الباحثين العرب في الدرس اللغوي قد سلكوا منهجين احدهما قديم ، والآخر حديث ، ارتضى الاول السير على طريقة اللغويين القدماء ، وظل يردد جميع ما لاحظوه حول كثير من الظواهر اللغوية ، واتبع الاخر خطى الغربيين الذين بدت دراساتهم في اواخر القرن التاسع عشر تتضح معالمها في البحث اللغوي في حدود (علم اللغة) .

يقول الدكتور رمضان عبد التواب ⁽¹⁾ :

(تطلق كلمة فقه اللغة عندنا الان على العلم الذي يحاول الكشف عن اسرار اللغة والوقوف على القوانين التي تسير عليها في حياتها ، ومعرفة سر تطورها ، ودراسة ظواهرها المختلفة ، دراسة تاريخية من جانب ، ووصفية من جانب آخر . وهو بهذا يضم كل الدراسات اللغوية التي تبحث في نشأة اللغة الانسانية ن واحتكاك اللغات المختلفة بعضها ببعض ونشأة اللغة الفصحى واللهجات ، وكذلك تلك التي تبحث في اصوات اللغة ، ودلالة الالفاظ وبنيتها ، من النواحي التاريخية المقارنة ، والنواحي الوصفية وكذلك العلاقات النحوية بين مفرداتها ، كما تبحث اخيراً في اساليبها واختلاف هذه الاساليب باختلاف فنونها من شعر ونثر وغير ذلك ) .
ثم يقول : (اما علم اللغة linguistics ويطلق عليه احياناً (علم اللغة العام) General Linguistics فقد دخل بعض الجامعات العربية حديثاً وتعالج فيه عادة قضايا اللغة ، مجردة عن الارتباط بأية لغة من اللغات ⁽²⁾ .

ص8

في حين حدد الدكتور محمود فهمي حجازي ⁽³⁾ مجالات علم اللغة بدراسة بنية اللغة من الجوانب التالية :

1. الاصوات Phonetics , phonelogy

2. بناء الكلمة Morphology

3. بناء الجملة Syntax

4. الدلالة Semantics

فالدراسة اللغوية عنده موضوعية وليست انطباعية.

اما الدكتور كمال بشر ⁽⁴⁾ : فقد حصر موضوعات فقه اللغة في المصطلح القديم في نوعين رئيسين :

اولهما : يشمل ما يسمى (متن اللغة) وهو البحث في الثروة اللفظية على نحو ما يجرى في المعجمات وما اليها ، بالإضافة الى بحوث تتعلق بالمفردات ومشكلاتها العامة ، اي لا من حيث معانيها فقط ، بل من حيث ما يتصف به من سمات فرعية كالأصالة او عدمها ، وكالترادف والاشتراك اللفظي ، والمجاز والحقيقة ، والنحت والاشتقاق (غير الصرفي) وما الى ذلك من كل ما له صلة بها ، بوصفها مفردات لا صيغاً صرفية او وحدات في تركيب الجملة )

ثم قال : (وربما يطلق بعضهم على هذا المفهوم نفسه المصطلح (علم اللغة) .

النوع الثاني : يطلق فقه اللغة على تلك الدراسات العامة التي تعد مقدمة للعلوم او ممهدة لها . او التي يعرض لها الدارس لما في مناقشتها من فائدة في توضيح حقائق العلم او القاء الضوء على بعض مسائله .

وقد حدد موضوعاته بالقضايا العامة كالحديث عن اللهجات ، وفكرة الصواب والخطأ في اللغة ، ووظيفة اللغة ، واصلها ، ونشأتها ، والتعليل ، والقياس ... الخ ممثلاً لها بما ورد في خصائص ابن جني ، والصاحبي لابن فارس ، وفقه اللغة الثعالبي، وشفاء الغليل فيما في كلام العرب من الدخيل للخفاجي ، ودرة الغواص في اوهام الخواص للحريري ، والمعرب للجواليقي، وكل كتب اللحن ، والتصويب اللغوي .

ص9

وربما اضيف اليها نوع الثالث يصل بينهما ، ويعني به دراسة تلك الاثار التي اشار ، او رجال اللغة بصفة عامة كما يقول .

وقول الدكتور كمال بشر عن (فقه اللغة بمفهومه القديم او الحديث لا يعدو ان يكون حلقة من حلقات الدرس في علم اللغة ، وبهذا يمكن الاستغناء عنه ، والاكتفاء بهذا المصطلح العام (علم اللغة) الذي يجري تطبيقه الان على اي نوع من انواع الدرس اللغوي غير بعيد عن اهتمام الباحث اللغوي المتخصص بهذا الميدان ، وضمن دائرة واحدة للبحث .

ص10

__________________

(1) فصول في فقه العربية 9 .

(2) المصدر نفسه 11 .

(3) مدخل الى علم اللغة 18 .

(4) دراسات في علم اللغة – القسم الثاني 47-49 .