لا يوجد افضل من لغة الحب في التعايش مع الناس ، بل إن العلاقات تستمر بالمحبّة؛ وكل ما له صلة بها من معاني الود والالفة والمسالمة ونبذ الكراهية ... ، ولكن ثمّة فرق مهم ينبغي الالتفات اليه والإلماع له : إنّ صفاء العلاقة ليس بالضرورة سببه وجود الحب، ولكن وجود الحب ضرورة فيها ويعمِّق هذه العلاقة ويجذرها ويجعلها مستمرة حتى وان اصابها ما يكدرها .
فليس كل صفاء يكشف عن دوافع الحب لدى اصحابها . وليس وجود المكدرات يكشف عن انعدام الحب بين الطرفين وينبأ عن فشل العلاقة فهذا غير تام
وهذا التصور مطّرد في معظم انواع العلاقات ، ويشمل معظم الروابط الإنسانيّة كالزوجيّة والأسريّة والاجتماعيّة والمهنيّة و....، فعندما يحصل ما يكدِّر العلاقة بين الزوج وزوجته فهذا امر طبيعي اذا كان يُحبّان بعضهما ، واذا حصل ما يكدِّر صفوَ العلاقةِ بين الإخوة في العائلة فهو امر طبيعي ان كان السائد لغة المحبة بينهم ... ومعيار تحديد وجود المحبّة في العلاقة هو (غلبة المبدأ والقيم الانسانية) في اصل العلاقة ومَنْشأ التواشج .
ولهذا نجد العلاقات التي أصلها ومنْشأها المصالح (اي المرتكز الانا ) وهو يكشف عن غايات تجانب القيم الخالدة كالمحبّة والرحمة وتقرب من الذرائعيّة (مصلحـجـي) فهذا الصنف يسعى الى اطالة واستمرار العلاقة مع اي انسان بهدف المنفعة المادية مهما كانت مظاهرها ( ماليّة ؛ جاه؛ عزّة؛ مناصب ...) فالأصل ان يستمر الصفاء من دون اي تكدير لها لان اي كدورة فهو يهدد كميّة المنفعة المأمول تحصيلها من وراء هذه العلاقة . وما ان تنتهي دواعي المنفعة ينقطع الاتصال ويُرمى الطرف الاخر كما يرمى القشر ...
اما اذا كان الفرد يحرص على تحصيل كلا الامرين من وراء هذه العلاقة فإنّ الذي يحدد حقيقة هذه العلاقة هو احترام المبادئ والقيم الانسانية ولا يحصل اي مجاملة على حسابها اما اذا غلبة المجاملة على حساب المبدئية وتُسحق القيم الانسانية الخالدة كالحق والعدال فإن حقيقة هذه العلاقة هي المصالح مهما ادّعى اطرافها واظهروا البشاشة لبعضهما الاخر وهو غزل عابر ومؤقت يتلاشى سريعا ليظهر الوجه الاخر .. مؤسف ان بعضا من افراد المجتمع المعاصر يحملون قلوبا إلكترونيّة تتغذى على وايفاي المظاهر الزائفة والمكاسب الدانية .. تجدهم مبرمجين ما بين تفاعل زائف: (ابتسامة لأغراض مصلحة ؛ تحية لأغراض مصلحة ؛ اعجاب لأجل مصلحة ؛ عبارات محبة لأجل منفعة ...) وهي تكشف عن زيف العلاقة لأنها ترتكز على الكذب والتلون والنفاق الاجتماعي والملق لأغراض المنفعة والمصالح حتى وان كان هناك ما يخالف القيم الانسانيّة الخالدة كالعدالة والصدق والانصاف والاحترام ... التي يجمعها عنوان الحب ولغة المحبّة ...
فليس كل من ضحك في وجهك هو يحبّك ولا كل من زعّلَّك هو يكرهك ؛ أعد حساباتك بناء على المعايير الآنفة التي ذكرنها هنا وتذكّر هذه الحكمة عن الإمام الطيّب ابن الطيبين محمد الباقر (عليه السلام): اتبع من يبكيك وهو لك ناصح، ولا تتبع من يضحكك وهو لك غاش .
فالصفاء لا يكشف دائما عن سلامة العلاقة وصحتها، وليس كل ما يبادر به الطرف الاخر من ما تشعر به انه يكدِّر صفو العلاقة كاشفا عن كونه خصما لك .. تأمّلوا بهذا جيدا.







وائل الوائلي
منذ 3 ايام
"المهمة".. إصدار قصصي يوثّق القصص الفائزة في مسابقة فتوى الدفاع المقدسة للقصة القصيرة
(نوافذ).. إصدار أدبي يوثق القصص الفائزة في مسابقة الإمام العسكري (عليه السلام)
قسم الشؤون الفكرية يصدر مجموعة قصصية بعنوان (قلوب بلا مأوى)
EN