قوله تعالى : {وفِي أَنْفُسِكُمْ أَ فَلٰا تُبْصِرُونَ} [الذاريات : 21] .

وقيل للنبي (1) -عليه السلام- بم عرفت ربك ؟ قال : بما عرفني ربي .

قيل : وكيف عرفك ؟ .

قال : لا تشبهه صورة ولا يحس بالحواس ولا يقاس بقياس الناس‌ .

وقال -عليه السلام- لآخر : بالنوم مرة وباليقظة أخرى فلولا مدبر وصانع يأتي بأحدهما مرة وبالآخر أخرى لبقيت على صفة واحدة فلما رأيت زوال الصفة الأولى وحدوث الصفة الأخرى عرفت أنه لأجل مدبر صانع فعلهُ‌ .

وقال (2) -عليه السلام- لآخر بفسخ العزائم وحل العقود‌ .

وقال (3) -عليه السلام- اعرفوا الله بالله‌ . أي : بنصب أدلة على نفسه .

وقيل للصادق (4) -عليه السلام- ما الدليل على أن للعالم صانعا ؟ قال : أكبر الأدلة في نفسي لأني وجدتها لا تعدوأحد أمرين إما أن أكون خلقتها وأنا موجود وإيجاد الموجود محال وإما أن أكون خلقتها وأنا معدوم فكيف يخلق لا شي‌ء فلما رأيتهما فاسدين من الجهتين جميعا علمت أن لي صانعا ومدبرا‌ .

محمد بن علي الخراساني قال الرضا (5) -عليه السلام- للزنديق الذي سأله عن الدليل على الله تعالى إني لما نظرت إلى جسدي ولم يكن فيه زيادة ولا نقصان في العرض والطول ورفع المكاره عنه وجر المنافع إليه علمت أن لهذا البنيان بانيا فأقررت مع ما أرى من دوران الفلك بقدرته وإنشاء السحاب وتصريف الرياح ومجرى الشمس والقمر والنجوم وغير ذلك من الآيات البينات علمت أن لها مقدرا ومنشئاً .

هشام بن الحكم قال الصادق (6) -عليه السلام- لرجل من الزنادقة الدليل على الله وجود الأفاعيل التي دلت على أن صانعا صنعها‌.

وقال (7) الآخر : إني لما رأيت‌ حصنا ملزقا أملس لا فرج فيه ولا خلل ظاهره من فضة وباطنه من ذهبة مائعة ينفلق منه طاوس وغراب ونسر وعصفور فعلمت أن للخلق صانعاً.

ابن جبير : عرفت ربي بالظاهر بإتقان التصوير والباطن بنقض التدبير .

أعرابيٌّ : ويحك إن البعرة تدل على البعير والروثة تدل على الحمير وآثار القدم تدل على المسير فهيكل علوي بهذه اللطافة ومركز سفلي بهذه الكثافة أ ما يدلان على الصانع الخبير ؟

آخرُ : وجدت أضدادا مجموعة فقلت أ جمعت بالطبع أم بالصنع فنظرت فلم يكن في الطبع قبول الإفراد فعلمت أنها من صنع صانع رأيت الورقة والنورة أكلتهما النحلة واليرقة فتولد من أحدهما خلاف ما تولد من الآخر فدلني ذلك على أنها من صنع حكيم لطيف‌ٍ .

1- الأصبغُ : قال رجل لأمير المؤمنين -عليه السلام- لقد قدم إلي حينا رجل زنديق يتكلم بكلام لا نعرفه وإنا نخاف أن يبطل علينا ديننا فإن رأيت أن تعلمنا كلاما تبطل به حجته وندحض به مقالته فافعل .

قال فدعا -عليه السلام- بدواة وبياض وكتب :

بِسْمِ اللّٰهِ الرَّحْمٰنِ الرَّحِيمِ . من علي بن أبي طالب وصي محمد النبي إلى عدو الله ومضل عباده أما بعد‌ :

فلما قرأ الزنديق الكتاب ، هرب.

______________________

1. الكافي 1 : 86 . التوحيد : 285 . الهداية : 4 . أمالي المرتضى 1 : 149 .

2. الخصال 1 : 33 باختلاف يسير في اللفظ . وفي التوحيد : 288 ، 289 عن أمير المؤمنين عليه السلام في جملة حديث . البدء والتاريخ 1 : 72 منسوباً الى عالم من بني اسرائيل .

3. الكافي 1 : 85 . التوحيد : 282 عن أمير الؤمنين (عليه السلام) في جملة الحديث .

4. التوحيد : 290 .

5. الكافي 1 : 78 . التوحيد : 251 ، عيون أخبار الرضا 1 : 132 . الاحتجاج 2 : 171-172 .

6. الكافي 1 : 81 ، التوحيد : 244 . الاحتجاج 2 : 69 .

7. الاحتجاج 2 : 72 بزيادة في  اللفظ فيه . وكذا في الإرشاد : 316 .