x

هدف البحث

بحث في العناوين

بحث في المحتوى

بحث في اسماء الكتب

بحث في اسماء المؤلفين

اختر القسم

القرآن الكريم
الفقه واصوله
العقائد الاسلامية
سيرة الرسول وآله
علم الرجال والحديث
الأخلاق والأدعية
اللغة العربية وعلومها
الأدب العربي
الأسرة والمجتمع
التاريخ
الجغرافية
الادارة والاقتصاد
القانون
الزراعة
علم الفيزياء
علم الكيمياء
علم الأحياء
الرياضيات
الهندسة المدنية
الأعلام
اللغة الأنكليزية

موافق

القانون العام

القانون الدستوري و النظم السياسية

القانون الاداري و القضاء الاداري

القانون الاداري

القضاء الاداري

القانون المالي

المجموعة الجنائية

قانون العقوبات

قانون العقوبات العام

قانون العقوبات الخاص

قانون اصول المحاكمات الجزائية

الطب العدلي

التحقيق الجنائي

القانون الدولي العام و المنظمات الدولية

القانون الدولي العام

المنظمات الدولية

القانون الخاص

قانون التنفيذ

القانون المدني

قانون المرافعات و الاثبات

قانون المرافعات

قانون الاثبات

قانون العمل

القانون الدولي الخاص

قانون الاحوال الشخصية

المجموعة التجارية

القانون التجاري

الاوراق التجارية

قانون الشركات

علوم قانونية أخرى

علم الاجرام و العقاب

تاريخ القانون

المتون القانونية

دساتير الدول

الركن المعنوي في جريمة القتل الخطأ

المؤلف:  عمر الفاروق الحسيني

المصدر:  شرح قانون العقوبات القسم الخاص

الجزء والصفحة:  ص59-68

30-1-2021

7167

نتناول في هذا الموضوع ثلاث مسائل ، الأولى هي التعريف بالخطأ بوصفه الركن المعنوي في القتل الخطأ ، والثانية هو صور الخطأ حسبما أوردها المشرع في مادة القتل الخطأ ، أما المسألة الثالثة فنتناول فيها بعض المشكلات العملية التي تثور في شأن الخطأ في القتل غير العمدي .

الفرع الأول

التعريف بالخطأ

معنى الخطأ :

* المقصود بالخطأ هنا هو عدم توافق السلوك الذي أتاه الشخص مع المعايير القانونية والإنسانية المتعارف عليها المنظمة لهذا السلوك ، سواء كان هذا السلوك إيجابياً ( أي بطريق الإتيان ) أو سلبياً ( أي بطريق الترك ) .

* وتلك المعايير القانونية والإنسانية  التي يقاس عليها السلوك الإنساني  لبيان ثبوت الخطأ من عدمه ، هي ضوابط معينة تختلف باختلاف مجال النشاط أو العمل الذي أتى الشخص سلوكه بصدده .

* فإذا كان مجال البحث هو ممارسة الأعمال الطبية أو الجراحية ، فهناك ضوابط محددة يجب أن يتفق معها سلوك الطبيب أو الجراح ، أولها التخصص ، وكذا الترخيص بمزاولة المهنة ، ثم ضوابط العمل من الناحية المهنية كتعقيم أدوات الجراحة وغرفة العمليات ، وتخدير المريض عن الاقتضاء …..الخ .

* وفي مجال قيادة السيارات فقواعد وآداب المرور ، هناك قواعد تنظيم اتجاه السير والسرعة القصوى، وشروط الأمن والمتانة في المركبات، فضلاً عن الترخيص بسير السيارة والترخيص بالقيادة، وهكذا ….

* وبخلاف تلك المعايير القانونية ، هناك معايير متفق عليها إنسانياً ، حتى وإن لم يرد بها نص قانوني . وهي مكتسبة من الخبرة الإنسانية في الحياة العادية . مثل ذلك الالتزام بإبعاد المواد السامة أو الضارة أو مصادر الخطر عموماً عن متناول الأطفال غير المميزين ، والحرص عند عبور الطريق ، أو عند وضع أصيص للزهور على حافة نافذة ، أو عند إلقاء حجراً أو جسماً صلباً من سطح بيته ….. وهكذا .

عناصر الخطأ :

* ويلاحظ في تلك الأمثلة المتقدمة أمران : الأمر الأول هو أن السلوك الإنساني تمثل في إتيان فعل ما ، أو الامتناع عنهوهذا هو الجانب المادي في " الخطأ " … أما الأمر الثاني ، فهو الرابطة الذهنية بين من قام بهذا السلوك وبين الضوابط أو المعايير القانونية أو الإنسانية الواجب الالتزام بها عن إتيان هذا السلوك .

* ومن هنا يصح القول بأن للخطأ عن صرين : عنصر مادي ، هو النشاط المادي  إتياناً أو امتناعاً  وعنصر نفسي هو عدم المبالاة أو عدم الحيطة أو الرعونة ….الخ . وهي كلها أوصاف للرابطة الذهنية بين فاعل السلوك وبين الضوابط الواجبة الاتباع.

معيار حدوث الخطأ من عدمه :

* متى يمكن القول بأن سلوك الشخص  في أحد الأمثلة سالفة البيان  يصلح لتكوين ركن الخطأ ؟ هل يتم ذلك وفقاً لحالة مرتكب هذا السلوك نفسهوقت حدوثه ، أم يتم وفقاً لحالة الشخص العادي في مثل تلك الأمور ؟ من البديهي ألا يتم ذلك وفقاً لحالة مرتكب السلوك نفسه ، لأن ذلك هو موضوع السؤال ، أي أنه هو السلوك المقيس . وليس السلوك الذي يقاس عليه . وإنما المعيار الذي يقاس عليه هو معيار الشخص العادي . ماذا كان يصنع الشخص العادي لو وجد في تلك الظروف .

* فالمعيار واجب الإتباع هنا إذن هو معيار موضوعي ، بمعنى أن يكون المعيار هو الشخص العادي . وطبيعي أن الشخص العادي يتمتع بقدر من الخبرة الانسانية التي تفرض عليه الالتزام على نحو ما في تصرفاته وسلوكه ، وهي درجة وسطى على أقل تقدير .

* بل أن الشخص العادي هو كذلك من يتمتع بدرجة وسطى من الحواس اللازمة لمباشرة نشاط ما . فإذا كان الشخص مثلاً مصاباً بضعف شديد في النظر أو بعمى ألوان ، أو بمرض يحول دون ان ضباط الرؤية لديه ، وأقدم رغم ذلك على قيادة سيارة ليلاً ، ( أو حتى نهاراً )

فإنه يكون قد خرج على معايير الالتزام التي تتوافر لدى الشخص العادي، ويكون سلوكه حينئذ صالحاً لقيام ركن الخطأ . ولا بأس بعد ذلك من الأخذ بعين الاعتبار بالظروف التي أحاطت  بالتصرف أو بالسلوك محل البحث .

السلوك الخاطئ هو دائماً سلوك ناتج عن إدراك وإرادة :

* من المقرر أن السلوك اللازم لقيام أية جريمة ولو كانت ولو كانت غير عمدية ، يلزم له أن يكون ناشئاً عن إدراك ممن قام به لطبيعة وماهية هذا السلوك ، وأن يكون قد أتاه عن إرادته .

* ولا تختلط إرادة السلوك بإرادة النتيجة ، في الجرائم ذات النتيجة المادية الملموسة مثل القتل الخطأ .. فتعمد سائق السيارة مثلاً القيادة بسرعة مبالغ فيها ، لا يفترض معها إرادة النتيجة إذا صدم شخصاً فقتله ، وإنما يظل القتل قتلاً خطأ .

* أما في الجرائم الشكلية ، أي تلك التي تندمج فيها النتيجة عليها في السلوك ذاته ، فإن إرادة السلوك تفيد إرادة النتيجة أيضاً ، كتجاوز السرعة المقررة ، فهي جريمة قائمة بذاتها كما هو معلوم .

الفرع الثاني

صور الخطأ في القتل غير العمدي

الصور الواردة في نص المادة ٢٣٨ عقوبات :

" من تسبب خطأ في موت شخص آخر بأن كان ذلك ناشئاً عن إهماله أو رعونته أو عدم احترازه أو عدم مراعاته للقوانين والقرارات واللوائح والأنظمة ….الخ " .

* تلك هي الصياغة التي ورد بها نص المادة ٢٣٨ عقوبات ، وقد أدت تلك الصياغة إلي التساؤل عما إذا كان ذلك يعد حصراً لصور الخطأ، فلا تقوم الجريمة بصورة أخرى . والواقع أن الصور الثلاثة الأولى وإن  اختلفت ألفاظها ، إلا أن معانيها تكاد تتطابق ، وتكاد تشمل أيضاً ،

( بل هي تشمل بالفعل ) كافة فروض عدم توافق السلوك الإنساني مع ضوابط الخبرة والمعرفة الإنسانية.

* ولذلك يفقد ذلك التساؤل أهميته العملية ، وإن كان لابد من القول  قانوناً  أن تلك الصور قد وردت على سبيل الحصر ، بما فيها طبعاً الصورة الرابعة لمخالفة القوانين ……الخ .

* أما الصورة الرابعة فهي التي تعبر عن عدم توافق السلوك مع الضوابط القانونية التي تنظم مجال إتيان ذلك السلوك ، كقيادة السيارات، أو ممارسة المهن الفنية ، أو البناء ……الخ .

ونتناول فيما يلي هذه الصور الأربع .

الإهمال :

* يعبر لفظ الإهمال عن سلوك سلبي من جانب شخص مسئول عن إنسان أو شيء أو حيوان ، فلا يقوم بما كان يجب عليه القيام به لدرأ خطر أو ضرر هذا الإنسان أو الشيء أو الحيوان عن الغير . ويشمل ذلك أيضاً معنى الغفلة عن إتيان إجراء احتياطي لازم لتنبيه الغير لحظر الاقتراب من ذلك الإنسان أو الشيء أو الحيوان .

* والأمثلة على ذلك كثيرة ، من أهمها ترك العامل أو الموظف المسئول بالوعة صرف صحي في الطريق أو دون غطاء ، في سقط فيها إنسان فيصاب ، أو سيارة فتتلف ، وكذلك ترك سلك كهربائي يتدلى من أحد أعمدة الإضاءة فيصطدم به شخص  فتصعقه الكهرباء … أو عدم اتخاذ ما يلزم لمنع اقتراب الناس من آلة خطره ، أو عدم مراقبة حيوان يقتنيه صاحبه فيفلت منه و يعقر أو يصيب إنساناً …..الخ …. وكذلك ترك الأم طفلها غير المميز بجوار موقد مشتعل أو مادة ضارة ، وهكذا .

الرعونة :

* ونعني سوء التقدير ، أو الطيش والخفة في إتيان سلوك ما، إتيان سلوك ما ، كمن يحاول اصطياد طائراً أو حيوان ، أو الطبيب الذي يجري عملية نقل دم دون إجراء التحليل اللازم لبيان فصيلة الدم المطلوبة ، أو قيام المقاول بفك الأعمدة الخشبية الحاملة لسقف خرساني قبل تمام ، فينهار على شخص فيقتله …، أو من يرمي عقب سيجارة وهو مشتعل ، فيحدث حريقاً في مواد قابلة للاشتعال … الخ . أو إغفال ربط الحبل السري للمولود في الوقت المناسب ، في صاب بتسمم يودي بحياته . و هكذا .

عدم الاحتراز :

* ويعبر ذلك عن الحالة الذهنية للشخص وقت إتيانه سلوكاً يستوجب الحيطة والحذر ، كقائد السيارة الذي يرغب في تغيير اتجاهه

أو يخرج إلى طريق رئيسي من طريق فرعي ، فيقوم بذلك فجأة دون إعطاء الإشارة الواجبة لمن هو خلفه أو التأكد من خلو الطريق الرئيسي، أو يتوقف بها فجأة ، أو يتحرك بها فجأة إلي نهر الطريق بعد أن كان واقفاً على جانبيه ، أو يجرب آلة ميكانيكية يمكن أن تصدر عنها ذرات من المعادن أو الأخشاب فيصيب الغير ، أو من ينظف سلاحه الناري دون التأكد من خلو الماسورة من الطلقات فتخرج طلقة تقتل شخصاً آخر ….الخ .

عدم مراعاة القوانين والقرارات واللوائح والأنظمة :

* وتعبر هذه الأنظمة عن عدم مطابقة سلوك الجاني للقواعد الآمرة الواردة في القوانين أو القرارات أو.. الخ المنظمة للعمل الذي قام به .

* وهذه الأدوات التشريعية المختلفة ، الغرض من تعدادها هنا هو الإحاطة بكافة مصادر تلك القواعد الآمرة ، كقوانين المرور ، والأسلحة والذخائر ، وممارسة مهنة الطب ، وقوانين البناء ….الخ ، فضلاً عن قانون العقوبات نفسه .

* وما يميز هذه الصورة ، هو أن القواعد الواردة بها قد لا تبدو أحياناً متفقة مع المعارف أو الخبرات الانسانية المتعارف عليها ، لكنها واجبة الاتباع حتماً ، بمعنى أن عدم اتباعها  أو عدم مطابقة السلوك الإنساني معها يكفي بذاته لثبوت الخطأ اللازم لقيام جريمة القتل الخطأ .

* فيكفي أن يمارس طبيب مهنة الطب دون ترخيص ، رغم حصوله على المؤهل الجامعي اللازم لذلك ، وكذلك الصيدلي ، مساءلته عن قتل خطأ تسبب فيه بعلاج أو دواء لمريض .

* وليس الخطأ هنا بالخطأ الخاص ، أو الخطأ المهني .

* وقد تجتمع هذه الصورة وإحدى الصور السابقة ، وقد ينتفي الخطأ الخاص بالنسبة للطبيب أو صاحب المهنة ، ولكن يبقى الخطأ العام المتمثل في إحدى الصور الثلاث الأولى وهكذا ….

الفرع الثالث

بعض المشكلات العملية التي تثور في مسألة الخطأ في القتل غير العميد

تمهيد :

ذكرنا فيما سبق أن " الخطأ " هو جوهر الركن المعنوي في القتل غير العمدي كما قمنا بالإحالة في الكثير من المسائل إلى القواعد العامة في هذا الشأن . ومع ذلك ، فقد يثور البحث في حالات معينة يمكن تكرار حدوثها في جرائم القتل غير العمدي ، ومن ثم فهي تستأهل إلقاء مزيد من الضوء عليها ، ونعرض لأهمها فيما يلي :

عدم جواز افتراض الخطأ :

* لما كانت الجريمة لا تفترض ، فكذلك أركانها وعناصرها لا يجوز افتراض ها ، وإنما يتعين إقامة الدليل عليها من وقائع الدعوى وظروفها وملابساتها . ومن المقرر أن الأدلة في المواد الجنائية إقناعية ، أي لابد أن يقتنع بها قاضي الموضوع ، وأن يكون لاقتناعه بها أصل في أوراق الدعوى .

* ولذلك فمن الأخطاء الشائعة في هذا النطاق ، أن يتصور البعض أن مجرد عدم ثبوت القصد الجنائي ( أي ركن العمد ) في القتل ، يترتب عليه بالضرورة ثبوت الخطأ ، فنكون بصدد قتل غير عمدي .

* وعلى ذلك ، فإذا لم يثبت قصد القتل ، وجب البحث في ثبوت الخطأ من عدمه ، وبعبارة أوضح ، فلا يكفي تأسيس ثبوت الخطأ على مجرد انتفاء العمد ، وإنما يتعين إثبات وجه الخطأ وصورته سواء كانت إهمالاً أو عدم احتراز ، أو رعونة ، أو مخالفة للقوانين أو اللوائح…..الخ .

* على أنه يجب التفرقة هنا بين الصور الثلاث الأولى من الخطأ ، وهي الإهمال والرعونة وعدم الاحتراز ، وبين الصورة الأخيرة وهي مخالفة القوانين واللوائح والأنظمة …..الخ . ففي الصور الثلاث الأولى لا يطلب من المتهم إثبات أنه لم يخطئ ، أو أنه لم يهمل ….الخ . وإنما على المدعي أن يثبت دعواه ، وللمتهم بعد ذلك الحق في أن يفند أدلة الإثبات إن استطاع .

* وعلى ذلك ، فإذا كان دليل إثبات الإهمال وعدم الاحتياط في جانب متولي رعاية الصغير غير المميز ، هو أنه ترك في متناول يد الصغير مادة ضارة تناولها الصغير فمات بسببها ، ف إن للمتهم أن ينفي

إهمال هو عدم احتياطه إذا أثبت ….

* أما في صورة مخالفة القوانين واللوائح والقرارات ….الخ فإن إثبات عدم توافق سلوك المتهم مع المعيار القانوني أو اللائحي الوارد في شأن هذا السلوك ، يعد قرينة على ثبوت الخطأ في جانب المتهم ، لكنها قرينة بسيطة ، للمتهم الحق في تفنيدها إن استطاع .

خطأ المجني عليه :

* من المتصور أن يكون المجني عليه قد ساهم بخطأ من جانبه ، في حدوث النتيجة الضارة به ، مشتركاً بذلك مع الجاني . ولا يحول ذلك دون مساءلة الجاني بصفته مخطئاً .

* ولكن قد يحدث أن يكون المجني عليه من الشذوذ وعدم المعقولية ، بحيث يستغرق خطأ الجاني ، أي يطفى علي هوي ستغرقه ، أو أن خطأ الجاني يكاد يتلاشى أو ينمحي إلى جانب خطأ المجني عليه . مثال ذلك من ينام على شريط السكة الحديد جاعلاً من القضيب الحديدي وسادة له، ظناً منه أن ذلك الخط مهجور ، أو أن موعد القطار مازال بعيداً.

* أو تباع سيارة النقل الذي يحتمي من ظل الشمس بالرقود تحت جسم السيارة أو في ظل عجلاتها الخلفية المزدوجة ، فيغلبه النعاس وتتحرك السيارة دون توقع قائدها لمثل هذا الوضع الشاذ ، فيموت المجني عليه مدهوساً .

* أو من يقفز من سيارة نقل الركاب أثناء سيرها في نهر الطريق، فتصدمه السيارة المجاورة له أو القادمة من الخلف . أو من يعتلي سطح القطار فتطيح به قاعدة أحد الكباري التي تعلو شريط السكة الحديد….. وهكذا ….

* ففي مثل هذه الفروض ، قد يصعب القول بتوافر علاقة السببية بين سلوك الجاني والنتيجة التي حدثت ( وهي موت المجني عليه ) ، بل قد يصعب الحديث أصلاً عن ثمة خطأ شاب سلوك الجاني …. وتلك كلها مسائل موضوعية يقدرها قاضي الموضوع.

القوة القاهرة :

* تعني القوة القاهرة حدوث ظرف ما ، يمحو إرادة الجاني تماماً فيصبح سلوكه مجرد حركة مادية غير إرادية ، كما لو أصيب قائد سيارة بنوبة قلبية مفاجئة أو بعمى مفاجئ فلم يستطع التحكم في حركة ال سيارة فصدم شخصاً فقتله .

* أو كما لو أحاطت عاصفة بشخص يعتلي مكاناً مرتفعاً أو شجرة لتهذيبها أو قطف ثمارها ، وقذفت به فوق شخص آخر فقتل هذا الأخير نتيجة سقوط الأول عليه ، بل إن جثته كانت بمثابة وسادة تلقفت الأول فنجى من موت محقق .

* فمن الواضح هنا أنه من الصعب أن ينسب إلي الجاني أي خطأ، لتجرد سلوكه من كل صفة إرادية ، وكونه مجرد حركة مادية جعلت من صاحبها مفعولاً به وليس فاعلاً.

الحادث الفجائي :

* ويقصد به ظرف يحدث أثناء ممارسة الشخص سلوكاً عادياً ، فيؤدي إلى حدوث النتيجة المعاقب عليها ، رغم عدم إمكانية وصف سلوك ذلك الشخص بأنه ارتكب خطأ ما، أو أنه قصد إلي تحقيق نتيجة ما.

* ومثال ذلك من يقود سيارته بسرعة معتدلة وبصورة عادية ، ولكنه يفاجأ بانفجار أحد إطارات السيارة فيفقد السيطرة عليها ويصدم شخصاً فيقتله .

* إلا أن هذه الحالة  الحادث الفجائي  لا تتصف بهذا الوصف إذا كانت راجعة إلي خطأ أو إهمال من جانب قائد السيارة، كما لو كان إطار السيارة متهالك وكان قائدها يتحايل بطرق مختلفة لإطالة مدة صلاحيته ، ففي هذه الحالة لا تتوافر شروط الحادث الفجائي ، ويكون القتل راجعاً إلي عدم احتراز الجاني وإلي إهماله صيانة سيارته .

* ولكن قد يثبت أن الإطار كان جديداً ، وصالحاً تماما ، ولكن به عيب اً من عيوب الصناعة لا يمكن لقائد ال سيارة معرفته ، أو أن جسماً حاداً أو حجراً سقط من سيارة أخرى تتقدم تلك السيارة ، أو قذفه إطار سيارة نقل ثقيل أمام إطار تلك السيارة فأدى إلي انفجار هو وقوع الحادث.

ففي هذه الحالة يؤدي ثبوت الحادث الفجائي إلي قطع رابطة السببية بين مرتكب الحادث وبين النتيجة المعاقب عليها ، دون إخلال ببحث احتمال وقوع خطأ من شخص آخر .

إثبات الخطأ في حكم الإدانة :

* يجب على المحكمة أن تورد في أسباب حكمها أدلتها على ثبوت الخطأ في جانب المتهم ، إن هي انتهت إلي الإدانة . ويجب أن تكون لهذه الأدلة أصل في أوراق الدعوى ، وأن تكون هذه الأدلة قد تم طرحها في الجلسة حتى يدلي كل من الخصوم بدلوه في إثباتها أو نفيها .

* وتلك كلها مسائل موضوعية ، يستقل قاضي الموضوع بتقديرها ، وهو في تقدير ذل محكوم بأن يكون استدلاله سائغاً غير مخالف للعقل والمنطق ، وأن يكون تسبيب حكمه كافياً غير ناقص ، وألا يكون مشوباً بإهدار حق الدفاع ، وإلا كان معرضاً للإلغاء أمام محكمة النقض ، فضلاً عن الرقابة الموضوعية والقانونية لمحكمة الدرجة الثانية.

 شعار المرجع الالكتروني للمعلوماتية




البريد الألكتروني :
info@almerja.com
الدعم الفني :
9647733339172+