x

هدف البحث

بحث في العناوين

بحث في المحتوى

بحث في اسماء الكتب

بحث في اسماء المؤلفين

اختر القسم

القرآن الكريم
الفقه واصوله
العقائد الاسلامية
سيرة الرسول وآله
علم الرجال والحديث
الأخلاق والأدعية
اللغة العربية وعلومها
الأدب العربي
الأسرة والمجتمع
التاريخ
الجغرافية
الادارة والاقتصاد
القانون
الزراعة
علم الفيزياء
علم الكيمياء
علم الأحياء
الرياضيات
الهندسة المدنية
الأعلام
اللغة الأنكليزية

موافق

القانون العام

القانون الدستوري و النظم السياسية

القانون الاداري و القضاء الاداري

القانون الاداري

القضاء الاداري

القانون المالي

المجموعة الجنائية

قانون العقوبات

قانون العقوبات العام

قانون العقوبات الخاص

قانون اصول المحاكمات الجزائية

الطب العدلي

التحقيق الجنائي

القانون الدولي العام و المنظمات الدولية

القانون الدولي العام

المنظمات الدولية

القانون الخاص

قانون التنفيذ

القانون المدني

قانون المرافعات و الاثبات

قانون المرافعات

قانون الاثبات

قانون العمل

القانون الدولي الخاص

قانون الاحوال الشخصية

المجموعة التجارية

القانون التجاري

الاوراق التجارية

قانون الشركات

علوم قانونية أخرى

علم الاجرام و العقاب

تاريخ القانون

المتون القانونية

دساتير الدول

الركن المادي لجريمة خيانة الأمانة في القانون المصري

المؤلف:  عمر الفاروق الحسيني

المصدر:  شرح قانون العقوبات القسم الخاص

الجزء والصفحة:  ص260-273

24-1-2021

5971

إن جريمة خيانة الأمانة في ركنها المادي تقتضي أن يكون هناك ائتمان أولاً ، ثم تجري خيانته بعد ذلك . وقد حصر المشرع  المصري صور الائتمان في هذه الجريمة على نحو ما جاء بنص المادة (٣٤١ )  . ويجب أن يكون محل هذا الائتمان مال في أية صورة من الصور التي أوردها المشرع ، وأن يكون هذا المال قد دخل حوزة الشخص المؤتمن بغرض استعماله لصالح مالكه أو لصالح شخص أخر اتفق عليه في عقد الأمانة ، ثم يجب أخيراً أن يقوم هذا الشخص المؤتمن بما أصطلح على تسميته ب "التبديد" أو الاختلاس أو الاستعمال لغير الغرض المتفق عليه في عقد الأمانة .

وعلى ذلك نتناول في المباحث الأربعة الآتية وجود الائتمان ، وصوره الواردة في القانون ، ثم محل  الائتمان ، ثم استلام المال أي دخوله في حيازة المؤتمن وأخيراً تبديد المال أو اختلاسه أو استعماله لغير الغرض المؤتمن عليه .

المبحث الأول

وجود الائتمان وصوره

 المقصود بالائتمان في مفهوم المادة ٣٤١ عقوبات مصري  :

*لا وجود لجريمة خيانة الأمانة بغير أن يكون هناك ائتمان ، أي عقد من عقود الأمانة بين المستأمن والمؤتمن ؛ وهي عقود أوردها المشرع على سبيل الحصر في المادة ٣٤١ ع . مصري ، ومن ثم فلا يصح القياس عليها ولا التوسع في تفسير النصفي شأنها .

*والعبرة في وجود عقد من عقود الأمانة المشار إليها ، إنما تكون بحقيقة الواقع ولا يجوز تأثيم إنسان ولو بناء على اعترافه بل سانه أو بكتابته متي كان ذلك مخالفا للحقيقة .

*ولذلك قضي بأن دفع المتهم بعدم وجود عقد من عقود الأمانة وتم سكه بتحقيق هذا الدفاع "هو دفاع جوهري بحيث لو صح لترتب عليه تغير وجه الرأي في الدعوي ، فإذا لم تغطن المحكمة لهذا الدفاع وتعني بتحقيقه بلوغاً إلي غاية الأمر منه  ، فإن حكمها يكون معيبا بالقصور بما يوجب نقضه والإحالة" .

- إثبات عقد الأمانة :

*حسبما اتضح من نص المادة ٣٤١ عقوبات مصري  ، فإن العقود الواردة به هي عقود نظمها القانون المدني ، ولذلك يكون إثباتها وفقاً لأحكام القانون المدي ، وتكون المحكمة الجنائية فيما يتعلق بذلك مقيدة بهذه الأحكام . ولذلك لا يصح تجاوز حدود الإثبات بالبينة فيما يجب إثباته بالكتابة سواء تعلق ذلك بالقانون المدني أو القانون التجاري كما هو الحال بالنسبة لشركات التضامن والمساهمة والتوصية .

*والفصل في وجود عقد الأمانة من عدمه ، هو فصل في مسألة أولية غير جنائية ، ولذلك يجري في شأنها نص المادة ( ٢٢٥ ) من قانون الإجراءات الجنائية المصري ، التي أوردت الحكم المتقدم وهو اتباع طرق الإثبات في القانون الخاص بالمسائل غير الجنائية ، وذلك القانون قد يكون هو القانون المدني ، أو التجاري، أو غيره من القوانين .

*وينبني على كون وجود عقد الائتمان من عدمه مسألة أولية يتعين الفصل فيها وفقاً لقانونها ، أنه إذا دفع المتهم بخيانة أمانة بوجود دعوي أمام المحكمة المدنية محلها هو عقد الأمانة المنسوب إليه خيانته أمام المحكمة الجنائية ، فإن المحكمة الجنائية بالخيار بين إيقاف الف صل في الدعوي الجنائية انتظاراً للفصل في الدعوي المدنية بحكم نهائي ، أو  أن تقوم هي بتحقيق هذه المسألة الأولية وفقاً للقانون الذي ينظمها ؛ فإذا أعرضت عن ذلك كان في حكمها إهدار لحق الدفاع .

*وتشدد القانون في اشتراط الفصل في هذه المسألة الأولية على النحو المتقدم ، هو تشدد من قبيل التحوط اللازم حتي لا يدان برئ مهما  توافر في حقه من ظواهر الأدلة ومؤدي ذلك أنه إذا كانت المحكمة الجنائية قد انتهت إلي براءة المتهم من قالة التبديد فلا تثريب عليها إن لم تحقق عقد الأمانة على النحو المتقدم .

*ويجوز أن يتنازل المتهم عن تمسكه بتحقيق عقد الأمانة وفقاً لقواعد القانون المدني ، وقد يستفاد هذا التنازل منه صراحة أو ضمناً كما لو لم يعترض على سماع شهود الإثبات فيما لا يجوز إثباته إلا بالكتابة ، ولا يجوز له بعد ذلك أن يعترض علىه ، لأن قواعد الإثبات المقررة في المواد المدنية ليست من النظام العام وإنما هي مقررة لمصلحة الخصوم ، وإن سكت عنها المتهم أمام محكمة الموضوع ، فلا يحق له إثارتها أمام محكمة النقض .

*وإذا أثير دفع أمام المحكمة بوجود مانع مادي أو أدبي من الحصول على دليل كتابي في الأحوال التي يتطلب فيها القانون ذلك ، فإن تقدير هذا الدفع يكون لمحكمة الموضوع تبعاً لوقائع كل دعوى وملابساتها .

* وقد قضي بأنه من الجائز قبول الإثبات بالبينة استناداً على وجود مانع أدبي من الإثبات بالكتابة في حالة ما إذا سلمت امرأة مصوغاتها لخالتها عند إقامتها بمنزل الأخيرة لشقاق بين الأولى وبين زوجها ، خوفا على مصوغاتها من الضياع ثم أنكرت الخالة ذلك. كما اعتبرت المحكمة علاقة الأخوة مانعاً من الحصول على دليل كتابي في واقعة أخرى. كما اعتبرت محكمة النقض – موافقة في ذلك محكمة الموضوع - ، أن الودائع الاضطرارية وكل تصرف حصل في ظروف اضطرارية ، كالودائع التي يودعها النزلاء في الفنادق ، يجوز اثباتها بالبينة والقرائن مهما كانت قيمتها لوجود مانع مادي من الحصول على دليل كتابي.

*وهذه القواعد في الاثبات تسري على عقد الأمانة أيا كان ، ومن ثم  تعتبر تلك الأحكام عامة على جميع عقود الأمانة الواردة في نص المادة ٣٤١ عقوبات، والتي نعرضها تباعا فيما يلي .

- عقد الوديعة :

*نصت المادة ( ٧١٨ ) من القانون المدني المصري  على أن "الوديعة هي عقد يلتزم به شخص أن يتسلم شيئا من آخر على أن يتولى حفظ الشيء وعلى أن يرده عيناً. وليس للمودع لديه أن يستعمل الوديعة دون إذن صريح أو ضمني من المودع . ويتضح من ذلك أن جوهر الوديعة هو ردها عيناً إلي المودع عند طلبها .

ومن هنا  يأتي التزام المودع لديه أن يحافظ على الشيء المودع وأن يبذل في ذلك عنايته في حفظ ماله ، إن كانت الوديعة بغير أجر ، وأن يبذل عناية الرجل المعتاد إن كانت الوديعة بأجر . كما أنه ليس للمودع لديه أن يحل غيره محله في حفظ الوديعة دون إذن صريح من المودع إلا في حالة الضرورة الملجئة العاجلة .

*والأصل أنه يجب على المودع عنده أن يرد الوديعة إلى المودع بمجرد طلبها ، إلا إذا ظهر من العقد أن هناك أجلاً ، وأن هذا الأجل قد عين لمصلحة المودع عنده ، كما أن للمودع عنده أن يلزم المودع بت سلم الشيء في أي وقت إلا إذا ظهر من العقد أن الأجل عين لمصلحه المودع .

*ووفقا لهذه الأحكام يجب ملاحظة ما يلي :

١-أن مجرد امتناع المودع عنده عن الرد في الوديعة المحددة بأجل محدد لصالح المودع عنده لا يعد تبديداً ، مادام ذلك الأجل لم يحل بعد . أما إذا حل الأجل المشار إليه فيتعين على المودع عنده الرد فوراً وإلا كان خائنا للأمانة .

*وفي ذلك قضي بأن القانون – الجنائي - في مادة خيانة الأمانة لا يعاقب على الإخلال بتنفيذ عقد الائتمان في ذاته ، وإنما يعاقب على العبث بملكية الشيء المسلم بمقتضي هذا العقد ، وأن المناط في وقوع تلك الجريمة هو ثبوت أن الجاني قد اختلس المال الذي سلم له ولم يستعمله في الأمر المعين الذي أراده المودع بالتسليم .

٢- ك ذلك إذا ثبت من العقد أن المودع قد أجاز للمودع عنده التصرف في المال ورد مثله عند طلبه ، فإن العقد لا يكون وديعة وإنما قد يكون قرضاً أو عارية استهلاك مما يخرج عن عقود الأمانة .

٣- وإذا ذكر في إيصال تسليم القطن من صاحبه إلى الحلج أنه ليس للأول المطالبة برد القطن عيناً ، وتصرف صاحب المحلج في القطن فلا يعد ذلك تبديداً .

*ويقوم التزام المودع عنده بالرد ، وكذا تقوم مسئوليته عن تبديد الشيء المودع سواء كانت الوديعة تعاقدية أي وفقاً للقانون المدني – أو قضائية – كما في حالة الحارس القضائي - ، أو قانونية كما في حالة حارس الأموال المحجوز علىها .

*كذلك قضي بأنه إذا اشترط في عقد البيع أن تكون ملكية باقية للبائع حتي يجربه المشتري ، فإن وجود المبيع لدي المشتري في فترة التجربة إنما يكون على سبيل الوديعة ، فإذا تصرف فيه فإنه يكون قد خان الأمانة.

-كما قضي بأن الوارث الذي يتسلم العقود التي كانت مسلمة على سبيل الوديعة لأبيه قبل وفاته وهو عالم بذلك ، يعتبر مودعاً عنده هو الآخر بعد وفاة أبيه ، ولا يغير من ذلك أنه لم يبرم عقد وديعة مع صاحب هذه العقود وأن عقد الأمانة الذي نشأت بموجبه الوديعة قد انتهى بموت أبيه ، وذلك لعمومية النص في مسألة حصول التسليم على سبيل الوديعة، وسواء كانت الوديعة تعاقدية أو قانونية إذ أنه قد صار خلفا عاماً لأبيه حالة كونه وارثه.

عقد الإجارة :

عقد الائتمان الثاني في ترتيب عقود الأمانة الواردة في المادة( ٣٤١ ) عقوبات هو  عقد الإجارة . وهو – وفقاً للمادة ( ٥٥٨ ) من القانون المدني – عقد يلتزم المؤجر بمقتضاه بأن يمكن المستأجر من الانتفاع بشيء معين مدة معينة لقاء أجر معلوم .

*والإجارة قد ترد على عقار أو منقول ، لكن تبديد المال لا يرد إلا على مال منقول ؛ كالآلات الزراعية التي تسلمها المستأجر من المؤجر مع الأرض المجرة أو الأشجار أو الماشية ، فإن بددها اعتبر خائناً للأمانة وليس سارقا. وكذلك الأمر بالنسبة لمستأجر مسكناً مفروشاً ، إذا تصرف في شيء من أثاث المسكن.

*أما تصرف المستأجر على نحو آخر يمثل إخلالاً بعقد الإجارة كعدم دفع الأجرة أو عدم صيانة الشيء المؤجر ، أو هدم جزء من العقار ، فلا يعد ذلك خيانة للأمانة، وإنما قد يكون جريمة الإتلاف– كما في حالة هدم جزء من العقار – وقد يمثل سبباً لأنها والإجارة وفقا لأحكام القانون المدني .

*ومجرد امتناع المستأجر عن رد الشيء المؤجر لا يكفي لقيام التبديد مادام عقد الإجارة لم ينته بعد ، ولذلك فإن دفع المتهم بعدم انقضاء مدة العقد هو دفع جوهري يجب على المحكمة أن تحققه .

عارية الاستعمال :

*نصت المادة ( ٦٣٥ ) من القانون المدني على أن العارية عقد يلتزم به المعير أن يسلم المستعير شيئاً غير قابل للاستهلاك ليستعمله بلا عوض لمدة معينة أو في غرض معين على أن يرده بعد الاستعمال" .

*ولذلك لا تثور فكرة التبديد مادام العقد سارياً ولم تنته مدته بعد ، ولا يقدح في ذلك ثبوت بطلان العقد بعد ذلك أو تخلف ركن من أركانه ، إذ أن حماية قانون العقوبات لا تمتد إلي أكثر من استظهار الاتفاق على العقد دون البحث في صحته أو بطلانه وفقاً لأحكام القانون المدني .

وعلى ذلك فمطالبة المعير المستعير أن يرد الشيء المستعار إليه قبل انتهاء المدة المتفق عليها تأسيساً على بطلان العقد ، وامتناع الأخير عن ذلك وتمسكه بهذه المدة ، لا يصح معه اعتبار المستعير خائناً للأمانة .

*ولا يعد تبديداً هلاك الشيء المستعار ولو كان ذلك راجعاً إلى خطأ من المستعير إذ أن ذلك ينشئ التزامه بالضمان في مواجهة المعير ، ولكنه لا يعتبر عبثاً بملكية الشيء وهو من اطالع قاب على خيانة الأمانة بوصفها جريمة عمدية.

*وإذا تضمن عقد العارية شرطاً يجيز للمستعير أن يرد بدلاً من الشيء المعيار عيناً ، شيئاً آخر مماثلاً له ، كان العقد قرضاً – أي عارية استهلاك – وخرج من ثم عن نطاق الحماية الجنائية المقررة لعقود الأمانة فقط .

- الرهن الحيازي :

رغم عدم ورود وصف "الحيازي" في عبارة المادة ( ٣٤١ ) إلا أن المقرر فقهاً وقضاء أن الرهن الحيازي فقط هو المقصود بعقد الأمانة حيث يتسلم بموجبه الدائن المرتهن حيازة ذلك الشيء ، بينما في الرهن الرسمي تبقي حيازة الشيء تحت يد المالك الراهن .

*ويعبر أحياناً عن الرهن الحيازي بـ  "رهن الحيازة" ، وقد استعمل القانون المدني هذا التعبير في بيان آثار الرهن في المواد ١٠٩٩ وما بعدها . ووفقاً للمادة ( ١٠٩٦ ) من القانون المدني ، فإن الرهن الحيازي عقد به يلتزم شخص ضماناً لدين عليه أو على غيره أن يسلم إلي الدائن أو إلي أجنبي يعينه المتعاقدان شيئاً يترتب عليه للدائن حقاً عينياً يخوله حبس الشيء لحين استيفاء الدين .... الخ ".

*ووفقا للمادة ( ١٠٩٧ ) من القانون المدني ، فإن الرهن الحيازي يرد على العقار أو المنقول ؛ ومع ذلك ، فلا تقوم جريمة خيانة الأمانة إلا بالنسبة للمنقول المرهون فقط . ولذلك فلا صعوبة في تصور حصول التبديد في المنقولات بطبيعتها .. أما في حالة رهن العقار ، فلا يتصور التبديد إلا في أجزائه القابلة لأن تفصل عنه كالأبواب والنوافذ والأدوات الصحية وما إليها، فضلاً عما قد يكون به من أثاث أو منقولات أخري .

*ولا يجوز للدائن المرتهن أن يتصرف في الشيء المنقول المرهون لديه، برهنه باسمه هو ضمانا لدين عليه ، وإلا كان مرتكبا لجريمة التبديد ؛ ذلك أن التصرف في الشيء المنقول برهن حيازته لا يكون إلا من مالك هذا الشيء .

الوكالة :

*عرف القانون المدني، في نص المادة ٦٩٩ منه ، الوكالة بأنها عقد بمقتضاه يلتزم الوكيل بأن يقوم بعمل قانوني لحساب الموكل. وليس للموكل أن يخرج على حدود هذه الوكالة وفقا لما ورد بالمادة( ٧٠٣ ) مدني، إلا أن كان من المستحيل عليه إخطار الموكل سلفاً ، وكانت الظروف يغلب الظن معها بأن الموكل ما كان إلا ليوافق على هذا التصرف .

*والوكالة قد تكون بأجر، وقد تكون بغير أجر، ولكن في جميع الأحوال ليس للوكيل أن يستعمل مال الموكل لصالح نفسه ؛ كذلك فقد تكون الوكالة قانونية وليست تعاقدية ؛ ومع  ذلك يبقى التزام الوكيل الأساسي بعدم استعمال مال موكله لصالح نفسه كما هو ، ويكون هو المعول عليه في القول بحصول التبديد من عدمه .

*والأصل أن الوكالة تكون في عمل قانوني ، ولكن ليس هناك ما يمنع من أن تكون في عمل مادي كتوصيل الوكيل أموالا و أشياء من الموكل إلي شخص آخر ، أو باستخدام اشياء معينة لمنفعة مالكها فإن اختلسها أو بردها الوكيل كان خائناً للأمانة.

*وقد قضي بأنه إذا كان الثابت أن المتهم حصل المبالغ الواردة بالفواتير نيابة عن المجني عليه وعلى ذمة توصيلها إليه ، فإنه بذلك تتوافر أركان الوكالة كما هي معرفة في القانون ؛ وهي من عقود الائتمان الواردة في المادة ٣٤١ عقوبات.

*وقضي بأن الشريك الذي يأخذ شيئا من مال الشركة المسلم إليه بصفته هذه ليستخدمه في شئونها ثم ينكره على شركائه ويأبي رده إليهم يعتبر مبدداً.

المبحث الثاني

المال محل الائتمان

 مال منقول أيا كانت صورته أو قيمته :

*من المقرر أنه يلزم لقيام جريمة خيانة الأمانة أن يرد التبديد على مال منقول أيا كان نوعه وقيمته قل أو كثر . ولذلك قضي بأن خطأ الحكم المطعون فيه في تحديد قيمة المبالغ المبددة لا أثر له في ثبوت جريمة خيانة الأمانة ، ولا حجة له على القضاء المدني عند المطالبة بالدين.

*كما قضي بأنه يكفي أن يكون للمال المنقول – الذي تم العبث بملكيته تبديداً – قيمة مادية أو اعتبارية عند صاحبه.

*ويشمل المال كذلك أية أوراق أو مستندات أو مخالصات ... الخ .

كالصورة التنفيذية للحكم والمحررات المثبتة للعقود.

أن يكون المال مملوكا لغير الجاني :

لا يرد التبديد على مال مملوك للجاني بل يجب أن يكون المال مملوكا للغير . ومع ذل ك ف إن المال ك المع ين حارس اً على مال مملوك له يعاقب وفقا للمادة ٣٤٢ بالعقوبة المقررة في المادة ٣٤١ عقوبات إذا ثبت أنه اختلس شيئاً من الأشياء المحجوز عليها قضائياً أو إدارياً .

المبحث الثالث

التسليم السابق للمال

١١٦ - دخول المال في حوزة الشخص المؤتمن :

*لا يكفي أن يكون هناك عقود من عقد الأمانة الواردة في القانون على سبيل الحصر ، حتي تقوم جريمة التبديد ، بل يجب أن يثبت استلام الجاني لهذا المال ، أي أن هذا المال قد دخل في حوزة الشخص المؤتمن، بموجب عقد الأمانة.

*ولا يشترط أن يكون التسليم حقيقياً ، أي فعلياً ، وإنما يجوز أن يكون حكمياً أو رمزيا كتسليم مفتاح المخزن المحفوظة به الغلال أو البضائع ، أو مفتاح الخزينة المحفوظة بها النقود . ولذلك قضي بأنه يكفي التسليم الاعتباري متي كان المودع لديه حائزاً للشيء من قبل.

*كذلك لا يشترط أن يتم التسليم من يد المستأمن إلى يد الشخص المؤتمن مباشرة ، بل يجوز أن يكون ذلك عن طريق شخص ثالث من الغير .

 التسليم المعول عليه في خيانة الأمانة :

*إن التسليم الذي يجب أن يتوافر حتى تقع جريمة خيانة الأمانة هو التسليم الناقل لحيازة الشيء حيازة ناقصة من المالك – أو من يمثله – إلي الشخص المؤتمن . وعلى ذلك فلا يصلح تسليم اليد العارضة لقيام جريمة خيانة الأمانة ، وإنما تقوم به جريمة السرقة إذا توافرت شروطها. كذلك فإن التسليم الناقل للحيازة الكاملة لا تقوم به جريمة التبديد (ولا جريمة السرقة) إذ أنه ينقل الحيازة لصالح ولحساب الشخص المؤتمن، بينما تتطلب خيانة الأمانة أن تكون حيازة الجاني قد قامت لحساب المالك (أي لحساب الغير)ثم غير الحائز تلك الحيازة إلى حيازة كاملة لحسابه ، وذلك هو جوهر التبديد أو الاختلاس فيما يلي.

المبحث الرابع

تبديد المال (أو اختلاسه)

 العبث بملكية المال المسلم على سبيل الأمانة :

 أن القانون لا يعاقب على مجرد الإخلال بالالتزامات الناشئة عن عقد الائتمان في ذاته ، وإنما يعاقب ال شخص المؤتمن على عبثه بملكية الشيء المسلم إليه على سبيل الأمانة . وقد تتعدد صور هذا العبث ، أو تختلف مسمياته أو ظروفه ،

ولكن العبرة دائما هي بثبوت أن الشخص المؤتمن قد اعتبر أن المال الذي أؤتمن عليه مملوكا له يتصرف فيه تصرف المالك في ماله.

* ويعني تصرف الشخص المؤتمن في المال تصرف المالك في ملكه أنه – من جانبه – قد غير حيازته لتصبح حيازة كاملة – أي لحسابه هو– بعد أن كانت حيازة ناقصة أي لحساب مالك الشيء أو صاحب الحق فيه ؛ أو أنه استعمله في غير منفعة مالكه أو صاحب الحق فيه .

*وعليه فإذا باع الشخص المؤتمن شيئاً ما أؤتمن عليه ، كان خائنا للأمانة؛ وإذا أعطاه بطريق الهبة أو التبرع ، كان مرتكبا لهذه

الجريمة كذلك لأنه لا يملك التصرف في هذا المال؛ وقد دل هذا التصرف من جانبه على أنه اعتبر نفسه مالكاً لهذا المال ، وهو ما يتحقق به التبديد.

*كما تتحقق خيانة الأمانة باختلاس الشخص المؤتمن المال المؤتمن عليه لنفسه ، ويكفي لذلك أن يطرأ تغيير على نية الحائز فتتحول حيازته إلي حيازة بقصد التملك بعد أن كانت حيازة لحساب الغير.

إثبات حدوث التبديد أو الاختلاس :

تختلف واقعة الاختلاس أو التبديد عن الواقعة المنشئة للائتمان ، إذ بينما إنشاء الائتمان يخضع لقواعد الإثبات الخاصة بذلك في القانون المدني على نحو ما سبق بيانه، فإن إثبات حدوث الاختلاس أو التبديد هو إثبات لواقعة جنائية، أي لجريمة خيانة الأمانة ، وهي مما  يصح إثباته بكافة طرق الإثبات ، وتخضع لمبدأ حرية الإثبات في المسائل الجنائية ، شريطة أن يتم ذلك بأدلة مطروحة في الجلسة يقتنع بها القاضي في تكوين عقيدته التي يحكم وفقاً لها .

وعلى ذلك فلا يجب الخلط بين إثبات الائتمان ، وبين إثبات وقوع جريمة خيانة الأمانة .

- هل يشترط إثبات حدوث ضرر لصاحب المال من جراء اختلاس ماله أو تبديده ؟

*رأينا أن المشرع حين عاقب على الشيك بدون رصيد ، رغم سداده ، فإنه لم يكن ينتظر ثبوت ضرر فعلى مستقل عن السلوك الإجرامي ذاته الذي ينطوي على إخلال بالثقة في الشيك . وكذلك الأمر في خيانة الأمانة . فالمشرع إذ يعاقب الشخص المؤتمن متى خان الائتمان ، فإنه يهدف إلى حماية الثقة في المعاملات خاصة منها ما انطوي على ائتمان ؛ ولذلك لا يشترط أن يحدث ضرر استقلالاً عن مجرد تضييع المال على صاحبه – (بما في ذلك من ضرر في ذاته) . بل إنه حتي إن كان الضرر احتمالياً ولم يكن محققاً أو فعلياً ، فإن العقاب على خيانة الأمانة يكون واجباً. وقد استقر قضاء النقض على ذلك .

*ولا تعارض بين هذا القضاء وبين نص المادة( ٣٤١ )عقوبات التي وردت بها عبارة"... إضراراً بمالكيها أو أصحابها ... الخ".إذأن هذه العبارة في الحقيقة لا تضيف جديداً ، إذ أن العبث بملكية المال ينطوي على ضرر حتمي بمالكه ، كما أن هذه العبارة تتسع لتشمل الضرر المادي والضرر الأدبي على السواء ، وسواء كان الضرر محققاً أو احتمالياً .

*ومع ذلك ، نُذكر بما  أوردناه آنفا من أن مجرد الإخلال بالثقة المفروض قيام الائتمان عليها هو ضرر في حد ذاته يكفي لتحقق مراد الشارع من نص المادة ٣٤١ عقوبات .

 تحديد وقت وقوع خيانة الأمانة :

*خيانة الأمانة جريمة وقتية تقع وتنتهي بمجرد وقوع فعل الاختلاس أو التبديد . ومصدر الصعوبة في تحديد وقت حدوث هذه الجريمة أنها تقع بمجرد تغيير نية الحائز المؤتمن من الحيازة لحساب الغير إلى الحيازة لحساب نفسه هو، وقد لا تكون هناك من الأعمال المادية أو المظاهر الخارجية ما يدل على ذلك . ولذلك استقر قضاء النقض على أن تحديد وقت وقوع الجريمة هو مما يستقل به قاضي الموضوع في ضوء ملابسات الواقعة وظروفها .

*لذلك يصح اعتبار تاريخ امتناع المؤتمن عن رد الأمانة أو عجزه عن ردها بعد المطالبة بذلك ، تاريخاً لارتكابه الجريمة.

*لكن شرط ذلك ألا يقوم الدليل على وقوع الجريمة في تاريخ سابق على تاريخ الامتناع عن الرد ، كما لو ثبت أن المتهم كان قد باع الشيء المودع عنده قبل ذلك لشخص آخر ، فيكون تاريخ هذا البيع هو تاريخ التبديد.

*وإذا تعددت الأشياء المودعة لدى المتهم ، وتعددت تواريخ اختلاسه أو تبديده لها ، فإن كل واقعة منها تكون جريمة مستقلة بذاتها وتكون لها مدة تقادمها الخاصة بها إلا إذا تحققت شروط الجريمة الوقتية المتتابعة ، فتكون جميعها وحدة واحدة تتقادم بتقادم آخر فعل منها ، وإذا استظهر قاضي الموضوع حصول آخر واقعة قبل ثلاث سنوات سابقة على أول إجراء قاطع للتقادم ، وقضي فعلاً بسقوط الدعوي العمومية ، كان قضاؤه صحيحاً .

 شعار المرجع الالكتروني للمعلوماتية




البريد الألكتروني :
info@almerja.com
الدعم الفني :
9647733339172+