المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية

بمختلف الألوان
ـ نشأ أميرُ المؤمنينَ وسيِّدُ الوصيّينَ عليُّ بن أبي طالبٍ (عليه السّلام) منذُ نعومةِ أظفارِهِ في حِجرِ رسولِ اللهِ (صلّى الله عليه وآله) وتغذَّى من مَعِينِ هَديهِ، وكانَ أوَّلَ المؤمنينَ بِهِ والمُصدِّقِين، وفدى النبيَّ بنفسِهِ حتَّى نزلَ فيهِ قولُهُ تعالى: {وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْرِي نَفْسَهُ... المزيد
أخر المواضيع
الرئيسة / مقالات اسلامية
عبقرية رجل سياسي ح6 : مشكاة الفضائل في زكي العترة الطاهر
عدد المقالات : 116
من نور النبي (صلى الله عليه واله) انبثق نوره وامتاز على الأعيان بالخصائص والمناقب وزاد في جمال شخصه الكريم كرم جوده وزهده وأنارت شعلة كرامته في العالمين عبوديته وتَعبّده لله عزوجل، فتحصن بصدق الدين من زيف ابليس ومردته , وبأعجاز معجزاته وروحانية كراماته الميمونات ثُبِت للعالمين انه إمام له الطاعة والفرض من الله على المسلمين السير بمناهجه الجليل .
هو نورٌ شعاعه وأصله من نور محمد النبي (صلى الله عليه واله) الذي مَنَ الله به على العالمين ان خلقه رحمة لهم أجمعين , فمن روح الله تعالى وحسن مكانته وجلالته أشتق له أسمه العظيم، ومن نور وريحانتي روح النبي خلق أصله وفصله، ومن علي سيد المتقين والاوصياء ورث الكرامة والتقى والهدى والشجاعة , ومن زهرة النبي (عليها السلام) ورث ذلك الإباء الفاطمي وصرخة الحق التي لا تنثني حتى كان المُغير في يوم ما، حال الامة إلى ما فيه مصلحتها برجالها ونسائها بكل بسالةٍ وشجاعة واقدامٍ وفكرٍ عميق .
العباراتُ بكلماتها والكلمات بمعانيها والحروف بأسرارها وما تحمله من شجون المحبة والعرفان والاجلال لكل ما تحمله شخصية الإمام الحسن من مناقب وفضائل وخصائص في واقعها الانساني و مهما حاولنا لن نستطيع أن نسطر وصفاً دقيقاً لعظمة تلك الفضائل و المناقب التي تحلى بها سيد شباب اهل الجنة وزينة الفردوس الأعلى السيد الأعظم الإمام الحسن المجتبى (عليه السلام) .
امتلك الإمام أبو محمد الصفات الرفيعة والمثل الكريمة وتجسدت فيه قيم الاسلام وعناصره ومقوماته فهو بحكم قابلياته ونزعاته فذ من أفذاذ العقل الانساني ومثل من امثلة التكامل البشري وعظيم من عظماء الاسلام.
لقد بلغ الإمام الذروة في فضائله ومآثره واصالة رأيه وسمو تفكيره وشدة ورعه وسعة حلمه ودماثة اخلاقه الى غير ذلك من ملكاته التي كان بها موضع اعتزاز المسلمين وفخرهم فكان ولازال المثل الأعلى للسائرين على نهج الأخلاق الرفيعة والطالبين للأسوةِ الحسنة فهو ربيب بيت الرسالة وابنه وحفيد سدرة المنتهى وابن وصيه وثمرة الحوراء الانسية كوثر الرسالة وروحه فالفضل كل الفضل تجلى به ويزيده نوراً على نوره.
تميز شخص الإمام الحسن (عليه السلام) بفضائل وخصائص ومن أعظم الخصائص التي خص بها الإمام (عليه السلام) صفة الشبه فيه من رسول الله (صلى الله عليه واله) فقد كان اشبه الناس برسول الله (صلى الله عليه واله) خلقاً و خُلقاً واقربهم اليه فقد روى المفيد (رحمه الله) قال : روى جماعة منهم معمر عن الزهري عن أنس ابن مالك قال : لم يكن احد اشبه برسول الله (صلى الله عليه واله) من الحسن بن علي (عليه السلام)(1) ، وقال أمير المؤمنين (عليه السلام) : إنّ الحسن ابني أشبه برسول الله (صلى الله عليه وآله) ما بين الصدر إلى الرأس والحسين (عليه السلام) أسفل من ذلك(2) ؛ وقد وَرثه النبي (صلى الله عليه واله) عنه الجود والسؤدد فكان بذلك أجود الناس واقرهم كرما فقد روى إبراهيم بن عليّ الرافعي عن أبيه عن جدّته زينب بنت أبي رافع قالت : أتت فاطمة (عليها السلام) بابنيها الحسن والحسين (عليهما السلام) إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله) في شكواه التي توفّي فيها فقالت : يا رسول الله هذان ابناك فورّثهما شيئاً ؛ فقال : أمّا الحسن فإنّ له هيبتي وسؤددي وأمّا الحسين فإنّ له جودي وشجاعتي وبهذا الميراث خُص الإمام المجتبى بمواريث لم يسبقه وريثٌ اليها حتى كان (عليه السلام) أكرم وأهيب وأجود وازهد أهل زمانه فقد ضرب بزهده المثل وكان صورة حية لزهد الانبياء والمرسلين فكان يبث روح الرحمة والخضوع الى الله تعالى بما زهد من الدنيا فالزهد و التواضع دليل على كمال النفس وسموّ شرفها وعلو مراتبها ونقاوة فضلها والزهد كحقيقة اسلامية لا يزيد العبد إلاّ رفعةً وعظمةً وقد حذا الإمام الحسن (عليه السلام) حذو جدّه المصطفى وأبيه المرتضى في أخلاقه الكريمة وتطبيق تعاليم الدين الحنيف باختيار التعاليم والاساليب القيمة للتعامل مع افراد المجتمع المحيط به عملاً على نشر الدين وتهذيباً للمسلمين فقد روي انه (عليه السلام) اجتاز على جماعة من الفقراء قد وضعوا على الأرض كسيرات وهم قعود يلتقطونها ويأكلونها فقالوا له: هلمّ يابن بنت رسول الله الى الغذاء فنزل (عليه السلام) وقال : إنّ الله لا يحبّ المستكبرين وجعل يأكل معهم حتى اكتفوا والزاد على حاله ببركته ثم دعاهم الى ضيافته وأطعمهم وكساهم(3) وروي ايضا عن نجيح قال : رأيت الحسن بن علي (عليه السلام) يأكل وبين يديه كلب كلما أكل لقمة طرح للكلب مثلها فقلت له : يا بن رسول الله الا ارجم هذا الكلب عن طعامك؟ قال : دعه اني لأستحي من الله عز وجل ان يكون ذو روح ينظر في وجهي وانا آكل ثم لا اطعمه(4) فكان (عليه السلام) مثلا رفيع في التواضع جسد انسانية الانسان بكل تفاصيل شخصيته حتى انه رق الى الحيوان وأطعمه من طعامه فيالها من نفس و يالها من ذاتٍ كريمة كما انه لم يقف عند هذه الخصيصة بل أتصفت شخصيته العطرة بالزهد حتى أرتقى مرتبة لا يدانيه بعد جده وأبيه احد في الخضوع لأوامر الله تعالى ورعاية الناس والمسلمين الذين تحت رعايته برفضه (عليه السلام) جميع ملاذّ الحياة ومباهجها متّجهاً الى الدار الآخرة التي أعدّها الله للمتّقين من عباده فمن أهمّ مظاهر زهده , زهده في الدنيا فقد ملك الامة والخلافة الا انه تركها وترك هذا الملك حرصاً منه على الناس والامة ليدفع بلاء الطغيان عن أمة المسلمين ويوقف غبرة الضلالة التي جسدها أعداء الدين ليطيحوا الامة ويرجعونها الى حالتها الاولى التي كانت لا يميز فيها باطل من حق ولاحقٌ من باطل ومن جملة مظاهر زهده (عليه السلام) كان يتمثّل بهذا البيت شعراً:
يا أهل لذّات دنيا لا بقاء لها ∗∗∗ إنّ اغتراراً بظلٍّ زائلٍ حَمِق(5)
حقيقة إن هذا البيت يعد مذخراً وكنزاً يستلهم منه العابرين عبرهم لما يحويه من كمالية العبر وجمالة الدروس المثمرة للزاهدين في التعبير عن مرامهم للوصل للغايات الالهية والعمل على التقرب الى الله بالزهد والتقوه والتواضع ؛ اما عبادته وتقواه فكان القدوة بها تقربا إلى الله تعالى وتفانياً منه اخلاصاً لمرضاة الباري عز وجل فكان الاول في العبادة بين أهل زمانه واحصنهم عملاً واكثرهم اجتهادا فهو المعلم للمتعلمين والاسوة للمتأسيين صبرا على اتقان الفرائض العبادية فكانت عبادته عبادة الأحرار ودرجته درجة الرجال الذين لم تهليهم تجارة ولا بيع عن ذكر الله تعالى قال تعالى {رِجَالٌ لَا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلَا بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَإِقَامِ الصَّلَاةِ وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ يَخَافُونَ يَوْمًا تَتَقَلَّبُ فِيهِ الْقُلُوبُ وَالْأَبْصَارُ} [النور: 37] , ولم يكن كلامنا محض حديثاً لاصحة له ولاتعبير إنما كان مسنوداً بالدليل والشواهد التاريخية على عبادته وتقواه حيث روي انه كان إذا قام في صلاته ترتعد فرائصه بين يدي ربّه عزّوجلّ وكان إذا ذكر الجنة والنار اضطرب اضطراب السليم وقد روى المفضّل عن الإمام جعفر بن محمد الصادق (عليه السلام) عن أبيه عن جدّه : أنّ الحسن بن علي بن أبي طالب كان أعبد الناس في زمانه وأزهدهم وأفضلهم وكان إذا حجّ حجّ ماشياً وربّما مشى حافياً وكان إذا ذكر الموت بكى وإذا ذكر القبر بكى وإذا ذكر البعث والنشور بكى وإذا ذكر الممرّ على الصراط بكى وإذا ذكر العرض على الله شهق شهقةً يغشى عليه منها(6) , وكان لا يقرأ من كتاب الله عَزَّ وجَلَّ {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا} إلاّ قال : لبيّك اللهمّ لبيّك ولم يُرَ في شيء من أحواله إلاّ ذاكراً لله سبحانه وكان أصدق الناس لهجةً وأفصحهم منطقاً(7) , وكان إذا فرغ من الفجر لم يتكلّم حتى تطلع الشمس وإن زحزح(8) فعبادته الجليلة ومكانته عند الله تعالى ونبيه الكريم ميزته في العالمين وجعلة منه قمراً نيراً بين العرب اجمعين فهو السيد كأبيه (عليه السلام) والكريم بشخصه الجليل وقد تميزت شخصيته المباركة بالحلم الذي كان مورثاً قيماً من مواريث الانبياء وصفةً حميدةً من صفات المرسلين التي انعم الله عليه وعليهم بها وقد اعلن رسول الله (صلى الله عليه واله) صراحة بقوله إن ابني هذا سيد ، والسيادة ليست تشريفية فقط بل هي واقع ظهرت ثمار سيادته في الامّة من خلال أصلاحه السياسي الذي تميز بين الحنكة السياسية الذهبية البارعة بنقل جو الصراع من حال تنازع بين الاطراف إلى حال رضا واصلاح وهذا الحال يحتاج إلى الحلم المنيع والتصرف السديد حلاً لمتشابكات النزاع والخروج بحل مثالي لجميع الاطراف ومن صور حلمه الموقر انه ورد عن المبرّد وابن عائشة: أنّ شاميّاً رآه راكباً فجعل يلعنه والحسن لا يردّ فلما فرغ أقبل الحسن (عليه السلام) فسلّم عليه وضحك فقال : أيها الشيخ! أظنّك غريباً؟ ولعلّك شبّهت فلو استعتبتنا أعتبناك ولو سألتنا أعطيناك ولو استرشدتنا أرشدناك ولو استحملتنا حملناك وإن كنت جائعاً أشبعناك وإن كنت عرياناً كسَوْناك وإن كنت محتاجاً أغنيناك وإن كنت طريداً آويناك وإن كان لك حاجة قضيناها لك فلو حرّكت رحلك إلينا وكنت ضيفنا الى وقت ارتحالك كان أعود عليك لأنّ لنا موضعاً رحباً وجاهاً عريضاً ومالاً كثيراً ؛ فلمّا سمع الرجل كلامه بكى ثم قال : أشهد أنّك خليفة الله في أرضه والله أعلم حيث يجعل رسالته وكنت أنت وأبوك أبغض خلق الله إليّ والآن أنت أحبّ خلق الله إليّ(9)
وكانت خصيصة الحلم ترافقه اين حل او جلس وكان تعامله جليلاً حليماً حتى مع الد اعداءه واعداء جده المصطفى (صلى الله عليه واله) والهدف من هذا التعامل هو تطبيق اوامر الله تعالى في رعاية الاخلاقيات وتطوير السلوكيات الانسانية للانطلاق بالذهنية البشرية نحو التطور والازدهار قال تعالى {وَلَا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلَا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ } [فصلت: 34] , وقد جسد الإمام هذه الأية بأدق تفاصيلها مع مروان بن الحكم حيث عامله بلطف وحلم كريم وتصرفاً مميزاً فيه افكارٌ بناءَ ودروسٍ تهذيبية متقنة حيث ذُكر أنّ مروان بن الحكم شتم الحسن بن علي (عليه السلام) فلمّا فرغ قال الحسن : إنّي والله لا أمحو عنك شيئاً ولكن مهّدك الله فلئن كنت صادقاً فجزاك الله بصدقك ولئن كنت كاذباً فجزاك الله بكذبك والله أشدّ نقمةً منِّي(10) ؛ ومن ارقى صور الرحمة والحلم التي بثها الامام الحسن (عليه السلام) وهي درساً الى الزمان يرقي بأبنائه برائةً ولطفاً ورحمة في التعامل البشري بهذا الفن اي فن التعامل مع الغير حيث يلغي الطبقية بين ابناء البشر ويجعلهم ابناء طبقة واحدة واكبر مثالاً حياً على ما ورد انه قد روي ان غلاما له (عليه السلام) جنى جناية توجب العقاب فأمر به أن يضرب فقال : يا مولاي {وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ} [آل عمران: 134] قال : عفوت عنك قال : يا مولاي {وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ} [آل عمران: 134] ؟ قال : أنت حر لوجه الله ولك ضعف ما كنت اعطيك(11) , فكانت الحادثة اثباتاً حقيقياً بتسليمه لأمر الله تعالى وطاعةً له من الناحية ومن ناحية ثانية يظهر الإمام ازدهار حلمه رغم صعوبة الحادث ووقار شخصه وتمالكه لنفسه رغم الموقف المشحون , ومن ناحية اخرى ايضا عبر الامام (عليه السلام) عن العفو بالفعل لا بالقول وأمر به بالتصريف والتصرف لا بالإشارة او الحركة فكان المنادي الأول بعاليَ الصوت لأهمية اثبات ركن مهم من اركان الاسلام وهو وجوب العفو عن المذنب مهما كان خطاء وعدم محاسبته عند القدرة وهو أمرٌ اللهي طبقه بن بنت النبي لرعاية وتأكيد هذه الخلق الرفيع والقيمة السلوكية العظيمة في التعامل البشري , ومن جلالة شخص الإمام الحسن وفضله انه أشرف الناس بعد رسول الله (صلى الله عليه واله) فقد ملك من الهيبة والوقار ما لم يملكه أحدا من اهل زمانه حتى ان كل من راه توقف عن طريقه واذا كان جلوساً قام اجلالاً وتقديراً لشخصه الكريم فقد ورد عن بعضهم أنّه قال: ما بلغ أحد من الشرف بعد رسول الله (صلى الله عليه واله) ما بلغ الحسن (عليه السلام) كان يبسط له على باب داره فإذا خرج وجلس انقطع الطريق فما مرّ أحد من خلق الله إجلالاً له فإذا علم قام ودخل بيته فمَرَّ الناس , ولقد رأيته في طريق مكّة ماشياً فما من خلق الله أحدٌ رآه إلّا نزل ومشى حتى رأيت سعد بن أبي وقّاص يمشي(12) ولم يقم فضله عند هذا الحد فقد كان كريماً جواداً وقد ضرب المثل الاعلى للمؤمنين بكرمه وجوده حتى انه (عليه السلام) قاسم الله ماله ثلاث مرّات حتّى إن كان ليعطى نعلاً ويمسك نعلاً ويعطى خفّاً ويمسك خفّا(13) وهذا بحد ذاته تسليماً كبيراً ورضا مؤمنينٍ بأرادةِ الله تعالى وأكراماً خاصاً لوجه الله تعالى وتطبيقاً بارعاً للتعاليم الربانية والنبوية وتقديساً وتبليغاً هادف بأهمية الاكرام تقرباً لوجه الله تعالى وحباً له و فيه وقد جاءت الروايات اثباتاً لهذه المنقبة وهذا الفضل الجليل فقد روي الشيخ رضي الدين عليّ بن يوسف بن مطهر الحلّي أنه: وقف رجل على الحسن بن علي (عليه السلام): فقال: يا أبن أمير المؤمنين بالذي أنعم عليك بهذه النعمة التي ما تليها منه بشفيع منك إليه بل أنعاماً منه عليك ألا ما أنصفتني من خصمي فإنه غشوم ضلوم لا يوقر الشيخ الكبير ولا يرحم الطفل الصغير ؛ وكان (عليه السلام) متكئاً فأستوى جالساً وقال له: من خصمك حتى أنتصف لك منه؟ فقال له: الفقر فأطرق رأسه ساعة ثم رفع رأسه إلى خادمه وقال له: أحضر ما عندك من موجود فأحضر خمسة آلاف درهم فقال: ادفعها إليه ثم قال له: بحق هذه الأقسام التي أقسمت بها عليّ متى أتاك خصمك جائراً إلا ما أتيتني منه متظلماً(14) , ويذكر أنه في أحد الأيام دخل فقير المسجد يسأل الناس فأرشده رجلا إلى الرجال الذين كانوا في ذلك الجانب من المسجد ليسألهم وحين توجه إليهم فإذا بهم: الحسن والحسين وعبد الله بن جعفر ؛ فبادر الإمام الحسن بإعطاء الفقير 50 درهم(15) والإمام الحسين أعطاه 49 درهم وعبد الله بن جعفر أعطاه 48 درهم , وجاءه بعض الأعراب , فقال: أعطوه ما في الخزانة! فوجد فيها عشرون ألف درهم ؛ فدفعت إليه فقال الإعرابي: يا مولاي ألا تركتني أبوح بحاجتي وأنشر مدحتي فقال الإمام الحسن (عليه السلام):
نحــــن أناس نــــوالــــنا خضل ... يرتــــــــع فـــيه الرجاء والأمل
تجود قبل الســـــؤال أنـــــفسنا ... خوفاً على ماء وجه من يسل(16)
وقد جسد الإمام (عليه السلام) أجل صور السخاء والاكرام وبلغ اقصى درجات الرقي بإكرامه طالبي الحاجات منه والنازلين بفيئه و فيء جده (صلى الله عليه واله) ؛ فالسخاء الحقيقي هو بذل الخير بداعي الخير وبذل الاحسان بداعي الاحسان وقد تجلت هذه الصفة الرفيعة بأجل مظاهرها واسمى معانيها في الإمام أبي محمد (عليه السلام) حتى لقب بكريم أهل البيت وزاد الحسن على سلفه الطاهر في ذلك فقد كان لا يعرف للمال قيمة ولا يرى له أهمية سوى ما يرد به جوع جائع أو يكسو به عاريا أو يغيث به ملهوفا أو يفي به دين غارم وحقيقة الدور الذي جسده الامام الحسن (عليه السلام) هو تعليم وتهيئة المجتمع الاسلامي بصورة خاصة والمجتمع الانساني بصورة عامه ان السخاء والكرم له من الدور في تهذيب المجتمع وانقاذه مال تستطيع ان تفعله النظريات وتهذبه المحادثات ففعل الخير لا ينتظر سائل ولا يطلب شخص انما يريد شاخص معبر عن ما في ذاته دون تصنع او طلباً للشهرة فكل شيءٍ متصل بالله تعالى لا يفنى ولا ينتهي انما ومن المؤكد انه يدوم ويقوى ويزدهر .
حقيقةً إن فضائل الإمام الحسن (عليه السلام) عبارة عن بحر ماءٍ ملء نقاوةً وعذوبة وتجلى بأقدس الخصوصيات وارقاها فكان (عليه السلام) ولازال القدوة والمثال للناس اجمعين فهو كجده وابيه سبيلاً للصراط المستقيم وصوتاً قويم للدعوةِ بالحق وشفاءً بما قدم للمجتمع مما فيه من الارهاصات والعقد التي يعانيها فكل الفضائل والمناقب المذكورة بحقيقتها دروس تهذيبية وعبر تنموية للبشر بأجمعهم.



ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1- السيد عبدالله شبر : جلاء العيون, ج1, ص259.
2- الشيخ الطبرسي : اعلام الورى, ج1, ص413.
3- الشيخ عبدالله البحراني : عوالم العلوم, ص123.
4- السيد عبد الله شبر : جلاء العيون, ج1, ص263.
5- الشيخ المجلسي : بحار الأنوار, ج10 ,ص94.
6- الشيخ الصدوق : الأمالي, ص150.
7- الشيخ المجلسي : بحار الانوار, ج43, ص331.
8- ابي نعيم الأصبهاني : أخبار أصبهان, ج1, ص44.
9- الشيخ عبدالله البحراني : عوالم العلوم, ص121.
10- الشيخ المجلسي : بحار الانوار, ج 43, ص352.
11- السيد عبدالله شبر : جلاء العيون, ج1, ص263.
12- ابن شهرآشوب: مناقب آل أبي طالب, ج4, ص7.
13- ابن أبي الحديد: شرح نهج البلاغة, ج16, ص211.
14- الشيخ المجلسي : بحار الانوار, ج43, ص350.
15- راضي آل ياسين : صلح الحسن , ص30.
16- هاشم معروف : سيرة الأئمة, ج1, ص518.
اعضاء معجبون بهذا
جاري التحميل
ثقافية
عدد الاعجابات بالمقال :0
عدد التعليقات : 0
منذ 1 اسبوع
2024/04/08م
في زمن بعيد، توجد قوانين قديمة شديدة الأهمية والتأثير، تحمل بين طياتها روح العدل والتوازن. قوانين حمورابي، التي أصدرها الملك حمورابي ملك بابل، تعتبر من بين أقدم النظم القانونية المعروفة في التاريخ الإنساني. أحد هذه القوانين، ينص على المبدأ العريق للعقاب الذي يتناسب مع الجرم، حيث يقول: "إذا ضرب رجل... المزيد
عدد المقالات : 26
عدد الاعجابات بالمقال :0
عدد التعليقات : 0
منذ اسبوعين
2024/04/02م
يشترط لتقادم حق الدولة في استيفاء الضريبة سريان أو انقضاء أو اكتمال المدة المحددة بموجب القانون لهذا التقادم بأكملها دون أن تمارس الإدارة الضريبية دورها في فرض واستيفاء الضريبة ، إذ لا يتصور أن يبقى الحق في فرض الضريبة قائمـاً أبــد الدهر على الرغم من وجود الإهمال من جانب السلطة المختصة المتمثل بعدم... المزيد
عدد المقالات : 126
عدد الاعجابات بالمقال :1
عدد التعليقات : 0
منذ 4 اسابيع
2024/03/20م
هو طريقة لأعادة تقييم الرواتب آليا تبعا لتطور بعض المؤشرات الاقتصادية والغاية المبتغاة منه تأمين تطور مماثل لمداخيل الموظفين والمتقاعدين وكلف المعيشة والمحافظة على الراتب الفعلي .هذا ويتفق المختصون بلا شذوذ على ان هناك طرقا ثلاثة لأعاده تقييم الرواتب وهي (1) تعديل آلي عند كل تغيير يطرأ على المؤشر... المزيد
عدد المقالات : 126
عدد الاعجابات بالمقال :0
عدد التعليقات : 0
منذ 4 اسابيع
2024/03/20م
تم إدراج قلعة بهلاء ضمن التراث العالمي لليونيسكو في عام 1987، وهي أحد أهم قلاع سلطنة عمان وتقع في ولاية بهلاء بمحافظة الداخلية، والقلعة محاطة بسور طوله حوالي 13 كم، وتضم واحة بهلاء وبها عددٌ من الأسواق التاريخية القديمة، والمساجد الأثرية، ويرجع تاريخ بنائها إلى القرن الثالث قبل الميلاد، ويبدو من... المزيد
عدد المقالات : 26
أدبية
عدد الاعجابات بالمقال :0
عدد التعليقات : 0
منذ شهرين
2024/02/26م
بقلمي: إبراهيم أمين مؤمن وغادر الطبيب بعد أن أخبر هدى بالحقيقة، وقد مثلت تلك الحقيقة صدمة كبيرة لها، وطفقت تفكر في مآل مَن حولها والصلة التي تربطها بهم. انهمرت الدموع من عينيها، هاتان العينان البريئتان الخضراوان اللتان ما نظرتا قط ما في أيادي غيرها من نعمة؛ بل كانتا تنظران فحسب إلى الأيادي الفارغة... المزيد
عدد المقالات : 39
عدد الاعجابات بالمقال :0
عدد التعليقات : 0
منذ شهرين
2024/02/05م
أ.د. صادق المخزومي الشعر الانساني قلم وفم يتمحور بوحُه حراك الإنسان على وسادة الألم ومقاربة الأمل، ويفصح عن حقائق الحياة الخالدة وحكمها الرفيعة؛ يهدف هذا النوع من الشعر الى نشر معالم الأخلاق وأدبيات المجتمع، وإرساء الحكمة والمعرفة والقيم الدينية والاجتماعية؛ بهذه التمثلات في الانثروبولوجيا... المزيد
عدد المقالات : 12
عدد الاعجابات بالمقال :0
عدد التعليقات : 0
منذ شهرين
2024/02/05م
يا أنتِ يا عِطرَ الغَوالي لا لستُ في قولي اُغالي إنْ قُلتُ أنّكِ شمعتي في نورها هَزمتْ ضَلالي أوْ قُلتُ أنّكِ نجمتي بشُعاعِها وَشَجتْ حِبالي أوْ قُلتُ أنّكِ كوثري يا كوثرَ الماءِ الزُلالِ أوْ قُلتُ أنّكِ بلسمــــي إنْ ساءَ في الازماتِ... المزيد
عدد المقالات : 54
عدد الاعجابات بالمقال :1
عدد التعليقات : 0
منذ 3 شهور
2024/01/19م
أ.د. صادق المخزومي من فنون الأدب، وقد يشمل القصص والكتب والمجلات والقصائد المؤلفة بشكل خاص للأطفال، فالطفولة شريحة عمرية مهمة في المجتمع، وتكون حاجتها للأدب مثلما تحتاجه الشرائح العمرية الأخرى، ولعلها أكثر، لأن الأدب قد يسهم في التربية والتنمية الاجتماعية والثقافية، وينبغي أن يكون هذا النوع الأدبي... المزيد
عدد المقالات : 12
علمية
هو ظاهرة طبيعية مثيرة للإعجاب تلعب دورًا هامًا في حماية كوكب الأرض وفهم علم الفيزياء. يتكون المجال المغناطيسي الأرضي من تأثير القوى المغناطيسية التي تنشأ في النواة الخارجية الملساء للأرض وتنتج حول الكوكب حقلًا مغناطيسيًا يعرف باسم "المجال... المزيد
استلام المتسابق : ( صفاء عماد كامل ) الفائز بالمرتبة الأولى لجائزته في مسابقة #كنز_المعرفة لشهر آذار / 2024 ألف مبارك للأخوة الفائزين، وحظاً أوفر للمشتركين في الأعداد القادمة.. يمكنكم الاشتراك في المسابقة من خلال الرابط : (http://almerja.com/knoze/) المزيد
ما هو التفقيس الصناعي؟ هو عملية توفير الظروف البيئية المناسبة من حرارة ورطوبة وتقليب لبيض الدجاج المخصب داخل حاضنة لضمان فقسه وخروج الكتاكيت. مميزات التفقيس الصناعي: زيادة الإنتاجية: حيث تسمح بفقس كميات كبيرة من البيض في وقت واحد. التحكم في... المزيد
آخر الأعضاء المسجلين

آخر التعليقات
صحابة باعوا دينهم -3[ سمرة بن جندب]
نجم الحجامي
2024/03/05م     
صحابة باعوا دينهم -3[ سمرة بن جندب]
نجم الحجامي
2024/03/05م     
المواطن وحقيقة المواطنة .. الحقوق والواجبات
عبد الخالق الفلاح
2017/06/28م     
شكراً جزيلاً
منذ شهرين
اخترنا لكم
علي عبد الجواد الأسدي
2024/03/26
في مدينة مضطربة كانت ملبّدة بغيوم الجهل وزاخرة بالظلم والاستبداد وقتل الأولاد من إملاق ووأد البنات، مدينة ملأى بأشواك الكفر وعبادة...
المزيد

صورة مختارة
رشفات
الإمام علي بن أبي طالب (عليه السلام)
2024/04/03
( أَوْلَى النَّاسِ بِالْعَفْوِ أَقْدَرُهُمْ عَلَى الْعُقُوبَةِ )
المزيد

الموسوعة المعرفية الشاملة
القرآن وعلومة الجغرافية العقائد الاسلامية الزراعة الفقه الاسلامي الفيزياء الحديث والرجال الاحياء الاخلاق والادعية الرياضيات سيرة الرسول وآله الكيمياء اللغة العربية وعلومها الاخبار الادب العربي أضاءات التاريخ وثائقيات القانون المكتبة المصورة
www.almerja.com