قال تعالى : {هَذَانِ خَصْمَانِ اخْتَصَمُوا فِي رَبِّهِمْ فَالَّذِينَ كَفَرُوا قُطِّعَتْ لَهُمْ ثِيَابٌ مِنْ نَارٍ يُصَبُّ مِنْ فَوْقِ رُءُوسِهِمُ الْحَمِيمُ } [الحج : 19]

قال في نهاية ابن الاثير : فيه « ان رجلاً أتاه وعليه مقطعات له » أي : ثياب قصار ، لانها قطعت عن بلوغ التمام.

وقيل : المقطع من الثياب كلما يفصل ويخاط من قميص وغيره ، وما لا يقطع كالأرز والاردية.

ومن الاول حديث ابن عباس في وقت صلاة الضحى « اذا تقطعت الظلال » أي : قصرت ، لانها تكون بكرة ممتدة ، فكلما ارتفعت الشمس قصرت.

ومن الثاني حديث ابن عباس في صفة نخل الجنة « منها مقطعاتهم وحللهم » ولم يكن يصفها بالقصر لانه عيب.

وقيل : المقطعات لا واحد لها ، فلا يقال للجبة القصيرة مقطعة ، ولا للقميص مقطع ، وانما يقال لجملة الثياب القصار مقطعات واحد ثوب (1) انتهى.

وانما قصرت ثياب اهل النار وقطعت دون بلوغ التمام ، لتناسب هيئآتهم صورهم في القباحة والشناعة ؛ لان الثياب القصار عن بلوغ التمام عيب تحدث في لابسها قباحة المنظر وكراهة المحضر.

وظني ان هذا الوجه اعذب مما افاده الشيخ البهائي في الاربعين ، حيث قال : ولعل السر في ثياب اهل النار مقطعات ، كونها اشد اشتمالاً على البدن ، فالعذاب بها اشد (2).

وفي تفسير علي بن ابراهيم في ذيل كريمة { فالذين كفروا قطعت لهم ثياب من نار } في صحيحة ابي بصير عن ابي عبد الله ـ عليه السلام ـ حديث يذكر فيه شدة عذاب جهنم ، نعوذ بالله منه : ولو ان سربالاً من سرابيل اهل النار علق بين السماء والارض ، لمات اهل الارض من ريحه ووهجه (3).
_______________________

(1) نهاية ابن الاثير : 4 / 81 ـ 82.

(2) الاربعون : 58 ح 5.

(3) تفسير القمي : 2 / 81.