المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية

سيرة الرسول وآله
عدد المواضيع في هذا القسم 8828 موضوعاً
النبي الأعظم محمد بن عبد الله
الإمام علي بن أبي طالب
السيدة فاطمة الزهراء
الإمام الحسن بن علي المجتبى
الإمام الحسين بن علي الشهيد
الإمام علي بن الحسين السجّاد
الإمام محمد بن علي الباقر
الإمام جعفر بن محمد الصادق
الإمام موسى بن جعفر الكاظم
الإمام علي بن موسى الرّضا
الإمام محمد بن علي الجواد
الإمام علي بن محمد الهادي
الإمام الحسن بن علي العسكري
الإمام محمد بن الحسن المهدي

Untitled Document
أبحث عن شيء أخر
الحث على المشاورة والتواضع
2024-04-24
معنى ضرب في الأرض
2024-04-24
معنى الاصعاد
2024-04-24
معنى سلطان
2024-04-24
معنى ربيون
2024-04-24
الإمام علي (علي السلام) وحديث المنزلة
2024-04-24

الأفعال التي تنصب مفعولين
23-12-2014
صيغ المبالغة
18-02-2015
الجملة الإنشائية وأقسامها
26-03-2015
اولاد الامام الحسين (عليه السلام)
3-04-2015
معاني صيغ الزيادة
17-02-2015
انواع التمور في العراق
27-5-2016


في مقتل الحسين (عليه السلام)  
  
1853   01:51 صباحاً   التاريخ: 18-4-2019
المؤلف : السيد نعمة الله الجزائري .
الكتاب أو المصدر : رياض الابرار
الجزء والصفحة : ج‏1، ص216-223.
القسم : سيرة الرسول وآله / الإمام الحسين بن علي الشهيد / استشهاد الإمام الحسين (عليه السّلام) ويوم عاشوراء /

قال الشيخ المفيد طاب ثراه: و كان خروج مسلم بن عقيل بالكوفة يوم الثلاثاء لثلاث مضين من ذي الحجّة سنة ستّين، و قتله يوم الأربعاء لتسع خلون من يوم عرفة و كان توجّه الحسين (عليه السّلام) من مكّة إلى العراق يوم التروية بعد أن أقام بمكّة بقيّة شعبان و رمضان و شوّال و ذي القعدة و ثمان من ذي الحجّة، و كان قد اجتمع عليه بمقامه بمكّة جماعة من أهل الأمصار فطاف بالبيت و سعى و أحلّ و جعلها عمرة لأنّه لم يتمكّن من تمام الحجّ، لأنّه خاف أن يقبض عليه فينفذ إلى يزيد بن معاوية .

و عن الواقدي و زرارة بن صالح قالا: لقينا الحسين قبل خروجه إلى العراق بثلاثة أيّام، فأخبرناه أنّ أهل الكوفة قلوبهم معه و سيوفهم عليه فأومى بيده نحو السماء ففتحت أبواب السماء و نزلت الملائكة فقال: لولا حبوط الأجر لقاتلتهم بهؤلاء و لكن اعلم أنّ هناك مصرعي و مصرع أصحابي و لا ينجو منهم إلّا ولدي عليّ‏ .

و روى أنّه لحقه عبد اللّه بن العبّاس فأشار عليه بالإمساك عن السير إلى العراق فقال له:

إنّ رسول اللّه أمرني بأمر و أنا ماض فيه فخرج ابن عبّاس يقول: وا حسيناه ثمّ جاء عبد اللّه بن عمر فأشار عليه بصلح أهل الضلال و حذّره من القتل و القتال فقال: يا أبا عبد اللّه أما علمت أنّ من هوان الدّنيا على اللّه تعالى أنّ رأس يحيى بن زكريا اهدي إلى بغي من بغايا بني إسرائيل، أما تعلم أنّ بني إسرائيل كانوا يقتلون ما بين طلوع الفجر إلى طلوع الشمس سبعين نبيّا ثمّ يجلسون في أسواقهم يبيعون و يشترون كأن لم يصنعوا شيئا، فلم يعجّل اللّه عليهم بل أخذهم‏

بعد ذلك أخذ عزيز ذي انتقام، اتّق اللّه يا أبا عبد الرحمن و لا تدع نصرتي‏ .

و روي أنّه صلوات اللّه عليه لمّا عزم على الخروج إلى العراق قام خطيبا فقال؛ الحمد للّه و ما شاء اللّه و لا حول و لا قوّة إلّا باللّه و صلّى اللّه على رسوله و سلّم؛ خطّ الموت على ولد آدم مخط القلادة على جيد الفتاة، و ما أولهني إلى أسلافي اشتياق يعقوب إلى يوسف و خير لي مصرع أنا لاقيه كأنّي بأوصالي يقطعها ذئاب الفلوات بين النواويس و كربلا فيملأن مني أكراشا، لا محيص عن يوم خط بالقدم رضاء اللّه رضانا أهل البيت نصبر على بلائه و يوفينا اجور الصابرين من كان فينا باذلا مهجته موطنا على لقاء اللّه نفسه فليرحل معنا فإنّي راحل غدا إن شاء اللّه تعالى، ثمّ سار حتّى بلغ التنعيم فلقى هناك عيرا تحمل هدية من عامل اليمن إلى يزيد بن معاوية و عليها الورس و الحلل فأخذها صلوات اللّه عليه، لأنّ حكم امور المسلمين إليه فسار حتّى بلغ ذات عرق فسأله عن أهلها فقال: خلّفت القلوب معك و السيوف مع بني أميّة فقال: صدقت إنّ اللّه يفعل ما يشاء و يحكم ما يريد، ثمّ سار حتّى نزل الثعلبية وقت الظهيرة فوضع رأسه فرقد ثمّ استيقظ فقال: قد رأيت هاتفا يقول: أنتم تسرعون و المنايا تسرع بكم إلى الجنّة فقال له ابنه عليّ: يا أبه فلسنا على الحقّ؟

فقال: بلى يا بني فقال: يا أبه إذا لا نبالي بالموت، فقال: جزاك اللّه يا بني خير ما جزا ولدا عن والد.

و اتّصل الخبر بالوليد بن عتبة أنّ الحسين قصد العراق فكتب إلى ابن زياد: أمّا بعد، فإنّ الحسين قد توجّه إلى العراق و هو ابن فاطمة بنت رسول اللّه فاحذر يابن زياد أن تأتي إليه بسوء فتهيج على نفسك و قومك أمرا في هذه الدّنيا لا تنساه الخاصّة و العامّة أبدا ما دامت الدّنيا، فلم يلتفت ابن زياد إلى كتابه‏ .

و عن الطرماح بن حكم قال: لقيت الحسين (عليه السّلام) في الطريق فقلت: لا يغرّنك أهل الكوفة فو اللّه إن دخلتها لتقتلن، فإن كنت مجمعا على الحرب فانزل آجا فإنّه جبل منيع و قومي ينصرونك ما أقمت بينهم، فقال: إنّ بيني و بين القوم موعدا أكره أن أخلفهم فإن يدفع اللّه عنّا

فقديما ما أنعم علينا و كفى، و إن يكن ما لا بدّ منه ففوز و شهادة إن شاء اللّه. ثمّ حملت الطعام إلى أهلي و أوصيتهم بامورهم و خرجت اريد الحسين، فلقيني سماعة بن يزيد فأخبرني بقتله و رجعت‏ .

و حدّث جماعة من فزارة قالوا: كنّا مع زهير بن القين حين أقبلنا من مكّة و نحن نساير الحسين فإذا نزل في جانب نزلنا في جانب آخر فبينا نحن نتغدّى من طعام إذ أقبل رسول الحسين (عليه السّلام) فقال: يا زهير بن القين إنّ أبا عبد اللّه الحسين بعثني إليك لتأتيه، فطرح كلّ إنسان منّا ما في يده فقالت له امرأته: سبحان اللّه يبعث إليك ابن رسول اللّه ثمّ لا تأتيه، فأتاه زهير بن القين فما لبث أن جاء مستبشرا قد أشرق وجهه، فأمر بفسطاطه و رحله فحوّل إلى الحسين ثمّ قال لامرأته: أنت طالق و الحقي بأهلك فإنّي لا أحبّ أن يصيبك بسببي إلّا خيرا و قد عزمت على صحبة الحسين لأفديه بروحي. ثمّ سلّمها إلى بعض بني عمّها ليوصلها إلى أهلها، فقامت إليه و بكت و ودّعته و قالت: خار اللّه لك أسألك أن تذكرني في القيامة عند جدّ الحسين (عليه السّلام).

و قال المفيد: ثمّ قال زهير لأصحابه: من أحبّ منكم من يتبعني و إلّا فهو آخر العهد، إنّي سأحدّثكم حديثا؛ غزونا البحر ثمّ فتح اللّه علينا و أصبنا غنائم، فقال لنا سلمان: أفرحتم بما فتح اللّه عليكم؟

قلنا: نعم، فقال: إذا أدركتم سيّد شباب آل محمّد فكونوا أشدّ فرحا بقتالكم معه ممّا أصبتم من الغنائم، فأمّا أنا فأستودعكم اللّه، و كان مع الحسين (عليه السّلام) حتّى قتل معه، و لمّا نزل الخزيمة بات بها ليلة، فلمّا أصبح أقبلت إليه اخته زينب فقالت: يا أخي سمعت البارحة هاتفا يقول شعر:

ألا يا عين فاحتفلي بجهد          و من يبكي على الشهداء بعدي‏

إلى قوم تسوقهم المنايا             بمقدار إلى إنجاز وعد

فقال لها الحسين (عليه السّلام): يا أختاه كلّ الذي قضى اللّه هو كائن‏ .

و روى عبد اللّه بن سليمان و المنذر الأسدي قالا: قضينا حجّنا و لحقنا بالحسين (عليه السّلام)‏

بزرود، فلمّا دنونا منه إذا نحن برجل من الكوفة و قد عدل عن الطريق فلحقناه و قلنا له اخبرنا عن الناس قال: لم أخرج من الكوفة حتّى قتل مسلم بن عقيل و هاني بن عروة و رأيتهما يجرّان بأرجلهما في السوق، فأقبلنا حتّى لحقنا بالحسين (عليه السّلام) فقلنا: إنّ عندنا خبرا إن شئت حدّثناك به علانية و إن شئت سرّا فنظر إلى أصحابه و قال: ما دون هؤلاء ستر، فقلنا: اخبرنا الراكب بقتل مسلم بن عقيل و هاني بن عروة، فقال: إنّا للّه و إنّا إليه راجعون رحمة اللّه عليهما، فقلنا:

ننشدك اللّه الّا انصرفت من مكانك و انّا نتخوّف عليك، فنظر إلى بني عقيل فقال: ما ترون فقد قتل مسلم؟

فقالوا: ما نرجع حتّى نصيب ثأرنا أو نذوق ما ذاق، فقال: لا خير في العيش بعد هؤلاء الفتية، فعلمنا أنّه عزم على المسير، فقلنا له: خار اللّه لك‏ .

و في رواية اخرى: إنّه لمّا أخبر بقتل مسلم أمّا أنّه قد قضى ما عليه و بقى ما علينا، ثمّ قال شعر:

فإن تكن الدّنيا تعدّ نفيسة          فدار ثواب اللّه أعلى و أنبل‏

و إن تكن الأبدان للموت انشئت‏           فقتل امرء بالسيف في اللّه أفضل‏

و إن يكن الأرزاق قسما مقدّرا             فقلّة حرص المرء في الرزق أجمل‏

و إن تكن الأموال للترك جمعها           فما بال متروك به الحرّ يبخل‏

ثمّ سار حتّى مرّ ببطن العقبة فلقيه شي‏ء من بني عكرمة، فقال للحسين (عليه السّلام): أنشدك اللّه لما انصرفت فو اللّه ما تقدم إلّا على الأسنّة و حدّ السيوف فقال؛ لا يخفى عليّ الرأي، ولكن اللّه تعالى لا يغلب على أمره، ثمّ قال: و اللّه لا يتركونني حتّى يستخرجوا هذه العلقة من جوفي، فإذا فعلوا سلّط اللّه عليهم من يذلّهم حتّى يكونوا أذلّ فرق الامم، ثمّ سار حتّى انتصف النهار فبينما هو يسير إذ كبّر رجل من أصحابه، فقال له الحسين (عليه السّلام): لم كبّرت فقال: رأيت النخل.

قال جماعة من أصحابه: ما عهدنا هنا نخل، فقال الحسين (عليه السّلام): ما ترون؟

قالوا: نرى أسنّة الرّماح و اذان الخيل، فقال: و أنا أرى ذلك فأخذوا ذات اليسار

و طلعت عليهم هوادي الخيل و جاء القوم زهاء ألف فارس مع الحرّ حتّى وقفوا مقابل الحسين (عليه السّلام) في حرّ الظهيرة، فقال الحسين (عليه السّلام) لأصحابه: اسقوا القوم و اسقوا خيولهم من الماء ففعلوا، و كان ابن زياد بعثه يستقبل الحسين فلم يزل الحرّ موافقا للحسين و قال: إنّ ابن زياد لم يأمرني بقتالك ولكن أمرني أن أدخلك الكوفة فلم يقبل (عليه السّلام) و أخذا طريقا وسطا حتّى وصلا إلى نينوى إلى الحرّ إذا أتاك كتابي فجعجع بالحسين و أصحابه و لا تنزله إلّا بالعراء في غير خضرة و لا ماء، و كان ذلك اليوم يوم الخميس و هو الثاني من المحرّم سنة إحدى و ستّين فقام الحسين (عليه السّلام) خطيبا في أصحابه و قال: إنّه قد نزل من الأمر ما ترون و أنّ الدّنيا تغيّرت و تنكّرت و أدبر معروفها، و إنّي لا أرى الموت إلّا سعادة.

فقام زهير بن القين و قال: يابن رسول اللّه لو كانت الدّنيا لنا باقية لآثرنا النهوض معك على الإقامة فيها و تكلّم أصحابه (عليه السّلام) مثل كلام زهير فساروا مع الحرّ حتّى نزلوا كربلاء في اليوم الثامن من المحرّم و قال: هذه أرض كرب و بلاء، فبكى ساعة و قال: اللّهمّ إنّا عترة نبيّك و قد أخرجنا و طردنا و ازعجنا عن حرم جدّنا و تعدّت بنو اميّه علينا، ثمّ قال: هذه الأرض مناخ ركابنا و محطّ رحالنا و مقتل رجالنا و سفك دمائنا.

و كتب الحرّ إلى ابن زياد: إنّ الحسين نزل كربلاء، فأرسل عمر بن سعد في أربعة آلاف فارس فنزل نينوى و أرسل إلى الحسين (عليه السّلام): ما الذي أتى بك؟

فقال: كتبكم، فإذا كرهتموني فأنا أنصرف عنكم، ثمّ إنّ ابن زياد أرسل إليه الخيل و الرجال حتّى تكاملت عنده ثلاثون ألفا فنزلوا على شاطئ الفرات و حالوا بينه و أصحابه و بين الماء و أضرّ العطش بأصحاب الحسين، فأخذ (عليه السّلام) فأسا و حفر فنبعت عين من الماء فشربوا بأجمعهم و غارت العين و بلغ ذلك ابن زياد فأرسل إلى ابن سعد: أن امنعهم حفر الآبار و لا تدعهم يذوقوا الماء. فبعث عمرو بن الحجّاج في خمسمائة فارس، فنزلوا على الشريعة و حالوا بين الحسين و بين الماء و ذلك قبل قتل الحسين (عليه السّلام) بثلاثة أيّام و نادى ابن حصين: يا حسين ألا تنظرون إلى الماء كأنّه كبد السماء و اللّه لا تذوقون منه قطرة حتّى تموتوا عطشا، فقال الحسين (عليه السّلام): اللّهم اقتله عطشا.

قال حميد بن مسلم: و اللّه لقد رأيته بعد ذلك يشرب الماء ثمّ يقيئه و يصيح العطش‏ العطش، و هكذا حتّى خرجت روحه و لمّا رأى الحسين (عليه السّلام) نزول العساكر مع ابن سعد أرسل إليه: أريد أن ألقاك فاجتمعا و تناجيا طويلا ثمّ رجع ابن سعد إلى مكانه و كتب إلى ابن زياد:

هذا حسين قد أعطاني أن يرجع إلى المكان الذي منه أتى أو إلى أحد الثغور، فيكون رجلا من المسلمين له ما لهم و عليه ما عليهم، فلمّا قرأ الكتاب قال: هذا كتاب ناصح مشفق على قومه فقام إليه شمر فقال: لئن رحل الحسين من بلادك ليكوننّ قويّا و أنت ضعيفا فلا تعطه هذه المنزلة ولكن ينزل على حكمك، فقال ابن زياد: نعم ما رأيت فكتب إلى ابن سعد: لم أبعثك إلى الحسين لتمنّيه السلامة و لا لتكون له عندي شفيعا انظر إن نزل حسين على حكمي فابعث به إليّ سالما و إن أبى فاقتله و أصحابه و مثّل بهم، فإن قتلت حسينا فاوطء الخيل صدره و ظهره فإنّه عات ظلوم فإن أنت مضيت لأمرنا جزيناك جزاء السامع المطيع، و إن أبيت فاعتزل و خل بين شمر و بين العسكر.

فأقبل شمر بكتاب ابن زياد إلى ابن سعد، فلمّا قرأ الكتاب قال: لا قرّب اللّه دارك و اللّه إنّي لأظنّك نهيته عمّا كتبت به إليه و اللّه لا يبايع حسين؛ إنّ نفس أبيه بين جنبيه، فقال له الشمر: إن لم تمض لأمر أميرك، و إلّا فخلّ بيني و بين الجند.

قال: لا و كرامة لك ولكن أنا أتولّى ذلك و دونك فكن على الرّجالة، و جاء شمر حتّى وقف على أصحاب الحسين فقال: أين بنو أختنا، فخرج إليه جعفر و العبّاس و عثمان بنو عليّ فقال لهم: أنتم يا بني أختي آمنون فقالوا له: لعنك اللّه و لعن إمامك أتؤمننا و ابن رسول اللّه لا أمان له.

ثمّ نادى ابن سعد: يا خيل اللّه اركبي، فرجف الناس إليهم بعد العصر و الحسين (عليه السّلام) جالس أمام بيته مختبئ بسيفه فخفق برأسه على ركبتيه و سمعت اخته الصيحة فدنت من أخيها و قالت: يا أخي ما تسمع هذه الأصوات؟ فرفع الحسين (عليه السّلام) رأسه فقال: رأيت رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و اله) الساعة في المنام و و يقول: إنّك تروح إلينا غدا فلطمت وجهها و نادت بالويل، فقال الحسين (عليه السّلام) للعبّاس: امض إليهم و أخّرهم إلى غد لعلّنا نصلّي لربّنا هذه الليلة و ندعوه و نستغفره، فمضى إليهم و أجّلوه إلى غد فجمع أصحابه عند السماء فقال لهم: إنّي أذنت لكم فانطلقوا في حلّ هذا الليل قد غشيكم فقالوا: نفعل ذلك لنبقى بعدك لا أرانا اللّه ذلك أبدا، بدأهم بذلك العبّاس.

ثمّ قام إليه ابن عوسجة فقال: لو لم يكن معي سلاح اقاتلهم به لقذفتهم بالحجارة و لو علمت أنّي اقتل ثمّ احيا ثمّ احرق ثمّ احيا ثمّ اذرّى يفعل بي ذلك سبعين مرّة ما فارقتك حتّى ألقى حمامي دونك فكيف لا أفعل ذلك و إنّما هي قتلة واحدة ثمّ هي الكرامة التي لا انقضاء لها، و تكلّموا مثل كلامه فجزاهم الحسين (عليه السّلام) خيرا و انصرف إلى منزله.

و قيل لبشر بن محمد الحضرمي في تلك الحال: قد أسر ابنك بثغر الريّ، فقال: عند اللّه أحتسبه و نفسي فسمع الحسين (عليه السّلام) قوله فقال له: أنت في حلّ من بيعتي فاعمل في فكاك ابنك فقال: أكلتني السباع حيّا إن فارقتك فأعطاه خمسة أثواب قيمتها ألف دينار لفكاك ابنه و بات الحسين (عليه السّلام) و أصحابه تلك الليلة و لهم دويّ كدويّ النحل ما بين راكع و ساجد و قائم و قاعد.

فلمّا كان الغداة أمر الحسين (عليه السّلام) بفسطاط فضرب و أمر بجفنة فيها مسك كثير، فجعل فيها نورة ثمّ دخل ليطلي و أصحابه بعده فجعل برير يضاحك عبد الرحمن الأنصاري، فقال له عبد الرحمن: ما هذه ساعة ضحك، فقال: إنّما أفعل ذلك استبشارا بما نصير إليه، فو اللّه ما هو إلّا نلقى هؤلاء القوم بأسيافنا نعالجهم ساعة ثمّ نعانق الحور العين.

و قال عليّ بن الحسين (عليه السّلام): إنّي جالس في تلك الليلة التي قتل أبي في صبيحتها فدخل أبي في خباء له يعالج سيفه و يصلحه و يقول شعر:

يا دهر اف لك من خليل‏           كم لك في الإشراق و الأصيل‏

من طالب و صاحب قتيل‏                  و الدهر لا يقنع بالبديل‏

و إنّما الأمر إلى الجليل‏           و كلّ حيّ سالك سبيلي‏

فعلمت ما أراد فخنقتني العبرة و علمت أنّ البلاء قد نزل، و أمّا عمّتي زينب فلم تملك نفسها فمشت تجرّ ثوبها حتّى انتهت إليه و قالت: وا ثكلاه ليت الموت أعدمني الحياة اليوم ماتت امّي فاطمة و أبي علي و أخي الحسن، يا خليفة الماضي و ثمال الباقي فقال لها: يا اختاه لا يذهبن حلمك الشيطان و ترقرقت عيناه بالدموع و قال: لو ترك القطا لنام، فقالت: يا ويلتاه تغصب نفسك اغتصابا، ثمّ لطمت وجهها و شقّت جيبها و خرّت مغشيّة عليها فصبّ‏

الحسين (عليه السّلام) على وجهها الماء و قال: يا اختاه اعلمي أنّ أهل الأرض يموتون و أهل السماء لا يبقون و أنّ كلّ شي‏ء هالك إلّا وجهه ثمّ قال: أقسم عليك إذا أنا قتلت فلا تشقّي عليّ جيبا و لا تخمشي عليّ وجها، ثمّ خرج إلى أصحابه و أمرهم أن يقرّبوا بين بيوتهم و أن يشدّوا الأطناب بعضها في بعض ليقاتلوا القوم من وجه واحد.

فلمّا كان وقت السحر خفق برأسه خفقة ثمّ استيقظ فقام و قال: رأيت كأنّ كلابا شدّت عليّ لتنهشني و فيها كلب أبقع رأيته أشدّ عليّ و أظنّ أنّ الذي يتولّى قتلي رجل أبرص، ثمّ رأيت بعد ذلك جدّي في جماعة من أصحابه و هو يقول: يا بني أنت شهيد آل محمّد و قد استبشر بك أهل السماوات، فليكن إفطارك عندي الليلة عجّل و لا تؤخّر فهذا ملك نزل من السماء ليأخذ دمك في قارورة خضراء، فهذا ما رأيت. و قد اقترب الرحيل من هذه الدّنيا فأصبح فعبّأ أصحابه بعد صلاة الغداة و كان معه اثنان و ثلاثون فارسا و أربعون راجلا .

و في رواية اخرى اثنان و ثمانون راجلا.

و عن الباقر (عليه السّلام): كانوا خمسة و أربعين فارسا و مائة راجل، فكان زهير بن القين في الميمنة و حبيب بن مظاهر في الميسرة و على رايته العبّاس و أصبح ابن سعد في ذلك اليوم و هو يوم الجمعة.

و قيل: يوم السبت و عبّأ أصحابه، و كان على الميمنة عمرو بن الحجّاج و على الميسرة شمر بن ذي الجوشن‏ .

و عن عليّ بن الحسين (عليه السّلام): لمّا أقبلت الخيل على الحسين (عليه السّلام) رفع يديه و قال: اللّهمّ أنت ثقتي في كلّ كرب و رجائي في كلّ شدّة و أنت لي في كلّ أمر نزل بي ثقة و عدّة كم من كرب يضعف عنه الفؤاد و تقلّ فيه الحيلة و يخذل فيه الصديق و يشمت به العدوّ أنزلته لديك و شكوته إليك رغبة منّي إليك عمّن سواك ففرّجته و كشفته، فأنت وليّ كلّ نعمة و صاحب كلّ حسنة و منتهى كلّ رغبة، فأقبل القوم يحولون حول الحسين (عليه السّلام) و تقدّم الحسين (عليه السّلام) إلى القوم فجعل ينظر إلى صفوفهم كأنّهم السيل و قال: أمّا بعد فانسبوني و انظروا من أنا ثمّ راجعوا أنفسكم و عاتبوها، فانظروا هل يحلّ لكم قتلي؟

ألست ابن نبيّكم و ابن وصيّه، أما بلغكم قول رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و اله) فيّ و في أخي هذان سيّدا شباب أهل الجنّة، و يحكم أتطلبوني بقتيل منكم قتلته أو مال لكم استهلكته؟ أ لم تكتبوا إليّ؟

فقال له قيس بن الأشعث: ما يقول؟

فقال (عليه السّلام) في خطبة خطبها في ذلك الموقف: اللّهم احبس عنهم قطر السماء و ابعث عليهم سنينا كسنيّ يوسف و سلّط عليهم غلام ثقيف لا يدع أحدا منهم إلّا قتله ينتقم لي و لأوليائي، يابن سعد تقتلني تزعم أن يولّيك الدعيّ بن الدّعي بلاد الري و جرجان و اللّه لا تهنأ بذلك أبدا عهدا معهودا، و لكأنّي برأسك على قصبة قد نصبت بالكوفة يتراماه الصبيان و يتّخذونه هدفا فاغتاظ من كلامه ثمّ نادى ما تنتظرون به احملوا بأجمعكم إنّما هم أكلة واحدة، ثمّ نادى ابن سعد: يا دريد ادن رايتك فأدناها ثمّ وضع سهما في كبد قوسه ثمّ رمى و قال: اشهدوا إنّي أوّل من رمى الحسين و أصحابه، فرمى أصحابه كلّهم، فما بقي من أصحاب الحسين أحد إلّا أصابه من سهامهم و قتل في هذه الحملة خمسون رجلا ثمّ صاح الحسين: أما من مغيث يغيثنا لوجه اللّه، أما من ذابّ يذبّ عن حرم رسول اللّه.

ثمّ تبارزوا و كان كلّ من خرج من أصحاب الحسين (عليه السّلام) ودّعه و قال: السلام عليك يابن رسول اللّه، فيقول له: و عليك السلام و نحن خلفك و يقرأ: فَمِنْهُمْ مَنْ قَضى‏ نَحْبَهُ وَ مِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ وَ ما بَدَّلُوا تَبْدِيلًا ، و برز إليهم عبد اللّه الكلبي و كانت معه امّه فقالت: قم يا بني و انصر ابن بنت رسول اللّه، فقال: أفعل يا أمّاه فبرز و قاتل حتّى قتل منهم جماعة، فرجع إلى امّه و امرأته فقال: يا أمّاه أرضيت؟

فقالت: ما رضيت أو تقتل بين يدي الحسين (عليه السّلام) فيكون جدّه في القيامة شفيعا لك، فرجع حتّى قتل تسعة عشر فارسا و اثنى عشر راجلا ثمّ قطعت يداه فأخذت امرأته عمودا و أقبلت نحوه تمسح الدم عن وجهه فبصر بها شمر فأمر غلامه فقتلها، و هي أوّل امرأة قتلت‏

 




يحفل التاريخ الاسلامي بمجموعة من القيم والاهداف الهامة على مستوى الصعيد الانساني العالمي، اذ يشكل الاسلام حضارة كبيرة لما يمتلك من مساحة كبيرة من الحب والتسامح واحترام الاخرين وتقدير البشر والاهتمام بالإنسان وقضيته الكبرى، وتوفير الحياة السليمة في ظل الرحمة الالهية برسم السلوك والنظام الصحيح للإنسان، كما يروي الانسان معنوياً من فيض العبادة الخالصة لله تعالى، كل ذلك بأساليب مختلفة وجميلة، مصدرها السماء لا غير حتى في كلمات النبي الاكرم (صلى الله عليه واله) وتعاليمه الارتباط موجود لان اهل الاسلام يعتقدون بعصمته وهذا ما صرح به الكتاب العزيز بقوله تعالى: (وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى (3) إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى) ، فصار اكثر ايام البشر عرفاناً وجمالاً (فقد كان عصرا مشعا بالمثاليات الرفيعة ، إذ قام على إنشائه أكبر المنشئين للعصور الإنسانية في تاريخ هذا الكوكب على الإطلاق ، وارتقت فيه العقيدة الإلهية إلى حيث لم ترتق إليه الفكرة الإلهية في دنيا الفلسفة والعلم ، فقد عكس رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم روحه في روح ذلك العصر ، فتأثر بها وطبع بطابعها الإلهي العظيم ، بل فنى الصفوة من المحمديين في هذا الطابع فلم يكن لهم اتجاه إلا نحو المبدع الأعظم الذي ظهرت وتألقت منه أنوار الوجود)





اهل البيت (عليهم السلام) هم الائمة من ال محمد الطاهرين، اذ اخبر عنهم النبي الاكرم (صلى الله عليه واله) باسمائهم وصرح بإمامتهم حسب ادلتنا الكثيرة وهذه عقيدة الشيعة الامامية، ويبدأ امتدادهم للنبي الاكرم (صلى الله عليه واله) من عهد أمير المؤمنين (عليه السلام) الى الامام الحجة الغائب(عجل الله فرجه) ، هذا الامتداد هو تاريخ حافل بالعطاء الانساني والاخلاقي والديني فكل امام من الائمة الكرام الطاهرين كان مدرسة من العلم والادب والاخلاق استطاع ان ينقذ امةً كاملة من الظلم والجور والفساد، رغم التهميش والظلم والابعاد الذي حصل تجاههم من الحكومات الظالمة، (ولو تتبّعنا تاريخ أهل البيت لما رأينا أنّهم ضلّوا في أي جانب من جوانب الحياة ، أو أنّهم ظلموا أحداً ، أو غضب الله عليهم ، أو أنّهم عبدوا وثناً ، أو شربوا خمراً ، أو عصوا الله ، أو أشركوا به طرفة عين أبداً . وقد شهد القرآن بطهارتهم ، وأنّهم المطهّرون الذين يمسّون الكتاب المكنون ، كما أنعم الله عليهم بالاصطفاء للطهارة ، وبولاية الفيء في سورة الحشر ، وبولاية الخمس في سورة الأنفال ، وأوجب على الاُمّة مودّتهم)





الانسان في هذا الوجود خُلق لتحقيق غاية شريفة كاملة عبر عنها القرآن الحكيم بشكل صريح في قوله تعالى: (وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ) وتحقيق العبادة أمر ليس ميسوراً جداً، بل بحاجة الى جهد كبير، وافضل من حقق هذه الغاية هو الرسول الاعظم محمد(صلى الله عليه واله) اذ جمع الفضائل والمكرمات كلها حتى وصف القرآن الكريم اخلاقه بالعظمة(وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ) ، (الآية وإن كانت في نفسها تمدح حسن خلقه صلى الله عليه وآله وسلم وتعظمه غير أنها بالنظر إلى خصوص السياق ناظرة إلى أخلاقه الجميلة الاجتماعية المتعلقة بالمعاشرة كالثبات على الحق والصبر على أذى الناس وجفاء أجلافهم والعفو والاغماض وسعة البذل والرفق والمداراة والتواضع وغير ذلك) فقد جمعت الفضائل كلها في شخص النبي الاعظم (صلى الله عليه واله) حتى غدى المظهر الاولى لأخلاق رب السماء والارض فهو القائل (أدّبني ربي بمكارم الأخلاق) ، وقد حفلت مصادر المسلمين باحاديث وروايات تبين المقام الاخلاقي الرفيع لخاتم الانبياء والمرسلين(صلى الله عليه واله) فهو في الاخلاق نور يقصده الجميع فبه تكشف الظلمات ويزاح غبار.






جامعة الكفيل تكرم الفائزين بأبحاث طلبة كلية الصيدلة وطب الأسنان
مشروع التكليف الشرعي بنسخته السادسة الورود الفاطمية... أضخم حفل لفتيات كربلاء
ضمن جناح جمعيّة العميد العلميّة والفكريّة المجمع العلمي يعرض إصداراته في معرض تونس الدولي للكتاب
جامعة الكفيل تعقد مؤتمرها الطلابي العلمي الرابع