أقرأ أيضاً
التاريخ: 14-10-2015
5365
التاريخ: 9-4-2016
4014
التاريخ: 10-4-2016
4319
التاريخ: 14-10-2015
3983
|
الإمام علي ( عليه السّلام ) مع القاسطين[1]
استعدادات معاوية لمحاربة الإمام ( عليه السّلام ) :
ساورت المخاوف معاوية من استقرار الإمام في الكوفة ومضيّه ( عليه السّلام ) في خطّته لتوحيد الدولة وبناء الحضارة الإسلامية على منهج القرآن والسنّة النبويّة ، فسارع معاوية إلى الاستعانة بعمرو بن العاص لما يتمتّع به من حيلة وغدر ، وتوافق معه في العداء للإسلام وللإمام ( عليه السّلام ) ، ولم يتردّد عمرو طويلا أمام رسالة معاوية ، ولم يكن ليختار على طمعه في الدنيا شيئا حتى لو كان دينه الذي يدخله الجنّة[2].
وما أن وصل عمرو إلى الشام حتى جعل يبكي ويولول كالنساء[3] مبتدئا خطّته في التضليل وخداع الجماهير ، وبعد مراوغة ومكايدة بين معاوية وعمرو تمّت المساومة على أن تكون حصّة عمرو ولاية مصر مقابل مواجهة الإمام ( عليه السّلام ) ومحاربته ، وكتب معاوية كتابا بذلك[4].
وشرعا يخطّطان لمواجهة الإمام والوضع القائم ، فكان الاتّفاق على المضيّ في هذا المسار العدائي المشوب بالظلم والغدر والبغي ، إذ لا سبيل للوصول إلى أهدافهم وغاياتهم إلّا مواجهة الإمام ( عليه السّلام ) وهو الوريث الشرعيّ للنبيّ ( صلّى اللّه عليه وآله ) وحامل راية الحقّ والعدل ، واصطدم الرجلان إذ كلاهما خذلا عثمان فكانت خطّتهم تتطلب التشبّث بقميص عثمان كشعار لتحريك مشاعر وعقول الجماهير غير الواعية ، فرفعاه على المنبر بعد أن قدم به عليهما النعمان بن بشير ، فكان الناس يضجّون بالبكاء حتى سرت فيهم روح الحقد والكراهية والعمى عن هدى الحقّ[5].
ولتحريك جماهير الشام لمؤازرة معاوية وحشدهم للحرب اقترح عمرو أن يكون شرحبيل بن السمط الكندي المحرّك الأول ، لما عرف عنه من عبادة ووجاهة في قبائل الشام وكراهية لجرير مبعوث الإمام ( عليه السّلام ) إلى معاوية ، كما أنّ شرحبيل ممّن لا يتقصّى الحقائق من مصادرها ، وتمّت مخادعة شرحبيل الذي انطلق مطالبا معاوية بالأخذ بثأر عثمان بن عفان ، ويتحرّك بنفسه لحشد الناس للحرب[6].
السيطرة على الفرات :
بعد تعبئة الشام للحرب ؛ أخذ معاوية منهم البيعة وكتب بالحرب كتابا أرسله مع جرير[7] الذي أبطأ كثيرا على الإمام ( عليه السّلام ) ، ثمّ سارع معاوية بتحريك قوّاته نحو أعالي الفرات في وادي صفّين لاحتلالها ومنع تقدّم قوات الإمام ( عليه السّلام ) وحبس الماء عنهم ، وتصوّر معاوية أنّ هذا أوّل نصر يحقّقه على الإمام ( عليه السّلام ) . وطلب الإمام ( عليه السّلام ) من معاوية أن يسمح لجيشه بالاستقاء بعد أن وصلوا متأخرين إلى صفّين ، وأبى معاوية وجيشه ذلك ، وأضرّ الظمأ كثيرا بأهل العراق وازداد الضغط على الإمام ( عليه السّلام ) لكسر الحصار ، فأذن لهم بالهجوم على شاطئ الفرات ، وتمّ إزاحة قوّات معاوية عن ضفّة النهر .
ولكنّ الإمام ( عليه السّلام ) لم يقابل أهل الشام بالمثل ، ففسح لهم المجال لأخذ الماء دون معارضة[8].
محاولة سلمية :
رغم أنّ الإمام ( عليه السّلام ) أكثر من مراسلة معاوية وفتح عدّة قنوات للحوار محاولا كسبه وإدخاله في بيعته لكنّ ردّ معاوية كان هو الحرب والسعي للقضاء على الإمام وجيشه بكلّ وسيلة ، بيد أنّ الإمام ( عليه السّلام ) كان يأمل في محاولة سلمية أخرى بعد أن استقرّ وجيشه ضفّة الفرات ، فسادت هدنة مؤقّتة بعث خلالها الإمام ( عليه السّلام ) مندوبين عنه إلى معاوية وهم بشير بن محصن الأنصاري وسعيد بن قيس الهمداني وشبث بن ربعي التميمي ، فقال ( عليه السّلام ) لهم : « إئتوا هذا الرجل - أي معاوية - وادعوه إلى اللّه وإلى الطاعة والجماعة » .
وما كان جواب معاوية إلّا السيف والحرب ، فقال للمندوبين : انصرفوا من عندي فليس بيني وبينكم إلّا السيف[9].
الحرب بعد الهدنة :
جرت مناوشات بين الجيشين ولم تستعر الحرب بعد ، فكانت تخرج فرقة من كلا الطرفين فيقتتلان ، وما أن حلّ شهر محرّم من عام ( 37 ه ) حتى حصلت موادعة بين الطرفين ، حاول من خلالها الإمام ( عليه السّلام ) التوصّل إلى الصلح ، وكانت طروحاته ( عليه السّلام ) هي الدعوة إلى السلم وجمع الكلمة وحقن الدماء ، ودعوات معاوية وأهل الشام رفض بيعة الإمام ( عليه السّلام ) والطلب بدم عثمان بن عفان [10].
واستمرّت الهدنة مدّة شهر واحد ، ولمّا طالت فترة المناوشات ؛ سئم الفريقان من ذلك فعبّأ الإمام ( عليه السّلام ) جيشه تعبئة عامة ، وكذلك فعل معاوية ، والتحم الجيشان في معركة رهيبة ، وكان الإمام يوصي جنوده دائما فيقول : « لا تقاتلوا القوم حتى يبدؤوكم فأنتم بحمد اللّه عزّ وجلّ على حجّة » ثمّ قال : « فإذا قاتلتموهم فهزمتموهم فلا تقتلوا مدبرا ولا تجهزوا على جريح ولا تكشفوا عورة ولا تمثّلوا بقتيل »[11].
واستمرت الحرب بين كرّ وفرّ حتى سقط خلالها أعداد كبيرة من المسلمين صرعى وجرحى بلغت عشرات الألوف .
مقتل عمار بن ياسر :
روي : أنّ عمار بن ياسر خرج بين الصفوف فقال : إنّي لأرى وجوه قوم لا يزالون يقاتلون حتى يرتاب المبطلون ، واللّه لو هزمونا حتى يبلغوا بنا سعفات هجر ؛ لكنّا على الحقّ وكانوا على الباطل . ثمّ تقدّم نحو جيش معاوية وهو يرتجز :
نحن ضربناكم على تنزيله * واليوم نضربكم على تأويله
ضربا يزيل الهام عن مقيله * ويذهل الخليل عن خليله
أو يرجع الحقّ إلى سبيله
فتوسّط فيهم ببسالته التي قاتل بها مع رسول اللّه ( صلّى اللّه عليه وآله ) صادقا مخلصا ، فاشتبكت عليه الرماح فطعنه أبو العادية وابن جون السكسكي ، وروي أنّهما اختصما في رأس عمار إلى معاوية وعبد اللّه بن عمرو بن العاص جالس فقال لهم : ليطب به أحدكما نفسا لصاحبه ، فإنّي سمعت رسول اللّه ( صلّى اللّه عليه وآله ) يقول له :
« يا عمّار تقتلك الفئة الباغية »[12] .
وكان الإمام قلقا لا يقرّ له قرار حين برز عمار للقتال في ذلك اليوم ، وأكثر من السؤال عليه حتى جاءه خبر استشهاده ، فأسرع إلى مصرعه كئيبا حزينا تفيض عيناه دمعا ، فقد غاب عنه الناصر الناصح والأخ الأمين ، ثمّ صلّى عليه الإمام ( عليه السّلام ) ودفنه .
وسرى خبر استشهاد عمار بين الجيشين فوقعت الفتنة بين صفوف جيش معاوية ، لما يعلمون من مكانة عمار وحديث الرسول ( صلّى اللّه عليه وآله ) له . . . ولكنّ المكر والحيلة كانا بالمرصاد لكلّ ساذج جاهل ، فأشاع معاوية أنّ الذي قتل عمارا من جاء به . وأذعن بسطاء أهل الشام لهذه الضلالة[13] .
وروي : أنّ ذلك بلغ الإمام عليا ( عليه السّلام ) فقال : ونحن قتلنا حمزة لأنّا أخرجناه إلى أحد[14] ؟
[1] وقعت معركة صفّين في صفر من عام ( 37 ) ه ، وكانت المناوشات بين الطرفين بدأت في ذي الحجّة عام ( 36 ) ه
[2] وقعة صفّين : 34 ، والإمامة والسياسة : 116 ، والكامل في التأريخ : 3 / 275 .
[3] الكامل في التأريخ : 3 / 274 .
[4] وقعة صفّين : 40 ، والإمامة والسياسة : 117 .
[5] وقعة صفّين : 37 ، الكامل في التأريخ : 3 / 277 .
[6] المصدر السابق : 46 .
[7] المصدر السابق : 56 .
[8] مروج الذهب : 2 / 384 ، وشرح النهج لابن أبي الحديد : 3 / 320 ، والكامل في التأريخ : 3 / 283 .
[9] تأريخ الطبري : 3 / 569 ، والكامل في التأريخ : 3 / 284 .
[10] وقعة صفّين : 195 ، وتأريخ الطبري : 3 / 570 .
[11] وقعة صفّين : 202 ، وتأريخ الطبري : 4 / 6 .
[12] وقعة صفّين : 340 ، وتأريخ الطبري : 4 / 27 ط مؤسسة الأعلمي ، والعقد الفريد : 4 / 341 ، .
[13] تأريخ الطبري : 5 / 653 .
[14] العقد الفريد : 4 / 343 ، وتذكرة الخواص : 90 .
|
|
دراسة يابانية لتقليل مخاطر أمراض المواليد منخفضي الوزن
|
|
|
|
|
اكتشاف أكبر مرجان في العالم قبالة سواحل جزر سليمان
|
|
|
|
|
اتحاد كليات الطب الملكية البريطانية يشيد بالمستوى العلمي لطلبة جامعة العميد وبيئتها التعليمية
|
|
|