أقرأ أيضاً
التاريخ: 13-2-2022
1597
التاريخ: 26-12-2020
1448
التاريخ: 14-2-2022
1449
التاريخ: 2024-05-23
731
|
حينما كان العالم الفيزيائي فينمـان يحلم بالنانوتكنلوجي كـان مـن احلامه القول عن الحاسبات وامكانيات توظيف تقنيات النانو فيها فتحدث قائلا: لم لا نجعل هذه الآلة اقل حجما وأكثر كفاءة؟ فهذا دماغ الانسان يخزن معلومات ضخمة ويمكنه ان يفرق بين الاشياء والصور والالوان لابد للآلة الجديدة ان تكون صغيرة الحجم، وكام مما حلم به ايضا حلما علميا ان يتم صنع حواسيب كمية وروبوتات صغيرة ورقيقات قادرة على التقاط المعلومات وبثها الى الخارج.
لقد كانت هذه من أحلام فينمان عام 1959 فكيف هو العمل البحثي والتقني بضوء هذه المعطيات الخيالية؟ وكيف أمكن او يمكن تحقيق هذا الحلم الطموح لفينمان؟ من المعروف ان صناعة الرقائق الالكترونية تضاعف مفاتيحها الكهربائية للترانزستورات المكونة من طبقات من اشباه الموصلات والالكترونات الموصلة داخل رقائق المعالجات كل ثمانية عشر شهرا، ويقال كل عشرين شهرا، وللاستمرار في هذا الاتجاه لابد من تكوين ترانزستورات دقيقة من السليكون، ومن المؤكد خلال سنوات قليلة سنصل الى حد ان الترانزستورات ستكون صغيرة جدا لدرجة ان الالكترونات ستخترق طبقاتها العازلة وتؤدي الى تعطيل عمل الرقائق، لذلك يحتاج المهندسون الى ثورة الكترونية جديدة.
ومن المقترحات المطروحة لهذه الثورة ان تكون هذه الترانزستورات من النانوتيوب متصلة باسلاك النانوتيوب وهذا يعتمد على النانوتيوب احادية السمك المكونة من جدار واحد من الكربون الا ان سعرها سيكون عاليا جدا لان سعر الغرام الواحد من النانوتيوب قد يصل الى 700 دولار وهو ما يعادل سبعين مرة ثمن غرام واحد من الذهب. تقول المعلومات ان شركة أي بي ام الامريكية ابتكرت رقاقة الكترونية يمكن ان تساهم في زيادة قوة اجهزة الكمبيوتر وتصغيرها مع خفض كمية الطاقة التي تستعملها وتتكون الرقاقة من جزيئات اسطوانية من ذرات الكربون يصل قطرها الى جزء من مليار من رابط الكربون اصغر من الشعرة بمائة الف مرة واكدت الشركة انها ستسعى لابتكار استخدامات معلوماتية اكثر تعقيدا لهذه التكنلوجيا، وقد اعتبر قسم التكنلوجيا في هذه الشركة ان هذه الرقاقة الجديدة هي البديل الاول لرقاقات السليسيوم المعتمدة حاليا حين يصبح من المستحيل التوصل الى رقاقات اصغر حجمـا وهـو حـاجـز مـادي يتوقع الاصطدام به خلال 10-15 عاما.
ان تقنية النانو تجعل من الممكن صناعة رقائق دقيقة الى حد انه يمكن وصل 1400 رقاقة كمبيوتر في قطر شعرة انسان ويأمل بعض علماء تكنلوجيا النانو التوصل الى صنع روبوتات أصغر حجما من البكتيريا بحيث تدخل الجسم وتنتشر فيه ونخلصه من البكتيريا والفيروسات والخلايا السرطانية وغيرها من الاشياء التي تضره. لقد کان فینمان قد تحدث في احلامه العلمية عن مفهوم جديد لاستغلال المساحات المجهرية الضائعة لحفظ المعلومات واقترح وضع الأربعة وعشرين مجلدا من دائرة المعارف البريطانية فوق رأس دبوس لا يتعدى قطره 1/16 من الانج.
ان كلمة النانو تقف في قياساتها عند حدود خمس ذرات فقط إذا وضعت الواحدة تلو الاخرى وهي أكبر من وحدة القياس الذري المعروفة - الأنجستروم - فالنانومتر يساوي عشرة أنجستروم ويمكن تقريب الاحساس بقيمة هذه القياسات الدقيقة إذا قلنا بأن قطر الذرة يتراوح بين عشر ونصف نانومتر.
ان قانون المرور الذي يضاعف الشرائح الالكترونية كل ثمانية عشر شهرا بفضل التصغير للمكونات والاسلاك الموصلة في الرقاقة سيصدم بعد سنوات قليلة إذا بقي فعالا بحاجز مادي صلب فيتعطل عن العمل بمستوى التصغير والتضاعف هذا، ولا يمكن القفز على هذا الحاجز المادي الا باستخدام معطيات النانوتكنلوجي التي تتجاوز طبيعـة المـواد الى طبيعـة جديدة مفتوحة لمدى أبعد كثيرا. واذا كان المقياس في الخزن الكثيف للمعلومات هو الحمض النووي او الخلية عموما فان الفكر العلمي انصرف للبحث عن امكانيات استخدام المواد البيولوجية في الكمبيوتر، حيث تقول المعلومات المتوفرة من وادي السليكون أن العلماء يريدون محاكاة الجهاز العصبي للإنسان في الأجهزة الذكية بما فيها الروبوت، وذلك بالتطبيقات التكنلوجية البايولوجية باستخدام النانو تكنلوجي، ويتوقع العلماء تكوين بدائل للأعصاب وانسجة الدماغ لتوضع في اجهزة الكمبيوتر والرجال الآليين وفي المقابل يمكن صنع الياف متطورة لتحل محل الاعصاب في الانسان كما يسعى البعض الى تدعيم عمل الدماغ البشري بأنواع متطورة من الرقائق الالكترونية.
ولما كانت المواد العضوية تستطيع ان تشكل خطوطا تنقل المعلومات في مثل سرعة الضوء فهل سيستطيع العلماء استخدامها بدلا من شرائح السليكون لكي تحل محل التوصيلات التي تقوم بها الاسلاك الدقيقة حاليا؟ وهكذا وجدنا ان النانوتكنلوجي يمكن من دمج البيولوجيــا بـالكمبيوتر حيث يهتم العلماء بإدخال مواد بيولوجية من الكائنات الحية لتندمج في الاسلاك وسائر انواع الموصلات ما يجعل منها عناصر ذكية قادرة علـى التجاوب والتفاعل مع بقية الاجهزة التي يتألف منها الحاسوب، ويقول العلماء مثلا لنفكر بالإمكانات الهائلة للحامض النووي في الوراثة الذي يحمل بلايين المعلومات في حجم فائق الصغر في قلب الخلية ويتساءلون: هل يمكن صنع نانو كمبيوتر يشبه الحمض النووي وقدراته وان تضاف اليه قدرات الذكاء الاصطناعي للحواسيب؟
وفعلا يفكر العلماء عبر عمليات التصغير النانوية هذه بإمكانية اسقاط الحواجز بين الكيمياء العضوية واللاعضوية مما سيؤدي الى اطالة عمر الأدوات التي نستخدمها والتي يتألف معظمها من مواد عضوية او مواد لاعضوية. لقد صنعت شركة هاولت باكارد للكمبيوتر رقاقات يدخل في صنعها نانو الكترونيات قادرة على حفظ المعلومات أكثر بآلاف المرات من الذاكرة الموجودة حاليا. وتقول احدى دراسات مجلس الابحاث القومي الكندي الخاصة النانوتكنلوجي انه من الممكن اللجوء الى مواد عضوية في صناعة شرائح السليكون لكي تحل محل التوصيلات التي تقوم بها الآن الاسلاك الدقيقة، وإذا تحقق ذلك فانه سيفتح المجال امام ادخال انسجة مثل الخلايا العصبية – تملك القدرة على التفكير لتصبح جزءا من شريحة الكمبيوتر.
وهناك من يرى ان انابيب الكربون النانوتكنلوجية تستطيع نقل الحرارة والكهرباء أفضل من النحاس ويمكنها ان تشكل اساسا لدوائر الكترونية جديدة في الكمبيوتر، وهناك من يقترح أن تستخدم في الجهاز العصبي الالكتروني في الرجل الآلي (الروبوت).
على ان الاخطر من كل ذلك والمخيف حقا لكل الباحثين في النانوتكنلوجي هي محاولة الاستفادة من طبيعة النمو والتكاثر في الخلية حيث تموت الخلية في ساعتها البيولوجية المحددة لتنشأ خلية جديدة ذات عمر جديد، وهنا نرى من يتحدث عن أن طموح تقنية النانو تصل الى حد تصميم روبوتات وادوات متناهية الصغر في الحجم قادرة على تحريك الجزيئات حتى تتمكن من مضاعفة ذاتها تلقائيا دون أي تدخل من عامل خارجي، والعلماء يتنافسون اليوم على التعرف على الأوجه المحتملة لتوظيف هذه التقنية الجديدة في كل مناحي الحياة، إذ لن تقتصر الاستفادة منها في مجال الالكترونيات والحاسوب فقط بل ستمتد لتشمل كل الاستخدامات العسكرية والطبية والكهربائية وغيرها.
والمخيف هنا ان تخرج هذه الكائنات النانوية عن السيطرة مما يجعلها تشكل خطرا يهدد البشرية كلها وهذا ما خلق خوفا منها وموجة اعتراضات شديدة ضدها، ويروا ان علوم الكمبيوتر التي تقود الى انتاج روبوتات متطورة واكثر ذكاء من الانسان - باستخدام الذكاء الصناعي - قد تحل محله تدريجيا عبر تكاثرها الذاتي حتى تطرد الانسان من على الارض، ولهذا نرى من شبه النانوتكنلوجي في الكمبيوتر العلم الاشد خطرا والاقرب الى صنع ما يفني البشرية وحضارتها وربما في رفة عين.
ان مقارنة بسيطة بين الادوات المجهرية النانوية الصناعية وبين الحيوية يفيدنا بخطورتها، فمعظم العمليات الحيوية عند المستوى الجزيئي تعتمد على الحركة العشوائية للجزيئات في محلول معين بهدف تجميعها مع بعضها لكي يمكن حدوث تفاعل ما وهذه الحركة المسماة البراونية سريعة بما يكفي لمعظم العمليات الحيوية، لكن الآلات المجهرية الصناعية النانوية ليمكنها مواصلة السيطرة النشطة على كل جزيء في جميع الاوقات.
وقد ذكرنا ان جائزة نوبل لعام 2007 منحت للعالمين الفرنسي والألماني عن اكتشاف يرتبط بالنانو تكنلوجي وتطبيقاته في مجال الاقراص الصلبة ولاشك ان فرض تطور صناعة الحواسيب طرح مسألة صنع اقراص صلبة يصغر حجمها باستمرار وتزداد قدرتها على تخزين المعلومات بمضاعفات عديدة، ولما كانت المعلومة تحفر على القرص الصلب على هيئة حقل مغناطيسي متناهي الصغر، لذا تحتاج قراءة المعلومة الى رؤوس فائقة الصغر لتحويل المعلومة من حقل مغناطيسي الى تيار كهربائي لكي يستطيع الكمبيوتر الذي يقرأ المعلومات باعتبارها تيارا كهربائيا يسير وينقطع قراءتها، وكلما زاد حجم المعلومات توجب ان تحتل مساحة اقل فأقل على القرص الصلب. وبدلا من اقراص تحتوي على عشرات التيرابايت يصبح كل منها يساوي تريليون بايت، ولما كان التخزين الكثيف للمعلومات يواجه القوى المغناطيسية على مستوى ذري حيث تبرز المقاومة المغناطيسية العملاقة، وكذلك يحتاج الامر الى ادوات تستطيع أن تقرأ المعلومات الممغنطة عند حدود ذرية ايضا لذا استعمل العالمان نظريتهما المغناطيسية لصنع رؤوس متناهية الصغر وبحجم لا يزيد عن مجموعة صغيرة من الذرات تستطيع التعامل مع الحقــول المغناطيسية فائقة الصغر ومقاومتها، ولذا استخدم علم النانو تكنلوجي الذي يتعامل مع الاشياء في مستوى الواحد من المليون من الملليمتر في صناعة تلك القارئات المغناطيسية وأسديا خدمة هائلة الى تطور الكمبيوتر وصناعته.
ان معطيات البيولوجيا لا تقف عند حدود معينة، ولهذا وجدنا من يحاول ان يصنع ما يشبهها باعتبارها المثال الذي يمكن اقتفاؤه، فمن المعروف مثلا ان جسم الانسان يتجدد فمعظم خلاياه تحتوي على خريطة الجينات الوراثية لصناعة كل خلايا الجسم المؤلف مبدئيا من عشرة تريليونات خلية تقريبا وتستطيع كل من هذه الخلايا اخذ هذه الوصفة لاستبدال نفسها كـل بضع سنوات، هنا يأتي دور النانو تكنلوجيا المستفيدة من البيولوجيا لأنها قـد تتطور الى حد اقتباس تقنيات عمل الخلايا واستعمالها لها في تجديد مكونات جهاز الكمبيوتر وهذا يعني ان يجدد الحاسوب خلاياه كل فترة خصوصا اذا نجح النانوتكنلوجي في مزج المواد العضوية مع اللاعضوية فتتصرف المكونات الالكترونية في الحاسوب وكأنها خلايا فعلا.
أليست كل هذه الصناعات محاولة للتشبه بالطبيعة الحية التي هي قمة التطور في الاشياء؟
|
|
دراسة يابانية لتقليل مخاطر أمراض المواليد منخفضي الوزن
|
|
|
|
|
اكتشاف أكبر مرجان في العالم قبالة سواحل جزر سليمان
|
|
|
|
|
اتحاد كليات الطب الملكية البريطانية يشيد بالمستوى العلمي لطلبة جامعة العميد وبيئتها التعليمية
|
|
|