الفصل السابع

الميزة التنافسية المستدامة

Sustainability Competitive Advantage

المقدمة :

انتهجت الكثير من الشركات مفهوم المسؤولية الاجتماعية كتوجه استراتيجي في عملها ومنذ أمد ليس بالقصير، وقد كان هذا التوجه بحقيقته هو الحاظنة المفاهيمية والتطبيقية للعديد من الممارسات والتوجهات المعاصرة لمنظمات الاعمال. فأصبحت الاستدامة واحد من بين التوجهات المعتمدة في التخطيط الستراتيجي لمسار اعمال المنظمة وارتباط ذلك مع خلق وادامة الميزة التنافسية التي تمتلكها المنظمة في بيئة الاعمال التنافسية. وهذا الفصل يسعى الى الاتي:-

ــ تقديم تأطير مفاهيمي لموضع حساس في بيئة الاعمال يتمثل في الاستدامة، والتي اصبحت اليوم هدفاً ومساراً استراتيجي لمنظمات الاعمال التي تسعى للبقاء والاستمرار من جانب ولتتجنب الضغوطات التي تمارس عليها من قبل الاطراف المحيطة بها من أفراد المجتمع والحكومات والمنظمات المدنية من جانب آخر.

ــ استعراض لمفهوم الميزة التنافسية التي اصبحت امراً واجباً لكل الشركات ولكي تعبر عن تفردها عن بقية الشركات الأخرى العاملة في ذات الصناعة.

ــ الربط ما بين الاثنين من خلال الميزة التنافسية المستدامة التي تعبر عن التوجه الاستراتيجي المعاصر لعمل المنظمة وتفاعلها مع البيئة المحيطة بها.

ــ تم اعتماد نموذج ميداني لتطبيق واعتماد الميزة التنافسية المستدامة في شركة عريقة ومميزة على الصعيد العالمي، ومتمثلة بشركة hp للصناعات الالكترونية والبرمجيات والحواسيب الشخصية.

مفهوم الاستدامة Sustainability Concept

أصبحت الاستدامة من الأولويات الرئيسة في الستراتيجية المعتمدة من قبل اغلب المنظمات في القرن الواحد والعشرون لما لها من تأثير بعيد الامد على نجاح المنظمة وتوافقها مع المتطلبات التي تفرضها عليها بيئة الاعمال في عالمنا المعاصر. لكون المنظمات اصبحت اليوم يقاس درجة نجاحها وقبولها من المجتمع بمقدار اسهامها في تحسين البيئة والمحافظة عليها وتقديم منتجات صديقة للبيئة ومتوافقة بذات الوقت مع حاجات ورغبات الزبائن. وقد بات من الواضح بأن استخدام مصطلح الاستدامة sustainability بالوقت الحاضر يمثل مدى واسع من الالتزامات والافعال المتقابلة ما بين منظمات الاعمال بشتى تخصصاتها وانشطتها المختلفة من جانب والمجتمع عبر ممارسات افراده اليومية وبجميع اشكالها من جانب اخر . والتي يمكن أن تحدث تأثير ايجابي او سلبي في مفاصل ومضامين بيئة الحياة اليومية وديمومتها والمنعكسة على تحقيق الاستدامة البيئية ، والتي اصبحت ومنذ أمد قريب بكونها تمثل التوجه الستراتيجي لمنظمات الاعمال نحو تخضير اعمالها، وأن تكون أكثر توافقاً مع البيئة.

على الرغم من كون موضوع الاستدامة اقترن مع مفهوم البيئة الا ان ذلك لا يمكن اجتزاءه بهذا الشكل دون ربطه مع بقية المتغيرات الستراتيجية والتخطيط المعتمد في منظمات الاعمال فأصبحت الاستدامة مقرونه مع الميزة التنافسية في بيئة الاعمال المعاصرة، ولذلك اصبحت الميزة التنافسية المستدامة من بين الأولويات الرئيسة في استراتيجية الاعمال في اغلب المنظمات الرائدة والكبيرة في القرن الحادي والعشرون ولعل مرد ذلك يعود الى ان قياس نجاح المنظمات واستمرارها يقترن بمدى توافقها مع توجهات المجتمع والحكومات في تحسين مستوى واساليب الانتاج، وتقديم منتجات صديقة للبيئة ومتوافقة بذات الوقت مع حاجات ورغبات الزبائن . وكمثال على ذلك فقد اعتمدت شركة hp الاستدامة كأساس في تحقيق ميزتها التنافسية وكان ذلك على ثلاثة مراحل ؛  حيث كانت المرحلة الأولى في بداية عام 1980 عندما اعتمدت التوجهات البيئية في مسار عملها والمنصبة على منع التلوث، والعمل على تخفيض الاشعاعات في عمليات التصنيع التي تقوم بها. اما في المرحلة الثانية فقد ارتكزت استراتيجية الاستدامة المعتمدة من قبل الشركة على أدارة المخاطرة ومنع التلوث البيئي واجراء التحسينات على اساليب العمل. وفي المرحلة الثالثة وتحديداً في عام 1990 فقد انتقلت الشركة الى مرحلة جديدة تمثلت في تطوير عمليات الانتاج لتقديم منتجات صديقة للبيئة من حيث قدرتها على اعادة التدوير، التغليف الأخضر، التصميم البيئي، والالتزام التنظيمي بالقواعد البيئية في العمل.

لذلك يمكننا القول بأن الاستدامة لم تعد اجتهاد شخصي للقائد الاداري للمنظمة، أو هي استجابة لتأثير الضغوط الخارجية فحسب. بل اصبحت منهج استراتيجي يتوجب التثقيف عليه داخل المنظمة وتبنيه على وفق معايير الجودة المرتبطة بالانتاج والبيئة. وبالتالي فان الموضوع يرقى لان يكون جزءاً من رسالة الشركة ليتم التعبير عنه بأجراءات فعلية في التنفيذ.