المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية

سيرة الرسول وآله
عدد المواضيع في هذا القسم 8828 موضوعاً
النبي الأعظم محمد بن عبد الله
الإمام علي بن أبي طالب
السيدة فاطمة الزهراء
الإمام الحسن بن علي المجتبى
الإمام الحسين بن علي الشهيد
الإمام علي بن الحسين السجّاد
الإمام محمد بن علي الباقر
الإمام جعفر بن محمد الصادق
الإمام موسى بن جعفر الكاظم
الإمام علي بن موسى الرّضا
الإمام محمد بن علي الجواد
الإمام علي بن محمد الهادي
الإمام الحسن بن علي العسكري
الإمام محمد بن الحسن المهدي

Untitled Document
أبحث عن شيء أخر
تعريف بعدد من الكتب / رجال النجاشي.
2024-04-25
أضواء على دعاء اليوم الثالث عشر.
2024-04-25
أضواء على دعاء اليوم الثاني عشر.
2024-04-25
أضواء على دعاء اليوم الحادي عشر.
2024-04-25
التفريخ في السمان
2024-04-25
منخبر رع سنب يتسلَّم جزية بلاد النوبة.
2024-04-25

الأفعال التي تنصب مفعولين
23-12-2014
صيغ المبالغة
18-02-2015
الجملة الإنشائية وأقسامها
26-03-2015
اولاد الامام الحسين (عليه السلام)
3-04-2015
معاني صيغ الزيادة
17-02-2015
انواع التمور في العراق
27-5-2016


يوم العاشر من المحرم  
  
3102   03:28 مساءً   التاريخ: 8-04-2015
المؤلف : الشيخ ابي علي الفضل بن الحسن الطبرسي
الكتاب أو المصدر : إعلام الورى بأعلام الهدى
الجزء والصفحة : ج1, ص458-469.
القسم : سيرة الرسول وآله / الإمام الحسين بن علي الشهيد / استشهاد الإمام الحسين (عليه السّلام) ويوم عاشوراء /

لما أصبح عمر بن سعد في ذلك اليوم ، وهو يوم الجمعة وقيل : يوم السبت فعبأ أصحابه ، فجعل على ميمنته عمرو بن الحجّاج ، وعلى ميسرته شمر بن ذي الجوشن ، وعلى الخيل عروة بن قيس ، وعلى الرجّالة شبث بن ربعي .

ونادى شمر ـ لعنه الله ـ بأعلى صوته : يا حسين ، تعجّلت النار قبل يوم القيامة، فقال الحسين (عليه السلام) : يا ابن راعية المعزى أنت أولى بها صليّاً» ورام مسلم بن عوسجة أن يرميه بسهم فمنعه الحسين (عليه السلام) من ذلك .

فقال له : دعني حتّى أرميه ، فإنّ الفاسق من عظماء الجبّارين وقد أمكن الله منه .

فقال (عليه السلام) : أكره أن أبدأهم ؛ ثمّ دعا الحسين (عليه السلام) براحلته فركبها ونادى بأعلى صوته ـ وكلّهم يسمعون ـ فقال : أيّها الناس إسمعوا قولي ولا تعجلوا حتّى أعظكم بما يحقّ عليّ لكم وحتّى أعذر إليكم فإنّ أعطيتموني النصف كنتم بذلك أسعد وإن لم تعطوني النصف من أنفسكم فاجمعوا رأيكم ثمّ لا يكن أمركم عليكم غمّة ثمّ اقضوا إليّ ولا تنظرون ،إنّ وليّي الله الذي نزّل الكتاب وهو يتولّى الصالحين ؛ ثمّ حمد الله وأثنى عليه وصلّى على النبيّ عليه وآله السلام فلم يسمع متكلّم قطّ قبله ولا بعده أبلغ في منطق منه , ثمّ قال : أمّا بعد : فانسبوني وانظروا من أنا ثمّ ارجعوا إلى أنفسكم وعاتبوها فانظروا هل يصلح لكم قتلي وانتهاك حرمتي ؟ ألست ابن بنت نبيّكم وابن وصيّه وابن عمّه وأوّل المؤمنين المصدّقين لرسول الله (صلى الله عليه واله) بما جاء به من عند ربّه ؟ , أوليس حمزة سيّد الشهداء عمّ أبي ؟,  أوَ ليس جعفر الطيّار في الجنة بجناحين عمّي ؟ , أولم يبلغكم ما قال رسول اللهّ (صلى الله عليه واله) لي ولأخي :هذان سيّدا شباب أهل الجنّة؟ , فإن صدقتموني بما أقول وهو الحق فوالله ما تعمّدت كذباً منذ علمت أنّ الله تعالى يمقت عليه أهله، وإن كذّبتموني فإنّ فيكم من إذا سألتموه عن ذلك أخبركم ، سلوا جابر بن عبدالله الأنصاريّ ، وأبا سعيد الخدريّ ، وسهل بن سعد الساعديّ ، وزيد بن أرقم ، وأنس بن مالك يخبرونكم أنّهم سمعوا هذه المقالة من رسول الله (صلى الله عليه واله) لي ولأخي ، أما في هذا حاجز لكم عن سفك دمي ؟».

فقال له شمر لعنه الله : هو يعبد الله على حرف إن كان يدري ما يقول .

فقال له حبيب بن مظاهر: واللهّ إنّي لأراك تعبد الله على سبعين حرفاً، وأنا أشهد أنّك صادق ما تدري ما يقول ، قد طبع الله على قلبك .

ثمّ قال لهم الحسين (عليه السلام) : فإن كنتم في شكّ من هذا أفتشكّون أنّي ابن بنت نبيّكم ؟ ! فوالله ما بين المشرق والمغرب ابن بنت نبيّ غيري فيكم ولا في غيركم ، ويحكم أتطلبوني بقتيل منكم قتلته ، أو مال لكم استهلكته ، أو بقصاص جراحة؟ ! فأخذوا لا يكلّمونه فنادى (عليه السلام) : يا شبث بن ربعي ، يا حجّار بن أبجر، يا قيس ابن الأشعث ، يا يزيد بن الحارث ، ألم تكتبوا إليّ : أن قد أينعت الثمار واخضرّ الجناب وإنّما تقدم على جند لك مجنّد؟.

فقال له قيس بن الأشعث : ما ندري ما تقول ، ولكن انزل على حكم بني عمّك فإنّهم لم يريدوا بك إلاّ ما تحبّ.

فقال الحسين (عليه السلام) : لا والله لا اُعطيكم بيدي إعطاء الذليل ولا أفرّ فرار العبيد، ثمّ نادى : يا عباد الله {وَإِنِّي عُذْتُ بِرَبِّي وَرَبِّكُمْ أَنْ تَرْجُمُونِ} [الدخان: 20] , {إِنِّي عُذْتُ بِرَبِّي وَرَبِّكُمْ مِنْ كُلِّ مُتَكَبِّرٍ لَا يُؤْمِنُ بِيَوْمِ الْحِسَابِ} [غافر: 27] , ثمّ إنّه أناخ راحلته وأمر عقبة بن سمعان فعقلها ، وأقبلوا يزحفون نحوه .فلمّا رأى الحرّ بن يزيد أنّ القوم قد صمّموا على قتال الحسين (عليه السلام).

قال : لعمر بن سعد : اي عمر، أتقاتل الحسين ؟ !.

قال : إي والله قتالاً أيسره أن تسقط فيه الرؤوس وتطيح فيه الأيدي .

قال : أفما لكم فيما عرضه عليكم رضىً؟.

قال : لو كان الأمر إليّ لفعلت ، ولكن أميرك قد أبى .

فاقبل الحرّ ومعه رجل من قومه يقال له : قرّة بن قيس فقال له : يا قرّة هل سقيت فرسك اليوم ؟ قال : لا.

قال قرّة : فظننت أنّه يريد أن يتنحّى فلا يشهد القتال ، ولو أنّه اطلعني على الذي يريد لخرجت معه إلى الحسين (عليه السلام) ، فاخذ يدنو من الحسين (عليه السلام) قليلاً قليلاً فقال له رجلٌ : ما هذا الذي أرى منك ؟ .

فقال : إني والله أخيّر نفسي بين الجنّة والنار، فوالله ما أختار على الجنّة شيئاً ولو قُطعتُ وحُرّقتُ ، ثمّ ضرب فرسه فلحق بالحسين (عليه السلام) .

فقال له : جعلت فداك يا ابن رسول الله ، أنا صاحبك الذي جعجعت بك في هذا المكان ، وما ظننت أنّ القوم يردّون عليك ما عرضته عليهم ولا يبلغون منك هذه المنزلة، والله لو علمت أنّ القوم ينتهون بك إلى ما أرى ما ركبت منك الذي ركبت ، وإنّي تائب إلى الله تعالى ممّا صنعت ،فترى لي من ذلك توبة؟ .

فقال الحسين (عليه السلام) : نعم يتوب الله عليك فانزل .

قال : فانا لك فارساً خيرٌ منّي راجلاً، اُقاتلهم لك على فرسي ساعة وإلى النزول يصير آخر أمري.

فقال له الحسين (عليه السلام) : فاصنع  يرحمك الله ما بدا لك.

فاستقدم الامام الحسين (عليه السلام) فقال : يا أهل الكوفة لاُمّكم الهبل والعبر، دعوتم هذا العبد الصالح حتّى إذا أتاكم أسلمتموه ، وزعمتم أنّكم قاتلوا أنفسكم دونه ، ثمّ عدوتم عليه لتقتلوه  أخذتم بكظمه ، وأحطتم به من كلّ جانب لتمنعوه التوجّه إلى بلاد الله العريضة، فصار كالأسير في أيديكم لا يملك لنفسه نفعاً، ولا يدفع عنها ضرّاً، وحللتموه ونساءه وصبيته وأهله عن ماء الفرات الجاري يشربه اليهود والنصارى والمجوس وتمرغ فيه خنازير السواد وكلابه ، وها هم قد صرعهم العطش ، بئس ما خلّفتم محمّداً في ذرّيّته ،لا سقاكم الله يوم الظمأ. فحمل عليه رجال يرمونه بالنبل ، فأقبل حتّى وقف أمام الحسين (عليه السلام) .

ورمى عمر بن سعد بسهم وقال : اشهدوا أنّي أوّل من رمى ، ثمّ ارتمى الناس وتبارزوا ، فبرز يسار مولى زياد بن أبيه ، فبرز إليه عبدالله بن عمير فضربه بسيفه فقتله ، فشدّ عليه سالم مولى عبيد الله بن زياد فصاحوا به : قد رهقك العبد، فلم يشعر حتّى غشيه فبدره بضربة اتّقاها ابن عمير بيده اليسرى فأطارت أصابع كفّه ، ثمّ شدّ عليه فضربه حتّى قتله ، وأقبل وقد قتلهما وهو يرتجز ويقول :

إنْ تَنكروني فأنا ابنُ الكلب     *      إنّي امرؤٌ ذو مرة وَعضب

                         ولستُ بالَخوّار عندَ النكب

وحمل عمرو بن الحجّاج على ميمنة أصحَاب الحسين (عليه السلام) بمن كان معه من أهل الكوفة، فلمّا دنا من الحسين (عليه السلام) جثوا له على الركب واشرعوا الرماح نحوهم فلم تقدم خيلهم على الرماح ، فذهبت الخيل لترجع فرشقهم أصحاب الحسين (عليه السلام) بالنبل فصرعوا منهم رجالاً وجرحوا آخرين .

وجاء رجل من بني تميم يقال له : عبدالله بن حوزة إلى عسكر الحسين (عليه السلام) فناداه القوم : إلى أين ثكلتك اُمّك ؟.

فقال : إنّي أقدم على ربّ كريم وشفيع مطاع

فقال الحسين (عليه السلام) لأصحابه : من هذا ؟ .

فقيل : ابن حوزة.

فقال : اللهم حزه إلى النار فاضطربت به فرسه في جدول فوقع وتعلّقت رجله اليسرى في الركاب وارتفعت اليمنى، وشدّ عليه مسلم بن عوسجة فضرب رجله اليمنى فطارت ، وعدا به فرسه فضرب رأسه كلّ حجر وكلّ شجر حتى مات وعجّل الله بروحه إلى النار.

ونشب القتال ، فقتل من الجميع جماعة، وحمل الحرّ بن يزيد على أصحاب عمر بن سعد وهو يتمثّل بقول عنترة :

ما زلت أرميهم بغُرّةِ وجههِ    *     ولبانِهِ حتّى تسربلَ بالدم

فبرز إليه رجل من بني الحارث فقتله الحرّ.

وبرز نافع بن هلال وهو يقول :

أنا ابنُ هلالِ البجلي     *       أنا على دينِ علي

فبرز إليه مزاحم بن حريث وهو يقول : أنا على دين عثمان ، فقال له نافع : أنت على دين الشيطان ، وحمل عليه فقتله .

فصاح عمر بن الحجّاج بالناس : يا حمقى ، أتدرون من تبارزون ومن تقاتلون ؟ تقاتلون فرسان أهل المصر ، تقاتلون قوماً مستميتين ، لا يبرز إليهم منكم أحدٌ فإنّهم قليل وقلّما يبقون ، واللهّ لو لم ترموهم إلاّ بالحجارة لقتلتموهم .

فقال عمر بن سعد : صدقت الرأي ما رأيت ، فأرسل في الناس واعرض عليهم أن لا يبارز رجل منكم رجلاً منهم .

ثمّ حمل عمرو بن الحجّاج في أصحابه على أصحاب الحسين (عليه السلام) من نحو الفرات  واضطربوا ساعة ، فصرع مسلم بن عوسجة الأسديَ ـ رحمه الله ـ وانصرف عمرو بن الحجّاج وأصحابه ، وانقطعت الغبرة فوجدوا مسلماً صريعاً، فسعى إليه الحسين (عليه السلام) فإذا به رمق فقال له :«رحمك الله يا مسلم وقرأ قوله تعالى {مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُمْ مَنْ قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلًا} [الأحزاب: 23] وحمل شمر بن ذي الجوشن في الميسرة على أهل الميسرة، وحمل على الحسين (عليه السلام) وأصحابه من كلّ جانب ، وقاتلهم أصحاب الحسين (عليه السلام) قتالاً شديداً ، وأخذت خيلهم تحمل ـ وإنّما هي اثنان وثلاثون فارساً ـ فلا تحمل على جانب من خيل الكوفة إلاّ كشفته .

فلما رأى ذلك عروة بن قيس ـ وهو على خيل الكوفة ـ بعث إلى عمر ابن سعد : أما ترى ما تلقى خيلي منذ اليوم من هذه العدّة اليسيرة، فابعث إليهم الرجال الرماة ، فبعث إليهم بالرماة  فعقر بالحرّ بن يزيد فرسه فنزل عنه وهو يقول :

إن تَعقروا بي فآنا ابنُ الحُرّ    *     أشجَعُ مِن ذِي لِبَدٍ هِزَبرِ

فجعل يضربهم بسيفه ، وتكاثروا عليه حتّى قتلوه .

وقاتل أصحاب الحسين (عليه السلام) أشدّ قتال ، حتّى أنتصف النهار فلمّا رأى الحصين بن نمير ـ وكأن على الرماة ـ صبر أصحاب الحسين (عليه السلام) تقدّم إلى أصحابه ـ وكانوا خمسمائة نابل ـ : أن يرشقوا أصحاب الحسين (عليه السلام) بالنبل فرشقوهم ، فلم يلبثوا أن عقروا خيولهم وجرحوا الرجال حتى ارجلوهم ، واشتدّ القتال بينهم ساعة.

وجاءهم شمر بن ذي الجوشن لعنه الله في اصحابه ، فحمل عليهم زهير بن القين في عشرة رجال وكشفوهم عن البيوت ، وعطف عليهم شمر فقتل من القوم وردّ الباقين إلى مواضعهم ، وكان القتل يبين في أصحاب الحسين (عليه السلام) لقلّة عددهم ولا يبين في أصحاب عمر بن سعد لكثرتهم .

واشتدّ القتال ، وكثر القتل في أصحاب أبي عبدالله (عليه السلام) إلى أن زالت الشمس فصلّى الحسين (عليه السلام) بأصحابه صلاة الخوف .

وتقدم حنظلة بن سعد الشامي بين يدي الحسين (عليه السلام) فنادى أهل الكوفة : يا قوم إنّي أخاف عليكم مثل يوم الأحزاب ، يا قوم إنّي أخاف عليكم يوم التناد ، يا قوم لا تقتلوا حسيناً فيسحتكم الله بعذاب وقد خاب من افترى، ثمّ تقدّم فقاتل حتّى قتل ـ رحمه الله ـ.

وتقدم بعده شوذب مولى شاكر فقال : السلام عليك يا أبا عبدالله ورحمة الله وبركاته ، أستودعك الله ، ثمّ قاتل حتّى قتل ، ولم يزل يتقدّم رجلٌ بعد رجل من أصحابه فيقتل حتّى لم يبق مع الحسين (عليه السلام) إلاّ أهل بيته خاصّة .

فتقدم ابنه عليّ بن الحسين (عليهما السلام) وكان من أصبح الناس وجهاً وله يومئذ بضع عشرة سنة، فشدّ على الناس وهو يقول :

أنا عليّ بنُ الحسينِ بنِ عليّ      *       نحن وبيتِ اللهِ أولى بالنَّبيّ

                        تاللهِ لا يحكم فِينا ابنُ الدعي

ففعل ذلك مراراً وأهل الكوفة يتّقون قتله ، فبصر به مُرّة بن منقذ العبدي لعنه الله ، فطعنه فصرعه ، واحتواه القوم فقطّعوه بأسيافهم ، فجاء الحسين (عليه السلام) حتّى وقف عليه فقال : قتل اللهّ قوماً قتلوك يا بُنيّ ، ما أجرأهم على اللهّ وعلى انتهاك حرمة الرسول (صلى الله عليه واله) وانهملت عيناه بالدّموع ، ثم قال : على الدنيا بعدك العفاء ، وخرجت زينب اُخت الحسين مسرعة تنادي : يا اُخيّاه وابن اُخيّاه ، وجاءت حتّى أكبّت عليه ، وأخذ الحسين (عليه السلام) برأسها فردها إلى الفسطاط الذي كانوا يقاتلون أمامه .

ثمّ رمى رجلٌ من أصحاب عمر بن سعد يقال له : عمرو بن صبيح عبدالله بن مسلم بن عقيل بسهم ، فوضع عبدالله يده على جبهته يتقيه فأصاب السهم كفّه ونفذ إلى جبهته فسمّرها بها فلم يستطيع تحريكاً، ثمّ انتحى عليه اخر برمحه فطعنه في قلبه فقتله .

وحمل عبدالله بن قطبة الطائي على عون بن عبدالله بن جعفر بن أبي طالب (عليه السلام) فقتله.

وحمل عامر بن نهشل التيمي على محمّد بن عبداللهّ بن جعفر بن أبي طالب (عليه السلام) فقتله.

قال حميد بن مسلم : فأنا كذلك إذ خرج علينا غلام كأنّ وجهه فلقة قمر، في يده سيف وعليه قميص وإزار ونعلان قد انقطع شسع إحداهما ، فقال لي عمر بن سعيد بن نفيل الأزديّ : والله لأشدّنّ عليه ، فقلت : سبحان الله ، وماذا تريد منه ؟! دعه يكفيك هؤلاء القوم ، فشد عليه فقتله ، ووقع الغلام لوجهه فقال : يا عمّاه ، فجلى الحسين (عليه السلام) كما يجلي الصقر، ثمّ شدّ شدّة ليث أغضب ، فضرب عمر بن سعيد بالسيف فاتّقاها بالساعد فاطنها من لدن المرفق ، فصاح صيحة سمعها أهل العسكر ثمّ تنحّى عنه الحسين وحملت خيل أهل الكوفة ليستنفذوه فتواطأته بأرجلها حتّى مات لعنه الله ، وانجلت الغبرة فرأيت الحسين (عليه السلام) قائماً على رأس الغلام وهو يفحص برجليه والحسين (عليه السلام) يقول : بعداً لقوم قتلوك ومن خصمهم يوم القيامة فيك جدّك ؛ ثمّ قال : عزّ والله على عمّك أن تدعوه فلا يجيبك ، أو يجيبك فلا ينفعك ، صوت والله كثر واتره وقلّ ناصره ؛ ثمّ حمله على صدره ، فكأنّي أنظر إلى رجلي الغلام يخطّان الأرض ، فجاء به حتّى ألقاه مع ابنه عليّ بن الحسين والقتلى من أهل بيته ، فسألت عنه فقيل : هو القّاسم بن الحسن بن عليّ بن أبي طالب (عليهم السلام).

ثمّ جلس الحسين (عليه السلام) أمام الفسطاط ، فأُتي بابنه عبداللهّ بن الحسين وهو طفلٌ فأجلسه في حجره ، فرماه رجل من بني أسد بسهم فذبحه ، فتلقّى الحسين من دمه ملء كفّه وصبّه في الأرض ثمّ قال : «ربّ إن تكن حبست عنّا النصر من السماء، فاجعل ذلك لما هو خير، وانتقم لنا من هؤلاء الظالمين »، ثمّ حوّله حتّى وضعه مع قتلى أهله .

ورمى عبدالله بن عقبة الغنوي أبا بكر بن الحسن بن عليّ بن أبي طالب (عليهما السلام) فقتله. فلما رأى العبّاس بن عليّ كثرة القتلى في أهله قال لإخوته من أمّه ـ وهم عبد اللهّ وجعفر وعثمان : يا بني اُمّي تقدّموا حتّى أراكم قد نصحتم لله ولرسوله ، وإنّه لا ولد لكم ، فتقدّم عبداللهّ فقاتل قتالاً شديداً فاختلف هو وهانئ بن ثبيت الحضرمي ضربتين فقتله هانئ ، وتقدّم بعده جعفر بن عليّ (عليه السلام) فقتله أيضاً هانئ ، وتعمّد خولي بن يزيد الأصبحي عثمان بن عليّ ـ وقد قام مقام إخوته ـ فرماه فصرعه ، وشدّ عليه رجل من بني دارم فاحتزّ رأسه .

وحملت الجماعة على الحسين (عليه السلام) فغلبوه على عسكره ، واشتدّ به العطش فركب المسنّاة يريد الفرات وبين يده أخوه العبّاس ، فاعترضته خيل ابن سعد وفيهم رجلٌ من بني دارم  فقال لهم : ويلكم حولوا بينه وبين ماءِ الفرات ولا تمكنوه من الماء.

فقال الحسين (عليه السلام) :  اللهم اظمأه  فغضب الدارمي فرماه بسهم فاثبته في حنكه ، فانتزع الحسين (عليه السلام) السهم وبسط يده تحت حنكه  فامتلأت راحتاه بالدم فرماه ثمّ قال : اللهم إنّي أشكو إليك ما يفعل بابن بنت نبّيك (صلَى الله عليه وآله) ؛ ثمّ رجع إلى مكانه واشتدّ به العطش ، وأحاط القوم بالعبّاس فاقتطعوه عنه ، فجعل يقاتلهم وحده حتّى قُتل رحمه الله ؛ ولمّا رجع الحسين (عليه السلام) من المسنّاة تقدّم إليه شمر بن ذي الجوشن لعنه الله في جماعة من أصحابه ، وضربه رجل يقال له : مالك الكنديّ على رأسه بالسيف ، وكان عليه قلنسوة فقطعها حتّى وصل إلى رأسه فأدماه وامتلأت القلنسوة دماً، فقال له الحسين (عليه السلام) : لا أكلت بيمينك ، ولا شربت بها، وحشرك الله مع الظالمين ثمّ ألقى القلنسوة ودعا بخرقة فشدّ بها رأسه ، واستدعى قلنسوة اُخرى فلبسها واعتمَ عليها، ورجع عنه شمر ومن كان معه إلى مواضعهم ، مكث هنيهة ثمّ عاد وعادوا إليه وأحاطوا به ، فخرج إليه عبدالله بن الحسن وهو غلامٌ لم يراهق من عند النساء يشتد حتّى وقف إلى جنب الحسين (عليه السلام) فلحقته زينب بنت علي (عليه السلام) لتحبسه فقال لها الحسين (عليه السلام) : احبسيه يا أختي فأبى وامتنع عليها إمتناعاً شديداً وقال : والله لا اُفارق عمّي ، فأهوى ابجر بن كعب إلى الحسين بالسيف فقال له الغلام : ويلك يا ابن الخبيثة أتقتل عمّي ؟ فضربه ابجر بالسيف فاتّقاها الغلام بيده فاطنّها إلى الجلدة فإذا يده معلّقة ، فنادى الغلام : يا اُمّاه ، فأخذه الحسين (عليه السلام) فضمّه إلى صدره وقال له: يا بنيّ اصبر على ما نزل بك واحتسب في ذلك الخير، فإنَ الله يلحقك بآبائك الصالحين.

ثم رفع الحسين (عليه السلام) يده وقال : اللهم إن متّعتهم إلى حين ففرّقهم فرقاً، واجعلهم طرائق قدداً ، ولا ترض الولاة عنهم أبداً ، فإنّهم دعونا لينصرونا ثمّ عدوا علينا فقتلونا  وحملت الرجّالة يميناً وشمالاً على من كان بقي معه ، فقتلوهم حتّى لم يبق معه إلاّ ثلاثة نفر أو أربعة، فلمّا رأى الحسين (عليه السلام) ذلك دعا بسراويل يلمع فيها البصر ففزرها ثمّ لبسها ، وإنّما فزرها لكي لا يسلب بعد قتله ، فلمّا قتل (عليه السلام) عمد أبجر بن كعب ـ لعنه الله ـ إليه فسلبه السراويل وتركه مجرّداً ، فكانت يدا أبجر بن كعب بعد ذلك تتيبّسان في الصيف كأنّهما عودان ، وتترطّبان في الشتاء فتنضحان دماً وقيحاً إلى أن أهلكه الله .

ولما لم يبق معه إلاّ ثلاثة رهط من أهله أقبل على القوم يدفعهم عن نفسه وعن الثلاثة والثلاثة يحمونه ، حتّى قتل الثلاثة وأثخن بالجراح في رأسه وبدنه ، وجعل يضاربهم بسيفه وهم يتفرّقون عنه يميناً وشمالاً .

قال حميد بن مسلم : فوالله ما رأيت مكسورا قطَ قد قتل ولده وأهل بيته وأصحابه أربط جأشاً ولا أمضى جناناً منه ، إن كانت الرجالة لتشدّ عليه فيشدّ عليها بسيفه فيكشفهم عن يمينه وشماله انكشاف المعزى إذا اشتدّ عليها الذئب .

فلمّا رأى ذلك شمر بن ذي الجوشن أمر الرماة أن يرموه ، فرشقوه بالسهام حتّى صار كالقنفذ  فأحجم عنهم ، فوقفوا بإزائه ، ونادى شمر : ويحكم ما تنتظرون بالرجل ثكلتكم اُمّهاتكم .




يحفل التاريخ الاسلامي بمجموعة من القيم والاهداف الهامة على مستوى الصعيد الانساني العالمي، اذ يشكل الاسلام حضارة كبيرة لما يمتلك من مساحة كبيرة من الحب والتسامح واحترام الاخرين وتقدير البشر والاهتمام بالإنسان وقضيته الكبرى، وتوفير الحياة السليمة في ظل الرحمة الالهية برسم السلوك والنظام الصحيح للإنسان، كما يروي الانسان معنوياً من فيض العبادة الخالصة لله تعالى، كل ذلك بأساليب مختلفة وجميلة، مصدرها السماء لا غير حتى في كلمات النبي الاكرم (صلى الله عليه واله) وتعاليمه الارتباط موجود لان اهل الاسلام يعتقدون بعصمته وهذا ما صرح به الكتاب العزيز بقوله تعالى: (وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى (3) إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى) ، فصار اكثر ايام البشر عرفاناً وجمالاً (فقد كان عصرا مشعا بالمثاليات الرفيعة ، إذ قام على إنشائه أكبر المنشئين للعصور الإنسانية في تاريخ هذا الكوكب على الإطلاق ، وارتقت فيه العقيدة الإلهية إلى حيث لم ترتق إليه الفكرة الإلهية في دنيا الفلسفة والعلم ، فقد عكس رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم روحه في روح ذلك العصر ، فتأثر بها وطبع بطابعها الإلهي العظيم ، بل فنى الصفوة من المحمديين في هذا الطابع فلم يكن لهم اتجاه إلا نحو المبدع الأعظم الذي ظهرت وتألقت منه أنوار الوجود)





اهل البيت (عليهم السلام) هم الائمة من ال محمد الطاهرين، اذ اخبر عنهم النبي الاكرم (صلى الله عليه واله) باسمائهم وصرح بإمامتهم حسب ادلتنا الكثيرة وهذه عقيدة الشيعة الامامية، ويبدأ امتدادهم للنبي الاكرم (صلى الله عليه واله) من عهد أمير المؤمنين (عليه السلام) الى الامام الحجة الغائب(عجل الله فرجه) ، هذا الامتداد هو تاريخ حافل بالعطاء الانساني والاخلاقي والديني فكل امام من الائمة الكرام الطاهرين كان مدرسة من العلم والادب والاخلاق استطاع ان ينقذ امةً كاملة من الظلم والجور والفساد، رغم التهميش والظلم والابعاد الذي حصل تجاههم من الحكومات الظالمة، (ولو تتبّعنا تاريخ أهل البيت لما رأينا أنّهم ضلّوا في أي جانب من جوانب الحياة ، أو أنّهم ظلموا أحداً ، أو غضب الله عليهم ، أو أنّهم عبدوا وثناً ، أو شربوا خمراً ، أو عصوا الله ، أو أشركوا به طرفة عين أبداً . وقد شهد القرآن بطهارتهم ، وأنّهم المطهّرون الذين يمسّون الكتاب المكنون ، كما أنعم الله عليهم بالاصطفاء للطهارة ، وبولاية الفيء في سورة الحشر ، وبولاية الخمس في سورة الأنفال ، وأوجب على الاُمّة مودّتهم)





الانسان في هذا الوجود خُلق لتحقيق غاية شريفة كاملة عبر عنها القرآن الحكيم بشكل صريح في قوله تعالى: (وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ) وتحقيق العبادة أمر ليس ميسوراً جداً، بل بحاجة الى جهد كبير، وافضل من حقق هذه الغاية هو الرسول الاعظم محمد(صلى الله عليه واله) اذ جمع الفضائل والمكرمات كلها حتى وصف القرآن الكريم اخلاقه بالعظمة(وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ) ، (الآية وإن كانت في نفسها تمدح حسن خلقه صلى الله عليه وآله وسلم وتعظمه غير أنها بالنظر إلى خصوص السياق ناظرة إلى أخلاقه الجميلة الاجتماعية المتعلقة بالمعاشرة كالثبات على الحق والصبر على أذى الناس وجفاء أجلافهم والعفو والاغماض وسعة البذل والرفق والمداراة والتواضع وغير ذلك) فقد جمعت الفضائل كلها في شخص النبي الاعظم (صلى الله عليه واله) حتى غدى المظهر الاولى لأخلاق رب السماء والارض فهو القائل (أدّبني ربي بمكارم الأخلاق) ، وقد حفلت مصادر المسلمين باحاديث وروايات تبين المقام الاخلاقي الرفيع لخاتم الانبياء والمرسلين(صلى الله عليه واله) فهو في الاخلاق نور يقصده الجميع فبه تكشف الظلمات ويزاح غبار.






خلال الأسبوع الحالي ستعمل بشكل تجريبي.. هيئة الصحة والتعليم الطبي في العتبة الحسينية تحدد موعد افتتاح مؤسسة الثقلين لعلاج الأورام في البصرة
على مساحة (1200) م2.. نسبة الإنجاز في مشروع تسقيف المخيم الحسيني المشرف تصل إلى (98%)
تضمنت مجموعة من المحاور والبرامج العلمية الأكاديمية... جامعتا وارث الأنبياء(ع) وواسط توقعان اتفاقية علمية
بالفيديو: بعد أن وجه بالتكفل بعلاجه بعد معاناة لمدة (12) عاما.. ممثل المرجعية العليا يستقبل الشاب (حسن) ويوصي بالاستمرار معه حتى يقف على قدميه مجددا