أقرأ أيضاً
التاريخ: 16-12-2020
3158
التاريخ: 7-10-2016
2275
التاريخ: 2023-03-13
1252
التاريخ: 2023-03-18
1296
|
تعكس الأحاديث الإسلامية بوضوح، ما تقدّم من علاقة العمل بالأخلاق في الآيات الكريمة، ذلك المطلب بوضوح، ومن تلك الأحاديث:
1 ـ نقرأ في حديث عن الإمام الصّادق (عليه السلام) أنّه قال: ((ما مِنْ عَبْدٍ إلّا وَفِي قَلْبِهِ نُكْتَةٌ بَيضاءٌ فَإذَا أَذْنَبَ ذَنْباً خَرَجَ في النُّكْتَةِ نِكْتَةٌ سَوداءٌ فَإنْ تابَ ذَهَبَ ذَلِكَ السَّوادُ، وإنْ تَمادَى فِي الذُّنُوبِ زَادَ ذَلِكَ السَّوادُ حتَّى يُغَطِّي البَياضَ، فَإذَا غَطّى البَياضَ لَمْ يَرْجِعْ صاحِبُهُ إلَى خَيرٍ أَبَداً، وَهُوَ قَولُ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ: {بَلْ رَانَ عَلَى قُلُوبِهِمْ مَا كَانُوا يَكْسِبُونَ})) (1).
فهذه الرواية، تُبيّن بوضوح، أنّ تراكم الذّنوب يُفضي إلى ظهور الرذائل في سلوكيات الإنسان، ويدفعه باتجاه الابتعاد عن الفضائل، ممّا يورّث النّفس الإنسانيّة الغرق في الظّلام الكامل، وعندها لا يجد الإنسان فرصةً للرجوع إلى طريق الخير، والانفتاح على اللَّه والإيمان.
2 ـ الوصيّة المعروفة عن أمير المؤمنين (عليه السلام) لابنه الحسن (عليه السلام)، حيث قال له: ((إنَّ الخَيرَ عادَةٌ)) (2).
وورد نفس هذا المضمون، في كنز العمّال، في حديثٍ عن رسول اللَّه (صلى الله عليه وآله)، أنّه قال: ((الخَيرُ عادَةٌ والشَّرُ لَجاجَةٌ)) (3).
وأيضاً نقل نفس هذا الحديث، وبشكل آخر، عن الإمام السجّاد (عليه السلام)، أنّه قال:((أُحِبُّ لِمَنْ عَوَّدَ مِنْكُمْ نَفْسَهُ عادَةً مِنَ الخَيرِ أَنْ يَدُومَ عَلَيها)) (4).
فيستفاد من هذه الروايات، أنّ تكرار العمل، سواء كان صالحاً أم طالحاً، يسبّب في وجود حالة الخير أو الشر عند الإنسان، فإذا كان خيراً فسيشكل مبادىء الخير في نفسه، وإن كان شرّاً فكذلك، وبكلمةٍ واحدةٍ هو التأثير المتقابل للأعمال، والأخلاق في حركة الحياة، والواقع النّفسي للإنسان.
3 ـ ورد في حديثٍ آخر، عن علي عليه السلام في وصيّته المعروفة، للإمام الحسن عليه السلام: ((وَعَوُّدْ نَفْسَكَ التَّصَبُّرَ عَلَى المَكْرُوهِ، وَنِعْمَ الخُلُقُ التَّصَبُّرُ في الحَقِّ))(5).
ويتبيّن هنا أيضاً، أنّ «العادة» هي وليدة، التكرار، للعمل مع الصّبر على صعوبات الحياة، من موقع الحقّ والمسؤوليّة.
4 ـ ورد في الرّوايات، التّعجيل بالتّوبة وعدم التّسويف، لئلّا تبقى آثار الذّنوب فاعلةً في القلب، ممّا يؤدّي إلى تحولها إلى ملكةٍ أخلاقيّةٍ راسخةٍ في النفس، فنقرأ في حديثٍ عن الإمام الجواد (عليه السلام) أنّه قال: ((تَأَخِيرُ التَّوبَةِ اغترارٌ، وَطُولُ التَّسْوِيفِ حَيرَةٌ... وَالإِصرارِ عَلَى الذَّنبِ آمْنٌ لِمَكْرِ اللَّهِ)) (6).
وجاء في النّبوي الشّريف حديث آخر، لطيف عن التّوبة وتأثيرها الإيجابي، في تلاشي الذّنوب من واقع النّفس، فقال: ((مَنْ تابَ تَابَ اللَّهُ عَلَيهِ وَأُمِرَتْ جَوَارِحَهُ أَنْ تَسْتُرَ عَلَيهِ، وَبِقاعُ الأرْضِ أَنْ تَكْتُمَ عَلَيهِ وَأُنْسيَتِ الحَفَظَةُ ما كانَتْ تَكْتُبُ عَلَيهِ)) (7). فهذا الحديث يبيّن أنّ التوبة تغسل الذّنوب وتعيد الصّفاء والقداسة الأخلاقيّة للإنسان.
وجاء هذا المعنى بصورة أوضح، في الحديث عن أمير المؤمنين عليه السلام: ((التَّوبَةُ تُطَهِّرُ القُلُوبَ وَتَغْسِلُ الذُّنُوبَ)) (8).
فهذا الحديث يبيّن أنّ الذنب يترك آثاره في القلب، في عمليّة تطبيع نفسي لعناصر المزاج، ولكن التّوبة تزيل هذه الآثار، ولا تفسح المجال لتشكّل تلك الأخلاق السلبية، في المحتوى الداخلي للفرد.
وورد في التعبير عن التّوبة بأنّها «طهور»، في رواياتٍ عديدةٍ، وهو يحكي عن علاقة الذّنب بظهور الحالات الباطنيّة القبيحة (9) وورد في المناجاة: الخمسة عشر، المعروفة للإمام السجاد (عليه السلام)، في القسم الأول منها، وهي مناجاة التّائبين: ((وأَماتَ قَلْبِي عَظِيمَ جِنايَتِي فأَحْيهِ بِتَوبَةٍ مِنْكَ يا أَمَلِي وَبُغْيتَي)) (10).
نعم! فإنّ الذّنب يكدّر القلب ويلوّث النفس الإنسانية، وبتكرار الذنب فإنّ القلب يذبل ويموت، ولكنّ التوبة بإمكانها، أن تعيد النّشاط والحياة للقلوب، لتعيش جو الإيمان والطُّهر.
وبناءً عليه، فإنّه يتوجّب على السائرين إلى اللَّه تعالى، تحكيم دعائم الفضائل الأخلاقيّة، في وجدانهم وسلوكيّاتهم، ولينتبهوا لمعطيّات وتبعات أعمالهم الإيجابيّة والسّلبيّة، فكلّ واحدٍ من تلك الأعمال سيؤثّر في القلب، فإنّ كان خيراً فخَير، وإن كان شَرّاً فشرّ.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) أصول الكافي، ج 2، ص 273، ح 20.
(2) بحار الأنوار، ج 74، ص 232.
(3) كنز العمّال، ح 28722.
(4) بحار الأنوار، ج 46، ص 99.
(5) نهج البلاغة، رسالة 31.
(6) بحار الأنوار، ج 6، ص 30.
(7) كنز العمّال، ج 10، ص 79.
(8) غُرر الحِكم، ح 3837.
(9) بحار الأنوار، ج 96، ص 121، وج 91، ص 132.
(10) المصدر السابق، ج 91، ص 142.
|
|
واجه خطر الخرف.. بمعادلة "الركائز الأربع"
|
|
|
|
|
دراسة: القلب يملك "دماغا صغيرا" خاصا به
|
|
|
|
|
مليكة الروم.. إصدارٌ جديد للهيأة العُليا لإحياء التراث
|
|
|