).

- اختصاصي: درس علم و معرفة الإدارة أكاديميا في الجامعة بوجه عام و إدارة الموارد البشرية بشكل خاص ، و يحمل مؤهلا تعليميا جامعيا في المجالين السابقين.

- استشاري: ذو مهارات متعددة تمكنه من ممارسة معظم وظائف إدارة الموارد البشرية في كافة مجالات العمل داخل المنظمة ( تخطيط المورد البشري، التدريب، تقييم الوظائف...الخ) كما تمكنه من تقديم النصح و المشورة و المساعدة لكافة المديرين و الرؤساء حول كيفية التعامل الإيجابي مع مرؤوسيهم، و هو جهة استشارية مركزية في المنظمة.

- تنفيذي: هو عنصر في الإدارة التنفيذية العليا شأنه شأن باقي مديري الإدارات الأخرى، و يعمل تحت الإشراف المباشر للمدير التنفيذي العام و مسؤول عن اتخاذ القرارات المتعلقة بالموارد البشرية و تنفيذها .

- منسق: هو دائم الاتصال مع مديري الإدارات في المنظمة، فيمدهم بسياسات و برامج الموارد البشرية التي سيطبقونها في إداراتهم، و متابعة تطبيقها، للتأكد من أن التطبيق يتم بشكل موحد في جميع الإدارات .

- شريك: يساهم مع باقي مديري الإدارات باعتباره تنفيذي مثلهم، في وضع استراتيجية المنظمة وتحقيق أهدافها.

- نائب الرئيس: أصبح مدير إدارة الموارد البشرية في العديد من الشركات الأمريكية و الأوروبية و اليابانية، أحد نواب مدير عام الشركة، نظرا لدوره الهام في المنظمة، و احتياج رئيسها له في معظم الأوقات. إلى جانب ما تقدم يتوجب على مدير إدارة الموارد البشرية أن يلم بالأمور التالية:

- قوانين و تشريعات العمل و خبرة و ممارسة في مجالها.

- عمل النقابات.

- طبيعة عمل الإدارات الأخرى في المنظمة.

- الإدارة الإستراتيجية.

- رسالة المنظمة و ثقافتها التنظيمية.

-علم النفس و الاجتماع.

و بوجه عام يجب أن يتحلى مدير إدارة الموارد البشرية بخصائص شخصية منها :

- الشخصية الجذابة .

- الصبر و التحمل.

- القدرة على الفهم و الاستيعاب و إدراك الأمور.

- القدرة على اتخاذ القرارات من خلال مهارة التحليل و الاستنتاج.

- القدرة على إقناع الآخرين

- مهارة التعامل مع الناس و بشكل خاص عملية الاتصال بهم

_______________________________________________________________________________

1-  عمر وصفي عقيلي، مرجع سبق ذكره ص 48

2-  نفس المرجع السابق ص 49

3-  عمر وصفي عقيلي مرجع سبق ذكره ص 51