بعدَ ثلاثينَ واسطةٍ يتّصلُ نسبُ السيِّدِ حُسين  بالإمامِ الحَسنِ بنِ عليٍّ(عليهِ السلامُ) ، ولِدَ في مدينةِ بروجرد عام إثنين وتسعينَ ومئتي وألف هجرية ، ونشأَ بينَ أسرةٍ علميةٍ رفيعةِ المستوى ، فكانَ بعضُ أجدادِهِ من نُقباءِ العراقِ ومِن شخصياتِهِ المحترمةِ ، وأسرةُ آلِ الطباطبائيِّ التي ينتمي إليها السيّدُ حُسين مِنَ الأُسَرِ العلميةِ والاجتماعيةِ المعروفةِ في إيرانَ والعراق، وإليها ينتمي عددٌ مِنَ الرجالاتِ المشهورةِ كالسيّدِ  مُحمد مهدي بحر العلوم والسيّد مُحمد المجاهد والسيّد علي صاحب الرياضِ والسيّد اليزديّ صاحبِ العروةِ الوثقى والسيّد مُحسن الحكيم صاحبِ المُستمسَكِ.

حازَ  السيّدُ حُسين على عنايةٍ فائقةٍ مِن قِبلِ والديهِ، فكانَ والدُهُ يُغدِقُ عليهِ بكلِّ ما يحتاجُ إليهِ، وأمّا والدتُهُ العَلويّةُ فكانتْ لا تُرضِعُهُ إلا وهيَ على وضوءٍ! فقد حازتْ على مراتبَ عُليا في التقوى والورعِ والإخلاصِ.

إندفعَ السيّدُ حُسين في سلكِ التعليمِ الدينيِّ في السابعةِ من عُمرهِ، ولمّا اشتدَّ عودَهُ وقَوِيَ بنيانُهُ الفكريُّ، وبانَ نبوغُهُ، انتقلَ الى أصفهان ، وكانَ والدهُ السيّدُ عليّ يمدُّهُ بالمالِ من محاصيلِ مزارعِهِ ، ظلَّ حُلْمُ الدراسةِ في النجفِ الأشرفِ يراودُهُ الى أنْ نزلَ أرضَها بعمرِ السابعةِ والعشرينَ  عامَ عشرينَ وثلاثمئةٍ وألفٍ هجرية ، ودرسَ على أمهرِ أساتذتِها في ذلَك الوقتِ أمثالِ شيخِ الشريعةِ الأصفهاني والسيّدِ اليزديّ والشيخِ الأخوند الخراسانيّ، الذي لازمَهُ فترةً طويلةً، فكانَ يقررُ درسَهُ ويعيدُهُ على زملائِهِ، وبعدَ ذلكَ رجعَ الى بلادِهِ، وأخذَ يُدرِّسُ فيها الى أنْ تهيأتْ الظروفُ وصارَ من أعاظمِ مراجعِ الشيعةِ، حيثُ اتّسمتْ مرجعيَّتُهُ بالحكمةِ والاتزانِ والعمقِ ، كما أنّ السيّدَ البروجردي تمتعَ بخبرةٍ اجتماعيةٍ، ولهُ ذوقٌ رفيعٌ في ذلكَ.

حفلَ درسُهُ بالنقاشِ الهادئِ والتحقيقِ الدقيقِ، فخرَّجَ على إثرِ ذلكَ عشراتِ الطلبةِ مِن تحتِ منبرِهِ العلميِّ، فيُذكَرُ أنَّ عددَ تلامذتِهِ قد تجاوزَ الستينَ طالباً في مدينةِ بروجَرد، وأمّا في قُم فإنَّهُ تجاوزَ الألف ، ومِن أبرزِ تلامذتِهِ سماحةُ السيّد علي السيستانيّ والسيّد مُحمد رضا الكلبايكانيّ والسيّد موسى الزنجانّي ، وقد أنتجَ مؤلفاتٍ كثيرةً أهمُّها: جامعُ أحاديثِ الشيعةِ ، ترتيبُ أسانيدِ الكافي ، والتي بلغتْ بمجموعِها أربعينَ مؤلفاً.

كانَ السيّدُ محبوباً جداً لدى الناسِ وطلبةِ العِلمِ ، ولا ينتقلُ من مدينةٍ إلا وحزنَتْ عليهِ وفرِحَتِ الأخرى التي تستقبِلُهُ ، وكانَ متواضعاً في مأكلِهِ وملبسِهِ، سخيّاً يجودُ على المحتاجينَ ولا يُرجِعُ ما يُعطيهِ، وفي ذلكَ قصصٌ كثيرةٌ ، وكانَ السيّدُ (قُدِسَ سِرُّهُ) كثيرَ المطالعةِ والبحثِ، حتى أنّهُ كانَ يقولُ: "إذا تَعِبتُ من الأعمالِ رُحتُ الى المطالعةِ كي أستريح"، وقد قَسَّمَ وقتَهُ بصورةٍ دقيقةٍ جداً، إذ لا ينامُ في اليومِ والليلةِ سوى خمسِ ساعاتٍ، ويقضي سائرَ الساعاتِ بالبحثِ والمطالعةِ والتدريسِ، وخدمةِ المؤمنينَ ورعايةِ مصالحِهِم.

عُرِفَ السيّدُ الى جانبِ أخلاقِهِ الحميدةِ بالهيبةِ والتأثيرِ المدهشِ في من يراهُ ويجالسُهُ ،  ولما زارَهُ الطبيبُ الفرنسيُّ موريس في قُم وهوَ على فِراشِ المرضِ قالَ: "حتى الآنَ لم تؤثّرْ عليَّ شخصيةٌ روحيّةٌ بهذهِ الدرجةِ".

إهتمَّ بمصالحِ المسلمينَ، وكانَ شديدَ المعارضةِ لنظامِ الشاهِ ويقفُ بوجههِ في القراراتِ الجائرةِ ، وسعى الى توحيدِ الكلمةِ ونبذِ الطائفيةِ والخلافِ المؤدِّي الى التوترِ والنزاعِ المذهبيّ ، حيثُ دَعمَ مؤتمراتِ التقريبِ والتعايشِ السلميِّ والحوارِ البنّاءِ ، بقيَ على  هذا النهجِ الأصيلِ الى وفاتِهِ التي كانتْ في الثالثَ عشرَ من شوال الموافقِ للثلاثينَ من آذار سنةَ إحدى وستينَ وتسعمئةٍ وألفٍ ميلادية ، في مدينةِ قُمِ المقدسةِ  عن عُمرٍ ناهزَ الـستةَ والثمانينَ عاماً، ليرقدَ جُثمانُهُ المباركُ في المسجدِ الأعظمِ  الذي بناهُ بجوارِ السيدةِ فاطمةَ المعصومةِ(عليها السلامُ).