بقلم: الحقوقي علاء كاظم عثمان الذرب
مع التطور التكنولوجي المتسارع والتحول الرقمي الذي يشهده العالم، أصبح الأمن السيبراني أحد القضايا الحيوية التي تحتاج إلى تنظيم قانوني صارم. في العراق، زادت الحاجة إلى إطار قانوني واضح ينظم الفضاء الإلكتروني، خاصة مع تنامي الجرائم السيبرانية والهجمات الإلكترونية التي تهدد الأمن الوطني والمجتمعي. فما هو واقع التشريعات العراقية في هذا المجال وكيف يتم التعامل مع التحديات الأمنية المرتبطة بالفضاء السيبراني
التشريعات العراقية المتعلقة بالأمن السيبراني
على الرغم من عدم وجود قانون شامل للأمن السيبراني في العراق حتى الآن، فإن هناك عدة قوانين وأوامر تنظم بعض جوانب الفضاء الإلكتروني، ومنها:
1. قانون العقوبات العراقي رقم 111 لسنة 1969
يعاقب القانون على بعض الجرائم الإلكترونية التقليدية مثل الاحتيال والابتزاز، لكنه لا يتضمن نصوصًا محددة تتعلق بالجرائم السيبرانية الحديثة مثل الاختراق وسرقة البيانات.
2. قانون مكافحة الإرهاب رقم 13 لسنة 2005
يستخدم أحيانًا لملاحقة الجرائم الإلكترونية التي تمس الأمن القومي، خاصة فيما يتعلق بالدعوات إلى العنف أو التجنيد الإلكتروني لصالح جماعات إرهابية.
3. مشروع قانون الجرائم المعلوماتية
تمت مناقشة مشروع هذا القانون عدة مرات في البرلمان العراقي، لكنه لم يُقر حتى الآن بسبب مخاوف تتعلق بالحد من حرية التعبير والرقابة على الإنترنت. يهدف القانون إلى مكافحة الجرائم الإلكترونية، ولكنه يواجه انتقادات بسبب مواده التي قد تفرض قيودًا واسعة على حرية الإنترنت.
4. قوانين تنظيم الاتصالات والمعلوماتية
يشرف على الفضاء الإلكتروني في العراق "هيئة الإعلام والاتصالات"، التي تنظم عمل مزودي خدمة الإنترنت وتفرض بعض القيود على المحتوى الرقمي، خاصة فيما يتعلق بالأمن القومي والمعلومات الحساسة.
التحديات التي تواجه العراق في الأمن السيبراني
يواجه العراق عدة تحديات في مجال تنظيم الفضاء الإلكتروني، منها:
1. غياب إطار قانوني شامل
عدم وجود قانون محدد للأمن السيبراني يجعل التعامل مع الجرائم الإلكترونية أكثر تعقيدًا، حيث تعتمد السلطات على قوانين قديمة لا تتناسب مع تطور الجرائم الإلكترونية.
2. نقص الوعي السيبراني
يعاني الكثير من الأفراد والمؤسسات من نقص في الوعي بأهمية الأمن السيبراني، مما يجعلهم عرضة للهجمات الإلكترونية مثل التصيد الاحتيالي وسرقة البيانات.
3. الهجمات السيبرانية المتكررة
العراق كان هدفًا لعدة هجمات إلكترونية، سواء من قبل مجموعات قرصنة دولية أو داخلية، مما يهدد الأمن الوطني ويستدعي وجود دفاعات سيبرانية قوية.
4. البنية التحتية الرقمية غير المؤمنة
الكثير من المؤسسات الحكومية والخاصة تعتمد على أنظمة معلوماتية قديمة وغير محمية بشكل كافٍ، مما يجعلها عرضة للاختراقات والتجسس الإلكتروني.
خطوات نحو تعزيز الأمن السيبراني في العراق
لمواجهة هذه التحديات، يجب اتخاذ عدة خطوات لتعزيز الأمن السيبراني، منها:
1. إقرار قانون شامل للأمن السيبراني
يجب أن يتضمن القانون تعريفات واضحة للجرائم الإلكترونية، وعقوبات محددة، وإجراءات وقائية لحماية الأفراد والمؤسسات.
2. تعزيز القدرات التقنية للأجهزة الأمنية
يحتاج العراق إلى تطوير مهارات المتخصصين في الأمن السيبراني، وإنشاء وحدات متخصصة في مكافحة الجرائم الإلكترونية داخل الأجهزة الأمنية.
3. رفع الوعي العام حول الأمن السيبراني
إطلاق حملات توعية للأفراد والمؤسسات حول كيفية حماية بياناتهم وتجنب التهديدات الإلكترونية.
4. تعزيز التعاون الدولي
يجب على العراق تعزيز تعاونه مع الدول والمنظمات الدولية في مجال الأمن السيبراني، والاستفادة من الخبرات والتقنيات الحديثة لمكافحة التهديدات الإلكترونية.
خاتما في ظل تزايد التهديدات الإلكترونية، يحتاج العراق إلى تنظيم أقوى للفضاء الإلكتروني من خلال تشريعات حديثة وفعالة. ورغم وجود بعض القوانين التي تعالج الجرائم السيبرانية، إلا أن الحاجة إلى قانون شامل للأمن السيبراني باتت ملحّة. من خلال تحسين البنية التحتية الرقمية، وتعزيز الوعي السيبراني، والتعاون مع الجهات الدولية، يمكن للعراق أن يحقق بيئة إلكترونية أكثر أمانًا واستقرارًا.







وائل الوائلي
منذ يومين
"المهمة".. إصدار قصصي يوثّق القصص الفائزة في مسابقة فتوى الدفاع المقدسة للقصة القصيرة
(نوافذ).. إصدار أدبي يوثق القصص الفائزة في مسابقة الإمام العسكري (عليه السلام)
قسم الشؤون الفكرية يصدر مجموعة قصصية بعنوان (قلوب بلا مأوى)
EN