السلطة التشريعية في العراق بعهد الاحتلال العثماني
المؤلف:
صباح عبد الكاظم شبيب الساعدي
المصدر:
دور السلطات العامة في مكافحة ظاهرة الفساد الإداري في العراق
الجزء والصفحة:
ص 193-194
2025-11-02
40
لم يكن العراق في عهد الإمبراطورية العثمانية سوى ولاية مهملة عديمة الشأن بين ولايات الإمبراطورية العديدة اندثرت فيها أوجه الحضارة نتيجة أسلوب الحكم المطلق الذي مارسه العثمانيون، ولم تكن نظم الحكم والإدارة ((المسنونة)) قد طبقت تطبيقاً سليماً مما أدى إلى أن تكون الهوة ساحقة بين القواعد القانونية وبين النظم المطبقة في العراق، وقد شهد الربع الأخير من القرن التاسع عشر حدثاً مهماً في الإمبراطورية العثمانية، وذلك على أثر قيام حركة إصلاحية ترمي إلى وضع حد للتدهور الذي وصلت إليه الدولة العثمانية وسميت هذه الحركة (المشروطية) على اعتبار أن مواد الدستور الذي كان أبرز مطالب هذه الحركة تعد بمثابة الشروط التي يتقيد بها الحاكم في حكم رعيته، وهي فكرة مستوحاة من نظرية العقد الاجتماعي ومرت هذه الحركة الإصلاحية بمرحلتين(1):
المرحلة الأولى عام 1876 عندما تمكن مدحت باشا وبقية أعضاء الحركة من إرغام السلطان عبد الحميد في بداية عهده على القبول بدستور وضع وفق الأسس الحديثة للتشريعات الدستورية التي عرفتها الأمم الأوربية بعد الثورة الفرنسية، وكذلك قيام مجلس منتخب من قبل شعوب الإمبراطورية العثمانية سمي (مجلس المبعوثان العثماني ) إلا أن السلطان عبد الحميد أوقف العمل بالدستور وعطل المجلس المنتخب بإرادة سلطانية في 14 شباط 1878 (2).
المرحلة الثانية : بعد قيام السلطان بوقف العمل بالدستور وتعطيل البرلمان عاد نظام الحكم في الدولة العثمانية إلى أسلوب الحكم بصيغ أشد وأقسى مما كان عليه قبل قيام الدستور، كما استشرى الفساد في السنوات الأولى من القرن العشرين في جميع ميادين ومرافق الإمبراطورية العثمانية، وقد بدأت التنظيمات السرية تتكون داخل البلاد والجمعيات العلنية خارجها وباتت تطالب بالإصلاح وبالحكم المقيد بالدستور وبالتالي استطاعت إرغام السلطان عبد الحميد على إصدار أمر بإعادة العمل بدستور 1876 المعطل والذي بدأ يعرف بدستور 1908 وكذلك انتخاب مجلس المبعوثان(3).
تألفت السلطة التشريعية بموجب دستور 1876 من مجلسين هما مجلس الأعيان ويتكون عن طريق اختيار السلطان لأعضائه لمدى الحياة، ومجلس المبعوثان الذي يصار انتخاب أعضائه من قبل الناخبين ومدة العضوية فيه اربعة أعوام، وقد نص الدستور على أن للسلطان وحده حق اقتراح القوانين، اما النواب فلهم حق إبداء الرغبة فقط، وقد أعطى للسلطان أيضاً حق حل المجلس النيابي(4).
وبموجب قانون انتخاب مجلس المبعوثان جرى الانتخاب في خريف 1908 وكان الانتخاب صورياً وقد استطاع فرع جمعية الاتحاد والترقي في المدن العراقية أن يسيطر على صناديق الانتخاب، وكانت حصة العراق في المجلس سبعة عشر مقعداً نيابياً (5).
ولم يكن هذا المجلس سلطة تشريعية بالمعنى الكامل، بل كان خاضعاً لإرادة السلطان، ثم لم يكن هذا المجلس سلطة تشريعية خاصة بالعراق، لأن العراق كان جزءاً من الإمبراطورية يسري عليه ما يسري على غيره، لذلك لم تكن هناك إصلاحات جذرية ومهمة في هذه الفترة وكذلك قصر مدة بقاء المجلس حيث انتهت عند دخول قوات الاحتلال البريطاني عام 1914. وقد ظل العراق شأنه شأن الكثير من الدول العربية خاضعاً للاحتلال العثماني ما يقارب أربعة قرون يعاني من التخلف والقهر والاساليب اللاإنسانية التي كان يتبعها العثمانيون وخاصة سياسة التتريك (6).
____________
1- أنظر: أستاذنا الدكتور رعد الجدة, التطورات الدستورية في العراق, بغداد, بيت الحكمة, 2004, ص 5.
2- للمزيد، أنظر د. حميد الساعدي، مبادئ القانون الدستوري وتطور النظام السياسي في العراق دار الحكمة للطباعة والنشر الموصل 1990 ، ص 143 ود. رعد الجدة, التطورات الدستورية في العراق, بغداد, بيت الحكمة, 2004, ص ص 6 و 7.
3- انظر: د. رعد الجدة, التطورات الدستورية في العراق, بغداد, بيت الحكمة, 2004، ص ص 7و8.
4- أنظر د. حميد الساعدي، مصدر سابق، ص 144.
5- أنظر: د. رعد الجدة مصدر, سابق, ص ص 14 و ما بعدها.
6- أنظر د. حميد الساعدي، مصدر سابق، ص 144.
الاكثر قراءة في القانون الاداري
اخر الاخبار
اخبار العتبة العباسية المقدسة