الوليد بن عقبة

أما الوليد فقد فسقه القرآن الكريم في آية { إن جاءكم فاسق بنبأ.. }، وعارض الوليد أهل البيت (عليهم السلام) وحاربهم وساعد معاوية بن أبي سفيان، وأعلن الفسق والفجور في الكوفة فطرده الناس (1). والوليد من الطلقاء الذين أسلموا قهرا عند الفتح. وأبوه من المعادين للرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) فقتله النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) صبرا بعد معركة بدر بيد علي بن أبي طالب (عليه السلام)، وقد نصبه عمر واليا على عرب الجزيرة (2). وقد نزل القرآن بتفسيق الوليد بن عقبة: { إن جاءكم فاسق بنبإ فتبينوا }. وقد ذكر ابن الأثير: ولا خلاف بين أهل العلم بتأويل القرآن أن قوله تعالى {إن جاءكم فاسق بنبإ فتبينوا} (3) أنزلت في الوليد بن عقبة، وذلك أن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) بعثه مصدقا إلى بني المصطلق، فعاد وأخبر عنهم أنهم ارتدوا ومنعوا الصدقة (4).

وقد قال النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) لعقبة بن أبي معيط: إنما أنت يهودي من أهل صفورية (5). وقال عقيل بن أبي طالب للوليد: إنك لتتكلم يا ابن أبي معيط كأنك لا تدري من أنت، وأنت علج من أهل صفورية - وهي قرية بين عكا واللجون من أعمال الأردن من بلاد طبرية كان ذكوان أبوه يهوديا منها - (6). ورغم ذلك فقد أرسل عمر بن الخطاب الوليد واليا على عرب الجزيرة (7). وذكر ابن قتيبة بأن عمر قد أرسله على صدقات بني تغلب (8) أي قبل إرساله إلى الجزيرة. وعندما أرسل عثمان الوليد واليا على الكوفة وعزل سعد بن أبي وقاص قال له سعد: والله ما أدري أكست بعدنا أم حمقنا بعدك (9). وفي الكوفة جاء الوليد بساحر يهودي لإبراز سحره في مسجد الكوفة أمام المسلمين، فأحدث فتنة هناك واضطر جندب لقتل ذلك الساحر. وشرب الوليد الخمر وصلى سكران، فقال عمر بن شبة: صلى الوليد بن عقبة بأهل الكوفة صلاة الصبح أربع ركعات، ثم التفت إليهم فقال: أزيدكم؟ فقال عبد الله بن مسعود: ما زلنا معك في زيادة منذ اليوم (10). ونزل في الوليد أيضا آية: { أفمن كان مؤمنا كمن كان فاسقا لا يستوون } (11).

قال يعني بالمؤمن عليا وبالفاسق الوليد بن عقبة (12). وقال ابن عبد البر: صلى الوليد الصبح أربع ركعات وقال: هل أزيدكم (13). وقال أبو الفداء في تاريخه: إن قصة صلاته بالناس الصبح أربعا وهو سكران مشهورة مخرجه (14). وقال السيوطي: صلى الوليد بأهل الكوفة أربع ركعات، وصار يقول في ركوعه وسجوده: اشرب واسقني (15).

_______________

(1) الاستيعاب، ابن عبد البر 3 / 634، مسند أحمد 1 / 144، سنن البيهقي 8 / 318.

(2) تاريخ الطبري 3 / 311، سيرة ابن هشام 1 / 385، 2 / 25، وتفسير الآيات { ويوم يعض الظالم على يديه... } الفرقان: 30 - 32 من تفسير القرطبي والطبري والزمخشري وابن كثير والرازي، البداية والنهاية، ابن كثير 3 / 32 طبعة دار إحياء التراث.

(3) الحجرات، 5.

(4) أسد الغابة، ابن الأثير 5 / 451، طبعة دار أحياء التراث، مختصر تاريخ ابن عساكر 26 / 338.

(5) السيرة الحلبية 2 / 186.

(6) مروج الذهب، المسعودي 1 / 336.

(7) تاريخ الطبري 3 / 327 طبعة الأعلمي، الكامل في التاريخ، ابن الأثير 3 / 82 ط. صادر، بيروت.

(8) المعارف، ابن قتيبة ص 319.

(9) سيرة ابن هشام 4 / 1554، أسد الغابة، ابن الأثير 5 / 452.

(10) الاستيعاب 4 / 1554، أسد الغابة، ابن الأثير 5 / 452.

(11) السجدة، 18.

(12) مختصر تاريخ ابن عساكر، ابن منظور 26 / 340.

(13) الاستيعاب، ابن عبد البر 3 / 634، مسند أحمد 1 / 144، سنن البيهقي 8 / 318، تاريخ اليعقوبي 2 / 142.

(14) تاريخ أبي الفداء 176، الإصابة، ابن حجر 3 / 638.

(15) تاريخ الخلفاء، السيوطي 104، سيرة الحلبي 2 / 314، الأغاني، أبو الفرج الأصفهاني 4 / 178. 5 - مختصر تاريخ دمشق، ابن عساكر 23 / 218.