المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية
آخر المواضيع المضافة
أمنمحات بن تحتمس مدير بيت الوزير (وسر) الإخلاص في خدمة مصر كان الهدف الأول للوزير. أهمية نقوش مقابر الوزراء في التاريخ. الوزير (وسر) يحل محل والده عامثو. تحتمس الثالث رجل حرب بطبعه. الموظفون وحياتهم الاجتماعية فعهد تحتمس الوزير (وسر آمون) الجهاز التناسلي الانثوي في الدجاج الجهاز البولي للدجاج اشكال عرف الدجاج الـتسعـيـر علـى اسـاس مـتوسـط تـكاليـف خـدمـة الـودائـع تـسعيـر الـودائـع والخـدمـات المـرتبـطـة بـهـا (اسـاليـب التـسـعيـر المـستـنـدة إلـى التكـلفـة) دور المـصرف الـمركـزي والتـشريـعات ذات العلاقـة فـي تـسعيـر المـنتجات والخـدمـات المـصرفـيـة مـرونـة الـطـلـب وإيجابيات وسلبيات التحليـل الإقتـصادي لتسعـير الـمنتجات والخـدمـات المـصرفيـة (الإيـراد والتـكلـفـة "الحـديـان " Marginal) فـي تـقديـم المـنـتجات والخـدمـات المـصـرفـيـة أسباب كسب الحق في ملكية العلامة التجارية

الفقه الاسلامي واصوله
عدد المواضيع في هذا القسم 7456 موضوعاً
المسائل الفقهية
علم اصول الفقه
القواعد الفقهية
المصطلحات الفقهية
الفقه المقارن

Untitled Document
أبحث عن شيء أخر

الأفعال التي تنصب مفعولين
23-12-2014
صيغ المبالغة
18-02-2015
الجملة الإنشائية وأقسامها
26-03-2015
اولاد الامام الحسين (عليه السلام)
3-04-2015
معاني صيغ الزيادة
17-02-2015
انواع التمور في العراق
27-5-2016


حجّية الظواهر  
  
1274   12:02 مساءاً   التاريخ: 5-9-2016
المؤلف : ناصر مكارم الشيرازي
الكتاب أو المصدر : أنوَار الاُصُول
الجزء والصفحة : ج 2 ص 294.
القسم : الفقه الاسلامي واصوله / علم اصول الفقه / مباحث الحجة /

بعد أن ثبت إمكان التعبّد بالظنّ وبعد ثبوت أنّ الأصل هو عدم حجّية الظنّ إلاّ ما خرج ، تصل النوبة إلى البحث عمّا وقع التعبّد به خارجاً ، أي ما خرج من الظنون عن هذا الأصل ، فنقول : من جملة الظنون التي خرجت عن تحت أصالة حرمة العمل بالظنّ ودلّ الدليل على حجّيتها ظواهر الألفاظ مطلقاً من دون اختصاصها بالألفاظ الواردة في الكتاب والسنّة كما ذهب إليه المحقّق الخراساني رحمه‌ الله ، فلا إشكال في حجّية ظواهر الألفاظ التي وردت في كتب الوصايا والأوقاف ورسائل العقود والعهود وإسناد المعاملات ، فلا زال البحث عنها بين الناس ثمّ يرسلونها إلى الفقهاء ويستفتون عن حكمها ، وكان عليه سيرة المسلمين في الماضي والحال ، مع أنّها من الموضوعات لا الأحكام ( خلافاً لأغلب الألفاظ الواردة في الكتاب والسنّة ) لكن لا بأس به لما مرّ سابقاً من أنّ تشخيص الموضوعات المعقّدة المشكلة على عهدة الفقيه ، ولا يقول فقيه : أنّه خارج عن شؤون الفقاهة ولست مكلّفاً بالجواب عنه حيث إنّ الأعظم من الفقهاء كانوا بل لا زال كانوا يستقبلون عن الأسئلة المربوطة بالموضوعات ويجيبون عنها كما يظهر لمن راجع فروعات كتاب العروة الوثقى فإنّ كثيراً من فروعاتها من هذا القبيل.

وكيف كان ، لا إشكال في حجّية ظواهر الألفاظ إجمالاً ، ( إنّما الإشكال والكلام في بعض خصوصيّاته وجزئياته ) واستدلّوا لها ببناء العقلاء الذي لم يردع الشارع عنه ، ويمكن أيضاً الاستدلال بلزوم نقض الغرض لو لم نقل بالحجّية ، وذلك لأنّ الغرض الأصلي في وضع الألفاظ التفهيم والتفهّم ، فلو اكتفى بالألفاظ الصريحة والقطعيّة الدلالة مع ملاحظة تلك المجازات والاستعارات الكثيرة ، والتصرّفات الحاصلة في الألفاظ التي توجب طبعاً تضييق دائرة الألفاظ الصريحة يلزم نقض غرض الواضع بلا ريب.

لكن للمحقّق الحائري رحمه‌ الله هنا بياناً يليق بالذكر وحاصله : أنّه إذا ثبت عندنا أمران نقطع بأنّ مراد المتكلّم هو ما يستفاد من ظاهر اللفظ :

أحدهما : أن نعلم بأنّ المتكلّم يكون في مقام البيان وتفهيم المراد.

ثانيهما : أن نعلم أنّه لم ينصب قرينة توجب إنصراف اللفظ عن ظاهره.

واستدلّ له بأنّه لولا ذلك لزم نقض الغرض ، أي لزم الالتزام بأنّه تصدّي لنقض غرضه عمداً وهذا مستحيل ، ولذلك لا يختصّ ذلك بمورد يكون المتكلّم حكيماً لأنّ العاقل لا يعمل عملاً يكون فيه نقض غرضه سواء كان حكيماً أم لا ، وهذا واضح.

هذا كلّه إذا أحرزنا المقدّمتين كلتيهما ، أمّا إذا شككنا في أنّ المتكلّم أراد من اللفظ معناه الظاهر أو غيره ، فإمّا أن يكون الشكّ من جهة الشكّ في كونه في مقام التفهيم ، وإمّا من جهة الشكّ في وجود القرينة ، وإمّا من جهة كليهما ، فيقول بالنسبة إلى الصورة الاولى : أنّ الأصل المعوّل عليه عند العقلاء كونه في مقام تفهيم مراده ، وهذا الأصل لا شبهة لأحد منهم فيه ، وبالنسبة إلى الصورة الثانية يقول : هل الأصل المعوّل عليه فيها هو أصالة عدم القرينة أو أصالة الحقيقة ( أصالة الظهور )؟ وتظهر الثمرة بينهما فيما لو إقترن بالكلام ما يصلح لكونه قرينة ، فعلى الأوّل يوجب إجمال اللفظ لعدم جريان أصالة عدم القرينة مع وجود ما يصلح للقرينيّة ، وعلى الثاني يؤخذ بمقتضى المستفاد من الوضع والمستظهر من اللفظ حتّى يعلم خلافه.

ثمّ قال : « فاعلم أنّ اعتبار الظهور الثابت للكلام وإن شكّ في احتفافه بالقرينة ممّا لا إشكال فيه في الجملة ، وأمّا كون ذلك من جهة الاعتماد على أصالة الحقيقة كي لا يرفع اليد عنها في صورة وجود ما يصلح للقرينيّة فغير معلوم ، وإن كان قد يدّعي أنّ بناء العقلاء على الجري على ما يقتضيه طبع الأشياء ما داموا شاكّين في الصحّة والفساد لأنّ مقتضى طبع كلّ شيء إن يوجد صحيحاً ، والفساد يجيء من قبل أمر خارج عنه ، ولعلّه من هذا القبيل القاعدة المسلّمة عندهم « كلّ دم يمكن أن يكون حيضاً فهو حيض » فإنّ مقتضى طبع المرأة أن يكون الدم الخارج منها دم حيض وغيره خارج عن مقتضى الطبع ».

ثمّ قال : « وعلى هذا نقول : أنّ مقتضى طبع اللفظ الموضوع أن يستعمل في معناه الموضوع له لأنّ الحكمة في الوضع تمكّن الناس من أداء مراداتهم بتوسّط الألفاظ فاستعماله في غيره إنّما جاء من قبل الأمر الخارج عن مقتضى الطبع ... إلى أن قال : وكيف كان فالمتيقّن من الحجّية هو الظهور المنعقد للكلام خالياً عمّا يصلح لأن يكون صارفاً » ( انتهى ) (1).

هذا كلّه في حجّية الظواهر إجمالاً.

وأمّا بالنسبة إلى خصوصيّاتها وجزئياتها فوقع النزاع في امور ثلاثة :

1 ـ هل الحجّية هنا مقيّدة بحصول الظنّ الشخصي على الوفاق؟

2 ـ هل هي مقصورة على من قصد إفهامه؟

3 ـ هل تكون ظواهر الكتاب حجّة مستقلاً أو بعد تفسير الأئمّة المعصومين عليهم‌السلام كما ذهب إليه الأخباريون؟

أمّا الأمر الأوّل : فاختلفوا فيه على أربعة أقوال :

1 ـ قول من يقول بتقييدها بالظنّ بالوفاق.

2 ـ قول من يقول بتقييدها بعدم الظنّ بالخلاف.

3 ـ قول من لا يعتبر الظنّ الشخصي مطلقاً.

4 ـ تفصيل المحقّق النائيني رحمه‌ الله بين الألفاظ التي تتردّد بين العبيد والموالي وفي مقام الاحتجاج ، والألفاظ التي لا تصدر في هذا المقام كالمتردّدة بين صديقين مثلاً فاعتبر حصول الظنّ ( بل حصول أعلى مراتبه وهو الاطمئنان ) بالوفاق في الثاني دون الأوّل.

واستدلّ القائلون بالقول الثالث ، أي عدم اعتبار الظنّ الشخصي مطلقاً ، بإطلاق بناء العقلاء (الذي كان هو المدرك في أصل حجّية الظواهر) القائم على الأخذ بالظواهر واتّباعها إلى أن يعلم بالخلاف ، والدليل على هذا الإطلاق هو عدم صحّة الاعتذار عن مخالفتها بعدم إفادتها الظنّ بالوفاق ولا بوجود الظنّ بالخلاف.

أقول : الحقّ صحّة هذا الإطلاق وإنّ استدلالهم به في محلّه ولا بأس به.

وأمّا تفصيل المحقّق النائيني رحمه ‌الله وهو عدم اعتبار حصول الظنّ بالوفاق في موارد الاحتجاج واعتباره في غيره فهو دعوى بلا دليل وإن كان بناء كثير من الناس في غير الموالي والعبيد على الاحتياط في هذه الموارد ، لا سيّما إذا كان في الامور المهمّة والأموال الضخمة.

نعم ، يستثنى منه بعض ما ثبتت أهميّته في نظر الشارع المقدّس كباب الحدود والديّات من باب أنّ الحدود تدرأ بالشبهات.

نعم ، هيهنا تفصيل آخر ( وهو المختار ) بين ما إذا كان الظنّ الشخصي مخالفاً لقرينة توجب الظنّ على الخلاف ، لمن اطّلع عليها غالباً بحيث تكون قابلة للإراءة والاستناد بها على الخلاف، وما إذا لم يكن كذلك ، فيمكن أن يقال : إنّ العقلاء لا يعتمدون على الكلام في الصورة الاولى وإن كان ظاهراً في المراد عرفاً.

هذا كلّه في الأمر الأوّل.

وأمّا الأمر الثاني : وهو تفصيل المحقّق القمّي رحمه ‌الله بين من قصد إفهامه بالكلام وغيره وأنّ ظواهر الكتاب حجّة بالنسبة إلى الأوّل دون الثاني ، فتظهر ثمرته في الخطابات الشفاهيّة في القرآن الكريم حيث إنّه بناءً على هذا التفصيل يختصّ هذا القبيل من الخطابات بالمشافهين دون الغائبين والمعدومين لعدم كونهم مقصودين بالإفهام ، كما تظهر الثمرة أيضاً في الرّوايات التي كان شخص الراوي لها مقصوداً بالإفهام كما إذا سئل زرارة مثلاً مسألة شخصية خاصّة بنفسه فليست ظواهر هذا القبيل من الرّوايات حجّة بالنسبة إلينا بناءً على التفصيل المذكور بل تنحصر الحجّة منها في الرّوايات التي يكون المخاطب فيها أعمّ من المشافهين كالتي ورد فيها قوله عليه‌ السلام : « فليبلّغ الشاهد الغائب » وهي من قبيل خطبة النبي صلى ‌الله‌ عليه‌ وآله في مسجد الخيف وخطبته في منى.

وعلى كلّ حال استدلّ الميرزا القمّي رحمه ‌الله بما حاصله ( على ما ذكر المحقّق الإصفهاني رحمه ‌الله لكلامه من التوجيه ) أنّ دليل حجّية ظواهر الكتاب إنّما هو عدم تحقّق نقض الغرض ( لأنّ عدم حجّية الظاهر مع كون المتكلّم في مقام البيان ومع أنّه لم ينصب قرينة على الخلاف يوجب نقض الغرض ) وهو خاصّ بالمقصودين بالإفهام فقط لأنّه يكفي نصب القرائن الحاليّة أو المقاليّة لمن قصد إفهامه فحسب وأمّا اختفائها ممّن لم يقصد إفهامه فلا يوجب نقض غرضه من الكلام ، وبعده لا يبقى دليل لحجّية ظاهر كلامه بالنسبة إلى غيرهم (2).

أقول : الإنصاف كما ذهب إليه المحقّقون هو عدم الفرق بين من قصد إفهامه وغيره ، وذلك لعدم انحصار دليل حجّية الظواهر في لزوم نقض الغرض ، بل العمدة فيها إنّما هي بناء العقلاء، ولا فرق عندهم بين الصورتين كما تشهد عليه شواهد كثيرة :

منها : أنّ القضاة لا يزالون يستندون إلى الشرائط التي حصلوا عليها من ناحية شخص أقرّ صديقه بشيء عنده مع أنّه هو المقصود بالإفهام.

ومنها : اعتمادهم بسجلاّت الأوقاف حتّى في ما إذا كان المخاطب فيها شخص المتولّي أو خصوص إنسان آخر.

ومنها : اعتمادهم بالمكالمات التلفونية أو المكاتبات السرّية التي يكون غير المخاطب فيها مقصوداً بالإخفاء فضلاً عن عدم كونه مقصوداً بالإفهام واستدلالهم بها. هذا أوّلاً.

وثانياً : سلّمنا باختصاص حجّية الظواهر بمن قصد إفهامه إلاّ أنّه لا تترتّب عليه ثمرة بالنسبة إلى خطابات القرآن والرّوايات.

أمّا الاولى : فلأنّ القرآن خاتم الكتب السماويّة ولا إشكال في أنّ المقصود بالإفهام من خطاباتهم جميع الناس إلى الأبد ، ولذلك ورد الأمر بالترتيل عند قرائتها واجابة خطاباتها بقول القاري « لبّيك ربّنا ».

وأمّا الثانية : فلأنّها على قسمين : قسم يكون من قبيل تأليف المؤلّفين للكتب التي ليس المقصود بالإفهام فيها شخصاً خاصّاً أو أشخاصاً معينين ، ولا إشكال فيها للمحقّق القمّي رحمه‌ الله نفسه أيضاً ، وقسم آخر لا يكون كذلك إلاّ أن عدالة الراوي أو وثاقته وأمانته في النقل تقتضي نقل القرائن التي دخيلة في الفهم من الرّواية أيضاً بحيث يعدّ عدم نقله إيّاها من الخيانة في النقل.

فتلخّص أنّ كلامه مضافاً إلى عدم تناسبه مع الدليل المعتبر في حجّية الظواهر لا تترتّب عليه ثمرة في ما بأيدينا من آيات الكتاب وأخبار السنّة.

هذا كلّه في الأمر الثاني.

أمّا الأمر الثالث : وهو حجّية ظواهر كتاب الله مستقلاً فالمعروف والمشهور بين أصحابنا الإماميّة هو الحجّية ، وأنكرها جماعة من الأخباريين ، وقالوا بعدم حجّيتها قبل ورود تفسير الأئمّة المعصومين ، وهذا التفريط الذي يقصر الحجّة في الرّواية إنعكاس في الواقع لإفراط من قال : « حسبنا كتاب الله » ، وكلّ واحد منهما جائر عن سواء السبيل.

وكيف كان ، ... لابدّ من ذكر الأدلّة التي تدلّ على حجّية ظواهر الكتاب ، فنقول:

دليلنا على ذلك اُمور:

الأوّل: أنّها مقتضى القاعدة الأوّليّة لأنّ بناء العقلاء استقرّ على حجّية الظواهر مطلقاً، ومنها ظواهر القرآن الكريم، واستثنائها منها بغير دليل معتبر ممّا لا وجه له.

وإن شئت قلت: المقصود في الآيات تفهيم معانيها للناس من طريق ظواهرها فعدم حجّية ظواهرها يستلزم نقض الغرض كما لا يخفى.

الثاني: آيات من القرآن نفسه: منها قوله تعالى: {قَدْ جَاءَكُمْ مِنَ اللَّهِ نُورٌ وَكِتَابٌ مُبِينٌ * يَهْدِي بِهِ اللَّهُ مَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَهُ سُبُلَ السَّلَامِ وَيُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِهِ وَيَهْدِيهِمْ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ} [المائدة: 15، 16]

ومنها: قوله تعالى: {وَإِنَّهُ لَتَنْزِيلُ رَبِّ الْعَالَمِينَ * نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ * عَلَى قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنَ الْمُنْذِرِينَ * بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُبِينٍ} [الشعراء: 192 - 195]

إن قلت: إثبات حجّية ظواهر الكتاب بالكتاب يستلزم الدور المحال.

قلنا: أنّه كذلك إذا كان الاستدلال بظواهر الآيات مع أنّه في المقام استدلال بنصوصها التي لا ينكرها الأخباريون أيضاً.

الثالث: (وهو العمدة) دلالة طوائف من الأخبار على حجّيتها:

الطائفة الاُولى: حديث الثقلين(3)، فإنّ ظاهره أنّ كلا من الكتاب والعترة حجّة مستقلا، وإنّ الكتاب هو الثقل الأكبر، والعترة الطاهرة (عليهم السلام) هو الثقل الأصغر، وإن كان كلّ واحد منهما يؤيّد الآخر ويوافقه، نظير حكم العقل وحكم الشرع في قاعدة الملازمة فليست حجّية حكم العقل مقيّدة بدلالة الشرع وبالعكس، وإن كان يؤيّد أحدهما بالآخر، فكذلك في ما نحن فيه، وإلاّ لو كانت حجّية دلالة الكتاب مقيّدة بدلالة الرّوايات لكانت دلالة الرّوايات أيضاً مقيّدة بدلالة الكتاب مع أنّه لم يقل به أحد.

الثانية: ما يدلّ على أنّ القرآن هو الملجأ عند المشاكل والحوادث، والمرجع عند التباس الاُمور، نظير ما نقله الطبرسي (رحمه الله) في مقدّمة تفسيره عن رسول الله (صلى الله عليه وآله): «إذا التبس عليكم الفتن كقطع الليل المظلم فعليكم بالقرآن فمن جعله أمامه قاده إلى الجنّة ومن جعله خلفه ساقه إلى النار».

وغير ذلك ممّا ورد في نهج البلاغة نحو قوله (عليه السلام): «فاستشفوه من أدوائكم فإنّ فيه شفاء من أكبر الداء»، إلى غير ذلك ممّا هو كثير، وكثرتها تغني عن ملاحظة أسنادها.

الثالثة: ما يدلّ على وجوب عرض الرّوايات على كتاب الله، التي جمعها في الوسائل الباب 9 من أبواب صفات القاضي:

منها: ما رواه السكوني عن أبي عبدالله (عليه السلام) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): «إنّ على كلّ حقّ حقيقة وعلى كلّ صواب نوراً فما وافق كتاب الله فخذوه وما خالف كتاب الله فدعوه»(4).

فكيف يمكن أن يكون القرآن معياراً لتعيين الحجّة عن اللاّحجّة، ولا يكون بنفسه حجّة.

الرابعة: ما ورد عند تعارض الخبرين الآمرة بأخذ ما وافق كتاب الله(5).

الخامسة: ما يدلّ على أنّه يجب الوفاء بكلّ شرط إلاّ ما خالف كتاب الله، وهو ما ورد في ج12 ـ من الوسائل باب 12 ـ من أبواب الخيار، التي ظاهرها حجّية ظواهر الكتاب لكونها ملاكاً لتشخيص الشروط الحقّة عن الشروط الباطلة»(6).

السادسة: ما ورد في باب صلاة القصر في ذيل آية التقصير عن زرارة ومحمّد بن مسلم قالا: قلنا لأبي جعفر (عليه السلام): رجل صلّى في السفر أربعاً أيعيد أم لا؟ قال: «إن كان قرأت عليه آية التقصير وفسّرت له فصلّى أربعاً أعاد، وإن لم يكن قرأت عليه ولم يعلمها فلا إعادة عليه»(7).

إن قلت: ما المراد من قوله (عليه السلام): «فسّرت»؟ أليس هذا مشيراً إلى مقالة الأخباريين؟

قلنا: كلاّ، بل المراد ـ على الظاهر ـ تفسير قوله تعالى: «لا جناح» بما يقتضي الوجوب.

وأيضاً ما ورد في أبواب حدّ شرب الخمر وأنّ الشارب إذا لم يسمع آية التحريم لكونه حديث العهد بالإسلام يدرأ عنه الحدّ(8).

السابعة: ما ورد في الرّوايات من إرجاع الناس في فهم أحكام الله إلى القرآن، نظير ما ورد في باب الوضوء عن عبد الأعلى مولى آل سام قال: قلت لأبي عبدالله (عليه السلام): عثرت فانقطع ظفري فجعلت على إصبعي مرارة فكيف أصنع بالوضوء؟ قال: «يعرف هذا وأشباهه من كتاب الله عزّ وجلّ، قال الله تعالى: (مَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَج)، امسح عليه»(9).

الثامنة: ما يدلّ على لزوم إرجاع المتشابهات من الأخبار والقرآن إلى محكماتها، نظير ما رواه أبو حيون مولى الرضا عن الرضا (عليه السلام) قال: «من ردّ متشابه القرآن إلى محكمه فقد هدي إلى صراط مستقيم، ثمّ قال (عليه السلام): إنّ في أخبارنا محكماً كمحكم القرآن ومتشابهاً كمتشابه القرآن، فردّوا متشابهها إلى محكمها ولا تتّبعوا متشابهها دون محكمها فتضلّوا»(10).

إن قلت: لعلّ المراد من المحكم هو خصوص النصوص من الكتاب والرّوايات.

قلنا: إنّ المحكم ما يقابل المتشابه، والمتشابه بمعنى المبهم والمجمل فكلّ ما لا يكون مبهماً محكم، فيعمّ المحكم النصّ والظاهر معاً لأنّ الظاهر أيضاً لا يعدّ عند العرف والعقلاء من المبهم، ويشهد لذلك ذيل الخبر لأنّه يدلّ على أنّ الأخبار أيضاً تنقسم إلى المحكم والمتشابه، ولم يقل أحد حتّى من الأخباريين بأنّ ظواهر الأخبار داخلة في المتشابه.

التاسعة: ما يعبّر من الرّوايات بقوله (عليه السلام): «أما سمعت قول الله ...»(11).

فإن ظاهرها أيضاً أنّ ظاهر الكتاب حجّة كما لا يخفى.

العاشرة: ما دلّ على «أنّ الله لا يخاطب الخلق بما لا يعلمون»(12)، فإنّه ظاهر في أنّ خلق الله تعالى يدركون ما أنزله ويكون ظاهره حجّة عليهم.

هذه هي الطوائف العشرة يدلّ كلّ واحدة منها على المقصود مستقلا، ولو سلّمنا عدم دلالته كذلك فلا أقلّ من أنّ في المجموع بما هو المجموع غنىً وكفاية.

ثمّ إنّه اعتذر بعض الأخباريين عن بعض ما ذكرنا بما فيه تكلّف ظاهر، مثل ما ذكره صاحب الوسائل في ذيل الطائفة العاشرة من أنّ المراد من الخلق فيها هم الأئمّة (عليهم السلام) أو جميع المكلّفين (باعتبار دخول الأئمّة (عليهم السلام) فيهم وأنّه إذا علم بعضهم معنى القرآن فهو كاف في صدق قوله (عليه السلام) «لا يخاطب الخلق بما لا يعلمون»)(13).

ولكن لا يخفى ما فيه من إرتكاب خلاف الظاهر والتعسّف والتكلّف، كما أنّ توجيهه روايات العرض على القرآن بأنّ المراد منها العمل بالكتاب والسنّة معاً ـ أيضاً واضح البطلان لأنّ ظاهرها أنّ تمام المعيار في معرفة الحقّ والباطل في الرّوايات هو الكتاب الكريم لا أنّ الخمسين في المائة مثلا منه للقرآن، والخمسين في المائة الاُخر للروايات، بل ظاهر هذه الطائفة أنّ للقرآن ما هو أعظم وأهمّ من الحجّية وهو أنّه نور في نفسه ومنوّر لغيره.

وأجاب عن روايات الطائفة التاسعة بأنّ «وجهها أنّ من سمع آية ظاهرها دالّ على حكم نظري لم يجز له الجزم بخلافها، لاحتمال إرادة ظاهرها، فالإنكار هناك لأجل هذا، وإن كان لا يجوز الجزم بإرادة الظاهر أيضاً، لاحتمال النسخ والتخصيص والتأويل وغير ذلك».

وهذا الكلام أيضاً مخالف لظاهر ما مرّ من الرّواية كما لا يخفى على الناظر فيها.

وأمّا الوجوه التي استدلّوا بها على عدم حجّية ظواهر الكتاب فهي ستّة بعضها ينفي كبرى الحجّية بعد قبول صغرى الظهور، وبعضها الآخر ينفي الصغرى أعني ظهور الآيات في معانيها.

أمّا الوجه الأوّل: (ولعلّه العمدة) فهي الرّوايات الناهيّة عن التفسير بالرأي بتقريب أنّ العمل بالظواهر من مصاديق التفسير بالرأي.

منها: ما رواه الريّان بن الصلت عن الرضا عن آبائه (عليهم السلام) قال: قال الله عزّوجلّ: «ما آمن بي من فسّر برأيه كلامي»(14).

ومنها: ما رواه عبدالرحمن بن سمرة قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): «لعن الله المجادلين في دين الله على لسان سبعين نبيّاً، ومن جادل في آيات الله كفر، قال الله: {مَا يُجَادِلُ فِي آيَاتِ اللَّهِ إِلَّا الَّذِينَ كَفَرُوا } [غافر: 4] ومن فسّر القرآن برأيه فقد افترى على الله الكذب ...»(15).

ومنها: ما رواه أبو بصير عن أبي عبدالله (عليه السلام) قال: «من فسّر القرآن برأيه إن أصاب لم يؤجر، وإن أخطأ خرّ أبعد من السماء»(16).

وغير ذلك من بعض روايات الباب الثالث عشر من أبواب صفات القاضي(17).

والجواب عن هذا الوجه مبني على بيان معنى التفسير والرأي الواردين في هذه الرّوايات وأنّهما هل يشملان العمل بالظواهر أو لا؟

أمّا كلمة التفسير ففي القاموس: «الفسر والتفسير الإبانة وكشف المغطّى، والتفسير هو نظر الطبيب إلى الماء فإنّ الطبيب بنظره إلى الماء وهو البول يكشف عن نوع المرض».

وفي مفردات الراغب «الفسر إظهار المعنى المعقول، والتفسير قد يقال في ما يختصّ بمفردات الألفاظ وغريبها وما يختصّ بالتأويل ولذا يقال تفسير الرؤيا وتأويلها».

وفي لسان العرب: «الفسر كشف المغطّى والتفسير كشف المراد عن اللفظ المشكل، قيل التفسرة (على وزن التذكرة) البول الذي يستدلّ به على المرض».

فبناءً على هذا المعنى ينحصر تفسير القرآن ببطونه وبمتشابهاته، ولا يشمل الأخذ بظواهر الآيات نظير قوله تعالى: { أَوْفُوا بِالْعُقُودِ} [المائدة: 1] و ({وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ} [البقرة: 275])وقوله تعالى: {الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِائَةَ جَلْدَةٍ } [النور: 2] كما لا يخفى.

وأمّا معنى الرأي فالظاهر منه هو الآراء الباطلة التي لا أساس لها.

ففي مفردات الراغب: «الرأي اعتقاد النفس أحد النقيضين عن غلبة الظنّ» وليس المراد من الظّن إلاّ الآراء والظنون الباطلة كما يشهد به الرّوايات:

منها: ما روي عن الحسن بن علي العسكري (عليه السلام) في تفسيره بعد كلام طويل في فضل القرآن قال: «أتدرون من المتمسّك به الذي له بتمسّكه هذا الشرف العظيم؟ هو الذي أخذ القرآن وتأويله عنّا أهل البيت عن وسائطنا السفراء عنّا إلى شيعتنا لا عن آراء المجادلين وقياس الفاسقين»(18).

ومنها: ما رواه عمّار بن موسى عن أبي عبدالله (عليه السلام) قال: سئل عن الحكومة فقال: «من حكم برأيه بين اثنين فقد كفر، ومن فسّر آية من كتاب الله فقد كفر»(19).

فالمراد من الرأي على ضوء مثل هاتين الروايتين هو قول العامّة: بأنّ هذا ممّا لا نصّ فيه فليتمسّك بذيل القياس أو الاستحسان.

الوجه الثاني: الرّوايات الناهيّة عن العمل بالمتشابهات بتقريب أنّ الظواهر من المتشابهات لأنّ المحكمات منحصرة في النصوص.

منها: ذيل ما رواه علي بن الحسين المرتضى في رسالة المحكم والمتشابه نقلا عن التفسير النعماني عن إسماعيل بن جابر عن الصادق (عليه السلام): «وإنّما هلك الناس في المتشابه لأنّه لم يقفوا على معناه ولم يعرفوا حقيقته فوضعوا له تأويلا من عند أنفسهم بآرائهم واستغنوا بذلك عن مسألة الأوصياء ونبذوا قول رسول الله(صلى الله عليه وآله) وراء ظهورهم»(20).

ومنها: ما رواه أبو بصير عن أبي جعفر (عليه السلام) أنّه قال: «نحن الراسخون في العلم ونحن نعلم تأويله»(21).

ومنها: ما رواه عبدالرحمن بن كثير عن أبي عبدالله (عليه السلام) قال: «الراسخون في العلم أمير المؤمنين (عليه السلام) والأئمّة من ولده»(22).

والجواب عن هذا الوجه واضح لأنّ المتشابه (كما مرّت الإشارة إليه في ذيل الطائفة الثامنة من الرّوايات الدالّة على حجّية ظواهر الكتاب) هو ما يتشابه بعضه بعضاً، أي ما يشابه فيه أحد احتمالين احتمالا آخر وبالعكس، ولذلك يوجب الحيرة للإنسان فيصير مجملا ومبهماً، وإلاّ ما لم يكن فيه تشابه بين الاحتمالين بل كان أحدهما ظاهراً والآخر مخالفاً للظاهر فلا يكون متشابهاً حتّى يكون داخلا في هذه الرّوايات.

والشاهد على ذلك ما مرّ من ذيل رواية إسماعيل بن جابر: «لأنّهم لم يقفوا على معناه ولم يعرفوا حقيقته فوضعوا له تأويلا من أنفسهم بآرائهم» وهو يعني أنّ المتشابه ما لا يفهم الإنسان معناه، ولذلك يرى نفسه مضطراً إلى أن يأوّله من عند نفسه، وهذا لا يكون صادقاً في العمل بالظواهر والمطلقات والعمومات لأنّ المعنى فيها مفهوم واضح.

هذا مضافاً إلى ما ورد في ذيل آية المحكم والمتشابه وهو قوله تعالى: {فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ } [آل عمران: 7] حيث لا يخفى أنّ العمل بالظواهر لا يكون فيه ابتغاء الفتنة، بل الفتنة تنشأ من ناحية اتّباع الذين في قلوبهم المرض أحد الاحتمالين، وهو يصدق في ما ليس له ظهور أو ما يخالف الظهور.

الوجه الثالث: روايات تدلّ على أنّ للقرآن مفاهيم عالية لا تصل إليها الأيدي العادية والأفهام القاصرة للناس، ولذلك لا ظهور لها بالنسبة إليهم.

منها: ما رواه عبدالعزيز العبدي عن أبي عبدالله (عليه السلام) في قول الله عزّوجلّ: { بَلْ هُوَ آيَاتٌ بَيِّنَاتٌ فِي صُدُورِ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ} [العنكبوت: 49] قال : « هم الأئّمة (عليهم السلام)»(23).

ومنها: ما رواه أبو بصير قال: قرأ أبو جعفر (عليه السلام) هذه الآية: (بَلْ هُوَ آيَاتٌ بَيِّنَاتٌ فِي صُدُورِ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ) ثمّ قال: «أما والله يا أبا محمّد ما قال ما بين دفّتي المصحف» قلت: من هم جعلت فداك؟ قال: «من عسى أن يكونوا غيرنا»(24).

ومنها: ما رواه أبو بصير أيضاً قال سمعت أبا جعفر يقول في هذه الآية: { بَلْ هُوَ آيَاتٌ بَيِّنَاتٌ فِي صُدُورِ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ} [العنكبوت: 49] فأوى بيده إلى صدره»(25).

ومنها: ما رواه سدير عن أبي عبدالله (عليه السلام) في حديث قال: «علم الكتاب كلّه والله عندنا علم الكتاب كلّه والله عندنا»(26).

ومنها: ما رواه الطبرسي في التفسير الصغير عن الصادق (عليه السلام) في قوله تعالى: {وَمَنْ عِنْدَهُ عِلْمُ الْكِتَابِ} [الرعد: 43] قال: «إيّانا عنى وعلي أوّلنا»(27).

والجواب عن هذا الوجه أنّ المقصود من هذه الرّوايات أنّ للقرآن بطوناً في مقابل الظواهر، والمختصّ بالأئمّة هي تلك البطون خاصّة لا الظواهر، ولنا على هذا شواهد من نفس الرّوايات:

منها: ما رواه جابر قال قال أبو عبدالله (عليه السلام): « يا جابر أنّ للقرآن بطناً وللبطن ظهراً وليس شيء أبعد من عقول الرجال منه، أنّ الآية لينزل أوّلها في شيء وآخرها في شيء وهو كلام متصرّف على وجوه»(28).

فإنّ الضمير في قوله «منه» يرجع إلى القرآن فيكون المقصود أنّ القرآن بجميع شؤونه من الظاهر والباطن لا يفهمه غير الأئمّة، ولا أقلّ من أنّ هذا طريق الجمع بينها وبين ما دلّ على إرجاع آحاد الناس إلى الكتاب العزيز، وقد عرفت أنّها متواترة.

ومنها: ما رواه فضيل بن يسار قال: سألت أبا جعفر عن هذه الرّواية: ما من القرآن آية إلاّ ولها ظهر وبطن، قال: «ظهره وبطنه تأويله، ومنه ما قد مضى ومنه ما لم يكن، يجري كما تجري الشمس والقمر كلّما جاء تأويل شيء يكون على الأموات كما يكون على الأحياء، قال الله: {وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ} [آل عمران: 7] (29). ومعنى قوله «ظهره وبطنه تأويله» أنّ ظهره واضح وأمّا بطنه فهو تأويله.

ومنها: ما رواه زرارة عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: «تفسير القرآن على سبعة أوجه، منه ما كان ومنه ما لم يكن بعد، تعرفه الأئمّة (عليهم السلام)»(30)، وظاهر الرّواية أنّ التفسير (وهو الكشف عن المغطّى) عندهم (عليهم السلام).

ومنها: ما روي عن الباقر (عليه السلام) في قوله تعالى: {وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُولِي الْأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ} [النساء: 83] قال: «هم الأئمّة المعصومون(عليهم السلام)»(31).

فإنّ آية «ولو ردّوه إلى الرسول ... الخ» نزلت في ما لا يكون له ظهور، ولذلك وقع الاختلاف فيه فتدلّ هذه الرّواية على أنّ هذا السنخ من الآيات علمها عند الأئمّة المعصومين(عليهم السلام) فقط.

ومنها: ما رواه إسماعيل بن جابر عن الصادق (عليه السلام) قال: «إنّ الله بعث محمّداً فختم به الأنبياء فلا نبي بعده، وأنزل عليه كتاباً فختم به الكتب فلا كتاب بعده ـ إلى أن قال ـ : فجعله النبي (صلى الله عليه وآله) علماً باقياً في أوصيائه فتركهم الناس وهم الشهداء على أهل كلّ زمان حتّى عادوا من أظهر ولاية ولاة الأمر وطلب علومهم، وذلك أنّهم ضربوا القرآن بعضه ببعض ... ولهذه العلّة وأشباهها لا يبلغ أحد كنه معنى حقيقة تفسير كتاب الله تعالى ولا نبيّه وأوصياؤه»(32) ودلالتها أيضا على المطلوب ظاهرة.

الوجه الرابع: روايات تدلّ على أنّ مخاطب القرآن إنّما هو الرسول (صلى الله عليه وآله)والأئمّة الهادين، وهذه صغرى إذا انضمّت إلى كبرى اختصاص حجّية الظواهر بمن خوطب به يستنتج منها أنّ ظواهر الكتاب ليست حجّة لغير الأئمّة (عليهم السلام):

منها: ما رواه زيد الشحّام قال: دخل قتادة بن دعامة على أبي جعفر (عليه السلام) فقال: « يا قتادة أنت فقيه أهل البصرة؟» فقال: هكذا يزعمون فقال أبو جعفر (عليه السلام): «بلغني أنّك تفسّر القرآن ـ إلى أن قال أبو جعفر (عليه السلام) ـ ويحك يا قتادة إن كنت إنّما فسّرت القرآن من تلقاء نفسك فقد هلكت وأهلكت، وإن كنت قد فسّرته من الرجال فقد هلكت وأهلكت، ويحك يا قتادة إنّما يعرف القرآن من خوطب به»(33).

وفيه إشكال صغرى وكبرى: أمّا الصغرى فلأنّ اختصاص مخاطبي القرآن بالرسول (صلى الله عليه وآله)والأئمّة (عليهم السلام) كلام غير معقول، لما ورد من أنّ النبي (صلى الله عليه وآله) كان يحتجّ مع المشركين بهذه الآيات، وكان المشركون والكافرون يخاطبون بها بمثل قوله تعالى: «يا أهل الكتاب» و «يا أيها الكافرون» و «يا أيّها الناس» ولا يكاد ينتظرون تفسير النبي (صلى الله عليه وآله) الذي لم يؤمنوا به.

وأمّا رواية قتادة فهي تفسّر بما رواه شبيب بن أنس عن بعض أصحاب أبي عبدالله (عليه السلام)في حديث أنّ أبا عبدالله قال لأبي حنيفة: «أنت فقيه العراق؟» قال: نعم قال «فبم تفتيهم؟» قال: بكتاب الله وسنّة نبيّه (صلى الله عليه وآله) قال: «يا أبا حنيفة: تعرف كتاب الله حقّ معرفته؟ وتعرف الناسخ والمنسوخ ؟» قال: نعم، قال: «يا أبا حنيفة لقد ادّعيت علماً ويلك ما جعل الله ذلك إلاّ عند أهل الكتاب الذي اُنزل عليهم، ويلك ولا هو إلاّ عند الخاصّ من ذرّية نبيّنا محمّد (صلى الله عليه وآله)، وما ورّثك الله من كتابه حرفاً»(34).

وهي تدلّ على أنّ خصوصيّات الناسخ والمنسوخ وشبهها عند الأئمّة (عليهم السلام)فقط، وهذا ردّ على الذين استغنوا بآرائهم عن مسألتهم، ولا يشمل من يعمل بظواهر الكتاب ويأخذ المشكلات من أهله، ولا أقلّ من أنّ هذا طريق الجمع بينها وبين ما دلّ على ارجاع الناس عموماً إلى القرآن الكريم.

فالمراد من قوله في رواية قتادة: «إنّما يعرف القرآن من خوطب به» هو معرفة تفسير البطون والأسرار والمتشابهات، كما يشهد عليه صدرها: «بلغني أنّك تفسّر القرآن» وقد عرفت أنّ التفسير عبارة عن كشف المغطّى، وكما يشهد عليه أيضاً ما روي عن أمير المؤمنين (عليه السلام) في احتجاجه على زنديق سأله عن آيات متشابهة من القرآن فأجابه ـ إلى أن قال ـ : «ثمّ إنّ الله قسّم كلامه ثلاثة أقسام فجعل قسماً منه يعرفه العالم والجاهل، وقسماً لا يعرفه إلاّ من صفا ذهنه ولطف حسّه وصحّ تمييزه ممّن شرح الله صدره للإسلام، وقسماً لا يعلمه إلاّ الله وملائكته والراسخون في العلم، وإنّما فعل ذلك لئلاّ يدّعي أهل الباطل المستولين على ميراث رسول الله (صلى الله عليه وآله)من علم الكتاب ما لم يجعله الله لهم، وليقودهم الاضطرار إلى الايتمام بمن ولّي أمرهم فاستكبروا عن طاعته»(35).

هذا كلّه في الصغرى.

وأمّا الكبرى فلما مرّ في جواب كلام المحقّق القمّي(رحمه الله) من عدم اختصاص حجّية الظواهر بالمقصودين بالإفهام وأنّ بناء العقلاء استقرّ على الأعمّ منهم.

الوجه الخامس: أنّ ظاهر الكتاب وإن لم يكن ذاتاً مندرجاً في المتشابه لكنّه مندرج فيه بالعرض، فسقط عن الظهور، وذلك لأجل العلم الإجمالي بطروّ التخصيص والتقييد والتجوّز في الكتاب.

واُجيب عن هذا الوجه بجوابين: أحدهما: بالنقض، والآخر بالحلّ، أمّا الأوّل فبالنقض بالإخبار فلا بدّ من القول بعدم حجّية ظواهرها أيضاً.

وأمّا الثاني فبأنّ سببية العلم الإجمالي (بإرادة خلاف الظاهر في جملة من الآيات) للإجمال مشروطة بعدم انحلاله بالظفر في الرّوايات بالمخصّصات وغيرها من موارد إرادة خلاف الظاهر بمقدار المعلوم بالإجمال، ومع الانحلال لا إجمال.

وإن شئت قلت: إنّ دائرة المعلوم بالإجمال ليست مطلق الأمارات حتّى يقال ببقاء احتمال التخصيص ونحوه حتّى بعد الظفر بمخصّصات ونحوها فيما بأيدينا من الرّوايات وغيرها، بل خصوص ما لو تفحّصنا عنه لظفرنا به، وهذا العلم الإجمالي يمنع عن التمسّك بالظواهر قبل الفحص لا بعده، فبعد الفحص إذا لم يظفر بما يخالف ظاهر الكتاب من تخصيص أو تقييد أو قرينة مجاز يكون ذلك الظاهر ممّا علم خروجه تفصيلا عن أطراف الشبهة، فلا مانع حينئذ من إجراء أصالة الظهور فيه.

الوجه السادس: ما يبتني على مزعمة تحريف القرآن، وهو أن يقال: إنّا نعلم إجمالا بوقوع التحريف في الكتاب، وكلّ ما وقع فيه التحريف يسقط ظهوره عن الحجّية، فظواهر كلام الله تسقط عن الحجّية.

وهو باطل صغرى وكبرى، ونقدّم البحث عن الكبرى لاختصاره، فنقول: سلّمنا وقوع صغرى التحريف في الكتاب لكنّه لا يوجب المنع عن حجّية ظواهر القرآن الكريم، وذلك لأمور:

الأوّل: أنّ التحريف على فرض وقوعه لا يوجب التغيير في المعنى دائماً كالتحريف بإسقاط آية أو سورة لا إرتباط لها بما قبلها وما بعدها.

الثاني: أنّ محلّ الكلام هو آيات الأحكام، ودواعي التحريف فيها ضعيفة، وإنّما الدواعي في ما له ربط بسياسياتهم أعني مسألة الولاية والحكومة، فتأمّل.

الثالث: أنّه لو فرضنا وجود العلم الإجمالي بالتحريف في مجموع الآيات من الأحكام وغيرها لكنّه غير ضائر بحجّيتها لكونه من موارد الشبهة غير المحصورة أي من قبيل العلم الإجمالي بالقليل في الكثير وهو لا يوجب الإحتياط على ما قرّر في محلّه.

الرابع: سلّمنا كون الشبهة محصورة، وأنّ العلم الإجمالي في المقام من قبيل العلم بالكثير في الكثير إلاّ أنّه لا يوجب أيضاً عدم حجّية الظواهر لأنّه من موارد عدم ترتّب أثر شرعي على بعض أطراف العلم الإجمالي لو كان المعلوم بالإجمال محقّقاً فيه، فإنّ الخلل المعلوم بالإجمال إن كان في ظواهر غير آيات الأحكام من القصص والحكايات والاعتقادات والأخلاقيات لم يؤثّر شيئاً لعدم تكليف شرعي عملي فيها وليست هي أحكاماً تعبّديّة بل إنّها إرشادات إلى عدّة من الأحكام العقليّة، وإن كان في ظواهر آيات الأحكام فهو شكّ بدوي فتكون أصالة الظهور في الأحكام باقية على حجّيتها.

وقد اُجيب عن هذا الوجه في كلمات بعض الأعاظم بأنّ جميع آيات القرآن داخلة في محلّ الابتلاء في العمل بناءً على ما هو المشهور من لزوم قراءة سورة كاملة في الركعتين الأوّليين من كلّ صلاة، ولو وقع التحريف في سورة لا يصحّ قراءتها في الصّلاة لعدم كونها كاملة سواء كان المحتوى فيها من الأحكام أم غيرها، وإذن يصير كلّ سورة من سور القرآن محلا للابتلاء في العمل فيؤثّر العلم الإجمالي أثره من عدم الحجّية.

كما يمكن إثبات دخول جميع القرآن في موضع الابتلاء من طرق اُخرى أيضاً كاعتبار الطهارة في مسّها سواء كانت من الأحكام أم غيرها.

أقول: الإنصاف هو عدم الاعتماد بشيء من هذه الوجوه، وذلك لأنّ أصالة حجّية الظواهر ليست من الاُصول التعبّديّة بل هي كأصالة الحقيقة من الاُصول العقلائيّة الطريقيّة التي استقرّ عليها بناء العقلاء من باب أنّها طريق لكشف الواقع لا من باب مجرّد التعبّد، وحينئذ لابدّ من ملاحظة بناء العقلاء في المقام وأنّه هل هو ثابت على حجّية ظواهر كتاب حتّى بعد وقوع التحريف فيها أو لا؟ الإنصاف أنّ بناءهم لم يستقرّ عليها في هذه الصورة من دون فرق بين كونها داخلة في محلّ الابتلاء وعدمه، ومن دون فرق بين أن يترتّب عليها أثر شرعي أو لا يترتّب.

والحقّ في الجواب أن نقول: أنّ الطوائف العشرة الدالّة على لزوم الأخذ بظواهر كتاب الله التي مرّت سابقاً لا تدعونا إلاّ إلى العمل بهذا القرآن الموجود في أيدي المسلمين، وتلاوة آيات هذا القرآن الذي وصل إلينا من عهد أمير المؤمنين (عليه السلام) والصادقين (عليهما السلام) سواء قلنا بتحريفه بعد رسول الله(صلى الله عليه وآله) في مدّة قصيرة قبل جمعه في عهد عثمان أو لم نقل به كما هو الحقّ، وسيأتي تفصيله إن شاء الله، لأنّه لا يقول أحد بوقوع التحريف بعد جمع عثمان إلى زماننا هذا.

وبالجملة لو فرضنا وقوع التحريف فيه وعدم بناء العقلاء على حجّية كتاب محرّف فلا كلام ولا إشكال في حجّية القرآن الموجود بأيدينا شرعاً وإنّا مأمورين بالعمل به بمقتضى تلك الرّوايات الكثيرة.

____________

1. راجع درر الفوائد: ج2، ص359 ـ 362، طبع جماعة المدرّسين.

2. نهاية الدراية: ج2، ص62، الطبع القديم.

3. وقد جمع إسناد هذا الحديث القيّم من طرق العامّة والخاصّة في كتاب جامع أحاديث الشيعة الذي جمع تحت إشراف سيّدنا الاُستاذ المحقّق البروجردي(رحمه الله) فراجع: ج1، الباب4، من أبواب المقدّمة.

4. وسائل الشيعة: ح 10 من ذلك الباب، وراجع أيضاً: ح 11 و 12 و 14 و 15.

5. المصدر السابق: أبواب صفات القاضي، الباب9، و19 و21 و35.

6. المصدر السابق: ج 12، الباب 6، من أبواب الخيار.

7. المصدر السابق: ج 5، باب 17، من أبواب صلاة المسافر، ح 4.

8. وسائل الشيعة: ح 1، ج 18، أبواب حدّ المسكر، باب 10.

9. المصدر السابق: ح 5، ج 1، باب 39، من أبواب الوضوء.

10. المصدر السابق: ح 22، ج 18، باب 9، من أبواب صفات القاضي.

11. المصدر السابق: ح 82، الباب 13، من أبواب صفات القاضي.

12. المصدر السابق: ح 81.

13. وسائل الشيعة: ذيل ح 81، الباب 13، من أبواب صفات القاضي.

14. المصدر السابق: ح 28.

15. المصدر السابق: ح 37.

16. وسائل الشيعة: ح 66، الباب 13، من أبواب صفات القاضي.

17. وهي: ح 64 و43.

18. المصدر السابق: ح 63، من الباب 3، من أبواب صفات القاضي.

19. وسائل الشيعة: ح 67، الباب 3 من ابواب صفات القاضي.

20. المصدر السابق: ح 62، الباب 13، من أبواب صفات القاضي.

21. المصدر السابق: ح 53.

22. المصدر السابق: ح 7.

23. وسائل الشيعة: ح 10، الباب 13، من ابواب صفات القاضي.

24. المصدر السابق: ح 11.

25. المصدر السابق: ح9.

26. المصدر السابق: ح 16.

27. المصدر السابق: ح 58

28. وسائل الشيعة: ح 74، الباب 13، من ابواب صفات القاضى.

29. المصدر السابق: ح 49.

30. المصدر السابق: ح 51.

31. المصدر السابق: ح 61.

32. وسائل الشيعة، ح 62، الباب 13، من ابواب صفات القاضي.

33. المصدر السابق: ح 25.

34. المصدر السابق: الباب 6، من أبواب صفات القاضي، ح 27.

35. وسائل الشيعة: ح 44، الباب 13، من أبواب صفات القاضي.




قواعد تقع في طريق استفادة الأحكام الشرعية الإلهية وهذه القواعد هي أحكام عامّة فقهية تجري في أبواب مختلفة، و موضوعاتها و إن كانت أخصّ من المسائل الأصوليّة إلاّ أنّها أعمّ من المسائل الفقهيّة. فهي كالبرزخ بين الأصول و الفقه، حيث إنّها إمّا تختص بعدّة من أبواب الفقه لا جميعها، كقاعدة الطهارة الجارية في أبواب الطهارة و النّجاسة فقط، و قاعدة لاتعاد الجارية في أبواب الصلاة فحسب، و قاعدة ما يضمن و ما لا يضمن الجارية في أبواب المعاملات بالمعنى الأخصّ دون غيرها; و إمّا مختصة بموضوعات معيّنة خارجية و إن عمّت أبواب الفقه كلّها، كقاعدتي لا ضرر و لا حرج; فإنّهما و إن كانتا تجريان في جلّ أبواب الفقه أو كلّها، إلاّ أنّهما تدوران حول موضوعات خاصة، و هي الموضوعات الضرريّة و الحرجية وبرزت القواعد في الكتب الفقهية الا ان الاعلام فيما بعد جعلوها في مصنفات خاصة بها، واشتهرت عند الفرق الاسلامية ايضاً، (واما المنطلق في تأسيس القواعد الفقهية لدى الشيعة ، فهو أن الأئمة عليهم السلام وضعوا أصولا كلية وأمروا الفقهاء بالتفريع عليها " علينا إلقاء الأصول وعليكم التفريع " ويعتبر هذا الامر واضحا في الآثار الفقهية الامامية ، وقد تزايد الاهتمام بجمع القواعد الفقهية واستخراجها من التراث الفقهي وصياغتها بصورة مستقلة في القرن الثامن الهجري ، عندما صنف الشهيد الأول قدس سره كتاب القواعد والفوائد وقد سبق الشهيد الأول في هذا المضمار الفقيه يحيى بن سعيد الحلي )


آخر مرحلة يصل اليها طالب العلوم الدينية بعد سنوات من الجد والاجتهاد ولا ينالها الا ذو حظ عظيم، فلا يكتفي الطالب بالتحصيل ما لم تكن ملكة الاجتهاد عنده، وقد عرفه العلماء بتعاريف مختلفة منها: (فهو في الاصطلاح تحصيل الحجة على الأحكام الشرعية الفرعية عن ملكة واستعداد ، والمراد من تحصيل الحجة أعم من اقامتها على اثبات الاحكام أو على اسقاطها ، وتقييد الاحكام بالفرعية لإخراج تحصيل الحجة على الاحكام الأصولية الاعتقادية ، كوجوب الاعتقاد بالمبدء تعالى وصفاته والاعتقاد بالنبوة والإمامة والمعاد ، فتحصيل الدليل على تلك الأحكام كما يتمكن منه غالب العامة ولو بأقل مراتبه لا يسمى اجتهادا في الاصطلاح) (فالاجتهاد المطلق هو ما يقتدر به على استنباط الاحكام الفعلية من أمارة معتبرة أو أصل معتبر عقلا أو نقلا في المورد التي لم يظفر فيها بها) وهذه المرتبة تؤهل الفقيه للافتاء ورجوع الناس اليه في الاحكام الفقهية، فهو يعتبر متخصص بشكل دقيق فيها يتوصل الى ما لا يمكن ان يتوصل اليه غيره.


احد اهم العلوم الدينية التي ظهرت بوادر تأسيسه منذ زمن النبي والائمة (عليهم السلام)، اذ تتوقف عليه مسائل جمة، فهو قانون الانسان المؤمن في الحياة، والذي يحوي الاحكام الالهية كلها، يقول العلامة الحلي : (وأفضل العلم بعد المعرفة بالله تعالى علم الفقه ، فإنّه الناظم لأُمور المعاش والمعاد ، وبه يتم كمال نوع الإنسان ، وهو الكاسب لكيفيّة شرع الله تعالى ، وبه يحصل المعرفة بأوامر الله تعالى ونواهيه الّتي هي سبب النجاة ، وبها يستحق الثواب ، فهو أفضل من غيره) وقال المقداد السيوري: (فان علم الفقه لا يخفى بلوغه الغاية شرفا وفضلا ، ولا يجهل احتياج الكل اليه وكفى بذلك نبلا) ومر هذا المعنى حسب الفترة الزمنية فـ(الفقه كان في الصدر الأول يستعمل في فهم أحكام الدين جميعها ، سواء كانت متعلقة بالإيمان والعقائد وما يتصل بها ، أم كانت أحكام الفروج والحدود والصلاة والصيام وبعد فترة تخصص استعماله فصار يعرف بأنه علم الأحكام من الصلاة والصيام والفروض والحدود وقد استقر تعريف الفقه - اصطلاحا كما يقول الشهيد - على ( العلم بالأحكام الشرعية العملية عن أدلتها التفصيلية لتحصيل السعادة الأخروية )) وتطور علم الفقه في المدرسة الشيعية تطوراً كبيراً اذ تعج المكتبات الدينية اليوم بمئات المصادر الفقهية وبأساليب مختلفة التنوع والعرض، كل ذلك خدمة لدين الاسلام وتراث الائمة الاطهار.


العتبة العباسية تختتم فعاليات حفل سنّ التكليف الشرعي المركزي لطالبات المدارس في كربلاء
العتبة العباسية تكرم المساهمين بنجاح حفل التكليف الشرعي للطالبات
ضمن فعاليات حفل التكليف الشرعي.. السيد الصافي يلتقط صورة جماعية مع الفتيات المكلفات
حفل الورود الفاطمية يشهد عرضًا مسرحيًّا حول أهمية التكليف