مع ما تُعانيه المؤسّسة التعليميّة والتربويّة من مشاكل في المناهج والإعداد والبُنى التحتيّة، فهي ما زالت غير ملتفتة أو غير مُبالية ببعض الفئات من المجتمع، وخصوصاً ذوي الاحتياجات الخاصّة من الأطفال الذين يُعانون إضافةً الى عوقهم إهمالاً أو تجاهلاً من قبل هذه المؤسّسة؛ ممّا حدا بالأمانة العامّة للعتبة العبّاسية المقدّسة أن تأخذ على عاتقها تولّي مهمّة تربية وتعليم وتنشئة هؤلاء الأطفال على الأسس التربويّة والاجتماعيّة والدينيّة الصحيحة، وذلك من خلال افتتاح معهد الكفيل لذوي الاحتياجات الخاصّة في منطقة حيّ الحسين(عليه السلام) لرعاية هذه الفئة مجّاناً.

وللاطّلاع عن كثب على (معهد الكفيل لذوي الاحتياجات الخاصّة) التابع للأمانة العامّة للعتبة العبّاسية المقدّسة، أجرت شبكةُ الكفيل جولةً ميدانيّة في أروقة المعهد، ووقفت عند هذا الصرح العلميّ لمعرفة غاياته وأهدافه وطبيعة عمله والشرائح التي يستقبلها، فالتقت بالأستاذة سارة حسن الحفار مديرة المعهد لتحدّثنا عن هذا الصرح قائلةً: "ذوو الاحتياجات الخاصة هم الأطفال الذين لديهم عوقٌ بسيط (قابلون للتعلّم)، وهذا العوق إمّا ذهنيّ يتمثّل في مستوى الذكاء دون المتوسّط، أو مصاب بمتلازمة داون (المنغولي)، أو لديه حالة نفسيّة صعبة جدّاً كحالة الصمت الاختياري أو الاكتئاب النفسي.. وبعض الأطفال الذين لديهم صعوبات بالنطق أو زارعو القوقعة، ومنهم من لديه حالة التوحّد غير الشديد، هؤلاء الأطفال يشخّصون من قِبل لجانٍ طبيّة في دائرة صحّة كربلاء ويُحالون من قبلها إلى المعهد، لعدم وجود معهدٍ مشابه في محافظة كربلاء المقدّسة".

وأضافت: "يتمّ قبول كلا الجنسين بعمرٍ معيّن من (6-15) سنة للبنات، ومن (6-12) سنة للبنين -بعد تشخيصه من قبل طبيبٍ مختصّ لإثبات الحالة- وتحديداً من لديه قابليّة التعلّم؛ وذلك بإجراء اختبارٍ للطالب المتقدّم تحت إشراف الدكتورة المختصّة لمدّةٍ معيّنة في المعهد، وتقييم المعلّمات والباحثات للتأكّد من قابليّته على التعلّم, وإمكانيّة المعهد في تقديم المساعدة اللازمة له، ليتمّ بعدها تحديد قبوله في المعهد".

وعن المناهج الدراسيّة وطرق التدريس بيّنت: "المناهجُ الدراسيّة تكون على شكل مستويات، يمرّ الطالب بستّة مستوياتٍ دراسيّة مختلفة المواد تُقدّم بشكلٍ صوريّ مقبول لدى الطالب ويُمكن استساغتها بسهولة، وتضمّ درس اللّغة العربيّة مقاطعَ صورٍ وحروف، والرياضيات من أرقامٍ وعمليّات حسابيّة بسيطة, والعلوم التي تعلّم الأشياء المحيطة بالبيئة، ودروس أخلاقيّة وإسلاميّة في تعلّم قصار السور والأحاديث الشريفة، إضافةً الى دروس ترفيهيّة: كالرياضة وورشة عمل فنيّة وأعمال يدويّة مفيدة، مقسّمة على قاعات ومختبرات متخصّصة ومجهّزة بوسائل تدريس حديثة، مع وجود تقنيّة (السبّورات التفاعليّة الذكيّة) التي جعلت الطفل والمعهد يتقدّم إيجابيّاً، حتى أصبح المعهد الآن يضمّ أكثر من (70) طالباً بعد أن بدأ بعشرين طالباً عام (2009م) وتتمّ متابعة الطالب على مدار السنة لمعرفة مستوى تأهيله والخطوات التي تقدّم فيها والتحسّن الذي طرأ عليه بعد هذه المدّة، وعلى ضوئه يتمّ تحديد ما إذا كان مؤهّلاً للانضمام إلى المدارس الاعتياديّة أم غير مؤهّل".

وتابعت: "المعهد يعمل بنظامٍ إداريّ تربويّ من الساعة الثامنة صباحاً حتى الساعة الواحدة ظهراً، مع وسائط نقل تابعة للعتبة العبّاسية المقدّسة, فضلاً عن إقامة سفرات ترفيهيّة للمراقد المقدّسة والمزارات والمتنزّهات داخل وخارج المحافظة. وقد سجّل المعهد أكثر من حالةٍ إيجابيّة ناجحة تحسّنت لمستوى العقل الطبيعيّ".

أمّا عن الخدمات النفسيّة والتربويّة المقدّمة للمعاقين في المعهد وسبل تطويرها فقد أوضحت الحفّار: "المُعاق نفسيّاً هو الطفل الذي لا يستطيع التكيّف مع نفسه ومع الآخرين، وفي المعهد تكون الرعاية شاملة من خلال دمج الطفل مع الآخرين، وتهيئة السبل المناسبة لتكيّفه وتشجيعه".

واختتمت: "يبقى العملُ في معهد الكفيل يسير بخطىً حثيثة في تقديم الخدمات الخاصّة بهذه الشريحة المحرومة من الرعاية والاهتمام مجّاناً دون مقابل، ما لم يتمّ دعم الدولة على اعتبار أنّه من مؤسّسات بناء الأفراد، بكلّ ما يحمل من مضامين إنسانيّة مصاحبة، ويبقى الأملُ الذي بنت على أساسه الأمانة العامّة للعتبة العبّاسية المقدّسة ثقتها بمنتسبيها يمثّل الحافزَ لعملٍ ستجني ثماره في مستقبلٍ قريب".