المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية


Untitled Document
أبحث عن شيء أخر
صلاة الليل بإشارات القرآنية
2024-04-18
الائمة يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر
2024-04-18
معنى الصد
2024-04-18
ان الذي يموت كافر لا ينفعه عمل
2024-04-18
تحتمس الثالث الحملتان الحادية عشرة والثانية عشرة.
2024-04-18
تحتمس الثالث الحملة الثالثة عشرة السنة الثامنة والثلاثون.
2024-04-18

الأفعال التي تنصب مفعولين
23-12-2014
صيغ المبالغة
18-02-2015
الجملة الإنشائية وأقسامها
26-03-2015
اولاد الامام الحسين (عليه السلام)
3-04-2015
معاني صيغ الزيادة
17-02-2015
انواع التمور في العراق
27-5-2016


التعامل مع النفس  
  
3602   01:14 صباحاً   التاريخ: 9-1-2022
المؤلف : رضا علوي سيد احمد
الكتاب أو المصدر : فن التعامل مع الناس
الجزء والصفحة : ص 45 ـ 62
القسم : الاسرة و المجتمع / التربية والتعليم / التربية الروحية والدينية /


أقرأ أيضاً
التاريخ: 6-2-2022 2327
التاريخ: 29-1-2017 2921
التاريخ: 28-4-2017 2798
التاريخ: 4-1-2017 2265

قال الإمام علي (عليه السلام) :((رأس الدين مخالفة الهوى))(1).

يهتم الدين اهتماماً بالغاً بالنفس الإنسانية وتهذيبها وتزكيتها، وذلك لأنها منطلق الأعمال والممارسات، فإذا صلحت، صلحت حياة الإنسان، وصلح تقدمه ورقيه وحضارته. وهذا ما يميز الدين عن العقائد والأيديولوجيات الأخرى التي تؤمن برقي المجتمعات وتقدمها وتهمل الإهتمام بالنفس الإنسانية وتقويمها.

والأزمة الأخلاقية السلوكية التي تعيشها المجتمعات الغربية والمادية والمتغربة، هي نتيجة البعد عن الدين، أو بقاء رسمه في النفس فقط، وإذ غاب الدين في هذه المجتمعات، أطلقت الحرية للنفس لكي تفعل ما تشاء وتريد، وحدث ما حدث ويحدث، ولا نجاة لتلك المجتمعات إلا بالعودة الى الدين.

ومن هنا فان من أوليات الدين والالتزام به: تهيئة النفس، بتهذيبها، وإصلاحها، ومجاهدتها، وحملها على مقتضى العقل والحكمة والتقوى والأخلاق، ونهيها عن الأهواء الباطلة، وبعبارة أخرى: حسن التعامل معها.

إن حسن التعامل مع النفس قاعدة أولية لحسن التعامل مع الناس، وقبل ذلك هو قاعدة رئيسة في التزام الدين، وأمر يضمن نجاح الإنسان وسعادته، في دنياه وآخرته.

فهلا يحسن المرء معاملة نفسه، ولا يسي إليها؟

لا تسى، إلى أحب الناس اليك

((فتح أبو ذر الرسالة التي وصلته، فوجدها قادمة من مكان بعيد، ومن رجل يعرف أبا ذر وشخصيته، ومكانته من النبي (صلى الله عليه واله)، واطلاعه الواسع بأحاديث الرسول (صلى الله عليه واله) وحكمه، ولذا فهو يطلب في رسالته، نصيحة من أبي ذر، جامعة)).

وعندما انتهى أبو ذر من قراءة الرسالة، كتب في جوابها: ((لا تعاد أحب الناس إليك، ولا تسيئ اليه))؟

 فلما وصل الجواب إلى الرجل وقرأه، لم يفهم منه شيئاً، فتساءل في نفسه: ماذا يريد أبو ذر بهذا: ((لا تعاد أحب الناس إليك))؟

إن هذا ـ لعمري! ـ من أوضح الواضحات، أفيعقل أن يعادي الإنسان أحب محبوب لديه، وأن يسيء إليه؟ فالذي أدريه أنه لا يسيء إليه فحسب، بل ويفديه بماله وروحه.

ثم فكر في نفسه وقال: يجب أن لا أنسى شخصية كاتب هذه الوصية (أبو ذر)، إنه لقمان هذه الأمة وحكيمها، فلأطلب منه توضيحاً لما أوصاني به. فكتب إليه رسالة أخرى، طالباً منه توضيح ما كتب.

فكتب أبو ذر في الجواب:

إن مقصودي من أحب وأعز الأشخاص لديك هو (نفسك)، ولست أقصد شخصاً آخر، فأنت تحب نفسك أكثر مما تحب الآخرين، ولذلك قلت لك: ((لا تسيء إلى أحب الناس إليك))، ومعناه: أن لا تُسيء إلى نفسك، ألا تعلم بأن كل ذنب وكل جرم يرتكبه الإنسان يعود ضرره على نفسه؟ (2).

بين معاملة النفس ومعاملة الناس

قد يتساءل البعض: في موضوع التعامل مع الناس، هل هناك علاقة ارتباط بين هذا التعامل وبين التعامل مع النفس؟

وهل هناك فاصل بين الإنسان، ونفسه؟ وأليس الإنسان هو نفسه؟

وتكون الإجابة على ذلك كالتالي: إن نفس الإنسان جوهرة ثمينة، وهي أول الناس وأقربهم بالنسبة له، بلا ترديد. وهي أشبه شيء بالدابة الجامحة المستعصية، التي تريد أن يطلق لها العنان، فترتكب ما يحلو لها من الأعمال، والأفعال، والمعاصي، والذنوب، والأخطاء. والعقل المؤدب ـ الذي هو قوام الدين ونظامه وعماده ـ هو ذلك العقال، أو اللجام الذي يمنعها من الإنطلاق والإنفلات في طريق الهوى والضلال وممارسة الأخطاء، وبالتالي إبقاءها ضمن حظيرة الدين.

يقول الرسول الأعظم (صلى الله عليه واله): ((أعدى عدوك، نفسك التي بين جنبيك))(3).

وبما أن النفس هي ألد الأعداء بالنسبة للإنسان ـ مع أنها أحب الناس إليه ـ فهي يجب ان تجاهد، ومتى ما جوهدت، تمكن المرء أن يجعل منها مطية ومركباً للخير، واستطاع أن يختار لها ما يحب ويحسن العمل به من الخير والصلاح والطاعة والفضيلة، وترك ما يجب أن تنتهي عنه من الشر والفساد والفجور والرذيلة.

يقول تعالى: {وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا * فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا * قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا * وَقَدْ خَابَ مَنْ دَسَّاهَا} [الشمس: 7 - 10].

ومتى ما طهّر الإنسان نفسه وهذبها وقومها، وجعلها تحت إمارة العقل والدين وتقوى الله، استطاع أن يهيئ الأرضية الصالحة لعمله وتصرفه في جميع مجالات الحياة وميادينه، وتمكن من ضمان الاستقامة فيها. ومن تلك الميادين الهامة، وأوسعها، ميدان التعامل مع الناس ومعاشرتهم، هذا التعامل الذي يدخل طرفاً أساسياً في جميع أنواع المعاملات بين أفراد النوع الإنساني بلا استثناء. فالإنسان سواء كان في بيته، أو في موقع عمله: في الإدارة، أو المؤسسة، أو المتجر، أو المصنع، أو الحقل، أو في الشارع، أو في أي مكان آخر، هو يعاشر الآخرين ويتعامل معهم، وهذا التعامل ينبغي له أن يكون حسناً وقويماً، وقائماً، على أساس الحق والخير والصلاح والفضيلة.

وميدان التعامل مع الناس هو من أبرز الميادين التي تختبر فيها نفس الإنسان. وهو يعتمد على إصلاح النفس وتهذيبها وتزكيتها. فمن يزكي نفسه ويهذبها ويصلحها، يصبح مؤهلا لأن يتعامل مع الناس بشكل حسن وناجح، ومن لا يزكيها ولا يهذبها ولا يصلحها، لا يصبح مؤهلا لذلك بطبيعة الحال.

وقد يقول قائل: يبدو أن لا علاقة بين إصلاح النفس وبين التعامل مع الناس، إذ هناك أناس فسقة، وفجار، ويرتكبون الموبقات والكبائر، ولكنهم يتعاملون مع الناس بشكل جيد، فيحترمونهم، ويقدرونهم ولا يسيئون إليهم.

والرد على ذلك:

إن ممارسة الفسوق والفجور والموبقات هي في حد ذاتها إساءة من الإنسان الى الإنسان، وخصوصاً تلك الممارسات التي تأخذ الطبع الإجتماعي. وقبل كل شيء إن ممارسة الموبقات والسيئات هي الإساءة العظمى في تعامل الإنسان مع خالقه ـ جل وعلا ـ، وإساءة الى نفسه.

ونادراً ما يتعامل الشريرون وأهل السوء والفسقة والفجار مع الناس بصورة حسنة، لأن كيان شخصياتهم يقوم على السّوء ، وإذا وجد فيهم من يحترم الناس ولا يسيء إليهم ، فذلك لوجود بقايا الفطرة والوجدان ، أو أن حالة العصيان مقصورة على النفس دون ربطها بالتعامل مع الآخرين ، إلا أن حالة العصيان والانحراف مهما قصرت على النفس ، فإن آثارها الاجتماعية السلبية تظهر من خلال التعامل مع الآخرين ، الأمر الذي يؤكد ان إصلاح النفس (الواقع الداخلي) هو الأرضية السليمة لإصلاح جميع أعمال الإنسان وتصرفاته وسلوكياته في الواقع الخارجي.

الأمر الآخر: لا يضمن استمرار حسن التعامل، مع سوء النفس (*)، ولا يكفي أن تكون علاقة الإنسان بالناس حسنة، بينما علاقته مع نفسه سيئة، فمثل الذي يحسن التعامل مع الآخرين ويسيء التعامل والعشرة مع نفسه، كمثل الذي يعطي المعروف للأبعدين، وينسى الأقربين له، بينما القاعدة تقول (الأقربون اولى بالمعروف). وحيث أن النفس أقرب المقربين له، وأحب المحبوبين بالنسبة إليه، أفلا يكون من حق الحبيب أن يتعامل معه بشكل يليق بمنزلته ومكانته؟.

والسؤال هو: كيف يجب أن يكون التعامل مع هذا الحبيب؟ وكيف يمكن للإنسان، إحسان التعامل والعشرة معه، لكي يحسن التعامل والعشرة مع الناس، ولكي يحسن جميع تصرفاته في الحياة؟.

مجاهدة النفس

بعث رسول الله (صلى الله عليه واله) سريّةً، فلما رجعوا قال: ((مرحباً بقوم قضوا الجهاد الأصغر، وبقي عليهم الجهاد الأكبر)).

قيل: يا رسول الله! وما الجهاد الأكبر؟!

قال: ((جهاد النفس)).

 ثم قال (صلى الله عليه واله): ((أفضل الجهاد من جاهد نفسه التي بين جنبيه))(4).

كانت الليلة ليلة أم سلمة، فذهب النبي (صلى الله عليه واله) إلى بيتها ليقضي ليلته هناك. وعندما أسدل الظلام سدوله، وضرب السكون سرادقه (*) على البيت، نهض النبي (صلى الله عليه واله) من فراشه دون أن تحس به أم سلمة، وانتحى زاوية من البيت. فلما انتبهت، دهشت لعدم وجوده على الفراش، فداخلها ما يداخل النساء عادة، فهبت تطلبه في جوانب البيت، فألفته قائماً في زاوية منه، يدعو ويبكي ويقول: (اللهم لا تنزع مني صالح ما أعطيتني ابدأ، اللهم لا تشمت بي عدوا ولا حاسداً أبداً، اللهم لا تردني في سوء استنقذتني منه أبدأ، اللهم ولا تكلني إلى نفسي طرفة عين أبدأ)).

فأثرت فيها حالة الرسول تلك تأثيراً شديداً، فانفجرت باكية، فانتبه النبي (صلى الله عليه واله) لبكائها، فذهب إليها، وسألها: (ما يبكيك)؟ فأجابت: لم لا ابكي؟! أنت بالمكان الذي أنت به من الله، ومع هذا تسأله أن لا يكلك إلى نفسك طرفة عين ابداً، فكيف بي؟

فقال (صلى الله عليه واله): (يا أم سلمة، وما يؤمنني وقد وكل الله يونس بن متّى إلى نفسه طرفة عين، وكان منه ما كان)(5).

هكذا يعلمنا رسول الله (صلى الله عليه واله) كيفية التعامل مع النفس، فلكي لا يكلنا الله إلى أنفسنا، يلزم لنا أن نجاھدھا کما لو كانت عدواً بالنسبة لنا.  أرأيت الواحد منا كيف يتعامل مع عدو له ويجاهده؟

إنه يعد ما استطاع من قوة، وإرادة، ويترصد بالعدو أي ثغرة لكي يهجم عليه، وأي ثغرة يحاول النفوذ والهجوم منها، ويستخدم الذكاء والحذاقة في إلحاق الهزيمة به. وهكذا الحال بالنسبة للنفس، فهي يجب أن تعامل وتجابه بالقوة والشدة، لا باللين والميوعة. ومن صور هذا التعامل: إجهادها وعدم الرفق بها، والرد منها عند الشهوات، وتجنب خدعها، وعدم تحقيق لها ما يكرهه العقل، واختيار أصعب الأعمال، إذ أن أفضل الأعمال ما أكرهت النفس عليه.

يقول الإمام علي (عليه السلام) في وصف المتقي:

((إن استصعبت عليه نفسه فيما تكره، لم يعطها سؤلها فيما هويت)(6).  ومتى ما جاهد الإنسان نفسه، تمكن من خلق الأرضية السليمة لتحقيق الفلاح في الدار الآخرة، والدار الدنيا، وأصبح لبنة صالحة في الاجتماع، وكان بوسعه أن يتعامل مع الله، ومع عباد الله بوجه يرضيه ـ سبحانه وتعالى ـ أما عن كيفية مجاهدة النفس، فمن أبرز وجوه ذلك: نهيها عن أهوائها الباطلة.

نهي النفس عن هواها

قال الإمام الصادق (عليه السلام) في حديث طويل: ((من اتبع هواه وأعجب برأيه، كان كالرجل الذي اشتهر بين العامة من الناس بالخير، والإحسان إلى الآخرين، فكانوا يعظمونه ويبجلونه، وكان ذكره يتردد على الألسن، والمدح والثناء يزجى إليه من كل حدب وصوب، وكانت شهرته بالتقوى والصلاح قد طغت حتى فاضت بها القلوب والأفواه)).

(أما الكلام عن شرفه وسخائه، فقد كان يدور في كل ناد، ويتكرر في كل مجلس. فأحببت أن أشاهده عن كتب، ومن حيث لا يعرفني).

وذات يوم رأيته وقد أحدق به خلق كثير، فدنوت منه متنكرا، فوجدت الناس مسحورين به، وهو ما يزال يراوغهم حتى فارقهم. فتبعته من حيث لا يعلم، كي أعرف أي طريق يسلك، واي مكان يريد، وماذا يفعل، وما هي الأعمال الحسنة التي يقوم بها؟.

((وبعد برهة رأيته يقف أمام حانوت خباز، وما هي إلا لحظة حتى انتهز فرصة انشغال صاحب الحانوت، فتناول رغيفين، وأخذ طريقه. فتعجبت منه، وقلت في نفسي: لعله قد اشتراها سابقاً، ودفع ثمنها سلفاً، أو أنه سيدفعه أجلا. ثم قلت في نفسي: إذا كان قد اشتراها، فلماذا اغتنم فرصة إنشغال صاحب الحانوت ؟!.

((ثم لم أزل أتابعه، وأنا في خضم هذا الفكر، حتى مر ببائع رمان، فتوقف عنده هنيهة، وما زال يراقبه حتى تغفله، وأخذ منه رمانتين، وتابع سيره. فدهشت لأمره، وقلت في نفسي: لعله قد اشتراها أيضاً. ثم تساءلت: ولكن لماذا أخذ الرمانتين في غفلة من بائع الزمان ؟!.

((ثم لم أزل أتابعه حتى مر بمريض، هنا بلغ عجبي منتهاه عندما وجدته يضع الرغيفين والرمانتين بين يديه. وهنا اقتربت منه، وقلت له: أنا رأيت منك عملا عجيباً، وبينت له كل ما شاهدته منه، وسألته أن يوضح لي ذلك، فنظر إلي، وقال: الستَ جعفر بن محمد؟. (( ـ بلی، حدسك صحيح، أنا جعفر بن محمد. ((فقال: أنت ابن رسول الله، ولك حسب ونسب اصيل، ولكن ما ينفعك شرف أصلك من جهلك؟) فقلت: اي جهل رأيته مني؟ قال: جهلت قول الله ـ عز وجل -: {مَنْ جَاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا وَمَنْ جَاءَ بِالسَّيِّئَةِ فَلَا يُجْزَى إِلَّا مِثْلَهَا} [الأنعام: 160]، وإني لما سرقت الرغيفين كنت قد اقترفت سيئتين، ولما سرقت الرمانتين كنت قد اقترفت سيئتين أيضاً، فهذه أربع سيئات، فلما تصدقت بكل واحدة منها، كان لي اربعون حسنة، فانتقص من أربعين حسنة أربع سيئات، فيبقى لي ست وثلاثون حسنة. (فقلت له: ثكلتك أمك، أنت الجاهل بكتاب الله، أما سمعت قول الله تعالى: {إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ} [المائدة: 27] ؟ . إنك لما سرقت رغيفين كانا سيئتين، ولما سرقت الرمانتين كانتـا ـ أيضا ـ سيئتين، ولما دفعتها إلى غير صاحبها، وبغير أمر صاحبها، كنت قد اضفت أربع سيئات، ولم تضف اربعين حسنة إلى أربع سيئات. قال الإمام (عليه السلام): ((وتركته وهو على هذه الحال يلاحقني ببصره، وانصرفت)). ((وعندما انتهى الإمام (عليه السلام) من نقل هذه القصة إلى أصحابه، توجه إليهم، وقال: بمثل هذا التأويل القبيح المستنكر يضَلُّون ويُضِلّون))(*).

يقول تعالى: {وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوَى * فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوَى} [النازعات: 40، 41].

قد يسأل السائل: ما الهوى؟

الهوى: هو الحب بالمعنى السلبي، والإفراط في حب الذات، وكل ما من شأنه جعل النفس تخالف هدى العقل والدين وتسير في خط الشهوات. إن من طبيعة الإنسان أنه يحب ذاته، إلا أن هذا الحب يجب أن يكون معتدلا، لا مفرطاً. ومتى ما أفرط الإنسان في حب ذاته، أصبح أنانياً، ومتى أصبح كذلك، فإنه يفعل كل ما من شأنه خدمة الذات والتذاذها دون النظر إلى مراقبة الله ـ تعالى ـ، ودون النظر إلى الناس وإعطائهم حقوقهم، ومعاملتهم بالتي هي أحسن.

وكقاعدة عامة في نهي النفس عن هواها: في أي عمل يريد المرء القيام به، أو في أي خطوة يريد خطوها، لينظر إذا كانت نفسه تتجه إلى العمل وفق ما يأمر به الله والعقل، فليعمل ذلك لأنه طاعة لله، وخلاف هوى نفسه. وإذا كانت تتجه إلى مخالفة ما يأمر به الله والعقل فذلك هو الهوى، ويجب أن يخالفه.

فعلى سبيل المثال: إن نفس الإنسان قد تدعوه لإساءة الظن بفلان المؤمن لأنه قال كلمة فيه. فمخالفة هوى نفسه تقتضي أن يحافظ على ثقته بأخيه والصورة الحسنة له، وأن يتصرف وفق هدى الرب والعقل، فهما يوجهانه إلى أن لا يظنن كلمة خرجت من أخيه سوءاً، وهو يجد لها في الخير محتملا.

مثال آخر: وقد يمن على أخ للإنسان بنعمة، فتسول له نفسه أن يتمنى زوال النعمة عن أخيه وانتقالها إليه. فمخالفة الهوى تقتضي أن يفرح الإنسان، ويسر، وأن يشكر الله على أنعامه على أخيه بهذه النعمة، ويسأله ـ عز وجل ـ أن يديم النعم عليه، لا أن يتمنى زوالها عنه.

مثال ثالث: وقد يتناقش المرء مع طرف آخر، فيتبين للأول خطأ ـ الآخر، فيصر على أنه ليس مخطئاً ـ وانما هو مصيب، وهذا تعصب للذات واتباع لهواها، ومخالفته تقتضي أن يسلم بخطأه إذا كان مخطئاً.

ومخالفة الهوى، ونهي النفس عنه، قاعدة يجب على الإنسان أن يقيم نفسه عليها في جميع جوانب حياته ـ ومنها تعامله مع الناس ـ إذ الشيطان قد يدخل إلى نفسه من أتفه القضايا وأبسطها، ويزين له طريق الهوى. وبمعرفة هذه القاعدة الأساسية ـ وهي مخالفة هوى النفس ـ وتطبيقها، يتمكن الإنسان من حسن تعامله مع ربه، ومع نفسه، ومع الناس. ومتى ما خالف هواه، انعكست آثار ذلك على جميع جوانب حياته، ومن تلك الجوانب، التعامل مع الناس والعشرة معهم. فمن يخالف هواه تكن معاملته للناس قائمة على استخدام العدل والإنصاف معهم، وإعطائهم حقوقهم، وتقديرهم، واحترامهم، والتواضع لهم، وفعل كل ما من شأنه الإسهام في إحسان معاملتهم. ومعرفة حق النفس، والتزام حدود ذلك من أهم الأسس التي تضمن مخالفتها لهواها.

يقول الإمام علي (عليه السلام): ((أوصيكم بمجانبة الهوى، فإن الهوى يدعو إلى العمى، وهو الضلال في الآخرة والدنيا))(7). ويقول (عليه السلام) أيضاً: ((خالف الهوى تسلم))(8). ويقول (عليه السلام): ((ردع النفس عن الهوى الجهاد الأكبر))(9).

معرفة حق النفس

((كان مالك الأشتر ضخم الجثة، طويل القامة، يرتدي قميصاً وعمة، قد طبعت الحرب على وجهه آثارها، وعلمته بعلائمها، وحكت عن بطولاته في ميادينها بتقاسيم وجهه)).

((بينما كان يمشي يوم في سوق الكوفة، وإذا بأحد السّوقة تحدثه نفسه بالإزدراء به والإستهزاء بزيه، فرماه ببندقة، وبدون أن يعيره الأشتر التفاتاً، واصل السير حتى توارى عن الأنظار.

((عندها قيل للسوقي: ويحك، أتعرف من رميت؟!

(( ـ لا، لم أعرفه، عابر مثل آلاف المارة.  (إنه مالك الأشتر النخعي، صاحب أمير المؤمنين (علي بن أبي طالب) وقائد جيشه). (أهذا هو مالك الذي ترتعد فرائص الأسد خوفاً منه، ويرتجف العدو من إسمه)؟! (نعم ، هو بعينه). (فهرول الرجل من ساعته راكضاً خلف مالك ليعتذر إليه عما بدر منه. إلا أن مالكاً كان قد دخل أحد المساجد، فلما وصل الرجل وجده قائماً يصلي. فلما انتهى من صلاته، انكب الرجل على قدميه يقبلها. (فقال له مالك: ما هذا؟  (أعتذر إليك عمّا صدر مني، أنا الذي استهزأت بك وتجرأت عليك)! (ـ لا بأس عليك، فوالله، ما دخلت المسجد إلا لأستغفرنّ لك)(10).

تقدم هذه القصة التي نقشت كلماتها في صفحات التاريخ، درساً في جانب احترام الناس، وعدم السخرية بهم، واجتناب ازدرائهم وإيذائهم، وفي الحلم والتسامح معهم، وعدم مقابلة الإيذاء بالإيذاء، ومقابلته بالعفو والصفح وبمراجعة الأسباب وراء إساءة معاملة الناس، يتبين أن الإبتعاد عن العدالة مع النفس، هي من أهمها. إذ من حق النفس على الإنسان أن يجعل كل جوانب تصرفاته في الحياة ـ ومنها تعامله مع الناس ـ مرضية الله بلسانه، وسمعه، وبصره، ويده، ورجله، وبطنه، وفرجه، لأن إيذائهم ذو جانبين: إيذائهم من جانب، وإيذاء لنفسه بهضمه حقوقها من جانب آخر.

يقول الإمام زين العابدين (عليه السلام) عن حق النفس، في رسالة الحقوق: (وحق نفسك عليك: أن تستعملها بطاعة الله )(عز وجل).

(وحق اللسان: إكرامه عن الخنى (*)، وتعويده الخير، وترك الفضول التي لا فائدة لها، والبر بالناس، وحسن القول فيهم).

(وحق السمع: تنزيهه عن سماع الغيبة وسماع ما لا يحل سماعه).

(وحق البصر: أن تغضه عمّا لا يحل لك، وتعتبر بالنظر به).

(وحق يدك: أن لا تبسطها إلى ما لا يحل لك).

(وحق رجليك: أن لا تمشي بها إلى ما لا يحل لك، فبهما تقف على الصراط، فانظر أن لا تزل بك فتتردى في النار).

(وحق بطنك: أن لا تجعله وعاءاً للحرام، ولا تزيد على الشبع).

(وحق فرجك: أن تحصنه عن الزنا، وتحفظه من أن ينظر إليه)(11).

ومعرفة حق النفس تتطلب معرفة النفس ذاتها، فمن لا يعرف نفسه حق المعرفة، لا يستطيع أن يكون عادلاً معها فيعطيها حقوقها. ومتى ما عرف الإنسان نفسه سهل عليه أن يعرف غيره، وإذا ما أحسن تعامله مع نفسه، فإنه يحسن معاملة الآخرين.

يقول الإمام علي (عليه السلام): (من عرف نفسه كان لغيره أعرف)(12). فلكي يعرف المرء الآخرين ويحسن معاملتهم، هلا يعرف نفسه، وأقرب الأقربين بالنسبة إليه؟ وهلا يراقبها ويحاسبها على ما تأتي به من أفعال وتصرفات؟.

مراقبة النفس ومحاسبتها.

(جاء رجل إلى النبي (محمد) (صلى الله عليه واله)، وشكا إليه أذى من جاره، فقال له النبي (صلى الله عليه واله): إصبر لعله يغير طريقته. وبعدها جاءه مرة ثانية، فقال له النبي (صلى الله عليه واله): إصبر! (ثم جاء مرة ثالثة، فقال له النبي: إذا كان يوم الجمعة، أخرج أثاث بيتك، وضعه على قارعة الطريق، حتى يراه من يذهب لصلاة الجمعة، فإذا سألوك، فأخبرهم بالخبر. ففعل الرجل بوصية الرسول (صلى الله عليه واله)، فأتاه جاره معتذراً، وقال له: رد متاعك إلى بيتك، فلك الله علي ان لا اعود)(13).

يقول الإمام علي (عليه السلام): (إجعل من نفسك على نفسك رقيبا) (14). الحقيقة التي يجب أن يأخذها كل إنسان ببالغ الإهتمام والإعتبار أن أفعاله وتصرفاته خاضعة لمراقبة الله - سبحانه وتعالى ـ وهذه المراقبة توجب ضرورة مراقبة النفس لذاتها ومحاسبتها. قال تعالى: {إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا} [النساء: 1] وقال سبحانه: {وَكَانَ اللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ رَقِيبًا} [الأحزاب: 52] ؟.

وجاء في الدعاء الذي علمه الإمام علي بن أبي طالب (عليه السلام) لكميل بن زياد: (فأسألك بالقدرة التي قدرتها، وبالقضية التي حتمتها وحكمتها، وغلبت من عليه أجريتها، أن تهب لي في هذه الليلة وفي هذه الساعة كل جرم أجرمته، وكل ذنب أذنبته، وكل قبيح أسررته، وكل جهل عملته، كتمته أو اعلنته، أخفيته أو أظهرته، وكل سيئة أمرت بها الكرام الكاتبين الذين وكلتهم بحفظ ما يكون، وجعلتهم شهوداً علي مع جوارحي، وكنت أنت الرقيب عليّ من ورائهم، والشاهد لما خفي عنهم) (15).

أرأيت الواحد منا كيف يراقب الآخرين، ويحاسبهم على ما يفعلونه من أعمال وتصرفات ترتبط به، فيكون دقيقاً معهم؟ إن هذه الحالة يجب أن تمارس ـ في الدرجة الأولى ـ مع النفس والذات، بجعلها أول المراقبين والمحاسبين. إن المرء إذا كان له شريك في عمل أو ملك، أو مال فإنه يحاسبه بدقة، وإذا كان له خصم فإنه يطالبه بأداء حقوقه كاملة غير منقوصة، فهلا تعاملنا مع أنفسنا على هذا المنوال؟ إن حب الذات، والخضوع لأهوائها يجعلان الإنسان يستهين بأخطائه، وقد لا يعتبرها أخطاءً، فهلا نكون منصفين مع أنفسنا؟

يقول الإمام علي (عليه السلام): (وجاهد نفسك، وحاسبها محاسبة الشريك شريكه، وطالبها بحقوق الله مطالبة الخصم خصمه)(16).

إن نقطة الإنطلاق في معاملة المرء، الناس، هي نفسه التي بين جنبيه، إذ عليه أن يحسن معاملتها لكي يحسن معاملة الناس. ومعاملة النفس تتمثل في الإنصاف معها واعطائها حقوقها، ومجاهدتها، ومخالفة هواها الباطل، ومراقبتها ومحاسبتها، وعلى هذا يقوم صرح نجاح الإنسان وسعادته في الحياة الدنيا، والحياة الآخرة. إن المرء بمجاهدته لنفسه ومخالفة هواها ومحاسبتها ومراقبتها يحتاج إلى عنصر الصبر على ذلك، ويتعرض لمرارة ومعاناة، إلا أن هذه المرارة والمعاناة هي متعة يفتقر إليها كل من لا يجاهد نفسه، وهي تؤتي أثاراً يانعة في الدنيا والآخرة.

ثمرات مجاهدة النفس

كما النبتة التي تراعي حق الرعاية، تعطي ثمارها، وكما مجاهدة العدو بقوة وإخلاص تعطي انتصاراً، كذلك فإن مجاهدة النفس، وحسن التعامل والعشرة معها تعطي آثاراً وثمرات تنعكس على الإنسان وتصرفاته وسلوكه في الواقع الداخلي والخارجي. ومن تلك الآثار والثمرات ما يلي:

1 - كمال العقل.

2 - استكمال ثواب الرب.

3 - قهر النفس.

4 ـ تزكيتها وتطهيرها.  

5 ـ ملكها.

6 - زمها عن المعاصي (*).

7 ـ عصمتها في موارد الشر.

8 ـ ردعها.

9 ـ انطلاقها في الخير والحق.

10 - ارتفاع الدرجة.

11 - الصلاح.

12 ـ التغلب على العادات السيئة.

13 ـ التحلي بالأخلاق والعادات الحسنة.

14 ـ حلول الحكمة

15 - فرار الشيطان.

16 - إكمال التقى.

17 ـ حسن المعاملة مع الناس.

ويمكن بيان سلسلة من قواعد التعامل والعشرة مع النفس فيها يلي:

1 - ملازمة تقوى الله والورع عن محارمه.

2ـ مجاهدة النفس، ونهيها عن هواها.

3 ـ مراقبتها.

4 ـ محاسبتها ولومها.

5 - إصلاح سريرتها.

6 - إصلاح علانيتها.

۷ ـ اختيار الخير.

8 ـ ترك الباطل.

9 ـ لزوم العقل.

10 ـ جهادها بالعلم.

11 ـ عدم ائتمانها.

12 ـ تجنب جذعها.

13 - سیاستها (حسن قيادتها).

14ـ رياضتها (ترويضها على طاعة الله)

15 ـ تنزيهها عن الفجور والشر.

16 ـ استدراك فسادها.

17 - الاشتغال بعيوبها.

18 ـ ذمها.

19 ـ عدم الرضا عنها.

20 ـ الإستعانة بالحق عليها.

21 ـ تعاهد النقص فيها .

22 - إجهادها وعدم الرفق بها.

23 ـ عدم التسامح معها.

24 ـ عدم ظلمها.

25 ـ عدم غشها.

26 - عدم إضلالها.

27 - الرد منها عند الشهوات.

28 - إقامتها على كتاب الله عند الشبهات.

29 - تهذيبها وتأديبها.

30 ـ ترك العادات السيئة.

31 ـ التحلي بالأخلاق الفاضلة.

32 ـ تجنب مخالطة أبناء الدنيا وقرناء السوء.

33 ـ أن يكون الإنسان، نفسه.

34 ـ معرفة النفس.

35 ـ أن يكون الإنسان طبيب نفسه وواقيها ومعالجها.

36 ـ تقبل النقد البناء من الاخرين.

37 ـ نقدها (النقد الذاتي).

وهكذا فلكي نحسن التصرف في الحياة، والتعامل مع الناس، واجبنا أن نحسن معاملة خالقنا، بالتزام دينه، وإصلاح أمر آخرتنا لكي نصلح أمر دنيانا، ثم إقامتها على أساس الدين. وبكلمة: أن نجعل الدين أساساً لكل تصرفاتنا وأعمالنا ومعاملاتنا.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(1) مكارم الأخلاق، ص419.

(2) الشهيد مرتضى المطهري: قصص الأبرار، ج1.

(3) ميزان الحكمة، ج6، ص 95.

(*) هذا على افتراض اجتماع سوء النفس، وحسن التعامل والحق أن سوء النفس وفسادها هو الطريق الى سوء التعامل في الواقع الخارجي.

(4) بحار الأنوار، ج70، ص65.

(*) السرادق: الخيمة، أو الفسطاط الذي يمد فوق صحن البيت.

(5) قصص الأبرار، ج1.

(6) نهج البلاغة.

(*) وسائل الشيعة، ج 2 ص 57.

(7) مستدرك الوسائل، ج2، ص345.

(8) الغرر والدرر.

(9) المصدر السابق.

(10) سفينة البحار، مادة شتر، ص 686.

(*) الخنى: الفحش في الكلام.

(11) مکارم الأخلاق، ص419.

(12) ميزان الحكمة، ج6، ص141.

(13) أصول الكافي، ج2، ص668، باب حق الجوار.

(14) الغرر والدرر.

(15) مفاتيح الجنان.

(16) ميزان الحكمة، ج2، ص142.

(*) زم: ربط وشد. زم البعير : خطمه. والمقصود ربط النفس وشدها عن المعاصي وحبسها عنها. 




احدى اهم الغرائز التي جعلها الله في الانسان بل الكائنات كلها هي غريزة الابوة في الرجل والامومة في المرأة ، وتتجلى في حبهم ورعايتهم وادارة شؤونهم المختلفة ، وهذه الغريزة واحدة في الجميع ، لكنها تختلف قوة وضعفاً من شخص لآخر تبعاً لعوامل عدة اهمها وعي الاباء والامهات وثقافتهم التربوية ودرجة حبهم وحنانهم الذي يكتسبونه من اشياء كثيرة إضافة للغريزة نفسها، فالابوة والامومة هدية مفاضة من الله عز وجل يشعر بها كل اب وام ، ولولا هذه الغريزة لما رأينا الانسجام والحب والرعاية من قبل الوالدين ، وتعتبر نقطة انطلاق مهمة لتربية الاولاد والاهتمام بهم.




يمر الانسان بثلاث مراحل اولها الطفولة وتعتبر من اعقد المراحل في التربية حيث الطفل لا يتمتع بالإدراك العالي الذي يؤهله لاستلام التوجيهات والنصائح، فهو كالنبتة الصغيرة يراقبها الراعي لها منذ اول يوم ظهورها حتى بلوغها القوة، اذ ان تربية الطفل ضرورة يقرها العقل والشرع.
(أن الإمام زين العابدين عليه السلام يصرّح بمسؤولية الأبوين في تربية الطفل ، ويعتبر التنشئة الروحية والتنمية الخلقية لمواهب الأطفال واجباً دينياً يستوجب أجراً وثواباً من الله تعالى ، وأن التقصير في ذلك يعرّض الآباء إلى العقاب ، يقول الإمام الصادق عليه السلام : « وتجب للولد على والده ثلاث خصال : اختياره لوالدته ، وتحسين اسمه ، والمبالغة في تأديبه » من هذا يفهم أن تأديب الولد حق واجب في عاتق أبيه، وموقف رائع يبيّن فيه الإمام زين العابدين عليه السلام أهمية تأديب الأولاد ، استمداده من الله عز وجلّ في قيامه بذلك : « وأعني على تربيتهم وتأديبهم وبرهم »)
فالمسؤولية على الاباء تكون اكبر في هذه المرحلة الهامة، لذلك عليهم ان يجدوا طرقاً تربوية يتعلموها لتربية ابنائهم فكل يوم يمر من عمر الطفل على الاب ان يملؤه بالشيء المناسب، ويصرف معه وقتاً ليدربه ويعلمه الاشياء النافعة.





مفهوم واسع وكبير يعطي دلالات عدة ، وشهرته بين البشر واهل العلم تغني عن وضع معنى دقيق له، الا ان التربية عُرفت بتعريفات عدة ، تعود كلها لمعنى الاهتمام والتنشئة برعاية الاعلى خبرة او سناً فيقال لله رب العالمين فهو المربي للمخلوقات وهاديهم الى الطريق القويم ، وقد اهتمت المدارس البشرية بالتربية اهتماماً بليغاً، منذ العهود القديمة في ايام الفلسفة اليونانية التي تتكئ على التربية والاخلاق والآداب ، حتى العصر الاسلامي فانه اعطى للتربية والخلق مكانة مرموقة جداً، ويسمى هذا المفهوم في الاسلام بالأخلاق والآداب ، وتختلف القيم التربوية من مدرسة الى اخرى ، فمنهم من يرى ان التربية عامل اساسي لرفد المجتمع الانساني بالفضيلة والخلق الحسن، ومنهم من يرى التربية عاملاً مؤثراً في الفرد وسلوكه، وهذه جنبة مادية، بينما دعا الاسلام لتربية الفرد تربية اسلامية صحيحة.






قسم الشؤون الفكرية يصدر العدد الثامن والثلاثين من مجلة دراسات استشراقية
مجمع أبي الفضل العباس (عليه السلام) يستقبل الطلبة المشاركين في حفل التخرج المركزي
جامعة الكفيل تحيي ذكرى هدم مراقد أئمة البقيع (عليهم السلام)
الانتهاء من خياطة الأوشحة والأعلام الخاصة بالحفل المركزي لتخرج طلبة الجامعات